بحري العرفاوي يكتب: ردود الفعل العشوائية ضد أي ممارسة "خادشة" أو "شاذة"، إنما تعبر عن "هشاشة" في الشخصية، وعن حالة خوف وعجز، بل عن حالة خواء معرفي وفني وإيماني، وعن كسل ذهني يدفع أصحابه إلى التعجيل بتوقيع مواقف الإدانة والتنديد.
بحري العرفاوي يكتب: لن ينجح قيس سعيد لا في محاربة الفساد ولا في تحقيق الرفاه ولا في ضمان استقرار حكمه، لكون الدول لا تدار بالعنجهية والعجرفة ولكون الإصلاح لا يتم بالظلم ولكون الرفاه والتنمية لا يتحققان بإشاعة الخوف والريبة، ولن ينجح معارضوه في استنقاذ البلاد والعباد طالما هم يكررون أنفسهم ويدورون حول نفس البئر المعطلة
بحري العرفاوي يكتب: كل ما تفعله السلطة/ الرئاسة هو منع تشكل بديل يقنع الفاعلين الدوليين بأنه لن يكون فراغ بعد "سقوط الانقلاب"، ولكن دون قدرة هذه السلطة على معالجة مشاكل البلاد الاجتماعية والاقتصادية، بل ودون نجاح في تنظيم انتخابات لتدشين "مسار سياسي جديد" بشّر به قيس سعيد
بحري العرفاوي يكتب: غرقنا جميعا في التفاصيل وانشغلنا بصغائر الأمور وبدّدنا جهودا وأضعنا فرصا، حتى داهمتنا كبائر الأمور فعجزنا عن فهمها وعن معالجتها، لقد تحولت بلادنا إلى "ملفّ" تمسك به جهات إقليمية ودولية ويتباحث في أزمته خبراء وفنيون ورجال سياسة واستخبارات..
بحري العرفاوي يكتب: محاولة لترميم مسار استطاعت المقاومة الديمقراطية تهرئته بسلسلة من التظاهرات الاحتجاجية السلمية في انتظار "انفجار" اجتماعي تلقائي لن يكون مقدورا عليه أو التحكم في مساراته، وهي فرضية تزعج الدوائر الداعمة لـ"فكرة 25 تموز/ يوليو 2021"..
بحري العرفاوي يكتب: لا يمكن التعويل على أن سعيد سيلتقط الرسالة وسيدعو إلى حوار وطني أو سيستقيل، فالمنقلب لا يمكن أن يستقيل وهو يعلم أن استقالته تعني محاكمته، وتحميله مسؤولية كل ما حدث بعد الانقلاب.
بحري العرفاوي يكتب: قيس سعيد لم يستمر في خطاب تجميع التونسيين، بل سرعان ما عاد إلى خطاب التقسيم والتحريض وإلى قاموس الشتائم والسباب، بل مضى خطوات في ملاحقة مخالفيه قضائيا بدون ملفات حقيقية، إنما بمجرد أقاويل وتدوينات فيسبوكية ووشايات، لا يليق أن تكون مستندا لرجال دولة يبنون عليها اتهامات.
بحري العرفاوي يكتب: كما اعتبر قيس سعيد يوم خروج الناس متظاهرين ضد المنظومة السابقة يومَ "تفويض شعبي" له كي يُقدم على الانقلاب، فعليه اعتبار يوم العزوف الواسع عن الانتخابات يوما لـ"سحب الوكالة"
بحري العرفاوي يكتب: هذه المقارنة ذهبت بالكثيرين إلى الحديث عن حضور سيادة وطنية في قطر وغيابها في تونس، وهذا الاستنتاج يبدو عاطفيا وغير دقيق، ونحتاج قبله إلى توسيع دائرة المقارنة بالنظر في طبيعة العلاقات الخارجية لكل من تونس وقطر
ما يعترض عليه أغلب التونسيين، هو محاولة إرساء علاقة تبعية لـ"الآخر"، تبدأ بالتبعية اللغوية لتمتد إلى التبعية الثقافية والحضارية، خاصة في ظل تبعية اقتصادية، وحاجة متأكدة إلى الدعم الخارجي.
ثمة تخوف بدأ يسري في صفوف أنصار سعيد من كون الأحزاب الكبرى في تونس هي القادرة على تمكين من تريد ترشيحهم من التزكيات المطلوبة، عبر إقدام تلك الأحزاب على اعتماد سياسة ملء الفراغ و"قطع" الطريق على أنصار سعيد. ومراجعة "التشريع" الانتخابي هي للبحث عن حيل جديدة تمنع الأحزاب من "التسلل" للعملية الانتخابية
ما تنتجه الحرية من انحرافات لا يعالج بمحاولة "منع" الحرية، وإنما يعالج بمزيد الحريات حين يتولى المجتمع الحر معالجة عيوبه وإصلاح أخطائه وتقويم انحرافاته عن طريق نخبته.
ظاهرة قيس سعيد وغرفته الانقلابية أفقدت التونسيين ما بقي لديهم من أمل في الإصلاح وجعلتهم يخافون على مستقبل أبنائهم، أبناؤهم الذين انتظروا وعود السياسيين وصبروا عليهم ها هم يغادرون الوطن إما بطرائق قانونية، وهذا متاح لأصحاب الاختصاصات والمهارات، وإما بطرائق غير قانونية
لا وجود لمعطيات سياسية أو اقتصادية تسمح بالتناول الموضوعي للمشهد، فالأحداث تتواتر دون رابط منطقي وهو ما يجعل مهمة التحليل والتوقع صعبة حتى على قادة الأحزاب أنفسهم بل وحتى على أصدقاء قيس سعيد ممن ساندوه..