غريزة التوحش البدائية هي التي قادت حفتر إلى هذا العدوان المجنون على ما يقارب من مليونين ونصف المليون من سكان العاصمة، وإمطارها بكل أنواع الصواريخ وقذائف الراجمات، مدعوما من دول إقليمية لا يروق لها ويقض مضجع حكامها أي سلام.. أي سلام فقط في المنطقة
عاد حفتر، وهذا لا يمثل انتصارا لحلفائه وأنصاره أو هزيمة لخصومه، بقدر ما هو استمرار للتشظي والانقسام وطول المراحل الانتقالية، والهوس والجنون غير المحدود أو المعقول بحلم عسكرة الدولة، وهي التي لا تقل خطرا عن الإرهاب الذي حاربته كل الأطراف الليبية، ولم يعد هو الوكيل الحصري.
ما يواجه هذه الصفقة من صعوبات يتمحور حول فقدانها التام لأي إطار قانوني، فبدون تمرير الأعلى للدولة والبرلمان لها، ستظل جنينا مشوها ميتا، لا دور له إلا مزيد من خلط الأوراق، بل وحتى التسبب في إمكانية نشوب حروب واسعة أهلية بين كافة المجموعات التي يمكن أن تتضرر مصالحها
يبدو أن فعل الثورة يبدأ وينتهي في اللحظة التي يسقط فيها النظام الذي تثور عليه الناس، ولا يندرج تحت هذا المعنى التغيير بقوة الجيوش والأمن، مهما صلحت أو حسنت نواياهما
ليبيا بلد ممزق، ولا يمكن له أن ينجح في إعادة ضخ الحيوية في عروق الدولة المتيبسة إلا بقوة كبرى قادرة على إجبار الجميع على الخضوع، في معادلة تتضمن توازنات متعددة، ولا تخلو من الإكراهات.
كثيرون كانوا يتصورون أن قبائل ومدنا ستنضم لحفتر، إما للروابط القبلية، كمدينة ترهونة التي تقطنها غالبية قبيلة الفرجان التي تعود أصول حفتر إليها، أو قبيلة الورفلة الغاضبة من بعض تصرفات أنصار ثورة شباط/ فبراير. إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث، والتزم الجيمع الصمت.
يمثل عبد الباسط اقطيط المرشح السابق لمنصب رئاسة الوزراء في ليبيا عام 2014، والداعي إلى حراك الخامس والعشرين من سبتبمر، ظاهرة ثقب أسود، تمتص الجميع وتسقطهم..
ما تعرض له تنظيم الدولة في ليبيا من هزائم سواء في شرق البلاد بمدينة درنة على يد ائتلاف مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها، مدعوما بقوات عسكرية ومسلحين من مدينتي طبرق والبيضاء، أو ما يجري حاليا من قرب سيطرة ائتلاف مقاتلي البنيان المرصوص، يفضي إلى بعض النتائج غير المؤكدة، إلا أنها تبدو لوهلة أولى على الأق
خطرت لي مقارنة قد لا تكون عادلة بعض الشيء لدى بعض المتابعين للشأن التونسي، بين وزير الخارجية الطيب البكوش السابح في ملكوت التصريحات العشوائية، وبين مدير هيئة الإعلام بالحكومة المؤقتة التابعة لمجلس النواب الليبي عمر القويري.
لم يكن أحد يتصور ألّا تتأثر ليبيا بانقلاب الثالث من تموز/ يوليو، الذي قاده وزير الدفاع وقتها عبد الفتاح السيسي بدعم غربي صرف وخليجي وتحالف رأسمال مصري فاسد ونخب ليبرالية ويسارية لم تتحمل أن يبعدها صندوق الاقتراع عن دائرة الضوء والمال المصريين.
كشف الهجوم المتبادل بين رئيس حكومة الأزمة التابعة لمجلس النواب عبد الله الثني، ونائب رئيس حزب تحالف القوى الوطنية ورجل الأعمال عبد المجيد مليقطة، عن أدوار خفية للمصريين، وأخرى علنية للفرنسيين في القضية الليبية..
ليس مطلوبا من السعودية إعادة الشرعيات الانتخابية في مصر، أو تأييدها في ليبيا، أو بمنع الزج بنهضة تونس في حظيرة الإرهاب، بل المطلوب منها هي وحلفائها الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، لأنها الآن تذوق من السم ذاته الذي جرّعته لغيرها من الدول.
لقد أصبح مصطلح الإرهاب صنما عالميا جديدا مقدسا، لا يجوز المساس به أو مناقشة شكله ومضمونه، بل أصبحنا أمام روزنامة من التعريفات الغربية الصرفة له ولأدواته، ولآليات مواجهته، وضرورة الاصطفاف في المعسكر الأمريكي الأوروبي ضده.