مقابلات

حشمت: قنابل موقوتة بوجه الانقلاب.. ولا تنازلات من الإخوان

جمال حشمت- أرشيفية
جمال حشمت- أرشيفية
قال رئيس البرلمان المصري في الخارج، جمال حشمت، إن "الضغوط الاقتصادية، والفشل السياسي، وازدياد حجم الكراهية بين الرافضين والمؤيدين بغير عقل للانقلاب، وتفكك داعمي فريق الانقلاب، والخيانات الواضحة التي تتسارع (قضية الجزيرتين، وسيناء، والغاز، ومياه النيل) ستكون قنابل موقوتة في وجه النظام الانقلابي من صنع يديه".

وأقرّ، في مقابلة مع "عربي21"، بأن الخلافات الداخلية للإخوان أثّرت بشكل كبير على فاعلية الجماعة والثورة المصرية، قائلا: "اضطربت الصفوف، وضعف المد الثوري، وملأ الصمت أجواء الدنيا في الوقت الذي كان يجب فيه أن يسمع العالم صوت الإخوان ورؤيتهم وتصوراتهم لحل أزمة مصر، ودب بعض اليأس في قلوب أحبابهم".

وشدّد "حشمت"، وهو عضو بمجلس الشورى العام للإخوان، على أن خلافات الجماعة تنحر قلوبهم، داعيا لضرورة إيقاف ممارسات طرفي الإخوان فورا، ليتم التمهيد لحوار ينهي هذه الخلافات، فطبيعة الأمور تستوجب التغيير والتنازل والتسامح وعدم الاستهانة بأحد أو بقدراته، لافتا إلى أن الوصول للحل ممكن جدا، وفق رأيه. 

وبسؤاله عن طبيعة التنازلات التي يمكن لجماعة الإخوان أن تقدمها لمحاولة إنهاء الأزمة المصرية، أجاب: "الجماعة لم تعد تملك ما تقدمه لسلطة الانقلاب سوى الإصرار على الحق والتمسك بالحقوق، ومن يطالب بالمزيد عليه أن يقترح على الإخوان وغيرهم ثم نرى كيف يستقيم الأمر؟".

وحول مطلب البعض بضرورة تحرير الشرعية من شخص الرئيس محمد مرسي، أضاف "حشمت": "تحرير الشرعية هي إعادتها للشعب مرة أخرى، واحترامها في شكل التمسك بالرئيس المدني المنتخب لأي مدة فقط لاعتبار فترة الانقلاب العسكري هي فترة استثنائية في تاريخ مصر لا يترتب عليها أي تنازل عن حقوق وثروات مصر وشعبها".

وأعترف بفشل معظم الكيانات المعارضة دون تسميتها، قائلا: "لا بد أن نتحقق أولا من هدف كل كيان قام لنتابع خطواته، ثم نحكم عليه. من استهدف إسقاط الانقلاب فقد فشل، ومن استهدف زيادة الحماس الثوري فقد فشل، ومن استهدف معركة الوعي فقد نجح نجاحا جزئيا، ومن أراد فضح النظام في ممارساته فقد نجح إلى حد ما، ومن انشغل بصنع شراكة دولية ضد النظام فقد فشل، لكني لست في محل دراسة وتقييم ذلك الآن".

وفيما يأتي نص المقابلة:

ما هو تقييمك للمراجعات التي أعلن عنها تيار التغيير بالإخوان؟ وهل تعتقد أنها خرجت بالشكل المأمول؟

المراجعات مبدأ إسلامي وإنساني يحتاجه الأفراد وتحتاجه الجماعات والكيانات من وقت لآخر لتقويم الأداء ومعرفة أوجه القصور والأخطاء التي يجب علاجها قبل مرحلة جديدة وزمن جديد، وهو ما كان واجبا على الجميع في مصر ممن يرفعون لواء الحرية والكرامة ويدعون إلى الخير والعدل والشفافية كقيم وأفعال. ولأن الله سبحانه وتعالى راجع رسله والمؤمنين في القرآن الخالد، وكذلك فعل الرسول العظيم -صلى الله عليه وسلم- فكان يجب أن يتحلى التابعون لمنهج الإسلام بهذا الخلق وأن يمارسوه دون خجل أو تأخير، بدلا من مقارنتهم بسلوك أعدائهم.

وعليه، فما حدث من مراجعات من بعض الإخوان كنت أتمنى أن يصدر، بعد إضافة خبرات الجميع، باسم الإخوان كلهم، لكن للأسف قد سمعت من يدعي أن المراجعة لها وقتها ولم يحن ذلك بعد، أو تجاوز فقال إن الإخوان لم يخطئوا، وكلها اجتهادات مأجور صاحبها حتى عند الخطأ. سمعت ذلك بأذني، فعلمت أن المحن قادمة، لأن الاجتهاد المأجور هو ما تصدى له صاحبه المختص، أما غير ذلك فلا شك أنه مأزور.

وعلى كل الأحوال، خروج تلك المراجعات في حد ذاته، بغض النظر عن كمالها من عدمه، كان مطلبا ضروريا، كي توضع بناءً عليه رؤية وخطط المستقبل، ونأمل في المزيد إن شاء الله.

إلى أي مدى أثرت الخلافات الداخلية للإخوان على فاعلية الجماعة والثورة المصرية؟

هل يمكن أن نقول غير ذلك؟ فالكل يدرك حجم ما أصاب الإخوان -وهم حصن الأمان لمصر- وشعب مصر من وهن بما حدث لهم على أيدي الانقلابيين الخونة أو بالخلاف بينهم.

اضطربت الصفوف، وضعف المد الثوري، وملأ الصمت أجواء الدنيا في الوقت الذي كان يجب أن يسمع العالم فيه صوت الإخوان ورؤيتهم وتصوراتهم لحل أزمة مصر، ودبّ بعض اليأس في قلوب أحبابهم، وبحث الجميع عن منقذ في ظل هذا التدهور المحلي والإقليمي والدولي ليرفع الهمم ويبث الأمل ويجمع الأمة التي تتخطفها أطماع الأعداء من كل صوب محليا كان أم خارجيا. الخلاف ينحر قلوبنا، خاصة أنه أوهن قدرة الفريقين على اتخاذ أي موقف أو أي قرار، وهنا تكمن خطورته الكبيرة.

طرحت سابقا تصورا لمحاولة حل أزمة الإخوان الداخلية.. فلماذا فشلت جميع المبادرات؟ ومن المسؤول عن ذلك؟

في بدايات الخلاف كنت أول من اقترح صمت الأطراف ووقف التراشق الإعلامي، وناشدت فضيلة الشيخ القرضاوي في تدوينة شهيرة ليتدخل ويطرح حلا لوأد الفتنة قبل أن تتصاعد، وتواصلت مع مكتبه واستجاب، وجمع (القرضاوي) فريقا فوق مستوى الشبهات، وعرض الحل على علماء ثقات وأعلنه، لكنه للأسف لم يلق من أحد الأطراف إلا الشكر على السعي دون التزام بتنفيذه.

والخطير الذي أعلنت رفضي له -وما زلت- هو اتهام طرف للآخر وإيقافه وتجميده، حتى يتسنى الرد على أنه ليس هناك خلاف داخل الجماعة فهؤلاء ليسوا منا! بكل بساطة يتم التعامل مع الأمر كأن هناك من حاصر الفتنة وأنقذ الجماعة، لكن الواقع يقول غير ذلك، فكلا الطرفين ينتميان للجماعة فكرا وتاريخا وسلوكا حتى لو كان هناك اختلاف على بعض المواقف، فقد كان الحوار هو الحل، والمراجعة هي السبيل، والاعتراف بالخطأ من كليهما هو الطريق للحفاظ على جماعة تعد حتى الآن أمل الأمة لوحدة صفها وتماسك بنيانها ومواجهة أعدائها الذين، بالمناسبة، يتهمون الكل ويعادون الفريقين حتى الآن، فهل هم يدركون ما لا يدركه الإخوان؟!

هل لا يوجد أي أفق حالي لخروج الجماعة من أزمتها؟

أعتقد أن الوصول للحل ممكن جدا، وقد اقترحت أكثر من حل لاقى من البعض موافقة ولم يلق قبولا من البعض الآخر، أقصد أنه كان من الممكن، لكن أحدا لم يشأ ذلك لأي سبب كان.

فقط عليهم أن يدركوا خطورة اللحظة الفارقة التي نحياها وحساسيتها وحجم الأمانة التي تحملها الجماعة في حق أبنائها وأمتها وطبيعة الأمور التي تستوجب التغيير والتنازل والتسامح وعدم الاستهانة بأحد أو بقدراته، فقد أشار أحدهم أمام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمكان بدر وآخر بحفر الخندق.

وبالتالي، فالاستهانة والسخرية التي تتواتر داخل الصف من بعض الرموز ظنا منهم أنها تنصر الحق وتحفظ الجماعة هي الحالقة، ولا بد من إيقاف هذا التناول من الطرفين فورا لنمهد لحوار ينهي هذه الخلافات إن شاء الله. 

أين هي الخلافات والصراعات التي تحدثتم كثيرا عنها داخل معسكر الانقلاب؟ وما هي أبعادها؟

يحدثنا التاريخ أن الخلافات والصراعات في حكم الممالك كانت تُحسم بالتخلص من الأضعف قبل أن يقوى، وهذا ما يحدث داخل مصر الآن بين المتصارعين على اغتصاب مصر، وهم يعلمون أن هذا يخلق مناخا متوترا مضطربا لا تنمية فيه مكدسا بالمظالم، ومعبأ بالفساد في كل مكان، محفوفا بالمخاطر والمؤامرات بالداخل والخارج، وعلى الثوار والرافضين لحكم العسكر بعد كل البلاء الذي جلبه لنا هؤلاء منذ تملكوا مصر أن ينتهزوا الفرص المتتالية لإنهاء سيطرتهم والتخلص من طغيانهم وفسادهم وقهرهم للمصريين مئات السنين.

خلافات سلطة الانقلاب مع الأزهر والقضاء.. هل سيكون لها أي تداعيات مستقبلا؟

ذكرت في كل المناسبات أن الخائن لا يأمن لمن حوله حتى لو كانوا ممن ساعدوه، لأنه يثير شهواتهم ورغباتهم ويؤجج طمعهم فيدعموه ثم يظنون أنهم أصحاب حق أو أنهم شركاء، هنا يبدأ في تصفيتهم، وهذا ما حدث مع جمال عبد الناصر قائد انقلاب 1952 عندما استعان بالإخوان ليحقق الشرعية الشعبية ثم انقلب عليهم، واستعان بالسنهوري لاكتساب الوضعية القانونية ويتخلص من مناوئيه ثم سلط عليه الجرذان ليضربوه بالنعال في مقر مجلس الدولة، واستعان باللواء محمد نجيب فصدره في أحرج أوقات الثورة ليمنحها قبلة الحياة والشرعية السياسية ثم حاصره وحجزه عشرين عاما وحيدا يعاني الإهمال وسوء المعاملة.

كل من أعان ظالما ولم يأت الدور عليه فلا يتعجل إلا بقدر ما ينسى أن له كرامة أو أي حق.. "عش ذليلا تبقي عميلا"، ولأننا نتحدث عن سلطتين نحرص عليهما وقد أثبتنا ذلك بشكل عملي في برلمان الثورة وعام الرئيس المدني المنتخب، فقد جاء الدستور ليمنح للأزهر والقضاء استقلالهما، ويمنع أي سلطة تنفيذية من التعرض لهما أو إنهاء خدمة أحدهما، فلما انقلبا على أصحاب الفضل عوقبا من نفس الكأس، لكننا سنظل نرى في الأزهر والقضاء أملا في حياة تحترم ثوابت الدين والإنسانية من حق وعدل وحرية، وسنقف معهما بنفس الكيفية عندما يحين وقت ذلك إن شاء الله.

أين البرلمان المصري في الخارج؟ وما هو الدور الذي يلعبه حاليا؟

قمنا بدور شعر به الانقلابيون أكثر مما شعر به أهل الثورة والشرعية للأسف. وبدون سرد كثير في هذه النقطة فبيانات وزارة الخارجية، ونشاط السفارات الذي كان يلاحقنا في كل مكان، والقضايا التي اتُهمنا بها زورا وبطلانا، والأحكام التي صدرت، وقضايا نزع الجنسية، وعدم قدرة النظام على إقناع العالم ومؤسساته الحقوقية أو البحثية بشرعيته حتى الآن، بل وعدم استقبال نواب العار والدم الذين تم تزوير الانتخابات لهم في أي احتفالية أو مؤتمر بشكل لائق أو محترم يشهد أن ما قدمناه من عمل أقل مما حققناه من تأثير، ولله الحمد والمنة.

ماذا قدمنا؟.. هذا أمر يحتاج صفحات كثيرة، لكن ملخصها نشاط يحقق الأهداف التي أعلنّا عنها، منها منازعة الانقلاب الشرعية (ملفات، وبيانات، وخطابات، وتقارير، ومذكرات سياسية وقانونية وحقوقية للمؤسسات الدولية والبرلمانات)، وفضح العوار التشريعي والمعاهدات والاتفاقات الدولية التي أقرها الانقلاب منذ 3 تموز/ يوليو 2013 (ترسيم الحدود مع دول شرق المتوسط، وكذلك السعودية لبيع جزيرتي تيران وصنافير، وصندوق النقد الدولي وقرضه المهلك للاقتصاد المصري، ومعاهدة المبادئ الخاصة بنهر النيل، وخطورة قوانين القيمة المضافة، ومشروع قانون المواطنة وغيرها كثير) مع صدور قانونين باسم برلمان الخارج، وهناك ثلاثة قوانين معدة للنقاش الفترة القادمة.  

وساهمنا في فضح انتهاكات النظام وممارساته الإجرامية على الصعيد الحقوقي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي (عشرات البيانات والتقارير والحملات حول جرائم الشرطة المصرية، والمعتقلين في السجون، وأحكام الإعدام، وتغييب الرئيس، والتضامن مع العمال، وأهل سيناء، والزيارات المتعددة لدول العالم والتواصل مع المحكمة الجنائية الدولية ومكاتب بعض رؤساء العالم)، والتواصل مع برلمانات العالم، وقد تجاوزت زيارات البرلمانيين أكثر من 13 دولة عدا التواصل مع البرلمان الدولي والإفريقي وحوالي 70 برلمان في دول العالم المختلفة. 

ألا تعترف بأن جميع الكيانات المعارضة سواء في الداخل أم في الخارج فشلت فشلا ذريعا ولم تستطع أن تحقق نجاحات ملموسة؟

حتى نكون منصفين ولا ندعي البطولة بجلد الذات، لا بد أن نتحقق أولا من هدف كل كيان قام لنتابع خطواته، ثم نحكم عليه، من استهدف إسقاط الانقلاب فقد فشل، ومن استهدف زيادة الحماس الثوري فقد فشل، ومن استهدف معركة الوعي فقد نجح نجاحا جزئيا، ومن أراد فضح النظام في ممارساته فقد نجح إلى حد ما، ومن انشغل بصنع شراكة دولية ضد النظام فقد فشل، وهكذا تقيم الأمور، ولست في محل دراسة وتقييم ذلك الآن.

كيف تنظر للإعلان المرتقب لعدد من الشخصيات المعارضة عن رؤية ومظلة تنسيقية في إطار مبادئ مشتركة ومشروع جامع للجماعة الوطنية المصرية؟

أي نشاط حقيقي له صدى في الشارع المصري، ويجيب عن كل الأسئلة بشكل واضح معلوم، ويجمع الثوار الحقيقيين مع التائبين بشروط وضوابط، ندعمه ونقف بجواره، وقد بدأت عملا تجميعيا لهذه الشروط لم ولن أعلن عن تفاصيله مستخلصا من مقالة كتبتها بعد تطويرها مع مختصين (نوبة صحيان)، وتواصلت مع معظم الفاعلين والرموز لأحقق لها إجماعا قبل إعلانها، بحيث يدعو لها الجميع ولا يتفرد أحد بالدعوة إليها، وعندما لم أحصل على هذا الطيف معا دعما لها بشكل واضح توقفت ودعوت لمن بادر بالتوفيق.

لكن علينا أن ندرك أنه لن يستطيع أي فصيل أن يحقق كل ما يتمناه وتُنفذ كل شروطه، لذا فقد حاولت في ما انتويته أن يحقق هدفا واحدا لكل فريق، إلا أن المزايدة ورفع سقف المطالب مع العجز عن تنفيذها أفسد الأمور. ونحن نقول: أهلا وسهلا بكل محاولة تقف بجوار الحق والشعب والضحايا.

هناك من يدعو لفصل العمل الثوري عن العمل السياسي مطالبا من يؤمن بالحل السياسي بإعلان ذلك دون مواربة.. ما رأيكم في ذلك؟

لم أفهم السؤال بدقة، لأن العمل الثوري هو جزء من عمل سياسي، بل هو الممهد له، ويستحيل الثاني في غياب الأول، وكلاهما بالمناسبة، كما أتصور، عمل سلمي شعبي ثوري مقاوم رافض للخضوع لمنظومة عسكرية، وبالتالي الفصل هنا يعني عملا مسلحا عشوائيا غاب فقهه ولا نقره أو استسلاما لوضع مهين لن نقبله ما حيينا.

كيف تنظر لمطالب البعض بضرورة تحرير الشرعية من الرئيس مرسي وإعادتها إلى الشعب بوصفه صاحب السيادة والشرعية ومصدر كل السلطات؟

لا أفهم هذه المصطلحات المركبة، أنا أبسط من ذلك. تحرير الشرعية هي إعادتها للشعب مرة أخرى، واحترامها في شكل التمسك بالرئيس المدني المنتخب لأي مدة فقط لاعتبار فترة الانقلاب العسكري هي فترة استثنائية في تاريخ مصر لا يترتب عليها أي تنازل عن حقوق وثروات مصر وشعبها.

هل أنتم مؤيدون للحل السياسي أم مع فكرة المعادلة الصفرية؟ وهل المجلس العسكري سيكون جزءا من أي مصالحة أو حل.. أم لا؟

أعتقد أن الحل السياسي بعيدا عن الضغوط الثورية وحركة الشعب المصري لن يكون في صالح مصر وشعبها، ولا المعادلة الصفرية لها أمد بحيث يمكن التعويل عليها في ظل عدم الحسم بعد أربع سنوات من انقلاب عسكري والسيطرة على كل مقدرات الدولة ومؤسساتها وبقاء الدبابات وقوات الجيش في الشوارع والميادين وغلبة وجود العسكر في كل خرم بمصر الآن، وأعتقد بأنه عندما يتطهر المجلس العسكري من القتلة والخونة فيه يمكن أن يكون محل تصالح ومفاوضة، لأن مصر وشعبها هم الأبقى.

كيف تنظر للسنة المتبقية على انتهاء الفترة الأولى لحكم عبدالفتاح السيسي.. وهل ستشهد مفاجآت أم لا؟

الضغوط الاقتصادية والفشل السياسي وازدياد حجم الكراهية بين الرافضين والمؤيدين بغير عقل للانقلاب وتفكك داعمي فريق الانقلاب والخيانات الواضحة التي تتسارع (قضية الجزيرتين وسيناء والغاز ومياه النيل) ستكون قنابل موقوتة في وجه النظام الانقلابي من صنع يديه.

ما هي رؤيتك للسيناريو الأنسب للتعامل مع انتخابات الرئاسة المقبلة.. وكيف تنظر لها إجمالا؟

في يقيني حتى الآن -وربما يختلف معي كثيرون- أن الانتخابات القادمة هي وسيلة قائد الانقلاب لإضفاء الشرعية على نظامه، وخوضها يحصن قرارات وقوانين كل الفترة السابقة، فهي باطلة قبل أن تبدأ لأسباب موضوعية من حيث الترشيح، والإشراف، وحرية الناخبين، لكن لا أحب الخوض فيها لرفضي لها من حيث المبدأ.

أستاذ علم الاجتماع السياسي سعد الدين إبراهيم قال إنه خلال عام من الآن سيشهد ملف المصالحة الوطنية انفراجة كبيرة.. هل تتفق معه؟

لكل دعوى دليل، فما أدلة تلك المصالحة المزعومة؟ القتل بلا تحقيق أو محاكمة ما زال قائما. التعذيب في السجون والإضرابات ما زالت مستمرة. الإفقار للشعب المصري وتخويفه ليل نهار وتمزيق لحمته الوطنية لم تتوقف. هذا تضييع للوقت، وعليه أن يتوجه للقاتل لوقف اعتدائه قبل الحديث مع الضحايا الذي يجيده.

ما هي التنازلات التي يمكن للإخوان أن تقدمها لمحاولة إنهاء الأزمة؟

لم يعد يملك الإخوان ما يقدمونه لنظام فاسد قاتل إلا الإصرار على الحق والتمسك بالحقوق، أما للشعب، فقد قدم الإخوان خلاصة أبنائهم شهداء وعلمائهم أسرى. وأبناؤهم مطاردون في الداخل والخارج.

وللتاريخ، قدم الإخوان اعترافا بالأخطاء التي وقعوا فيها، وأتم فريق منهم مراجعات لم يفعلها من حاربوهم وتآمروا عليهم وركبوا دبابات العسكر، ثم خرجوا من ذلك بغير مكسب سوى إبعاد وسحق الأبرياء. من يطالب بالمزيد عليه أن يقترح على الإخوان وغيرهم ثم نرى كيف يستقيم الأمر.

كيف ترى حجم الدعم والتأييد الإقليمي والدولي المؤيد للسيسي؟ وهل هو في تراجع أم تزايد؟

ما أراه أنه رغم تأييد الحكومات الغربية ومن في فلكها وتقديم الدعم المطلق له مع فظاعة ما يرتكبه من جرائم وانتهاكات بشعة، إلا أنهم يحتقرونه بشكل كبير ويعاملونه معاملة التابع الذليل، فقد أهان نفسه، وقدم لهم ما لم يحلُموا به من محاربة الإخوان واضطهادهم وخدمة الكيان الصهيوني، كما لم يطلب أو يتوقع من إعلان محاربة الإرهاب الذي يتلخص في معاداة وتصفية إسلام أهل السنة داخل مصر وخارجها، وقارنوا بينه وبين الرئيس أردوغان وما حققه لوطنه وقدر قيمته أمامهم وموقف الغرب منه والدعم الدولي له.

ما هي رؤيتكم للخروج من أزمة مصر؟

هذا سؤال لا يمكن إجابته في سطور، لكن مصر في هذه اللحظة هي قلب الأمة النابض بالثورة ضد الطغاة، وهي بداية تغيير حقيقي لاستعادة قيم الحق والعدل والحرية لشعوب العالم كلها بعيدا عن الاستغلال والنهب المنظم والاستعباد في الشهوات والسيطرة على مقدرات الأمم والشعوب.

ومن هذا التصور يخرج الحل على الرغم من صعوبته وطول وقته وضراوته، إلا أن مصر سيكون لها دور كبير في ذلك، ويتبقى وضع التصورات والتدريب الجاد والتأهيل عالي المستوى والوعي بما يدور والمشاركة في كل الدنيا بفاعلية وعلى كل المستويات تهيئة وعملا وسعيا، وجزء من ذلك هو أوضاع مصر السياسية التي لا تنفصل الآن عن الكيد العالمي للأمة، فنأخذ حذرنا من التقوقع في مساحة محدودة، ونحن ندفع كل يوم ثمن العولمة التي تطحن المصريين كل يوم في الداخل والخارج.
التعليقات (0)