مدونات

جلسة تاريخية تلقن السيسي ونظامه درسا باحترام المواطن المصري

أمين محمود - كاتب مصري
أمين محمود - كاتب مصري
ركز السيناتور ليندسي غراهام رئيس لجنة الاستماع التي نظمتها اللجنة الفرعية للاعتمادات الخارجية لمجلس الشيوخ الأمريكي، مساء الثلاثاء الماضي، بشأن إعادة النظر في المعونة الأمريكية السنوية للقاهرة، والذي دعا لبحث موقف مصر من المساعدات، وهل تقوم مصر بالتحولات المطلوبة منها لاحترام حقوق الإنسان وتطبيق الديمقراطية، كما طلبها المصريون في يناير 2011، وقال إنه يرغب أن تتخذ مصر موقفا يتفق مع القيم الأمريكية في استخدام أموال المعونة الأمريكية.

ولذلك، تمت دعوة فريق من الشهود المرموقين على الساحة السياسية والأكاديمية في واشنطن: إليوت أبرامز، نائب مستشار الأمن القومي السابق في إدارة بوش وهو عضو بارز في مجلس العلاقات الخارجية حاليا، والدكتورة ميشيل دن، زميلة أقدم في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومديرة برامج الشرق الأوسط وخبيرة في الشأن المصري، وتوم مالينوسكي، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان خلال رئاسة بارك أوباما.

أود هنا أن أركز على رد الفعل لتلك الجلسة، والذي صدر من الخارجية المصرية، على سامح شكري، حيث اعتبر تلك الجلسة غير حيادية، واتهم منهاجية وتنظيم تلك الجلسة؛ وما استمعت إليه الجلسة بضرورة إعادة تقييم المساعدات على ضوء وجود انتهاكات لحقوق الإنسان، واتهم الشهود بزعم تحيزهم لقوى ومصالح أجنبية.

إن طريقة بيان الخارجية المصرية هو دليل قاطع على استهتار المسؤولين المصريين بحال حقوق المواطن المصري، وذلك بدلا من التحقيق إن كان يتشكك فيما قال، ولكننا أمام نظام يقوم بالانتهاكات المعروفة في حق المواطن المصري ويدافع عنها في نفس الوقت عن طريق الكذب بعد صحة ما نراه ويراه العالم أجمع.

هذه جريمة في حق كل مصري، ولقد تم ذكر طريقة تعامل الحكومة المصرية عندما يتم نقاش تلك الأمور سريا مع الجانب الأمريكي. وذكر توم مالينوسكي أن مصر هي الدولة الوحيدة التي لا تقبل أن ينتقدها أحد وتدافع فقط عن أفعال النظام ولا تريد نقاش كيف يمكن تحسين أحوال حقوق الإنسان المصري، وذلك بخلاف دول العالم الأخرى، والتي تسعى بتقديم توصيات لتحسين أحوال المواطنيين في دولهم.

ولذلك، أطالب الشعب المصري بوضع كل من يدافع عن انتهاكات حقوق أي مواطن مصري في القائمة السوداء عندما يأتي وقت الحساب، لأن كرامة الشعب هي مطلب ثوري يجب تنفيذه، وللعلم نجد أن الشهود الأمريكان من تيارات سياسية مختلفة، ومنهم أحد الصقور الجمهوريين إليوت أبرامز وممن يؤيد إسرائيل، ولكنه التزم الحرفية في شهادته كبقية الشهود.

ولهذا، كانت توصيات الشهود ومع موافقة من أعضاء اللجنة على ضرورة إعادة النظر في تلك المساعدات بتعليقها أو قطع جزء منها مع وضع شروط لتحسين ملف حقوق الإنسان واحترام الحريات ووقف أعمال القمع التي تنتهجها السلطات المصرية بشكل يساعد على تفاقم الإرهاب وليس محاربته.

ومن التوصيات المقترحة إعطاء منح تعليمية مباشرة للمصريين لعدم رغبة النظام بالسماح بتمويل مستقل للجمعيات المدنية في مصر.

تبلغ قيمة المساعدات العسكرية 1.3 مليار دولار لمصر، وهو مبلغ ضئيل، ولذلك تجد النظام وإعلامه في مصر يروجون أننا لا نريد تلك المعونة والمرتبطة بشروط، وهذا كلام للاستهلاك المحلي فقط، لأن العائد على مصر من أخذ المساعدات يشمل أشياء كثيرة وأكبر من تلك القيمة.

ولذلك، يلهث النظام في مصر للحصول على رضا أمريكا بالذات، لأنها تفتح المجال أمام مصر باعترافات المؤسسات الدولية المالية والدول الأخرى بالتعامل مع مصر بشكل مميز، وبالتالي كانت تلك الجلسة الهامة صفعة على وجه السيسي وإعلامه بعد استقباله في واشنطن وظنهم أنهم على حجر "ترامب".

ولكن "ترامب" خيّب آمالهم بعد رجوع السيسي لمصر. وقبل أن يفتح حقائبه، استقبل "ترامب" في البيت الأبيض الناشطة آية حجازي لتجلس بجواره ورحّب بها بشكل لم نره من قبل، وذلك بعد إرغام السيسي على أن تسلم لوزير الدفاع الأمريكي يوم وصوله إلى مصر وتستقل طائرة خاصة لواشنطن.

ثم جاءت لجنة الاستماع تلك لتضع النظام في مصر في صورة فاضحة أمام شعبه، وتوجه لهم الاتهام بالقتل والتعذيب والاغتصاب والسجن للمعارضين السياسيين ولمن يتظاهر للتعبير عن رأيه، وأنهت الخدعة السيساوية بأنه يحارب الإرهاب، بل على العكس فهو صانعه.

ولهذا، نجد أن بترك ليهي عضو مجلس الشيوخ الأمريكي المخضرم وصاحب قانون يلزم الدول المتلقية لأي مساعدات أمريكية بالسماح للأمريكيين أو الصحافة المستقلة للوصول إلى مكان استخدام هذا السلاح لمراقبة الالتزام بالقواعد الأمريكية؛ يشكك عدم جدية مصر في الاستخدام الصحيح للأسلحة الأمريكية وسط تقارير عن جرائم الحرب المتكررة في سيناء.

ولقد أثار الشهود الثلاثة وأعضاء اللجنة بشكل مكرر الفيديو المروع المسرب الذي بثته قناة مكملين، والذي يظهر قوات من وحدات الجيش المصرية في سيناء بإعدام عدد من السكان المحليين بدم بارد وبإجراءات واضح أنها تتكرر منذ الانقلاب، وهو دليل على تجاهل نظام السيسي لمعايير حقوق الإنسان، والذي كذبته السلطات المصرية ولم تعبأ حتى بالتحقيق، وهو إشارة واضحة على تورط النظام.

أوضح أبرامز أن العلاقه المصرية/ الإسرائيلية لم تتأثرعندما جمدت إدارة أوباما الكثير من المساعدات الأمنية الأمريكية بعد حدوث الانقلاب. وأن مصر وإسرائيل تستخدم كل منهم مطارات الدولة الأخرى في تنسيق وتفاهم على سيناء، وكذلك تعاون ضد حماس في غزة. وأوضح مالينوسكي أن دور مصر الإقليمي تضائل، وليس لها دور قيادي، كما كان في السابق، وتلعب دورا مدمرا في ليبيا في مساعدة العنف.

ونجد أن الشهود اجمعوا على رفض الاقتراح الذي تدفع له حكومة السيسي منذ الانقلاب، والتي شعرت أنه يمكن تطبيقه عند وصول "ترامب" للسلطة بتسمية جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية. وميشيل دن أكدت أنه لايوجد أي أثبات باستعمال المعايير الأمريكية لهذا التصنيف، وأنه سيكون انتصارا كبيرا لداعش لو طُبق ذلك التصنيف، لأن داعش هي التي تتبى العنف في المنطقة، وبالتالي سيحبط العمل السياسي الذي تقوم به أي قوى إسلامية تصارع على السلطة بالطرق الديمقراطية.
التعليقات (2)
سسيب
الإثنين، 04-03-2019 03:43 م
الرجاء فتح المقالات و الاخبار في صفحتكم علي الفيس بوك بدون الرابط فلا نملك انترنت قوي بالاضافة الى الحظر المفروض عليكم
د. ابراهيم
الأربعاء، 03-05-2017 02:14 ص
مقالة ممتازة , ارجو ان تستمر جريدة عربى 21 فى نشر الكثير من امثال هذة المقالة من حيث الصياغة والجودة اللغوية والمضمون الراقى المعلمم

خبر عاجل