بورتريه

سلال.. عين على بوتفليقة وأخرى على كرسي الرئاسة (بورتريه)

عبد المالك سلال- عربي21
عبد المالك سلال- عربي21
يتنكر لما يعرف بـ"الربيع العربي"، مؤكدا أن "بلاده لا تعرفه ولا هو يعرفها"..

سياسي شبه مستقل لا ينتمي إلى أي حزب أو جماعة..

من أبرز الوجوه التكنوقراطية في الجزائر، ورغم أنه لا يحسب على أي تيار سياسي إلا أنه عين مع سبعة من وزراء في حكومته كأعضاء في اللجنة المركزية لحزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم..

من المقربين للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وأشرف على إدارة حملته في ثلاث انتخابات رئاسية..

واستطاع فرض نفسه كأحد الفاعلين الأساسيين في محيط بوتفليقة، الذي أتعبه المرض.

معروف بروح الدعابة والبساطة في التعامل مع موظفيه، بالرغم من الهيبة التي تبرز من قامته الطويلة وجسمه القوي وشعره الرمادي.

عبد المالك سلال المولود في مدينة قسنطينة شرق الجزائر عام 1948، نشأ وكبر في عائلة متواضعة جدا، باشر دراساته العليا في كلية الطب بقسنطينة، غير أنه تخلى عنها ليلتحق بالمدرسة الوطنية للإدارة التي أنشئت حديثا في الجزائر.

وبعد أربع سنوات من الدارسة، تحصّل على شهادة المدرسة الوطنية للإدارة قسم الدبلوماسية عام 1974.

شغل في مسيرته المهنية العديد من المناصب الوزارية والدبلوماسية، كان من بينها وزير الداخلية والجماعات المحلية عام 1999 بعد تولي بوتفليقة الحكم في الجزائر، ثم وزير الرياضة والنقل والأشغال العمومية والموارد المائية.

على المستوى الدبلوماسي، عمل عبد المالك سلال في وزارة الشؤون الخارجية ثم سفيرا للجزائر في المجر. على المستوى الداخلي، عين واليا لعدة ولايات في الجزائر، أبرزها وهران وبومرداس وسيدي بلعباس والأغواط، فضلا عن تقلده لمناصب إدارية أخرى في الجهاز الإداري الجزائري منذ تخرجه.

تسلم سلال منصب رئيس الوزراء أكثر من مرة حين كلفه بوتفليقة بإدارة حملاته للانتخابات الرئاسية في أعوام 2004 و2009 و2014، مفضلا إياه على قادة الأحزاب الكبيرة التي ساندته منذ أول ولاية له في 1999، وخصوصا حزب "جبهة التحرير الوطني" صاحب الأغلبية في البرلمان، وحليفه "التجمع الوطني الديمقراطي".

وبعد عام من إصابته بجلطة دماغية أدى بوتفليقة على كرسيه المتحرك اليمين الدستورية لولاية رئاسية رابعة يرجع الفضل الكبير للفوز بها إلى مدير حملته سلال.

واشتهر سلال خلال الحملة الانتخابية بتصريحاته "العفوية" وغير المفهومة، مع العلم أنه كان يتحدث باسم رجل مثل بوتفليقة المثقف والخطيب البليغ باللغتين العربية والفرنسية.

وبدأ سلال مهمته للترويج للرئيس المرشح بنكتة حول "الشاوية" وهم أمازيغ الشرق الجزائري والذين ينتمي لهم علي بن فليس منافس بوتفليقة في الانتخابات. واضطر سلال إلى الاعتذار أمام الغضب الجارف الذي اجتاح المنطقة.

وفي كل تصريح يلتقط المدونون والصحافيون وحتى مغنو الراب، عبارات "مضحكة" ناتجة عن خطأ في النطق أو مبالغة في وصف بوتفليقة.

ووصل إلى حد اعتبار "الرئيس الذي ضحى بحياته من أجل الجزائر ملكا أنجز المعجزات وأخرج الجزائريين من الظلمات إلى النور".

حاول احتواء موجة الغضب والاحتجاجات التي تفجرت داخل الحزب الحاكم في الجزائر عقب الإفراج عن القوائم الانتخابية للحزب والتي شهدت سيطرة رجال المال والأعمال عليها.

ودخل رئيس الحكومة الجزائرية عبد المالك سلال في سباق مع الزمن لاستكمال الحملة للانتخابات البرلمانية.

وواجه الحزب الحاكم صعوبة كبيرة في إدارة الحملة الانتخابية وشهدت العديد من المحافظات احتجاجات عارمة بسبب تركيبة القوائم الانتخابية، وتعيش محافظة عنابة شرق الجزائر على صفيح ساخن.

وشهدت أغلب المحافظات حالات من الاحتقان، بسبب تعالي فضائح الرشوة والمال الفاسد في عملية الترشح، أو استقدام وجوه غير مرغوب فيها من طرف الشارع.

وحين كاد الجدل يتوقف حول مرحلة ما بعد بوتفليقة، تفجر الجدل مجددا بترشح سلال للانتخابات النيابية ضمن قائمة حزب "جبهة التحرير الوطني" الذي يقوده بوتفليقة.

وربط البعض هذه الخطوة بالصراع الدائر بين أجنحة السلطة في البلاد لخلافة رئيسها الحالي، الذي تنتهي ولايته الرابعة رسميًا في نيسان/ أبريل عام 2019.

 وقال رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض إن ترشح سلال في الانتخابات البرلمانية له علاقة بالانتخابات الرئاسية القادمة، مشيرا إلى أن هذا الترشح دليل على وجود "خلاف بين عصب النظام حول خلافة عبد العزيز بوتفليقة".

ولفت القيادي المعارض محسن بلعباس، إلى أنه في ظل الوضع الحالي يصعب التكهن بمن سيتم اختياره ليكون رئيسا للجزائر، تاركا الباب مفتوحا إلى إمكانية ترشح بوتفليقة لولاية خامسة مثلما يدفع إليه أنصاره والمنتفعون من حكمه، على حدّ تعبيره، وهي إشارة إلى صعوبة التعرف على مستقبل رئيس البلاد الذي يواجه متاعب صحية، لكن الموالين له يؤكدون قدرته على تسيير الشأن العام "حتى في أحلك الظروف".

وتنتقد المعارضة الجزائرية بكل توجهاتها الإسلامية والعلمانية، انشغال "الطبقة الحاكمة بمستقبل الحكم وتوزيع الأدوار فيما بينها، بينما مستقبل البلد في خطر" على حد تعبير الدكتور جيلالي سفيان، رئيس حزب "جيل جديد" المقاطع للانتخابات التشريعية، والذي قدر أن هذا الموعد السياسي لن يحمل أي جديد يذكر عدا أنه يساهم في إطالة عمر النظام الحاكم.

ويقول سفيان: "إن السلطة الحالية تسير بعدة أجنحة وهي تتصارع فيما بينها لفرض خيارها بعيدا عن خيار الإرادة الشعبية" وفق تعبيره، مبررا أن أحزاب المعارضة المشاركة في الانتخابات "تم تدجينها وتجنيدها لهذا الغرض بالذات".

بدوره، يستغرب الباحث في الشؤون السياسية والأمنية، سمير قلاع الضروس، ترشح سلال لانتخابات البرلمان تحت قبعة حزبية، رغم أن المعني لم يسبق له توظيف "لونه السياسي" للترقية بالوظائف الحكومية والإدارية التي شغلها على مدار سنوات.

وتشير عدة تسريبات إلى أن جناحا في السلطة الحاكمة، يرمي إلى تهيئة عبد المالك سلال لتحضيره لانتخابات الرئاسة المقبلة، لمنافسة مدير ديوان الرئاسة الحالي أحمد أويحيى الذي لا يخفي طموحه في قيادة البلاد، إذا لم يترشح الرئيس بوتفليقة لولاية أخرى.

يرفض سلال الجهر برغبته خوفا على ما يبدو من "غضب الرئيس" الذي لا يتوانى في معاقبة كل مسؤول يطلق العنان لطموحه الرئاسي، مثلما فعل ذلك مرتين مع مستشاره عبد العزيز بلخادم وأمين عام الحزب الحاكم عمار سعداني وقبلهما رئيس حكومته علي بن فليس.

وبدت نصيحة سلال لنساء الجزائر بالذهاب إلى مراكز الاقتراع في الانتخابات التشريعية مثار جدال وغرابة، وكان ذلك لغرابة النصائح التي أسداها رئيس الوزراء الجزائري للنساء لدفع رجالهن للتوجه إلى مراكز الاقتراع، فقد قال سلال لهن: "لا بد أن تكن قويات يوم الانتخاب وتوقظن أزواجكن في الصباح الباكر وتقلن لهم لا يوجد فطور.. اذهبوا للتصويت، ومن لا يصوت اضربنه بالعصا".

سلال مستعد لضرب الرجال لدفعهم للذهاب إلى الانتخابات لكن قد لا يكون معنيا بنسبة المشاركة بمقدار ما يعنيه ذلك في تدعيم موقع الحزب الحاكم وبالتالي إبقاء فرصته لخلافة بوتفليقة قائمة.

سلال لن يعلن عن رغبته وطموحه في تولي رئاسة الجزائر حتى لا يغضب الرجل الذي "أخرج الجزائريين من الظلمات إلى النور"، ولا يريد له أن يضعه من جديد في بحر الظلمات.
التعليقات (1)
عبد الحق
السبت، 06-05-2017 06:51 م
إبحثوا في تاريخ عائلته مع المقاومة ستجدون أنه ليس من الصدفة أن يموقع بضم الياء من طرف اللوبي الفرنسي منذ زمن و يصنع على عين