صحافة دولية

فورين أفيرز: لماذا فشل جيش مصر أمام مجموعة جهادية صغيرة؟

فورين أفيرز: لم تبد القاهرة رغبة حقيقية في استئصال تنظيم الدولة من الأراضي المصرية- أ ف ب
فورين أفيرز: لم تبد القاهرة رغبة حقيقية في استئصال تنظيم الدولة من الأراضي المصرية- أ ف ب
نشرت مجلة "فورين أفيرز" مقالا لمدير برنامج السياسات العربية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ديفيد شينكر، يتحدث فيه عن الحرب الدائرة في سيناء ضد تنظيم الدولة.

ويقول الكاتب إن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استضاف نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر، وطمأن ترامب السيسي خلال اجتماعهما، قائلا: (معا.. سنحارب الإرهاب)". 

ويعلق شينكر قائلا إن "تلك أخبار جيدة بالنسبة للرئيس المصري، فبعد سنوات من العلاقات الثنائية المتوترة، فإن إدارة ترامب تقوم باحتضان مصر بصفتها شريكا لها في الحرب ضد الإرهاب، إلا أنه ليس من الواضح إن كان يمكن اعتبار مصر في الواقع ذخرا في هذه المعركة الأكثر إلحاحا ضد تنظيم الدولة".

ويتحدث الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، عن الشريط الذي بثته شبكة تابعة للإخوان المسلمين قبل أسبوعين، الذي يظهر جنودا مصريين يقومون بعمليات إعدام خارج القانون في شبه جزيرة سيناء، لعدد من السجناء المتهمين بأنهم متمردون إسلاميون. 

ويجد شينكر أنه "عدا عما يبدو أنه انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، فإن القاهرة لم تبد رغبة حقيقية في استئصال تنظيم الدولة من الأراضي المصرية، وإن كانت إدارة ترامب تريد شريكا فعليها أن تستخدم علاقاتها مع حكومة السيسي لمساعدة القاهرة على تحسين ممارساتها في الحرب على الإرهاب".

ويرى الكاتب أن "مصر فقدت أرضها منذ عام 2011، في مواجهة تمرد من عدد قليل من الأشخاص في سيناء، وبالرغم من عدد أفراد جيشها، البالغ 440 ألفا، والمساعدات الأمريكية السنوية، التي تصل إلى 1.3 مليار دولار، فإنها لم تستطع احتواء 600 إلى 1000 متمرد، بل إن المتمردين حققوا في سيناء قائمة من الإنجازات، فمنذ عام 2014، أعلنت المجموعة المتمردة (أنصار السنة) ولاءها لتنظيم الدولة، وأسقطت طائرة هليكوبتر عسكرية، ودمرت دبابة معارك (ام- 60)، وأغرقت قارب دورية مصريا، وفجرت طائرة مدنية روسية، قتل فيها 224 مدنيا".

ويشير شينكر إلى أن "تنظيم الدولة قتل في الفترة ذاتها ما يقارب الـ200 ضابط مصري من الجيش والشرطة في سيناء، لكنهم ليسوا هم وحدهم الضحايا، فتنظيم الدولة يستهدف المسيحيين أيضا، ما أدى إلى هجرة جماعية للأقلية المسيحية في شبه الجزيرة، وقبل أسابيع قليلة هاجم تنظيم الدولة سانت كاثرينز، وهو أحد أقدم الأديرة في العالم".

ويعلق الكاتب قائلا إن "الجيش المصري ذاته، الذي لم يستطع حماية المسيحيين في سيناء، كان عاجزا عن حماية قوة المراقبين الدوليين، المؤلفة من 1700 فرد، والمنشورة في المنطقة لمراقبة تطبيق اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، وبناء على ذلك، فإن القوات، التي تضم 700 جندي أمريكي، انتقلت من مواقعها في شمال سيناء إلى جنوب سيناء الأكثر أمنا". 

ويلفت شينكر إلى أن "تنظيم الدولة يهدد أمن إسرائيل، حيث يطلق الصواريخ بين الفينة والأخرى على مدينة إيلات، وقد منعت إسرائيل الشهر الماضي مواطنيها من دخول سيناء، وفي الوقت ذاته بدأ الإرهاب ينتقل من شبه الجزيرة إلى وادي النيل والدلتا، بعد أن كانتا هادئتين، وأصبحت الهجمات ضد الشرطة والكنائس القبطية أمرا روتينيا".

ويعتقد الكاتب أن "استراتيجية تنظيم الدولة وتكتيكاته وقيادته تتطور، حيث كان التنظيم يوما ما معبرا عن مظالم البدو في سيناء، وأصبح المتمردون اليوم يميلون نحو الرقة، ونتيجة لذلك فإن تمويلا إضافيا وصلهم، وطوروا حملة إعلامية أكثر مهنية، وتحول تركيزهم إلى قتل المسيحيين دون خجل، وبدأ تنظيم الدولة في مصر يستخدم التكنولوجيا الحديثة القاتلة، مثل العبوات الخارقة ضد قوات الحكومة، بالإضافة إلى استخدام أسلوب التنظيم الأم بإشعال نار الطائفية".

ويقول شينكر: "في الوقت الذي يتطور فيه تنظيم الدولة في سيناء، فإن الجيش المصري ظل مركزا على الحفاظ على قوته، ومتابعة المشاريع الاقتصادية، ولا تشتبك القوات الأرضية المصرية مع العدو بشكل نشط، لكنها تستنزف ببطء، من خلال الكمائن والمتفجرات في الطرق". 

وينوه الكاتب إلى أن "مصر تقوم بشكل متزايد بالتعاقد مع سلاح الجو الإسرائيلي لأمنها في سيناء، حيث يسمح للطائرات الإسرائيلية، التي تطير في الأجواء المصرية، باستهداف الإرهابيين، سواء كانت طائرات دون طيار أو بطيار، وإسرائيل تقوم بـ(جز العشب) في سيناء، لكن ذلك لم يقلل من المساحات التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، حيث أن ذلك يحتاج إلى جيش (غير إسرائيلي) على الأرض".

ويفيد شينكر بأنه "بالنسبة للكثيرين في واشنطن، فإن قوة تنظيم الدولة النسبية مقلقة، وبإمكان إدارة ترامب التقليل من أولوية موضوع حقوق الإنسان الشائك مع القاهرة أو إهماله تماما، لكنها لا تستطيع فعل ذلك مع تنامي قوة تنظيم الدولة في أكثر البلاد العربية سكانا، إلا أنه بعد 40 عاما و50 مليار دولار مساعدات للجيش المصري منذ كامب ديفيد، فإنه أصبح واضحا أن المساعدات الأمريكية للجيش المصري لم تنجح في جعل ذلك الجيش قادرا حتى بالمستوى الأدنى، ولا قوت من عزم القيادة في القاهرة لنشر القوات في مهمات قتالية صعبة".

ويرى الكاتب أن "المساعدات قد تكون ساعدت في منع وقوع أكثر السيناريوهات سوءا، فالمساعدات العسكرية الأمريكية مثلا ستقنع مصر بعدم التقارب مع موسكو، بالإضافة إلى أنها قد تساعد في منع انهيار الدولة، ومع ذلك هجرة ملايين المصريين إلى أوروبا، لكن واشنطن تحتاج إلى إيجاد طرق مبتكرة لتشجيع القيادة السياسية في القاهرة؛ لحفز الجيش المصري على القيام بدوره على نحو فعال، خاصة عمليات مكافحة التمرد، وقد طلبت مصر مؤخرا تدريبا أمريكيا لتحسين قدرات الجيش على الكشف عن العبوات الناسفة والتخلص منها وحصلت عليه، وبناء على أدائه يبدو أن الجيش بحاجة أيضا إلى تدريب على تكتيكات مكافحة التمرد، وربما المساعدة على الأرض والتدريب من الجيش الأمريكي".

ويدعو شينكر أمريكا لحث مصر على "تغيير نظرتها للحصول على الأجهزة العسكرية الأمريكية، التي تشتريها بمساعدات مالية من أمريكا، ونظرا للخطر الذي تواجهه مصر، الذي يقتصر حصريا على الإرهاب، والذي يبنى عليه أيضا أمن الحدود، فليس هناك منطق في شراء المعدات الثمينة التي تفضلها القاهرة دائما، بما في ذلك الدبابات والطائرات المقاتلة وحاملات طائرات الهيلكوبتر الهجومية، وتطوير الصواريخ ذات المدى الطويل، لكن الأكثر فعالية هو أن تشتري القاهرة المزيد من طائرات هيلكوبتر بلاك هوك لتحسين إمكانيات الجيش في الرد السريع، وإنفاق الأموال لتحسين الرصد والحصول على أهداف والمراقبة من خلال نظام (آي – ستار)، الذي قد يساعد على مكافحة التمرد".

ويقول الكاتب إن "الجيش المصري لن يقبل في الغالب المقترحات الأمريكية في هذا المجال، ولأن وضع شروط على المساعدات الأمريكية لم يكن ناجحا في الماضي، فإنه يتوجب على إدارة ترامب أن تركز على الحوافز، بما في ذلك العودة لما كان عليه الحال قبل عام 2015، عندما قامت أمريكا بمنع مصر من شراء الأسلحة والدفع الآجل من المساعدات الأمريكية القادمة، لكن فقط للأسلحة التي تعدها وزارة الدفاع الأمريكية مفيدة في مكافحة الإرهاب وعمليات حراسة الحدود". 

ويبين شينكر أن "الأمر الآخر الذي يعد ضروريا، هو تحسين المنحة المتعلقة بالتدريب، التي كانت عام 2016، 1.8 مليون دولار، في الوقت الذي حصلت فيه الأردن، التي لا يبلغ حجم جيشها سوى 15% من حجم الجيش المصري، على 3.8 مليون دولار للتدريب".

ويخلص الكاتب إلى القول: "على أمريكا إما أن تلغي تماما المناورات السنوية مع الجيش المصري (برايت ستار)، وتستبدلها بمناورات تفيد الجيش في مكافحة الإرهاب، أو أن تعاد صياغة المناورات، للتركيز أكثر على تدريب الجيش المصري لمكافحة الإرهاب".
التعليقات (3)
مصري
الجمعة، 12-05-2017 10:36 ص
كل التفجيرات و كل الأعمال الإرهابيه و كل الجماعات التي تعمل في سيناء تخطيط وننفيذ المخابرات الحربيه و الهدف هو مزيد من الدعم لنظام العسكر النازي و الذي هو من صنيعة الموساد .
عادل
الجمعة، 12-05-2017 08:06 ص
لكن هذا ما أراده الأمريكيون فعلا جيشا رخوا يفتقر إلى العزيمة والإرادة يقوده مجموعة من المقاولين غير قادر على قمع مجموعة تشكل ربع من مائة من قدراته حينها وبكل بساطة يحتاج الفيل الى النملة اسرائيل لمساعدته
aboahmedmansour
الخميس، 11-05-2017 10:24 م
هل هذا سؤالا ؟؟؟ طيب هل هو نجح في شيئ أصلا ؟؟؟؟؟!!!! اتحداكم لو أتيتم بنجاح واحد ؟!!