صحافة دولية

بيلد: مخيمات النازحين عند حدود الأردن.. "الموت البطيء"

تحولت هذه المنطقة الصحراوية القاحلة إلى مدينة صغيرة مع تدفع النازحين إليها
تحولت هذه المنطقة الصحراوية القاحلة إلى مدينة صغيرة مع تدفع النازحين إليها
نشرت صحيفة "بيلد" الألمانية تقريرا؛ حول الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها 80 ألف نازح سوري، تركوا ليواجهوا مصيرهم في مخيمي الركبان والحدلات على الحدود الأردنية، في ظل الغياب التام للخدمات الصحية والإغاثة الإنسانية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن حوالي 80 ألف شخص تركوا ليواجهوا مصيرهم في ظروف مأساوية، في هذه المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح، فيما يصعب على موظفي منظمات الإغاثة الوصول إلى هؤلاء النازحين داخل الأراضي السورية. ويعزى ذلك إلى أن الأردن يمنع النازحين من دخول أراضيه بحجة المخاوف من تسلل عناصر تنظيم الدولة بين المدنيين.

ونقلت الصحيفة عن الطبيب فراس عبد العزيز؛ أن هذا الحصار الذي يتعرض له اللاجئون أدى لشح كبير في الغذاء والمياه الصالحة للشرب، فضلا عن غياب الرعاية الصحية. وعلى مدى عامين من وجودهم في هذه المنطقة، يفتقد السكان اللقاحات اللازمة للأطفال والأدوية، كما أن المواليد الجدد لا يحظون بالرعاية الطبية اللازمة.

وذكرت الصحيفة أن هذه المنطقة الحدودية تخضع لحصار خانق منذ صيف 2016، بعد أن تعرض سبعة جنود أردنيين للقتل في تفجير، ومنذ تلك الحادثة تشكو المنظمات الإغاثية من صعوبة الدخول لهذه المنطقة.

ونقلت الصحيفة تحذيرات منظمة العفو الدولية، التي أطلقت نداء استغاثة، مؤكدة أن الإغلاق الكلي للحدود، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، سوف يؤدي إلى تدهور الأوضاع وتعريض حياة الكثير من الناس للخطر. 

وأضافت الصحيفة أن منظمة العفو الدولية أقرت بحق الأردن في حماية مواطنيه من أي هجمات إرهابية محتملة، ولكنها أكدت على أن هذه الإجراءات الأمنية يجب أن لا تخرق القانون الدولي المتعلق بحماية ودعم اللاجئين الفارين من جحيم الحرب في بلادهم. 

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش السوري الحر هو المسؤول عن إدارة وتأمين مخيمي الركبان والحدلات. ونقلت عن معين قاسم، أحد قياداته العسكرية المسؤولين عن هذه المسألة، قوله إن "الجيش السوري الحر ليس مسؤولا فقط عن أمن الناس، بل أيضا يتكفل بنقل المرضى إلى المستشفيات، بما أن الأوضاع في هذه الصحراء شديدة الخطورة".

وأوضح قاسم أن "معاقل تنظيم الدولة لا تبعد سوى 35 كلم، لهذا يجب أن نكون دائما متيقظين وعلى أهبة الاستعداد لضمان أمننا وأمن اللاجئين، فالناس هنا يشعرون بالخوف على مدار الساعة".

 وأوردت الصحيفة أن تنظيم الدولة قد شن هجوما قبل أيام قليلة، حيث قام بتفجير عبوات ناسفة استهدفت مجموعة من مقاتلي الجيش السوري الحر في هذه المنطقة، وقد أوقع هذا الهجوم ثلاثة قتلى.

ويتولى القيادة المدنية لهذين المخيمين، محمد عبيد، وهو ينحدر من مدينة حمص.

ويؤكد عبيد أن الأوضاع الإنسانية تمثل خطرا بشكل خاص على حياة الأطفال، حيث لا يتوفر الحليب، كما أن الملابس غير متوفرة، ناهيك عن أن اللقاحات لا تصل إلى المنطقة، فيما لم يتم تسجيل أي من الأطفال حديثي الولادة في الفترة الماضية.

ويسعى محمد عبيد من خلال علاقاته الشخصية إلى الحصول على بعض الدعم الإنساني للسكان، وخاصة الغذاء، لأنه قطع الأمل من الحصول على مساندة المنظمات الدولية التي لا تقدم شيئا غير الوعود الواهية، كما يقول.

ونقلت الصحيفة عن عبيد قوله: "في حالة المرض أو التعرض لإصابة، فإن الناس عرضة لأوضاع مأساوية؛ لأنه لا يسمح لهم غالبا باجتياز الحدود للحصول على الرعاية الطبية اللازمة، حيث يتوجب علينا كل مرة تسجيل المريض عند حرس الحدود (الأردنيين) وانتظار الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية. وفي الانتظار، يموت الكثيرون قبل استصدار هذا الإذن. كما أن أسعار الدواء مرتفعة، ولا يستطيع كثيرون دفعها، لذلك يبقى الأمل الوحيد في الحصول على المساعدة الإنسانية".

أما الممرض شكري محمود، فهو يعمل في هذا المخيم منذ مطلع سنة 2016، وهو يحظى الآن بمساعدة اثنتين من الممرضات. وفي بعض الحالات، يضطر محمود إلى القيام بتدخلات علاجية تتجاوز اختصاصه، إذ أنه في الأصل ممرض مختص في التوليد، لكنه أصبح يعالج أيضا الأطفال وكبار السن.

ونقلت الصحيفة عن شكري محمود قوله: "الطقس يمثل مشكلا إضافيا في هذه المنطقة، إذ أن أكثر من 80 في المئة من الأطفال أصيبوا بأمراض الحنجرة خلال الصيف الماضي. وفي الشتاء يعاني الكثيرون من نزلات البرد، وتتعمق هذه الأزمة في ظل غياب الأدوية".

وأضاف أنه "في الحالات الحساسة والخطيرة، عندما يحتاج المرضى لإجراء عملية، فإننا نحاول إجلاءهم من المخيم، ونضطر لإعادتهم إلى أحد المستشفيات في سوريا، رغم خطورة هذا الأمر".

ويقول محمد عبد الله إنه يعيش في هذه المخيمات منذ 16 شهرا، ولم يحصل على أي مساعدات على مدى ستة أشهر الماضية، موضحا أنه "منذ فترة طويلة؛ لم أتمكن من توفير أي أدوية أو غذاء كاف لعائلتي".

أما أم علي، وهي إحدى النازحات في هذه المنطقة، فتعيش هنا منذ ستة أشهر، وهي تشكو من غياب المواد الإغاثية، ومن سوء عملية توزيع بعض المواد التي تصل، إذ أن أكثر هذه المساعدات يتم توزيعه بالوساطات وتتم سرقة جزء كبير منها، كما تقول.
التعليقات (0)