كتاب عربي 21

تحديات ما بعد الوثيقة الجديدة: الجماعة الإسلامية والنزول إلى أرض الواقع

قاسم قصير
1300x600
1300x600
نجحت الجماعة الإسلامية في لبنان (وهي إحدى الحركات الإسلامية التي تحمل فكر الإخوان المسلمين) في استعراض عناصر قوتها التنظيمية والشعبية والسياسية والتحديثية، وذلك خلال الاحتفال الكبير الذي أقامته قبل ظهر يوم الأحد الماضي في 14 أيار(مايو) الحالي في قاعة البيال للمؤتمرات في وسط بيروت، وذلك للإعلان عن وثيقتها السياسية الجديدة تحت عنوان: رؤية وطن، والتي تضمنت الرؤية السياسية والفكرية الجديدة للجماعة تجاه مختلف التحديات الخارجية والداخلية.

وقد تميز مؤتمر الجماعة بحضور سياسي لبناني متنوع ودبلوماسي عربي وإسلامي محدود، وحشد كبير من قيادات الجماعة وكوادرها من مختلف المناطق اللبنانية ومن خارج لبنان، وقد قدّر عددهم بحوالي الألف كادر.

وجاء المؤتمر في إطار احتفالي ضخم واستخدمت خلال عرض الوثيقة تقنيات إعلامية حديثة وغير تقليدية، إضافة للأسلوب الاستعراضي الجذاب ومن خلال الاستفادة من طاقم إعلامي وتنظيمي معظمه من الشباب الجدد حسبما أعلن أمين عام الجماعة الحالي عزام الأيوبي.

وكي لا تقطع الجماعة مع تاريخها الفكري والسياسي والتنظيمي عمدت إلى تكريم عدد من مؤسسيها وقيادييها الراحلين أو السابقين ومنهم: الأمين العام الأسبق الراحل الدكتور فتحي يكن، المستشار والقاضي والأمين العام الراحل الشيخ فيصل المولوي، الأمين العام السابق الشيخ إبراهيم المصري، المهندس عبد الله بابتي والحاج ابراهيم شهاب.

وتضمنت الوثيقة السياسية الجديدة وكلمة الأمين العام عزام الأيوبي العديد من النقاط الجديدة والمهمة على صعيد مواقف الجماعة ورؤيتها التنظيمية والسياسية مع الحرص على التأكيد على دور الشباب والمرأة والمغتربين وشرح رؤية الجماعة للدولة والمقاومة وكيفية التصدي للإرهاب، ولم تشر الوثيقة أو الأيوبي إلى خلاف الجماعة مع حزب الله بشكل علني ومباشر وإن كان واضحا من سلسلة المواقف التي أطلقت وجود بعض التباينات بين أهم فصيلين إسلاميين في لبنان، إن على صعيد الموقف مما يجري في سوريا أو حول دور الحزب الخارجي وعلى صعيد مستقبل المقاومة.

وقد حرصت الوثيقة على تأكيد البعد اللبناني في عمل الجماعة الإسلامية وتصديها لقضايا الفساد والدعوة لإقامة دولة المواطنة وحماية حقوق المواطن، دون التخلي عن المرجعية الإسلامية في فكر الجماعة وكذلك الاستمرار في تبني القضايا الأخلاقية والاجتماعية من منظور إسلامي أو ديني.

هذا المؤتمر الحاشد والذي يعقد لأول مرة بشكل علني منذ تأسيس الجماعة الإسلامية في لبنان في خمسينات القرن الماضي، شكل عملية استعراض للقوة السياسية والشعبية والتنظيمية للجماعة والإمكانيات التي تتميز بها، لكنه في الوقت نفسه طرح سؤالا أساسيا أمام قيادة الجماعة وكوادرها يتلخص بما يلي: كيف يمكن تسييل هذه القوة عمليا والنزول بالجماعة إلى أرض الواقع؟ أو كيف يمكن تحويل المشروع السياسي الجديد إلى برامج وخطط عملية تعيد للجماعة دورها الفاعل في الساحتين الإسلامية واللبنانية بعد أن تحولت في السنوات الماضي إلى قوة غير فاعلة في المشهد الداخلي؟

مصادر قيادية في الجماعة (تفضل عدم ذكر اسمها) تؤكد أن هناك العديد من الإشكاليات والعقبات والتحديات التي تواجه الجماعة في هذه المرحلة إن على صعيد الوضع التنظيمي الداخلي أو لجهة تفعيل الحضور السياسي والشعبي، لكنها تعتبر أن الأمين العام الحالي عزام الأيوبي نجح خلال الأشهر الماضية في بث روح جديدة داخل الجماعة وهو يعالج العديد من المشكلات التي تواجهها الجماعة وهذا المؤتمر هو حصيلة جهد كبير جرى بذله في الأشهر الأخيرة.

نحن إذن أمام صورة جديدة للجماعة الإسلامية في لبنان وهي تشبه إلى حد ما ما تقدمه حركات إسلامية أخرى في العالم العربي، كحركة حماس في فلسطين وحركة النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في المغرب، لكن المهم ليس الصورة والافكار والرؤية الجميلة، بل كيف يمكن تسييل ذلك في الواقع السياسي وعلى الأرض؟ وهذا هو التحدي الكبير للجماعة في المرحلة المقبلة في ظل التحضير لإجراء انتخابات نيابية جديدة وما يواجهه لبنان من تحديات داخلية وخارجية.
0
التعليقات (0)