صحافة دولية

باحث بريطاني: الرياض رفعت سقف المواجهة فكيف سترد قطر؟

دافيدسون: قد لا تحتاج قطر لأن ترد على المطالب السعودية- أ ف ب
دافيدسون: قد لا تحتاج قطر لأن ترد على المطالب السعودية- أ ف ب
كتب الأكاديمي في جامعة درم، والمتخصص في شؤون الخليج كريستوفر دافيدسون، مقالا في موقع "ميدل إيست آي" في لندن، يناقش فيه خيارات قطر، بعدما رفعت السعودية سقف المواجهة معها. 

ويقول الكاتب إن "موقع الدولة الصغيرة لا يزال قويا أكثر مما يبدو، ولديها الميزانية الكافية لمواجهة الحصار، بالإضافة إلى الدعم من أنقرة وطهران، بشكل يجعلها قادرة على تجاوز الضغوطات التي فرضها عليها أعداؤها من دول مجلس التعاون الخليجي".

ويضيف دافيدسون أن "قائمة المطالب التي أعلنت عنها السعودية، وزميلتها الإمارات، والدول الموالية لهما، رفعت ميزان المواجهة في النزاع الطويل مع قطر".

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى "أنه في الوقت الذي تم فيه تقديم بعض المطالب، باعتبارها إجراءات لمكافحة الإرهاب، على الأقل، من ناحية تعريف الإرهاب، كما تراه السعودية، فإن المطالب الأخرى، مثل إغلاق قناة (الجزيرة)، المعلم الرئيسي لقطر، وتخفيض العلاقة مع الإخوان المسلمين وإيران وتركيا، ما هي إلا دليل على حملة واسعة تقودها السعودية لإنهاء استقلالية الإمارة في مجال السياسة الخارجية".

ويرى دافيدسون أن "مطلب إغلاق (الجزيرة) ليس مفاجئا؛ نظرا لاستخدام قطر لها من أجل الحصول على نفوذ لدى الحكومات العربية، كما برز في برقيات بعثها دبلوماسي أمريكي في عام 2011، بالإضافة إلى دورها المؤثر في دعم انتفاضات الربيع العربي ضد الحكومات الموالية للسعودية في تونس ومصر، بالإضافة إلى أن الطلب من قطر التوقف عن منح الملجأ للإخوان المسلمين لم يكن مفاجئا، حيث أقلق فوز الجماعة في الانتخابات في مرحلة ما بعد الربيع العربي كلا من السعودية والإمارات، فقدموا من خلاله نموذجا للحكم الديني المحافظ المتناقض مع الحكم الملكي المطلق والوراثي المعمول به في دول الخليج".

ويستدرك الكاتب بأنه "رغم قيام أمراء هذه الدول بدعم الإخوان المسلمين وتمويلهم، بل فتحوا لهم الجامعات ليعبروا عن مواقفهم، إلا أن هذا لم يمنع السعودية عام 2014 من اتخاذ خطوة بتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية".

ويجد دافيدسون أن "دفع قطر للابتعاد عن تركيا له معنى بالنسبة للسعودية؛ لأن أنقرة تقدم الدعم للإخوان المسلمين، ولا تخفي احتقارها للنظام الملكي في السعودية، حيث رفعت الأخيرة سقف المواجهة، بعدما أعلنت تركيا عن زيادة حجم وجودها العسكري في قطر، بشكل أثار قلق الرياض من نشوء محور تركي قطري يتحدى زعامة السعودية للعالم العربي".

ويلفت الكاتب إلى أن "علاقة الدوحة مع إيران تطورت من مجرد علاقة ودية وتعاون؛ بسبب اشتراكهما في حقل الغاز، إلى تعبير واضح عن التضامن، بعدما أعلنت إيران عن إرسالها شحنات الطعام لمساعدة البلد للتغلب على الحصار السعودي، ما قاد إلى مخاوف من ولادة كتلة أخرى تقودها إيران لمواجهة موقف الرياض، وبالتالي تحدي تماسك دول مجلس التعاون الخليجي، وهو نادي ملكيات دول الخليج العربية". 

وبفيد دافيدسون بأن "هناك أدلة تشير إلى انحراف سلطنة عمان بهذا الاتجاه، حيث اعترف قادتها بأهمية ومنافع التعاون مع إيران، ولو خرجت قطر وعُمان، فإن هذا يعني غرق مجلس التعان الخليجي". 

ويقول الكاتب إن "الطلب من قطر التوقف عن دعم (الإرهاب) أمر غامض، وأدى لاتهام السعودية، وإن لم تكن الإمارات العربية، بأنها المذنبة في كل شيء، وتحاول رمي ذنبها على قطر، أو كما في المثل (عندما قال قدر الطعام للإبريق بأنك قئر)، ناسيا أنه قئر هو الآخر".

ويبين دافيدسون أنه "بعد هذا كله، ففي برقية لوزارة الخارجية، كتبتها وزيرة الخارجية نفسها عام 2009، واشتكت فيها من أن (المانحين في السعودية يمثلون مصدرا مهما لدعم الجماعات الإرهابية السنية حول العالم)، وأن المملكة لا تزال (قاعدة حيوية لتمويل تنظيم القاعدة)، وفي الفترة الأخيرة، طبعا، الدعاوى القضائية المقدمة للنظام القضائي الأمريكي، التي تمثل عائلات ضحايا 11/ 9، التي تزعم أن لديها (أطنانا من الأدلة)، تشير إلى تورط مؤسسات ووكلاء الدولة السعودية، وفي المقابل فإنه بلا شك، فإن أثرياء قطريين، وربما كان من ضمنهم مسؤولون، وبعض جمعيات الدولة الخيرية، أدوا دورا مهما في تسليح الجماعات السنية المتطرفة في المنطقة".

ويؤكد الكاتب أن "هناك نقاشا يمكن تقديمه بناء على دور كل طرف، ففي الحقيقة لدى قطر أكبر عدد من الممولين، حيث انتفعت فروع لتنظيم القاعدة في كل من سوريا وليبيا من الدعم القطري، وربما بطريقة غير مباشرة تنظيم الدولة".

وينوه دافيدسون إلى أنه "بعد هذا كله، وفي سياق دعم سوريا للمقاتلين في نهاية عام 2012، قال نائب وزير الخارجية القطري في مؤتمر المنامة الأمني: (أنا ضد استثناء أي أحد في هذه المرحلة، أو تصنيفهم بأنهم من تنظيم القاعدة)، وما هو أكثر إثارة للقلق المراسلة المسربة في صيف عام 2014، من وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، التي قالت بوضوح لمستشاريها  البارزين: (نريد استخدام دبلوماسيتنا وأرصدتنا الاستخباراتية التقليدية لممارسة الضغط على قطر والسعودية، اللتين توفران دعما ماليا ولوجيستيا سريا لتنظيم القاعدة والجماعات السنية الراديكالية في المنطقة)".

ماذا بعد؟ 

ويتساءل الكاتب عن "الخطوة القادمة بعد تقديم هذه المطالب، سواء كانت شرعية أم لا، وفيما إن كانت ستقود إلى أي شيء، أو ماذا سيحدث بعد؟ وقد قدمت الإمارات والسعودية المطالب ذاتها لقطرعام 2014، لكنها تلاشت بعد مفاوضات طويلة، إلا أن السعودية تعتقد هذه المرة أن هناك فرصة للانتصار، خاصة بعد توددها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته، من خلال منحه صفقات أسلحة كبيرة، ووعود بالاستثمار في البنية التحتية الأمريكية، وربما أكدت لها السعودية أن قاعدتها العسكرية في قطر، بما فيها المراكز المتقدمة للقيادة المركزية، ستكون آمنة في حال حدوث حالة من عدم استقرار في الدوحة، عقب عملية تغيير للنظام، مدعومة من السعودية، وهذا في حال لم تتم الاستجابة للمطالب".

ويشير دافيدسون إلى أن سلسلة التغريدات التي أرسلها ترامب عن قطر تؤكد وتدعم موقف الرياض، مع أن وزارة الخارجية حاولت لعب الأمور بطريقة حذرة.

من الناحية الواقعية.. هل ستذعن قطر؟

ويرى الكاتب أن "تفكيك (الجزيرة) سيكون مثل تجريد آل ثاني من جوهرة التاج، التي أنفقوا عليها الكثير، ولا تزال الأداة المؤثرة لهم في (القوة الناعمة)، كما أن إدارة الظهر للإخوان المسلمين ستظل أمرا بعيد المنال، بعد سنوات من العلاقة والمنافع والأهداف المتبادلة".

أسرار خطيرة في الخزانة

ويقول دافيدسون إن "فعل شيء بشأن تمويل الإرهاب يبدو أمرا شائكا، في المدى القريب والمتوسط؛ ليس لأن شبكات التمويل في الدوحة تعمل على مستويات فرعية للدول، لكن لأن معظم النشاطات القطرية المشكوك فيها في المنطقة حصلت على مباركة من الوكالات الأمنية الغربية أو غضت الطرف عنها، ففي نهاية عام 2012 و2013، تم نقل ما لا يقل عن 85 شحنة جوية من الأسلحة والمواد اللوجيستية من قطر إلى تركيا والأردن، حيث وزعت على جماعات سورية مقاتلة لم يكشف عنها، وأدت المخابرات الأمريكية، بحسب مسؤول أمريكي، دورا استشاريا، والكثير من الأسلحة انتهى في يد الجهاديين، بمن فيهم تنظيم الدولة، فالدوحة تعرف بالتأكيد الكثير من الأسرار الخطيرة".

ويضيف الكاتب: "قد لا تحتاج قطر لأن ترد على المطالب السعودية، مع الدعم التركي والإيراني كله، الذي من المرجح أن يقلل من شأن أعدائها الذين أساؤوا التقدير، ولا يمكنهم القيام بعملية عسكرية، مع إن إمكانية حدوث انقلاب في القصر تظل واردة ". 

ويختم دافيدسون مقاله بالقول إن "الصندوق السيادي القطري الكبير لا يعني فقط أنها ستكون قادرة على التنفس، وتأمين الاقتصاد، وتحريك المصارف، وتدفق الواردات، بل إنها ستظل تتنافس مع السعودية للحصول على دعم الولايات المتحدة، ففي الأيام القليلة الماضية لم تعلن قطر فقط عن صفقات سلاح مع الولايات المتحدة، بل أعلنت عن استعدادها للاستثمار في الخطوط الجوية الأمريكية التي تواجه مصاعب، أي الاستثمار في الصناعة الجوية الأمريكية، وهو قطاع اختارته الدوحة نظرا لقربه من قلب الرئاسة الأمريكية الحالية".
التعليقات (1)
dheya
الإثنين، 26-06-2017 08:42 م
ارى ان الصراع مع قطر ليس جادا انحناء من قبل عملاء الانكليز امام العنجهيه الامريكيه القضيه تعتمد على مدى قناعه الامريكان او وعيهم على احدى الاعيب الانكليز