سياسة عربية

كيف تقلصت مساحة وثروات مصر في عهد السيسي؟

أخفق السيسي في الكثير من الملفات التي اتهموا فيها الرئيس مرسي- أ ف ب
أخفق السيسي في الكثير من الملفات التي اتهموا فيها الرئيس مرسي- أ ف ب
منذ تولي رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد صيف 2014، تتجدد جدليات تاريخية تتعلق بملكية مصر لأراض تخضع لسيادتها منذ قديم الأزل.

وأبرز هذه الجدليات جزيرتا تيران وصنافير بالبحر الأحمر، ومنطقة حلايب وشلاتين جنوب شرقي مصر على الحدود مع السودان، ومناطق نفوذ التنقيب عن الغاز بالبحر المتوسط، وأيضا أزمة مياه نهر النيل مع إثيوبيا، بجانب حديث عن أحقية مصر في جزيرة باليونان نفته السلطات المصرية العام الماضي.

وكانت مساحة مصر الكلية 3.7 مليون كم2، في عهد الملك فاروق (1936- 1952)، الذي أطيح به إثر حركة ضباط بالجيش عام 1952، أي أربعة أضعاف مساحتها الحالية والتي تقدر بنحو مليون كم2 تقريبا.

تلك المساحة التي كانت تشمل السودان قبل انفصال الجنوب وأجزاء من ليبيا وتشاد وغزة وتمتد لمنابع نهر النيل قبل الإطاحة بالملك، بدأ يهددها انكماش تدريجي مع مطالب دول الجوار بمساحات وثروات طبيعية تقع تحت السيادة المصرية.

ويرصد مراسل "الأناضول" في التقرير الآتي أبرز الجدليات التاريخية والجغرافية التي تتناول ثروات مصر وأراضيها الراهنة وتضعها تحت طائلة الفقدان.

 تيران وصنافير

تنتظر جزيرتا "تيران" و"صنافير" الإبحار الرسمي من حيازة مصر غربي البحر الأحمر إلى التبعية للسعودية الواقعة على ساحله الشرقي.

والشهر الماضي أقر البرلمان والسيسي اتفاقية موقعة بين القاهرة والرياض في أبريل/ نيسان 2016، يتم بموجبها نقل السيادة على الجزيرتين إلى المملكة، ولم يتبق لدخول الاتفاقية حيز التنفيذ سوى النشر في الجريدة الرسمية بالبلاد وتسليم الوثائق بين البلدين.

وتبلغ مساحة جزيرة تيران 80 كم2 فيما تبلغ مساحة صنافير 33 كم2، وتبعدان عن بعضهما حوالي 2.5 كم، وتعدان مقصدا سياحيا بارزا، وتحيط بهما ثلاثة ممرات من وإلى خليج العقبة.

ووسط رفض شعبي واسع تدافع الحكومة المصرية عن الاتفاقية بالقول إن "الجزيرتين تتبعان السعودية وخضعتا للإدارة المصرية 1950 بعد اتفاق ثنائي" بين القاهرة والرياض بغرض حمايتها لضعف القوات البحرية السعودية آنذاك، وكذلك لتستخدمها مصر في حربها ضد إسرائيل.

المثلث التائه بين مصر والسودان

جدل تاريخي دائر بين القاهرة والخرطوم يتجدد من آن لآخر بحسب معطيات السياسة القائمة بين البلدين، بشأن أحقية السيادة على منطقة "مثلث حلايب وشلاتين"، الواقعة على الحدود بين البلدين على ساحل البحر الأحمر، وتبلغ مساحتها الإجمالية 20.5 ألف كم2.

ويطلق على هذه المنطقة اسم مثلث، نظرا لأنها تضم ثلاث بلدات كبرى هي "حلايب" و"أبو الرماد" و"شلاتين"، وتتبع مصر إداريا وسياسيا بحكم الأمر الواقع.

وكانت الخارجية السودانية طالبت في حالة عدم قبول مصر التفاوض المباشر معها حول هذه المنطقة، أن توافق على اللجوء إلى التحكيم الدولي الذي يتطلب قبول الدولتين المتنازعتين باللجوء إليه وهو ما ترفضه مصر من أجل حسم النزاع.

وفي أكثر من مرة ترد مصر على نظيرتها السودانية أن "حلايب وشلاتين أراض مصرية، وتخضع لسيادتها".

ولم يكن للحدود السياسية بين مصر والسودان أي دلالة، حيث إن الدولتين كان ينظر إليهما على أنهما بلد واحد، إلى أن تبدل الوضع عام 1956 وهو تاريخ اعتراف مصر باستقلال السودان.

وأواخر يناير/ كانون الثاني 1958، بدأ النزاع بشكل فعلي على "مثلث حلايب" عندما أرسلت الحكومة المصرية مذكرة إلى الخرطوم على خلفية إجراء الانتخابات البرلمانية في السودان 1958، محتجة على أن الجهة المشرفة على هذه الانتخابات "خالفت" الاتفاقات بشأن الحدود المشتركة بين الدولتين، وذلك لإدخالها المثلث ضمن الدوائر الانتخابية السودانية.

وطالبت المذكرة بـ "حق" مصر في استعادة المناطق الواقعة تحت الإدارة السودانية شمال دائرة عرض 22 شمالا إلى سيادتها.

ومع ذلك استمرت المنطقة مفتوحة أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين دون قيود من أي طرف حتى عام 1995، حيث دخلها الجيش المصري وأحكم سيطرته عليها.

مياه النيل

تتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل لسد النهضة الإثيوبي على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب، مصدر المياه الوحيد في مصر، فيما يقول الجانب الإثيوبي إن السد سيمثل نفعا له خاصة في مجال توليد الطاقة، ولن يمثل ضررا على دولتي المصب السودان ومصر.

وفي مارس/ آذار 2015، وقعت وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة في الخرطوم، وتضمنت موافقة على استكمال إجراءات بناء السد مع إجراء دراسات فنية لحماية الحصص المائية من نهر النيل للدول الثلاث، إثيوبيا بلد السد، ودولتي المصب السودان ومصر.

وتنتظر مصر والسودان وإثيوبيا وفق اتفاق تم في سبتمبر/ أيلول 2016، نتائج مكتبين استشاريين فرنسيين متخصصين يقومان بإعداد ملف فني عن السد وأضراره، على أن تنتهي الدراسات في أغسطس/ آب المقبل.

وتمت مناقشة أول تقرير فني "استهلالي مبدئي" في أبريل/ نيسان الماضي خلال اجتماع فني ثلاثي بالقاهرة، ولم تعلن نتائجه رسميا بعد.

أُم الرشراش أم إيلات؟

أم الرشراش (إيلات) تقع أقصى جنوب إسرائيل بين مدينتي العقبة الأردنية من الشرق وطابا المصرية على ساحل خليج العقبة، وذلك بعد أن كانت تحت السيادة المصرية حتى عام 1949.

تبلغ مساحة أم الرشراش نحو 85 كم2، وكانت منطقة حدودية لمصر مع دول عربية من بينها الأردن وفلسطين والسعودية، وتعود تسميتها نسبة إلى إحدى القبائل العربية التي كانت تقيم بها.

ويعود تاريخ السيطرة الإسرائيلية عليها إلى نهاية حرب فلسطين 1948، عندما هاجمتها إحدى الوحدات العسكرية الإسرائيلية في مارس/ آذار 1949 وأصبحت تحت السيطرة الإسرائيلية حتى الآن.

وفي عام 1989 أدرجت أم الرشراش ضمن ملف التحكيم الدولي الذي رفعته مصر ضد إسرائيل بشأن مدينة طابا شمال شرق البلاد التي استردتها القاهرة، فيما ظل الوضع في الأولى على ما هو عليه.

وفي 2006 صرح وزير الخارجية المصري آنذاك أحمد أبو الغيط حول ملكية مدينة أم الرشراش بتأكيده أنها أرض فلسطينية وفقا لاتفاقية ترسيم الحدود بين بريطانيا والدولة العثمانية (كانت تتبعها مصر) في 1906 و1922.

وفي أكثر من مناسبة كانت "أم الرشراش" في ذاكرة الأنظمة المصرية المتعاقبة، وكان آخرها نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك عندما أعلن عام 1996 أن أم الرشراش مصرية، وذلك في برنامج تلفزيوني على إحدى القنوات الرسمية.

وبعد نجاح ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 بدأ يتحرك ملف أم الرشراش شعبيا مجددا، إلى أن انتهى الحديث عنه مع معطيات الأوضاع الإقليمية الراهنة، والتقارب الملموس بين القاهرة وتل أبيب.

غاز شرق المتوسط

على مدار السنوات الماضية، أصبحت قضية ترسيم الحدود البحرية بالبحر المتوسط أحد أبرز الشواغل الإقليمية بين الدول التي تطل عليه، وعلى رأسها مصر.

وسبق للسيسي أن أصدر في سبتمبر/ أيلول 2014 قرارا بالموافقة على اتفاقية بين بلاده وقبرص الرومية بشأن التعاون في تنمية حقول الغاز في مياه البحر الأبيض المتوسط.

وأشارت الرئاسة المصرية آنذاك في بيان، إلى أن الاتفاقية تهدف إلى استغلال المصادر الطبيعية الممتدة عبر المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل من مصر وقبرص (الرومية)، وتحقيق التعاون بين البلدين.

وإثر تلك الاتفاقية أقام الدبلوماسي المصري السابق السفير إبراهيم يسري دعوى أمام محكمة القضاء الإداري من المنتظر أن تنظر في أغسطس/ آب المقبل، تطالب بإلغاء الاتفاقية التي وقعتها مصر مع قبرص الرومية 2014.

وفي تصريحات عبر الهاتف للأناضول، قال يسري إن دعواه تقول إن تلك الاتفاقية ترتب عليها "استحواذ" كل من قبرص وإسرائيل على حقول غاز طبيعي بمساحات ضخمة، رغم أنها أقرب إلى السواحل المصرية منها إلى سواحل إسرائيل.

واتهم يسري النظام المصري بالخذلان تجاه الحفاظ على الثروات المصرية.

ويشير بحث علمي للأكاديمي المصري في جامعة ماساتشوستس الأمريكية نائل الشافعي، اطلعت عليه الأناضول، إلى أن 3 اكتشافات للغاز في 3 حقول أساسية بالبحر المتوسط، اثنان إسرائيليان هما "لفياثان" و"شمشون" وحقل قبرصي واحد هو "أفروديت"، الأمر المشترك بينها أنها جميعا في منطقة جغرافية واحدة، تتداخل فيها الحدود المصرية والقبرصية والإسرائيلية.

ويلفت الشافعي إلى أنه أجرى عملية بحث تصويري على منطقة الحقول الثلاثة، فاكتشف أن حقلي لفياثان الإسرائيلي المكتشف عام 2010 وأفروديت القبرصي المكتشف عام 2011 يقعان داخل المياه المصرية الاقتصادية الخالصة، على بعد 190 كيلو مترا فقط من دمياط (شمالا)، و235 كيلو مترا من حيفا في الأراضي المحتلة، و180 كيلو مترا من ليماسول القبرصية.

فيما لم يتسن للأناضول الحصول على تعقيبات من الأطراف الأخرى بشأن ملكية مصر لحقوق غاز في البحر المتوسط.
التعليقات (0)