كتاب عربي 21

منتدى الوحدة الإسلامية في لندن: عشر سنوات من الحوار المستمر

قاسم قصير
1300x600
1300x600
ينعقد بين 21 و23 تموز (يوليو) الجاري في لندن المؤتمر العاشر لمنتدى الوحدة الإسلامية تحت عنوان: "الإسلام وحملات التشويه"، ويليه مؤتمر الحوار الإسلامي – المسيحي في مؤسسة الأبرار تحت عنوان: "نحو عالم بأخلاق"، ومنتدى الوحدة الإسلامية تأسس في ذروة الأحداث الطائفية التي عصفت بالمنطقة العربية والإسلامية وخصوصا في العراق بين العامين 2006 -2007 حيث تنادت شخصيات إسلامية متنوعة في بريطانيا للعمل المشترك في مواجهة الفتنة الطائفية.

وتم عقد عدة اجتماعات للتداول في الأوضاع العامة وكيفية العمل من أجل مواجهة الفتنة والتعاون العملي لتعزيز الحوار والوحدة، وشارك في اللقاءات حشد من الشخصيات والقيادات الإسلامية من مدارس فكرية وحزبية وسياسية متنوعة، وعقد المنتدى خلال السنوات العشر الماضية تسع دورات تناولت مختلف الأوضاع السياسية والفكرية التي تواجه العالم العربي والإسلامي وأوضاع المسلمين في أوروبا. 

ورغم حدة الاختلافات السياسية والفكرية التي عانت منها القوى والحركات الإسلامية خلال السنوات الأخيرة ولاسيما بعد الربيع العربي، فقد استمر المنتدى بعقد مؤتمراته السنوية والبحث حول كيفية التصدي لمختلف التحديات السياسية والفكرية، وكان المنتدى يصدر سنويا بيانا حول كل مؤتمر يتضمن مجموعات من المواقف والبرامج العملية التي يمكن العمل على أساسها في مواجهة هذه التحديات. 

ورغم المشكلات والعقبات التي واجهتها وتواجهها كل التجارب الوحدوية الإسلامية التي نشطت في العقود الثلاثة الأخيرة، فإن أهمية استمرار انعقاد منتدى الوحدة الإسلامية طيلة العشر سنوات الماضية تتمثل بالنقاط التالية: 

أولا: إن المنتدى يضم شخصيات إسلامية متنوعة من مدارس فكرية وحزبية مختلفة ورغم حدة الخلافات التي نشأت بين القوى والحركات الإسلامية في السنوات الماضية فقد حرصت هذه الشخصيات على اللقاء والحوار فيما بينها، مما شكل جسرا للتواصل والحوار والتعاون العملي بين هذه القوى. 

ثانيا: تميزت دورات المنتدى السابقة بالمستوى العالي والمعمق من الحوار الفكري والسياسي وجرى بحث عدد من الموضوعات والقضايا الفكرية والسياسية التي تهم المسلمين في العالم وخصوصا في أوروبا، وكل ذلك أدى لأن يكون المنتدى إلى جانب غيره من المؤسسات الإسلامية في أوروبا مرجعا فكريا إسلاميا للمسلمين وهو يحمل رؤية تجديدية وحوارية في مواجهة حالة العنف والتطرف التي برزت في السنوات الأخيرة. 

ثالثا: إن احتضان العاصمة البريطانية لهذا المنتدى ومشاركة شخصيات إسلامية متنوعة من المنتدى سواء من أوروبا أو من عدد من الدول العربية والإسلامية يوجه رسالة مهمة حول أهمية الوجود الإسلامي في أوروبا عامة وفي بريطانيا خاصة، ويمكن لهذه التجربة أن تبعث برسالة قوية سواء للسلطات أو الإدارات السياسية أو للمؤسسات الفكرية، بأنه لا يحق لأحد أن يختصر صورة الإسلام والمسلمين بالتطرف والعنف.

لكن في مواجهة هذه النقاط الإيجابية لصالح تجربة منتدى الوحدة الإسلامية في لندن، فإن هناك سلسلة من الأفكار والاقتراحات التي يمكن في حال تبنيها أن تشكل خطوة مهمة لتطوير هذه التجربة ومنها:

أ – ضرورة إصدار كتاب سنوي يتضمن أعمال المؤتمر والمداخلات التي قدمت وإذا أمكن أن يتضمن الكتاب ترجمات ببعض اللغات الأجنبية وذلك كي يتم تعميم أعمال المؤتمر ونشاطاته. 

ب- ألا يقتصر عمل المنتدى على المؤتمر السنوي بل أن يعقد جلسات ولقاءات له طيلة العام سواء في لندن أو في عواصم أوروبية أو عربية وإسلامية وأن تعالج هذه اللقاءات كل الأوضاع السياسية التي يواجهها العرب والمسلمون في العالم. 

ج- أن يقوم المشرفون على المنتدى بالتواصل مع قادة العالم الإسلامي ويحملوا لهم نتائج المؤتمرات ويقدموا اقتراحات عملية لمواجهة التحديات المختلفة.

ورغم أهمية هذه الملاحظات وضرورة البحث في كيفية تطوير المنتدى، فإنه لا يمكن إلا الإشادة بهذه التجربة الإسلامية الحوارية في لندن والحاجة للاستمرار بها رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها الواقع الإسلامي اليوم.
2
التعليقات (2)
سليمان فقيه
الجمعة، 21-07-2017 12:37 ص
تحياتي . مهما تم من اللقآت والندوات فيما بين القوى الممثله للاتجاهات الاسلاميه المتعارضه افيما بينها . يبقى المحور الاهم للمواضيع المطروحه هو ماهيه العلاقه بين الاسلام الديني والسلطه . فلن يستقيم وضع الدين الاسلامي دون الفكاك بينه وبين مشروع السلطه . فلن يقوم للمشروع الديني اي قائمه ايجابيه تقدم جديدا للبشريه ويفيدها .قبل التنحي عن الصراع من اجل السلطه . نعم لقيام دوله علمانيه حقيقيه .
نصر الدين بن حديد
الخميس، 20-07-2017 01:28 ص
حين أصبح «الإسلام» [مهما تكن المعاني والدلالات أو حتّى الإسقاطات المعتمدة] يعيش الفضاء الإسلامي مشكلتين أو هي مشكلة بوجهين. مشكلة مع العالم «غير الإسلامي»، والغربي أساسًا بوجهيه الأوروبي والأمريكي، أساسها «صورة المسلم» في ارتباط بالأداء المفترض للفرد والسياسة ومن ثمة الثقافة والحضارة. ثانيا، مشكلة داخل «الدائرة الإسلاميّة»، حين لا يوجد ذلك الحدّ الأدنى من «الهويّة الجامعة»، ممّا يؤدّي أو هو أدىّ إلى نشوب فتن طائفيّة. ضمن هذين الحلقين تأتي أهميّة أيّ «حوار» وإن كان «الحوار» شكلا في ذاته، أيّ مجرّد اجتماعات تتخللها خطب فضفاضة، لأنّ الطلب من أيّ «حوار» داخل الطيف الإسلامي لا يرمي (حقيقة) إلى تحسين الأوضاع، بل (وهذا الأخطر) إلى عدم تدهور الأمور (أكثر) نحو الأسوأ، أو على الأقلّ المساهمة بالقدر الممكن في ذلك. ضمن هذا الواقع المرير والموبوء، عجزت كلّ هذه الحوارات داخل الطيف الإسلامي أو مع الألوان الدينيّة الأخرى، عن تجاوز مجالات المؤتمرات وفضاءات الندوات، بل صار العداء داخل الطيف الإسلامي متجاوزًا للانقسامات التقليديّة/المزمنة إلى أخرى جديدة ومبتكرة، وعجزت الحوار مع الطرف الغربي/المسيحي عن تحسين صورة الإسلام/المسلمين بأيّ صفة كانت. المطلوب (افتراضًا) من أيّ حوار، يكمن في الخروج بالأمنيات والتمنيات، من حيز الخطب والشعارات إلى مستوى التنفيذ والممارسة، لكن حين نرى ونقرّ بأنّ الغالبيّة العظمى من المشاركين ليسوا من أصحاب القرار السياسي، أو أنّ القرار السياسي لا يستمع إلى نصائحهم ولا يأخذ برأيهم، نستطيع الجزم بأنّ الأزمة في الربط بين الفكر والممارسة، وليس (فقط) في أزمة الفكر ذاته. مهما تكن حالات التوصيف للوضع وما بلغ التدهور، لا يمكن سوى التشبث بمثل هذه «الحوارات»، التي تبقى تلك «الشمعة» التي تترقب من يشعل بها نارًا أكبر تضيء العقول، بما يمنع الحقد والإقصاء ومن ثمّة تتأسّس الهويات على غير القتل والإبادة.