اقتصاد عربي

لماذا فشلت إجراءات حكومة السيسي في مواجهة التضخم؟

خبراء حذروا من تأثير التضخم على السلم المجتمعي بمصر- ا ف ب
خبراء حذروا من تأثير التضخم على السلم المجتمعي بمصر- ا ف ب
قلل خبراء اقتصاديون من نجاعة الإجراءات الاقتصادية التي لجأت إليها حكومة الانقلاب بمصر لاحتواء التضخم.

ومن بين الإجراءات رفع أسعار الفائدة الرئيسية 1000 نقطة أساس خلال 18 شهرا، ورفع الدعم عن الوقود والطاقة، وتعويم الجنيه، وحظر الاستيراد، إلا أن التضخم واصل مساره الصعودي وسجل 31.95 في المئة على أساس سنوي في حزيران/ يونيو الماضي .
 
وأرجع الخبراء فشل إجراءات حكومة السيسي في احتواء التضخم، والسيطرة على الأسعار إلى الحلول الفقيرة التي لا تعالج أسباب الأزمة إنما عوارضها، مشيرين إلى زيادة معاناة الطبقة المتوسطة، والفقراء منذ بدء تلك الإجراءات التي لم تحقق المرجو منها حتى الآن.
 
ويصف البنك المركزي قراره بـرفع الفائدة بـ"المؤقت"، وأنه يستهدف السيطرة على التضخم السنوي، والوصول به إلى مستوى 13 في المائة في الربع الأخير من عام 2018.
 
فشل السياسة النقدية
 
 أرجع الخبير الدولي في الإصلاح المؤسسي، أحمد صقر عاشور، فشل إجراءات حكومة السيسي في خفض التضخم إلى "عدم ملائمة الإجراءات للأسباب الحقيقية لارتفاع التضخم". ورأى أن "محاولة معالجة التضخم برفع أسعار الفائدة هي خدعة؛ لأن الزيادة في نسبة التضخم تزيد بأكثر من 12% عن سعر الفائدة، وبالتالي لا تعوض فرق زيادة الأسعار".
 
وأوضح صقر عاشور لـ"عربي21": أن "التضخم راجع إلى عدة أسباب لم تتم معالجتها، أولها ارتفاع تكلفة الإنتاج لأن الكثير من مكونات الإنتاج مستوردة، وزادت أسعارها بانخفاض قيمة الجنيه، ثانيها، جمود التصدير نتيجة تراجع الإنتاج، ثالثها، احتكار قلة لقطاعات صناعية بعينها يمكن أن تنسق فيما بينها للاستحواذ على السوق".
 
وحذر من تأثير التضخم "على السلم المجتمعي؛ نتيجة تآكل الطبقة المتوسطة، وانعدام الطبقة الفقيرة، ناهيك عن فتح باب الفساد أمام 6 ملايين موظف يعملون بأجور شبه ثابتة لا تواكب الارتفاعات سواء في الأسعار، أو التضخم"، مضيفا "السؤال المهم ما هي قدرة الشعب المصري، والطبقات التي تشكل المجموع الأعظم منه على الاحتمال؟ وإلى متى؟".
 
واستبعد الخبير الدولي أن تسهم إجراءات البنك المركزي في خفض التضخم، قائلا: "لا أتوقع أن ينخفض التضخم، بل سوف يزيد في الفترة المقبلة؛ نتيجة زيادة تكلفة الاقتراض، وبالتالي زيادة تكلفة الإنتاج ومن ثم زيادة الأسعار، لأن معظم المشروعات لا تعتمد على المال المملوك، وجزء منها هو قروض".
 
معالجة العوارض وليس الأسباب
 
وقلل مدرس الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية، مصطفى شاهين، من نجاعة أي إجراء لكبح التضخم في ظل سياسة البنك المركزي الحالية، وقال لـ"عربي21" إن "الاقتصاديين في أمريكا يستخدمون سعر الفائدة لكبح جماح التضخم".
 
وأضاف: "أمريكا رفعت سعر الفائدة ثلاث مرات منذ 2015 لمواجهة زيادة التضخم، ولكن ما يميزها أن لديها إنتاج ضخم فلا ترتفع الأسعار، ولكن عند تطبيقها في مصر، لا يعطيك نفس النتيجة، بتقليص التضخم".
 
وأكد أن "السياسة النقدية لن تجدي نفعا مع ارتفاع التضخم في مصر؛ لأنه مهما رفعت الحكومة المصرية من سعر الفائدة، فلن تحد من زيادة التضخم؛ لأن قوة الطلب كبيرة بحجم كتلة السكان لا تجعل لزيادة سعر الفائدة أي تأثير على الإطلاق".
 
وأضاف: "ببساطة ما تقوم به الدولة هو معالجة عوراض الأزمة وليست أسبابها، فبدون معالجة جهاز الإنتاج في الدولة لتلبية احتياجات الطلب بمصر، ومعالجة الاختلالات داخل الاقتصاد لن ينخفض التضخم"، مؤكدا أنه "على يقين تام أن ارتفاع سعر الفائدة لن يعالج التضخم بل سوف يزيد في الفترة المقبلة".
 
فاتورة الإصلاح المؤقت
 
أما مستشار البنك الدولي السابق، عمرو صالح، فرأى أن "هذا التضخم مؤقت؛ لأنه نتيجة إصلاح اقتصادي ناجم عن رفع الدعم، ورفع الأسعار، ولكنه لا يمكن ولا يجوز أن يستمر لفترة طويلة".
 
ولكن عمرو صالح فند سياسة البنك المركزي برفع أسعار الفائدة، قائلا لـ"عربي21": "البنك المركزي ينظر إلى الكتاب ولكنه لا ينظر إلى الواقع، فرفع الفائدة وحده لن يؤدي إلى خفض التضخم، فهو ليس عصى سحرية، إنما أحد الحلول وليس الحل الوحيد بالبتة".

واشترط لخفض التضخم إتباع حلول أخرى، قائلا: "هناك حلول يجب أن تأخذ بها الدولة؛ فالحل الأصعب والأنجع هو زيادة الإنتاج، وتحفيز قطاع الصناعة المصرية، وزيادة الاستثمار، حتى ينخفض التضخم على المدى البعيد، ولا يظل ملازما لارتفاع الأسعار وزيادة الفائدة، من غير هذا الحل لن ينخفض التضخم".
 
وتوقع أن "ينخفض التضخم مع المرحلة الأخيرة من الإصلاح الاقتصادي"، مشيرا إلى أن رفع سعر الدولار قلل من الواردات، وأن أمام المصنعين فرصة لن تتكرر للتصنيع وتعويض المنتجات المستوردة بالمنتجات المحلية".
التعليقات (0)