قضايا وآراء

الاختراق

رضا فهمي
1300x600
1300x600
الجاسوس الأمريكي روبرت هانسن

في فيلم الخرق يقول قيادي في مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" لريان فيليب الذي يقوم بدور موظف الدعم في مكتب FBI إريك أونيل (لقد كان هذا أسوأ جاسوس في تاريخ أمريكا أوقعتم به) إنه روبرت هانسن رجل الـFBI الذي عمل جاسوساً لحساب جهاز المخابرات الروسية KGB لمدة 21 عاما، الطريف في القصة أن التحقيقات كلها كانت باتجاه عملاء وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA ولم تكن هناك شكوك حول مكتب الـFBI الذي كان الجاسوس هانسن أحد قياداته.  

استغل هانسن الصلاحيات الواسعة الممنوحة له والتي تسمح له بالدخول إلى أسرار CIA وNSA والبيت الأبيض ووزارة الدفاع بل كانت تسمح له أيضاً بالدخول إلى قاعدة بيانات FBI وباع للاتحاد السوفيتي 6 الآف صفحة من الوثائق فائقة السرية و 27 قرص كمبيوتر مفهرسا برامج سرية للغاية كما أنه قدم قائمة بأسماء 9 عملاء يعملون لصالح الولايات المتحدة فضلا عن وثائق تحتوى على مبادرة ديمومة العمل الحكومي والذي تضمن بقاء عمل الحكومة الأمريكية بكفاءة في حال تعرضت لهجوم نووي بالإضافة لكشفه عن قوائم FBI للعملاء المزدوجين.

كتب فيكتور شيركاشين الكولونيل السابق في جهاز المخابرات الروسية الـKGB- كان هانسن عظيم الأهمية لنا وقد مثل كشفه صدمة كبيرة حيث أدى ذلك إلى قلب البنية التحتية للاستخبارات في واشنطن.

اللافت في قصة هانسن أنه كان مرتبط بعائلته زوجته وستة من الأولاد وكان مكرساً حياته لها، وكان وضعه المادي مستقراُ، يعيش في بيت راقي متعدد الطوابق، كما أنه كان متدينا ويحرص على حضور القداس في الكنيسة بشكل منتظم وكان ينتمي إلى جماعة Opus Dei المحافظة التي كانت ضد الشيوعية بشكل عنيف؟!

وعند تحليل الشخصية للإجابة عن سؤال لماذا ارتكب هذا المتدين والمتعصب ضد الشيوعية جريمة الخيانة العظمى؟ أحد الأسباب أنه يشعر بالمتعة وهو يتعالى على مجتمع الاستخبارات والإحساس بأنه يفوقهم في الدهاء، وأنه هو المتحكم بالأمور وقد صرح قائلاً أن التجسس يعطيه الشعور بالقوة والسيطرة على كل من KGB وFBI في آن واحد.

في بيتنا جاسوس

لا تسطيع الجنازة العسكرية ولا لف العلم الوطني حول نعش الجاسوس محو خيانته حتى ولو أصدرت الرئاسة بيان يضفي على الجاسوس أشرف مروان صفة الوطنية، ولم يكن حضور رئيس المخابرات الأسبق عمر سليمان شهادة حسن سير وسلوك لمروان بقدر ما هي لمحو العار عن كاهل جهاز المخابرات العامة المصرية، وحدها اللقاءات الصحفية الغزيرة التي تمت على هامش الجنازة في مشهد غير معتاد كاشفة عن حالة الزيف التي حرص النظام على صنعها لتقديم مروان باعتباره مناضل وطني، على أي حال فلم يكن التكريم المصطنع لمروان أكثر من غطاء لحقيقة مؤلمة جداً وهي أن الرجل الذي تم تشييعه لم يكن وطنياً على الإطلاق.

في وقت مبكر ومنذ التسعينيات تقريباً بدأ الحديث عن عمالة مروان يظهر للعلن وفي المقابل كان مروان ينفي عن نفسه التهمة المرة تلو الأخرى، حتى حدث مالم يكن يتوقعه الرجل على خلفية إحدى المحاكمات في الكيان الصهيوني تم الكشف عن هوية الجاسوس المتنفذ في القيادة المصرية والذي عمل لصاح إسرائيل في حقبتي ناصر والسادات، عندها بدأ مروان يشعر بأنه تم بيعه وانكشف أمره وبعدها بأسابيع قليلة لقي مصرعه أو تم قتله.

ما الذي يعنيه أن يكون زوج بنت عبد الناصر الملقب بزعيم الأمة العربية جاسوس يعمل لصالح إسرائيل ويستمر على ذلك فترة طويلة من حكم السادات:-

عربون المحبة

في أول علاقة له مع ضابط الموساد الإسرائيلي سلم مروان مذكرة فائقة السرية فيها تفاصيل لأمر معركة موجه إلى كامل الجيش المصري تحتوي المذكرة على تفاصيل القطاعات والمواقع والقادة والأسلحة...... إلخ، وجد التقرير طريقه إلى تل أبيب وأيقن رئيس الموساد وقتها أن المعلومات التي احتوى عليها التقرير لا تقدر بثمن ومنذ هذه اللحظة أصبح "الملاك" أشرف مروان أهم مصدر للإسرائيليين في فهم النوايا المصرية في السلم والحرب.

شهادة وكيل جهاز المخابرات العامة  
      
كشف وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق وصاحب فكرة إنشاء ملف الشؤون العسكرية الإسرائيلية في المخابرات اللواء محمد رشاد في حوار مع صحيفة الراي، عن مفاجأة بحديثه عن الدور الخفي للجاسوس الإسرائيلي أشرف مروان، والذي أفشى سر توقيت حرب أكتوبر لـ «الموساد» الإسرائيلي، قبل أن يلعب الحظ دوره مع العرب ويقرر الرئيس السوري حافظ الأسد تغيير موعد الحرب من السادسة مساء إلى الثانية ظهرا، بتوقيت القاهرة..

هل السيسي عميلاً

لا تخلو أدبيات التيار المناهض للانقلاب العسكري في مصر من وصم الجنرال عبد الفتاح السيسي بالخيانة والعمالة لإسرائيل، والحقيقة أن هذا الوصف على ما يبدو فيه تبسيط مخل لأن مهمة الجاسوس تتوقف عند تقديمه معلومات ذات قيمة للجهة التي يعمل لحسابها فهل توقف دور السيسي عند هذا الحد؟

من هو السيسي؟

هناك فقر شديد في المعلومات المتوفرة عن قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي خاصة بعدما قامت المخابرات الحربية المصرية بجهود مضنية لحذف أكثر المعلومات التي نشرت عنه من محركات البحث وبالأخص عن علاقاته بالأمريكان والإسرائيليين لكي تبقى بحوزة القارئ نسخة واحدة عن سيرته الذاتية وهي المعتمدة من قبل نظام الحكم العسكري في مصر وهي عبارة عن قشور من شخصيته صيغت بعناية فائقة لكي تنفي عنه صفة العمالة أو التبعية لمشروع إسرائيل في المنطقة - فهل نجحت المخابرات العسكرية في ذلك؟

بمطالعة سريعة لأهم إنجازات السيسي التي حققها على مدار الأربع سنوات الماضية تستطيع أن تكتشف بسهولة شديدة مع من ولصالح من يعمل الرجل:-

1. التهجير القسري لأهالي سيناء وإقامة منطقة عازلة مع حدود غزة حيث أصدرت السلطات المصرية قرار بإخلاء 13.5 كيلو متر مربع بين ساحل البحر وكرم أبو سالم بعمق 500 متر لحماية أمن إسرائيل ولو على حساب المواطن السيناوي المقهور وذلك باستخدام القوة المسلحة، واستمرار غلق المعابر مع غزة وتشديد الحصار عليها.

2. القضاء على التيار الثوري العام وفي القلب منه التيار الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين باعتبار هذا التيار عقبة كؤود أمام التوسع الإسرائيلي في المنطقة.

3. التفريط في حق المصريين في مياه النيل وهو مثبت تاريخيا عبر الآف السنين تمهيدا لمفاوضات مع الجانب الأثيوبي برعاية إسرائيلية لتوفير جزء من الاحتياجات المائية للمواطن المصري في مقابل تمرير حصة من المياه لإسرائيل.

4. تسليم جزيرتي تيران وصنافير ذوات الأهمية الاستراتيجية لإسرائيل عبر المحلل السعودي لضمان أمن إسرائيل بتحويل هذه المنطقة لمياه دولية بعد أن كانت مياه إقليمية تسيطر عليها مصر.

5. التنازل عن الغاز المصري في شرق البحر المتوسط والمقدر بقيمة 300 مليار دولار، التنازل عنه لصالح إسرائيل بدعم قبرصي.

النقاط الخمس السابقة مثلت بنود الاتفاق الذي أبرمه عبد الفتاح السيسي مع شركاءه في الكيان الصهيوني أثناء الترتيب لخطة الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، ومن يومها أصبح السيسي جزء من مشروع إسرائيل في المنطقة بل أحد أعمدته الرئيسية.

المنظومة تعمل لحساب إسرائيل 

كشف التسريب الذي بثته قناة مكملين الفضائية لمكالمة هاتفية بين وزير الخارجية المصري في حكومة الانقلاب سامح شكري مع المحامي الإسرائيلي إسحاق مولخو حول اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية عن طبيعة العلاقة التي تحكم نظام السيسي بإسرائيل، حيث قال شكري بالنص إن مصر وافقت على طلب المحامي الإسرائيلي بأن القاهرة لن توافق على أي تعديل على الاتفاقية دون الموافقة المسبقة من حكومة إسرائيل (رغم أن الاتفاقية من الناحية النظرية معني بها النظامين المصري والسعودي).

الحركات الإسلامية

بالرغم مما تقدم.. وحدها فقط الحركات الإسلامية تعتقد بأنه لا يمكن اختراقها أو تجنيد أحد من طاقم قيادتها العليا، مع افتقادها لأدني معايير وأدوات الأمن الوقائي "يا مثبت العقل يا رب".
0
التعليقات (0)