سياسة عربية

هل تضع التقارير الحقوقية الغرب بمأزق لدعمه نظام السيسي؟

أ ف ب
أ ف ب
حمّل سياسيون وحقوقيون الغرب مسؤولية ما آلت إليه أوضاع حقوق الإنسان بمصر في عهد قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، الذي خرج عن كل الخطوط الحمراء في انتهاك الحقوق، وقمع الحريات، ومصادرة الرأي، في أسوأ عهد سياسي تمر فيه البلاد منذ قرون.
 
تحت عنوان "هنا تُفعل أشياء لا تُصدّق.. التعذيب والأمن الوطني في مصر تحت حكم السيسي"، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها، قبل أيام، ضباط وعناصر الشرطة وقطاع الأمن الوطني في مصر بتعذيب المعتقلين السياسيين بشكل روتيني بأساليب وحشية، من بينها وضعية "الشواية"، و"الصعق بالكهرباء"، وأحيانا "الاغتصاب".
 
إدانة للغرب قبل السيسي
 
واتهم مدير مركز إنسانية العالمي في إسطنبول، أشرف عبدالغفار، الحكومات الغربية بالتسبب في انهيار وضع حقوق الإنسان في مصر، قائلا: "طالما يشعر السيسي برضا الغرب، فسوف يستمر في قمعه، ولن يأبه لأي تقارير حقوقية".
 
وأضاف لـ"عربي21": "إذا كانت مصلحة الغرب في بقاء نظام السيسي، فسوف تغض الطرف عن أي شيء، بما فيه انتهاك الحقوق، وضرب الديمقراطيات. وإذا كان لا يريده، فسوف تقوم الدنيا عليه تحت زعم حقوق الإنسان؛ فالغرب ليس عادلا، والأمم المتحدة كيان لخدمة مصالح الدول الكبرى.

وتوقع عبد الغفار ألا تتحرك الشعوب الغربية في اتجاه الضغط على حكوماتها، قائلا: "من قال إن هذه الشعوب مشغولة بالعالم الثالث أو ما يحدث فيه؛ فالإعلام في هذه البلاد يسيطر على عقول الناس، والإعلام يتحرك وفق منظومة القوى الدولية والمحلية في هذا البلد".
 
وضع الغرب أمام مسؤولياته
 
أما النائب السابق، والسياسي المعارض، طارق مرسي، فرأى أن "منظمة بحجم هيومن رايتس واتش لا بد أن يلقى تقريرها هذا الصدى الإعلامي القوي، خاصة أنها منظمة تتمتع بقدر كبير من المصداقية، ومما يزيد من أهمية التقرير ثلاث نقاط مؤثرة ومثيرة".
 
وأضاف لـ"عربي21": "الأولى هي توجيه الاتهام مباشرة لرأس نظام الانقلاب، وأن السلطات في مصر تقوم بالتعذيب، وبحماية مباشرة من السيسي، وهو تغير نوعي في التقارير الحقوقية، التي كانت تتحاشى هذا بوضوح".
 
وتابع: "النقطة الثانية أنها وصفت التعذيب الذي يتم في مصر بالممنهج، كما أشار التقرير إلى أنه يقترب من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

أما النقطة الثالثة، فالمنظمة أشارت إلى أركان الانقلاب، واتهمت أجهزة في الدولة، مثل الشرطة وجهاز الأمن الوطني والجيش، ما يجعل هذه الرتب والقيادات في مرمى الاتهام المباشر بجرائم لا تسقط بالتقادم".
 
وأعرب عن اعتقاده بأن "هذا التقرير سيكون له تأثيره، وسيضع كثيرا من مؤسسات الغرب، وأنظمته الداعمة للانقلاب، في مأزق"، لافتا إلى أن "التقرير على أهميته فإنه أقل بكثير مما يحدث في السجون والمعتقلات في مصر، لكنه على كل حال بداية حقيقية للمنظمات الدولية لتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته".
 
مصالح مشتركة
 
من جهته، ذهب المحامي والناشط الحقوقي، أسامة بيومي، إلى أن نظام السيسي والغرب أبعد ما يكون عن التأثر بالتقارير الحقوقية، وقال لـ"عربي21": "أظن أن الدولة لا توقفها تقارير حقوقية، ولا تخفيض معونات".
  
مضيفا أن "الدولة لا تغضب، ولا تتأثر بمثل تلك التقارير، بل تتصرف وتنفذ ما تراه يحقق مصالحها، وكذلك الغرب لن يضغط إلا إذا تضررت مصالحه فقط، لكنها لن تقوم بخطوة أكثر من الشجب والنقد؛ لذر الرماد في العيون".
 
لا إرادة للغرب
 
بدوره؛ قلل الناشط السياسي والحقوقي، عمرو عبدالهادي، من أثر تلك التقارير، سواء على الغرب أو نظام السيسي، وقال لـ"عربي21": إن "التقارير الحقوقية لا تتعدى الحبر الذي تكتب به؛ لأنه لا يوجد إرادة لدى الغرب في الوقت الحالي للضغط على السيسي ما دام ينفذ كل الملفات المشبوهة".
 
وتوقع ألا يغير نظام السيسي من سياساته القمعية، وقال: "لا أعتقد أن النظام سوف يغير سياساته من وضع الحقوق والحريات بعد تلك التقارير، فهو لا يأبه لأي ضغوط خارجية، ولو حتى من باب وقف المساعدات".
 
وأكد أن "تلك التقارير لا توضح 10% من الحقيقة، وللأسف سوف تستمر المساعدات غير الرسمية، حتى وإن توقفت الرسمية منها"، لافتا إلى "أنه بالرغم من أن هذه التقارير صادرة من المنظمات المعتمدة لدى مجلس الأمن، ويمكن تحريك الدعوى للجنائية الدولية ضد نظام السيسي، لكن لا توجد أي إرادة للغرب؛ لذا تُعدّ تلك التقارير لحفظ ماء الوجه فقط".
 
التعليقات (0)