مقالات مختارة

هزيمة قضائية وأمنية لمصر دوليا

جمال سلطان
1300x600
1300x600
القرار الذي صدر عن الشرطة الدولية "الإنتربول" أمس، والذي قرر إلغاء اسم الشيخ يوسف القرضاوي، المقيم في قطر حاليا، وأربعين قيادة إخوانية أخرى من قوائم طلب القبض عليهم بطلب من القاهرة، مثل هزيمة نكراء لمصر على المستويين القضائي والأمني، خاصة أن البيان التوضيحي من المنظمة الدولية كشف عن أنه كان مخدوعا في الملف الذي قدمته مصر في 2014، والذي بمقتضاه أدرجوا هذه الشخصيات على قوائم الاعتقال، وأنه تبين لهم بعد المراسلات والمناقشات والتحقيقات أن هذه الاتهامات غير جادة وغير حقيقية، وأن التهم الجنائية كانت مجرد ستار لاتهامات سياسية؛ بسبب معارضتهم لنظام الحكم.

هذه انتكاسة جديدة على الصعيد الدولي للنظام السياسي المصري الحالي، وإهانة حقيقية لا يمكن أن يمر عليها عاقل مرور الكرام، كما أنها تكشف مستوى التراجع في مصداقية موقف مصر وسياساتها الأمنية والقضائية طوال السنوات الثلاث الماضية، لأن هذا التحول الخطير في موقف المنظمة الدولية تجاه مصر لم يستغرق سوى ثلاث سنوات، من 2014 حتى 2017، وهو ما يعني أن المنحنى البياني لسمعة مصر الدولية ومصداقية مؤسساتها وأجهزتها ينهار بسرعة، وهو ما سوف يضعف موقفها أكثر مستقبلا عندما تطلب توقيف أي شخص مطلوب، حتى لو صدرت ضده أحكام قضائية في مصر؛ لأن القرار الأخير للإنتربول يعني أنه لم يعد يعترف بالأحكام أو القرارات القضائية المصرية نفسها، والتي تضمنها الملف الذي قدم إلى المنظمة الدولية لتبرير طلب التوقيف، وقد أسقطته المنظمة وأهدرت قيمته واعتبرته مجرد تحرش سياسي بالمعارضين، هذا ناهيك عن طلب الجهات الأمنية المصرية ذاتها، وهذا ما يضيق الخناق على مصر دوليا.

دلالات قرار الإنتربول خطيرة، والمؤسف أن البعض في الداخل ما زال سادرا في غيه ويتعامل مع تلك المواقف الدولية باستخفاف وكأنه يعيش في كوكب آخر، غير كوكب الأرض بمعاييره الدولية قانونيا وأمنيا، ومصر جزء منه لا ينفصل، ويلاحظ أن القرار الأخير أتى في سياق مجموعة تقارير وبيانات دولية تتعلق بحقوق الإنسان في مصر، من تضييق على الحريات ومصادرة وسائل إعلامية وحجب مواقع إخبارية ومحاصرة منظمات المجتمع المدني وسجن نشطاء ومنع آخرين من السفر، إضافة إلى الملف المروع عن التعذيب، والذي صدر من جهتين دوليتين بالغتي الأهمية في أسبوع واحد، منظمة هيومن رايتس ووتش، واسعة الانتشار والمصداقية، ولجان تابعة للأمم المتحدة ذاتها، وهذا يعني أن نظرة المجتمع الدولي لمصر حاليا أصبحت شديدة السلبية.

توالي تلك المواقف الدولية العنيفة تجاه نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الأسابيع الأخيرة يشير إلى أن الأشهر المقبلة، قبل انتخابات العام المقبل الرئاسية، قد تكون كابوسية على السيسي ونظامه، وإدارة النظام ظهره لذلك كله لا يعني قوة بقدر ما يعني فشلا وعجزا عن المواجهة والتفنيد، وهروبا من المواجهة، وهو أشبه بسلوك النعامة عندما تدفن رأسها في الرمال متصورة أن الناس لم تعد تراها.

مصر ليست دولة من دول الهامش، مصر دولة مركزية، يبنى على وجودها واستقرارها أدوار كبرى للمنطقة، وأي ارتباك فيها يسبب أعاصير في المنطقة كلها؛ ولذلك فإن مصيرها يصعب أن يترك لتقديرات داخلية أو حسابات داخلية فقط، والدولة عندما يكون غذاؤها وسلاحها ودواؤها بيد الخارج، يصعب أن تتحدث عن استقلال القرار السيادي تماما، أو أن تتحدى الإرادة الدولية وتعاندها.

المصريون المصرية

1
التعليقات (1)
منصور
الثلاثاء، 12-09-2017 02:47 م
كأن الكاتب يعيد التذكير بخطاب الرئيس مرسي باستخدام "غذاؤها وسلاحها ودواؤها".

خبر عاجل