ملفات وتقارير

هيرست يشرح.. لماذا يسعى ابن سلمان لترميم علاقته بإيران؟

هيرست يتحدث عن إخفاقات الدبلوماسية السعودية ودوافع بن سيلمان للتقارب مع إيران- أ ف ب (أرشيفية)
هيرست يتحدث عن إخفاقات الدبلوماسية السعودية ودوافع بن سيلمان للتقارب مع إيران- أ ف ب (أرشيفية)
نشر الكاتب البريطاني المعروف ديفيد هيرست مقالا موسعا تناول فيه دور كل من إيران والمملكة العربية السعودية بالمنطقة في ضوء التطورات الإقليمية الأخيرة، ومستقبل الصراع بين هاتين القوتين على النفوذ.

ويشير هيرست في مقاله -الذي نشره موقع "ميدل إيست آي" وترجمته "عربي21"- إلى أن إيران تواصل تسجيل النقاط لصالحها على الرغم مما سماها "كم الانعطافات التي تنتهجها الزعامة السنيّة".

ويرى الكاتب البريطاني أن "قوة إقليمية واحدة هي التي تبدو دائما متفوقة، وهذه القوة هي إيران"، مشيرا إلى حضورها البارز في الأزمة الخليجية بالقول إن "تهديد إيران بالتدخل عسكريا كان واحدا من العوامل التي أجهضت خطط السعودية لغزو قطر في اللحظات الأولى من الحصار".

سياسية خارجية مترنحة

وبحسب مصادر مطلعة ينقل عنها هيرست فإن إيران "أثبتت بأنها رادع مهم جدا حينما كانت الرياض تفكر بإرسال دباباتها عبر الحدود إلى قطر"، مضيفا أن الدور الإيراني في تقويض هذه الخطط "كان أكثر حيوية من الوجود الرمزي للقوات التركية المعسكرة في الدوحة".

وعلى الرغم من ذلك، يرى هيرست أن العلاقات بين مستقبل طهران والرياض لم تتضرر إذ بعدما أعلن أنه كان "موسم حج جيد" للحجاج الإيرانيين الذين وفدوا هذا العام لأداء المناسك وقدر عددهم بما يقرب من 86 ألف حاج، سوف يشد وفد سعودي الرحال إلى طهران "لزيارة مباني" السفارة السعودية التي أخليت قبل ما يقرب من عامين عندما قطع البلدان ما كان بينهما من علاقات.

ويضيف أن السعودية، "وبعد سلسلة متعاقبة من الزيارات، ما فتئت تسعى لإعادة بناء علاقاتها مع بغداد"، مستشهدا بتصريحات لوزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي الذي عرض على السعوديين القيام بدور الوساطة مع إيران، معلقا على ذلك بالقول: "يحتاج المرء إلى جهاز يشبه ذلك الذي تقاس به الهزات الأرضية، وذلك لرصد التحولات المفاجئة والترنحات المتتابعة في السياسة الخارجية السعودية".

ويواصل هيرست الحديث عن "الترنحات المتتابعة في السياسة الخارجية السعودية"، بالإشارة إلى تصريحات متضاربة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تجاه إيران، بين تهديد بـ"شن حرب داخل إيران"، وصولا للإعلان بأنه يريد الخروج من اليمن وأنه لا يجد مشكلة في الحوار الذي تجريه الولايات المتحدة مع إيران".

عدو متغير

وفي مقاله يلفت الكاتب البريطاني إلى ما سماه التغير المستمر على العدو بالنسبة للسعودية من حيث الشكل والمحتوى، "ففي عهد الملك عبد الله كان العدو هو الربيع العربي والإسلام السياسي، وأما في عهد الملك سلمان فأصبح العدو هو إيران وقطر، وحتى كتابة هذه السطور لا يبدو أنه يوجد لدى السعوديين ما هو أهم من إخضاع جارتهم (قطر) والسيطرة عليها وضبط سلوكها، ولكن لا يستبعد أن يطرأ تغيير على أولوياتهم حينما نصل إلى مرحلة نشر هذا المقال".

ويرى أن هذه التحولات في السياسة السعودية لها أسبابها، فيقول ساخرا: "حتى يتسنى للمرء أن يكون مخططا عسكريا سعوديا لابد له من أن يتكبد سلسلة من الهزائم العسكرية الإستراتيجية" مدللا على ذلك بالقول إن "الثوار الذين دعمتهم السعودية وقطر في سوريا خسروا المعركة وفي نهاية المطاف تخلت عنهم الرياض، وكذلك الحال في اليمن حيث تحولت الحملة ضد الحوثيين، والمستمرة منذ أكثر من عامين، إلى كارثة عسكرية. ثم جاء حصار قطر، الذي يمثل رهانا خاسرا آخر".

إيران تعلمت الدرس

يقول الكاتب البريطاني إن طهران تعلمت من أخطائها، وأصبح الأمر "لا يتعلق فقط بجني الثمار من هذه الأخطاء التي يرتكبها جيرانها بقدر ما يتعلق بالتفوق عليهم ومحاصرته"، ليطرح سؤال: كيف تمكنت إيران من احتلال موقع يمكنها من تحقيق مكاسب مستفيدة من تنافسات محتدمة بين جيرانها من العرب السنّة؟

يستعرض هيرست في مقاله للرد على هذا التساؤل محطات مرت بها إيران منذ انتهاء حربها الدموية مع نظام صدام حسين مرورا بالعقوبات التي فرضتها عليها واشنطن وصولا لمحطة هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، حيث يرى الكاتب البريطاني أنها "بدلت الوضع الاستراتيجي لإيران".

ويوضح: فجأة، ودون سابق إنذار، بات لدى الغرب تهديد كوني أشد خطورة عليه يتمثل في تنظيم القاعدة، الذي احتل التعامل معه رأس قائمة الأولويات، وهذا ما دفع أمريكا إلى التعاون مع إيران في العراق وفي أفغانستان وإلى فتح الباب للتعامل معها. ومنذ تلك اللحظة تحولت سياسة إيران الخارجية من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم".

ويتابع هيرست: "أدارت إيران فترة عزلتها الدولية بحكمة وحصافة، وأياً ما كان عليه ميزان القوة داخلياً، فقد طورت قيادة مركزية موحدة، وكانت لديها إستراتيجية واضحة، وأنشأت مجمعها الخاص للصناعات العسكرية، والذي تمكن من تصنيع الأسلحة المتقدمة مثل الصواريخ، معتمدة في ذلك على ثروتها النفطية التي يسرت لها المضي قدماً في هذا النهج".

ويعتبر أن أكبر درس تعلمته إيران من أحداث الحادي عشر من سبتمبر هو "أنك إذا ما أردت أن تنجز شيئا كأمة أو كدولة، فلابد أن تملك القدرة على الدفاع عن نفسك، وبذلك ولدت من رحم هذا العزم إستراتيجية واضحة المعالم هدفها أن تصبح القوة العسكرية والسياسية المهيمنة في المنطقة. وأرادت إيران ضمان عمق استراتيجي لها داخل العراق وداخل سوريا، وهذا ما تحقق لها الآن بالفعل".

ويعدد هيرست ثلاث وسائل لجأت لها إيران لتحقيق هذا الهدف، "الوسيلة الأولى فكانت تعزيز الروابط مع كل المجموعات العربية في المنطقة التي اعتبرت إيران قوة حامية لها، ولم يقتصر ذلك على مد يد العون العسكري للأقليات الشيعية في العراق وفي سوريا وفي اليمن، بل شمل أيضاً تقديم المساندة السياسية والتنظيمية لها، وبلغ الأمر بإيران أن وفرت من البنى التحتية ما عجزت عنه الدول العربية المتهالكة – مثل المستشفيات والمدارس والخدمات المحلية الأخرى".

أما الوسيلة الثانية "فكانت شغل الفراغ الذي أوجده انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني، وبشكل خاص من جنوب العراق"، في حين كانت الوسيلة الثالثة "التحلي بما يكفي من البراغماتية بحيث تتمكن من إبرام الصفقات مع أعدائها وخصومها إذا ما ألجأتها الظروف إلى ذلك".

ويورد الكاتب البريطاني نماذج لهذه الوسائل، حيث علاقتها السرية بتنظيم القاعدة، "إذ وفرت لقادتها الملجأ الآمن، ومكنتهم من الانتقال عبر أراضيه"، إضافة "للدعم العسكري السري الذي تقدمه إيران لحركة طالبان بدليل أن أربعة من كبار القادة العسكريين الإيرانيين وجدت جثثهم بين عشرات القتلى من عناصر الطالبان عندما أنهت الهجمات الجوية الأمريكية حصاراً دام ثلاثة أسابيع على منطقة فرح في أفغانستان".

كما يلفت هيرست الأنظار إلى موقف طهران من حركة حماس التي "عكفت مؤخراً على ترميم العلاقات معها بعد أن نالتها أضرار جسيمة بسبب الحرب الأهلية في سوريا (..) في حين أشار بعض كبار الدبلوماسيين الإيرانيين إلى استعداد بلادهم للتواصل من جديد مع جماعة الإخوان المسلمين".

أمام كل ذلك ينتقل هيرست ليقارن عمل الدبلوماسية الإيرانية بنظيرتها السعودية بالقول: "قارن ذلك بسلوك المملكة العربية السعودية: فهي لا تقيم تحالفات، وإنما تتخلى عن المليشيات التي تعمل بالوكالة عنها والتي سعت لإدارة كل صغيرة وكبيرة من شؤونها، وتتبع أجندات مختلفة في الأقطار المختلفة. وليس لديها رؤية استراتيجية موحدة".

ويضيف: "قوة السعودية قائمة على عائلة وليس على دولة، وفوق ذلك كله، لا تتمكن السعودية من الدفاع عن حدودها باستخدام جيشها هي".

دوافع بن سلمان

وهنا يعود هيرست لمستقبل العلاقة بين طهران والرياض ليسأل: "ما هو دافع محمد بن سلمان لترميم علاقات بلاده مع إيران؟"، حيث يجيب بـ"أربعة دوافع محتملة".

ويقول: "بعد أن حذر محمد بن سلمان إيران مهدداً إياها بنقل الحرب إليها، بدأت القنابل المحمولة على صواريخ (الآر بي جي) تستخدم لاستهداف عناصر الأمن ومرافقهم في المنطقة الشرقية من السعودية، وهي المنطقة التي تعاني من قلاقل وفيها كثافة سكانية شيعية. كانت تلك رسالة بدا كما لو أن ابن سلمان قد استوعب فحواها".

ويتابع: "أما الدافع الثاني فهو أن كل ما يقوم به (بن سلمان) من أعمال إنما يقصد به تحقيق حلمه في أن يصبح ملكاً. وهو يدرك بأن العديد من التحديات تقف في وجهه وهو في أمس الحاجة إلى تقليصها. كما أنه بحاجة إلى إستراتيجية للخروج من اليمن، وهذه تستلزم بالضرورة إقامة علاقة مع إيران".

وينوه إلى أن الدافع الثالث يتمثل في "أن علاقته مع ترامب أخفقت حتى الآن في أن تؤتي أكلها، فالولايات المتحدة لم تمنحه الدعم الذي كان يتوقعه ضد قطر وفي نفس الوقت أخفقت في التحرك ضد إيران. وقد يطول انتظار محمد بن سلمان، حيث أن ترامب مشغول بالمواجهة مع كوريا الشمالية، وباتت أمريكا بلداً منقسماً جداً بحيث لم يعد بإمكانها شن حرب جديدة في الشرق الأوسط".

وأما السبب الرابع الأكثر إثارة للاهتمام بحسب هيرست فيتمثل في "أن قطر باتت تشكل تهديدا أكبر لمحمد بن سلمان كما يعتقد مقارنة بإيران، حيث أن قطر تتمتع بتعاطف كبير داخل السعودية، وخاصة في أوساط أفراد العائلة الملكية الحاكمة الذين فقدوا نفوذهم وخسروا مواقعهم، وهو أمر يشعر به ولي العهد ويعلمه يقينا. ولذلك فهو بحاجة لأن يعزز ارتباطاته بإيران في سعيه لمقارعة جارته الخليجية".

كسب معركة وخسارة الحرب 

ومع ذلك يرى هيرست أن إيران "ما فتئت تكسب المعركة لكنها فشلت حتى الآن في كسب الحرب"، موضحا أن "تدخلاتها في العالم العربي نجم عنها تصدعات عميقة تستعصي على الترميم، وبات اليوم ملايين السنة لاجئين مشردين داخل بلادهم وخارجها".

ويختم بالقول: "يمكن أن تفجر إيران صراعا طائفياً بكل سهولة، ولكن وضع حد له ليس بالأمر اليسير"، موجها نصيحة لطهران بالقول: "إذا ما رغبت في أن تكون جزءاً من السلام الإقليمي فإن عليها أن تفكر كيف تعالج الانقسامات الطائفية التي عمقتها تدخلاتها. كما عليها أن تفهم أن استقرار المنطقة العربية يخدم في نهاية المطاف مصلحتها على المدى البعيد".

التعليقات (2)
تحسين
الخميس، 14-09-2017 08:20 ص
المضحك المبكي أننا لا زلنا نعتقد بأننا نفهم ونحن لسنا أغبياء فقط وانما غثاء سيل وهي درجات أدنى من البهائم!!!. من أتى بآل مردخاي البصراوي الى أرض الاسلام؟؟؟؟؟؟؟؟ هم السادة - الصليبيون - والبقية عبيد تنفذ الأوامر بأجمل مما توضع!!!.
اوف سايد
الأربعاء، 13-09-2017 10:41 م
الذي فات هيرست في تحليله ان السعوديه سنسنمر بالتراجع لانها اضعفت العراق السني لانه الوحيد القادر على لجم الاطماع الايرانيه .و السعوديه بغبائها المعروف ساهمت بشكل مباشر بتقويض حكم الرئيس صدام ثم ساهمت مره اخرى بتفتيت المقاومه العراقيه و هكذا وجدت ايران نفسها تلعب بحريه في العراق و بسيطرتها على العراق لم يعد امام السعوديه الا الاستسلام .