كتاب عربي 21

الإخوان المسلمون.. انتخابات العسكر 2018

آيات عـرابي
1300x600
1300x600
 للوهلة الأولى لم أصدق ما سمعته بأذنيّ. كان الرجل يتكلم بكل هدوء عن مهزلة انتخابات 2018 العسكرية ويصفها بالفرصة القوية التي يجب على الإخوان المسلمين استغلالها. 
 
احتجت أن أشاهد فيديو مداخلة المهندس محمد سودان مع الدكتور أسامة جاويش على قناة الحوار، أكثر من مرة لأتثبت مما قاله. الحديث عن المشاركة في انتخابات العسكر هو تسليم كامل واعتراف وتطبيع علاقات مع الانقلاب العسكري ولا يمكن أخذه على محمل آخر. 
 
والدعوة للمشاركة في أي إجراءات يدعو لها الانقلاب هي في الحقيقة شرعنة للانقلاب والجميع يعلم هذا. ولن أنشغل بمحاولة معرفة ما الذي طرأ على موقف الرجل ليتغير من دفاع عن شرعية الرئيس مرسي للدعوة للمشاركة في مهزلة انتخابات 2018. وعلى الرغم من حرص الرجل على التأكيد أن تصريحاته تخصه وحده ولا علاقة لها بالإخوان المسلمين ولا حزب الحرية والعدالة، إلا أنه لابد أن يكون التصريح احدث الكثير من خيبة الأمل عند البعض.
 
والحقيقة أن رؤية البعض لموقع جماعة الإخوان المسلمين في خارطة القوى في مصر، تثير دهشتي. والبعض يستغرب روح الأهلي والزمالك التي يتعامل بها مناهضو الانقلاب العسكري وداعموه، كل مع فريقه المفضل. فالإخوان المسلمون والجيش هما القوتان الوحيدتان على الساحة في مصر كما قال البرادعي من قبل. وجاء وضع الإخوان المسلمين نتيجة لظروف نشأتهم، فهو التجمع الذي نشأ ليصبح مظلة لكثير من المسلمين بعد أن انفرط عقد الخلافة العثمانية. وقد أصبحت جماعة الإخوان المسلمين في أذهان الدول الغربية المتعاملة بشكل مباشر مع الأوضاع في منطقتنا، هي المعادل السياسي أو قل، البذرة السياسية الاحتياطية للخلافة العثمانية بعد سقوطها. 
 
هذا الحيز السياسي الذي تشغله جماعة الإخوان المسلمين في عقل الدول الغربية هو ما دفع عسكري الانقلاب إلى التصريح في حواره مع صحيفة أمريكية بعد الانقلاب مباشرة، قائلاً إن خلافه مع الإخوان المسلمين "كان بسبب الإيديولوجيا التي يحملونها، والتي تعتمد على إعادة بناء الخلافة الإسلامية". وتصريحه هذا هو رسالة إعلان ولاء. وبغض النظر عن أي خطاب سياسي تمليه متغيرات ما في مرحلة ما، فهكذا يرون الإخوان المسلمين.
 
دور الإخوان المسلمين في حرب فلسطين 1948 نبه أكثر إلى خطورتهم. ولم تكد حرب 1948 تنتهي حتى صدر قرار بحل الجماعة والقبض على متطوعيها. 

نعم .. أي مشاركة لأي فرد أو فصيل في هذه المهزلة التي ينوي العسكر إجراءها في 2018 ليست فقط تنازلاً عن أصوات الملايين بل هي تنازل عن دماء آلاف الشهداء واعتذار عن الثورة. 

أما دعوة المهندس محمد سودان، مسؤول العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، للإخوان المسلمين لاستغلال ما سماه بالفرصة، فهي أمر يستدعي بياناً وتوضيحاً فورياً من جماعة الإخوان المسلمين. 
 
وبالنسبة للإخوان المسلمين، فإن مجرد الإعلان عن المشاركة في مهزلة 2018 هو بمثابة حرق لجماعة الإخوان المسلمين بل وإعلان استسلام كامل للتيارات الإسلامية منذ 80 عاما في مواجهة العسكر. لن تكون المشكلة هنا في حالة وقوع هذا الاحتمال الكارثي مجرد فشل مرحلي، بل ستكون إعلان استسلام، وفارق كبير بين الأمرين، وهي اعتبارات تغيب على ما يبدو عن الكثيرين حتى داخل الإخوان المسلمين. 
 
والعسكر من جانبهم يتمنون أن يشارك الإخوان المسلمون في تلك المهزلة، فمن من ناحية يهدف العسكر إلى إعادة الحيوية في الحياة السياسية التي جفت تماماً بعد الانقلاب ومن ناحية أخرى يسعون لحرق الإخوان المسلمين سياسياً لدى داعميهم (وهم بالملايين)، ليعيدوا تصفير الساحة السياسية إلى مرحلة ما قبل الشهيد حسن البنا رحمه الله. 
 
ولهذا أكرر أن التمسك بالرئيس مرسي ليس فقط تمسكا برئيس منتخب، بل إن تمسك هذه الملايين، بشرعية الرئيس هو رفض لإعلان استسلام التيار أمام العسكر.
1
التعليقات (1)
مصري
السبت، 16-09-2017 05:00 م
للاسف الشديد لا يوجد وضوح رؤية لدى الاخوان لا تشخيص جيد للواقع ولا ما هو المطلوب مستقبلا لذا تاتي التصريحات مرتبكة متضاربة ... فمازالت الجماعة مؤسسات وقيادات تسئ تقدير المواقف بالضبط كما حدث في قرار دخول انتخابات الرئاسة وما بعدها حتى هذه اللحظة مازال الاخوان بعيدين كل البعد عن الاحتراف السياسي وما زالوا يلعبون في دوري الهواة لذا تاتي التكلفة باهظة تدفعها القواعد والمحبين الذين هم بالملايين فضلا عن احباط الامة واطماع الخصوم اللهم اهدي الاخوان وعلمهم انهم لا يتعلمون

خبر عاجل