سياسة عربية

رغم الأزمة.. تنافس حاد بين "السنوسي" و"قطيط" لرئاسة ليبيا

الوضع المتأزم في ليبيا لم يكن سببا مقنعا لإبعاد الطامعين والطامحين في اعتلاء كرسي الحكم - أرشيفية
الوضع المتأزم في ليبيا لم يكن سببا مقنعا لإبعاد الطامعين والطامحين في اعتلاء كرسي الحكم - أرشيفية
رغم تأزم الوضع السياسي في البلاد منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق، معمر القذافي، لا يزال التنافس على كرسي الحكم في ليبيا مستمرا، في ظل وجود 3 حكومات تتصارع على السلطة.

ويتجلى ذلك التنافس في صورته الجديدة بين إدريس بن عبد الله عابد، أحد أبناء العائلة المالكة السابقة من جهة، وعبد الباسط قطيط، رجل الأعمال الليبي الحامل للجنسية الأمريكية من جهة أخرى، وذلك سعيا للوصول إلى رئاسة البلاد.

وتقود الأمم المتحدة خططا لإجراء انتخابات (تشريعية ورئاسية) في ليبيا خلال العام 2018.

والحكومات المتصارعة حاليا هي حكومة الوفاق المنبثقة عن الحوار السياسي في طرابلس (غربا)، والأخرى منبثقة عن مجلس النواب وهي الحكومة المؤقتة في البيضاء (شرقا)، إضافة لحكومة الإنقاذ التي شكلها المؤتمر الوطني العام السابق. 

الوضع المتأزم في هذا البلد المنهار سياسيا واقتصاديا، لم يكن على ما يبدو، سببا مقنعا لإبعاد الطامعين والطامحين في اعتلاء كرسي الحكم الذي لا يزال هدفا لدرجة التنافس الحاد عليه.

مقترح السنوسي

بعد أكثر من 50 عاما على انتهاء الحكم الملكي في ليبيا، تقدم إدريس بن عبد الله عابد، ابن عم ملك ليبيا الراحل إدريس السنوسي، بإعلان نفسه مرشحا لقيادة البلاد في حقبة ملكية جديدة بعد إلغائها من قبل القذافي فور وصوله الحكم عام 1969.

السنوسي طرح خلال مؤتمر صحفي عقده في تونس، قبل أسبوعين، نفسه كمرشح لقيادة المرحلة الانتقالية في ليبيا.

وعلى الرغم من مطالبته بإعادة تفعيل الدستور الملكي عام 1951 الذي سنته المملكة الليبية آنذاك، عقب الاستقلال عن إيطاليا، لكنه شدد على عدم سعيه لإعادة الملكية، وقال إنه "سيترك الخيار للشعب".

السنوسي الذي نُفي إلى روما الإيطالية لسنوات، عقب وصول القذافي للحكم، اعتبر أن "الطريقة الأسلم والأنجع للحل السريع والمُرضي للجميع في ليبيا؛ الرجوع لدستور 1951 لأنه الوحيد الذي يمثل الكيان الليبي، والشرعية الدستورية والقانونية للبلاد".

ولتنفيذ مقترح السنوسي فإنه يجب أن "يكون برعاية وقيادة شخصية وطنية توافقية، ذات أبعاد اجتماعية وتاريخية وسياسية، لا دور لها في الصراع القائم حاليا، ويتوافق عليها الجميع".

السنوسي رأى في ذاته تلك الشخصية، فطرح نفسه كمرشح لقيادة المرحلة المقبلة.

ومنصب حكم ليبيا، بحسب السنوسي، والذي أجرى خلال الفترة الماضية عدة زيارات لدول عربية، ومدن ليبية في جولة دعائية، يكون لمرحلة انتقالية يتم من خلالها إعادة هيكلة الدولة وبنائها.

وفي 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1951 أقرّت الجمعية الوطنية الليبية أول دستور للبلاد أوجد نظام حكم ملكي، عُين بموجبه الملك إدريس السنوسي آنذاك أول ملك لليبيا عقب الاستقلال، بينما أُلغي النظام الملكي والدستور مطلع أيلول/ سبتمبر 1969، غداة إطاحة القذافي بالملك، وإعلان ليبيا جماهيرية. 

مبادرة السنوسي الجديدة لم تتناول الحلول الاقتصادية والأمنية المتأزمة، لكنه اكتفى بتوضيح أسباب طرح نفسه كمرشح للمرحلة المقبلة، مُرجعا السبب إلى "صعوبة إجراء انتخابات نظراً للوضع الأمني الصعب". 

ترشيح السنوسي نفسه لم يلق أي ترحيب في ليبيا لغاية الآن، رغم وجود منظمات عدة، أُنشئت للمطالبة بعودة الملكية، في ظل مناداة العديد من المواطنين والسياسيين بذلك. 

ولم يتضح بعد، سبب عدم ملاقاة مبادرة السنوسي صدى في الشارع الليبي أو مواقع التواصل الاجتماعي، لكن البعض رجحوا أن ذلك يعود للدستور الملكي (سنة 1951) الذي لا يخول إدريس عبد الله عابد السنوسي للترشح لهذا المنصب. 

مقترح قطيط

وعلى غرار خطوة السنوسي الجديدة، تقدم عبد الباسط قطيط، رجل الأعمال الليبي الحامل للجنسية الأمريكية، لسباق الرئاسة، بأطروحة "قد تمكّنه من اعتلاء عرش الحكم في البلد الأفريقي"، بحسب ما يأمل. 

مبادرة "رجل أمريكا في ليبيا" ـ كما يسميه الليبيون ـ التي أطلقها في 6 سبتمبر/ أيلول الجاري، التي تركز بشكل كبير على الجانب الاقتصادي كونه رجل أعمال، لاقت مغازلة من بعض الليبيين التّواقين للخروج من الأزمة الاقتصادية، التي خلفتها الظروف السياسية في البلاد.

وفي كلمته الأخيرة التي سبقتها تلميحات لنيته حكم البلاد بعد فشله سنة 2013، هاجم "قطيط" جميع الكيانات والحكومات والبرلمانات الموجودة على الساحة الليبية، متجاهلا إمكانية خسارته أنصارهم الذين تنقسم البلاد شعبيا بينهم. 

مبادرة قطيط انتقدت ما سماه اعتماد الحكومات والأطراف المتنازعة في ليبيا على دول الخارج، التي "تتحكم في مصير ليبيا"، وقال إن "جميع الموجودين منتمون لمعسكر قطر، أو الإمارات، أو مصر، أو تونس"، لكنه في الوقت نفسه قدّم واشنطن حليفا له بشكل واضح ومطلق.

كما أن الرجل الذي يقول إنه دعم ثورة بلاده ضد القذافي بـ 10 ملايين دولار، يؤكد أن الأزمات في ليبيا سببها شيئان؛ أولهما عدم خبرة الحكومات الحالية، فيما يتعلق الآخر بأزمات مفتعلة من قبل جهات لم يسمها. 

قطيط واصل انتقاداته؛ ففي كلمة مسجلة بثتها صفحات كثيرة تابعة له عبر مواقع التواصل، انتقد رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، وخليفة حفتر قائد القوات التابعة لمجلس النواب، مطالبا الرجلين بالخروج والاعتذار للشعب. 

ودعا قطيط في جميع كلماته المصورة، التي يطلقها كل أسبوع تقريبا، المواطنين الليبيين للخروج يوم 25 أيلول/ سبتمبر الجاري إلى ساحة التحرير وسط العاصمة طرابلس، لإعلان التأييد له وتفويضه لحكم البلاد. 

قطيط، تعرض أيضا لانتقادات كبيره داخل ليبيا، خاصة في ما يتعلق بزواجه من سارة ابنة الرئيس السابق للمؤتمر اليهودي العالمي الملياردير إدغار برونفمان، مالك أكبر شركات الكحول في العالم، وما تُشكل له من عبءٍ في مهمته السياسية.

كما أنه يواجه صعوبات في الاقناع بأطروحته، كونه رجل أعمال ومال، وليس له علاقة بالسياسة، كما يراه الليبيون، إذ إنه لا يمتلك خبرة في حكم ليبيا التي تعاني نزاعا مسلحا يحتاج رجلا قويا يحكم السيطرة عليها.
التعليقات (0)