مقابلات

هاني مظهر يتحدث لـ"عربي21" عن الربيع العربي وناجي العلي

مظهر قال إنه لم يتناول الأحداث التي شهدتها مصر منذ انقلاب السيسي- عربي21
مظهر قال إنه لم يتناول الأحداث التي شهدتها مصر منذ انقلاب السيسي- عربي21
أكد فنان الكاريكاتير العراقي هاني مظهر أنه لا يهاجم سياسات المملكة العربية السعودية في أي من رسوماته أو لوحاته الفنية، ويدرك طبيعة الخطوط الحمراء ولا يتجاوزها، موضحا أنه التزم الصمت إزاء بعض القضايا العربية بسبب اختلاط الأمر عليه.

وفي حوار مع "عربي21" قال مظهر الذي يرسم لجريدة الحياة، إنه لم يتناول الأحداث التي شهدتها مصر منذ انقلاب السيسي في الثالث من تموز/ يوليو 2013 لا سلبا ولا إيجابا، لكنه انتقد الكثير من الأوضاع السياسية والطائفية والفساد بالعراق؛ إذ لم يكن له انتماء سياسي أو توجه أيديولوجي، وإنما فقط ينتصر للإنسانية ويرفض الفساد والطائفية وإشعال الحروب.

وقال مظهر إنه رافق الفنان الفلسطيني الراحل ناجي العلي والشاعر العراقي أحمد مطر إلى لندن بعد قرار إبعادهما من الكويت، حيث كانوا ثلاثتهم رفقاء كفاح من أجل تحرير الإنسان العربي من القهر والاستبداد والعبودية.

وفيما يلي نص الحوار:

كفنان عراقي .. ما حجم العراق في أعمالك الفنية سواء رسوم الكاريكاتير أو اللوحة؟


بالتأكيد للعراق حضور في أعمالي الفنية، ولكن لا أميزه عن أي قطر آخر؛ بل في كثير من الأحيان أتحاشى التورط في معارك لا ناقة لي فيها ولا جمل، فضلا عن أنني لا أقتنع بهذا الطرف ولا بذاك، وعندي وجهة نظري الخاصة في رسوماتي وولائي الشخصي فقط لوطني، كما أبدي رأيي بحذر شديد ولكن بصراحة واضحة ترفض ما حصل ويحصل في العراق. 


هل لك سقف في جريدة الحياة أو خط أحمر لا تتجاوزه؟

بالتأكيد؛ طبعا هناك مناطق لا يسمح لي أن أدخل فيها لا سلبا ولا إيجابا، وهناك بعض المواضيع أعرف أنها محظورة ولا أُبدي فيها رايا سواء مؤيدا أو معارضا، وأعرف الحدود المسموح خلالها نشر الكاريكاتير، وأستطيع أن أقول إنه خلال 20 عاما في جريدة الحياة تم رفض نشر أعمالي مرتين أو ثلاث.
كيف تعاملت مع أحداث الانقلاب العسكري في مصر وهل تعد صحيفتكم داعمة للانقلاب؟ 
موضوع مصر بالذات أنا تحاشيته بالكامل، فكما قلت لك، هناك بعض المواضيع عندما تختلط فيها الأمور لا أبدي رأيا لا مع ولا ضد؛ لأنني لا أقبل أن أقول رأيا لا أؤمن به، ولا رأيا يملى علي، ولا أتحيز لطرف على حساب آخر، ولا أقبل أن أستخدم من قبل هذا الطرف أو ذاك.
 
على ذكر الربيع العربي.. كيف تفاعلت معه كفنان مع انطلاقته الأولى؟

الربيع العربي تناولته في صحيفة الحياة بحذر شديد؛ لأنه في ظاهره حمل وعودا طيبة وكنا نتمنى أن يستمر؛ لاسيما أننا كعرب عشنا وسط ديكتاتوريات هنا وهناك، استباحت حقوق المواطن كافة، وكنا نتمنى أن يبادر المواطن بنفسه لقيادة الربيع العربي. 

وعلى المستوى الشخصي فأنا كنت ضد الربيع منذ بداياته؛ لأنني رأيت أنه استغلال للوضع ضد المواطن الذي لازال يدفع ثمنا باهظا لهذا الربيع؛ حيث إنني كنت أعرف جيدا الذين قادوا مشهد الربيع العربي، وكانت تربطنا ببعضهم علاقات جعلتني أتشكك في صدقهم.

إذا كان تمويل الحياة سعودي وكما هو معلن كان الانقلاب المصري برعاية سعودية هل ذلك سبب ابتعادكم عنه ؟

بالتأكيد بالتأكيد يمكن أن تقول ذلك.

هل رسمت كاريكاتيرا لم ينشر أو تسبب لك في أزمة بسبب مضمونه؟ 

بالتأكيد حدث ذلك مرات معدودة، وأتذكر أن أحد الأعمال بعد نشره بالجريدة هاجمت فيه موقفا سياسيا متعلقا بتطبيع بلد خليجي مع الكيان الصهيوني، وفوجئت بعاصفة ضدي من الإدارة وجهت تنبيها حادا لي بعدم تكرار ذلك؛ لأنه يمكن أن يغلق الجريدة.

هل من الممكن أن تنتقد سياسات المملكة السعودية ؟

لا أستطيع طبعا أن انتقد سياسات المملكة ولا حكومة المملكة بشكل مباشر، ولكن هناك بعض السياسات يمكن تناولها عن بعد بشكل غير مباشر؛ ولدينا سقف في جريدة الحياة بأن ننتقد في الحدود المقبولة التي لا تصل للنقد المباشر، فعندما أنتقد الحرب في اليمن مثلا، يقال لي كيف تنتقد الحرب والمملكة الأن في حرب فعلا؟ يمكنك أن تتناولها في صحيفة أخرى ولا يسمح بذلك.

هل تناولت الحرب العراقية الإيرانية برسوماتك التي استمرت ثماني سنوات واستنزفت البلدين؟
نعم بالطبع تناولتها وكنت ضد الحرب وانتقدت صدام الذي بدأ بالهجوم وإشعال فتيل الحرب، كما هاجمت إيران لإصرارها على المضي في حرب لا معنى لها ثمانيي سنوات وبشكل عبثي، لازلنا ندفع ثمنها حتى الآن .

كيف تناولت الطائفية بريشة الفنان التي تأكل نيرانها العراق اليوم ؟

تعاملت مع الحالة الطائفية بكل حدة منذ بدايات عملي؛ لأنني اعتبرها ضد الوطنية وضد الدين، ونحن تربينا على حب الصحابة وزوجات الرسول فكيف نسمح لهذه الخرافات التي تنال منهم جميعا، التي تعتدي على ديننا وعلى قيمنا وعلى مقدساتنا، وقد استفحل أمر الطائفية البغيضة على يد الغزو الأمريكي، الذي سعّر النيران لتمزيق وحدة العراق، بل المنطقة كلها.

برأيك من المستفيد من ذلك؟

المستفيد الأول من هذا السعار الطائفي هي إيران التي استغلته، ولكن بالمقابل هناك رد فعل ساذج وسطحي من الأطراف الأخرى، ولم تنتبه لخطورة تغذية هذا السعار الطائفي؛ لأن العراق شعب مختلط على مدار تاريخه، ولكن ما يحدث الآن من اختراق كامل للإسلام بشكل عام عبر هذه الخرافات الطائفية وبث الكراهية والعنف (..)، كل ذلك يستحدث لأغراض سياسية.


كيف ترى تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن الحشد الشيعي منظمة إرهابية تدعمها حكومة العبادي ؟

بالطبع أرى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محق في هذا، وأنا كمواطن عراقي حر لا أنتمي إلى أي تنظيم أو حزب، أؤكد أن إيران هي من صنعت هذه المليشيات وسلحتها، ولكن ماذا فعلنا نحن العرب في مقابل هذا؟! هل نحن ندعم دولة قانون أو دولة تستند على مبادئ، للأسف تأتي ردودنا دائما كرد فعل .

ما حقيقة إعدادكم لإصدار موسوعة كاملة لأعمال الفنان الراحل ناجي العلي؟ 

بالفعل نحن منذ فترة طويلة ونحن نعكف على الانتهاء من هذا العمل، لإصدار موسوعة تضم أعمال الفنان الراحل ناجي العلي كافة، وقد انتهينا من اختيار الرسوم المناسبة وكتابة النصوص المصاحبة، ومسيرته الفنية كتبت أغلبها وتم تجميع هذه المادة التحريرية وصياغتها، والآن بصدد ترتيب مادة الموسوعة من صور مصاحبة ورسومات ليخرج ذلك العمل الثقافي الفني بشكل راق، ليكون أفضل ما ينشر عن ناجي العلي، وإن شاء الله تشهد مدينة اسطنبول ولادة تلك الموسوعة قبل نهاية 2017 في احتفالية ثقافية تليق بهذا الفنان الراحل. 

أحمد مطر وناجي العلي كانا رفيقيك في الصحيفة الكويتية.. ما طبيعة علاقتكم؟

أتذكر في هذا اليوم الذي أصدرت الكويت قرار إبعادهم؛ جلسنا سويا على مقهى في الكويت وأخذنا نبحث عن المدينة التي سيذهب ثلاثتنا إليها، ووقع الاختيار على لندن وكنت أصغرهم سنا، وكانوا يعولون على الجماهير العربية بأنها ستقف خلف قضيتهم، ولن تتخلى عن دعمهم؛ ولكنني ضحكت جدا في أثناء حديثهم عن الجماهير فاستغربوا ذلك مني لذلك، فسألتهم هل لازال لديكم أمل في أن تتحرك الجماهير العربية (..) هذه الجماهير أصبحت في ذمة الله.

 هل اغتيال ناجي العلي كان بسبب عدم كمونه كما فعل أحمد مطر آنذاك، وبقاؤه نشطا على الساحة ؟

بالعكس كلاهما لم يكمن، فالشاعر أحمد مطر قوطع بشراسة، وطبيعته العنيدة ربما سبب، حيث لم يتراجع أبدا عن أي فكرة طرحها أو بيت نظمه ولم يغير في مواقفه، وكذلك الفنان الراحل ناجي العلي، إلا أنه كان أحيانا يُغير في بعض التعليقات على رسوماته تجاوبا مع الوضع العام، وكان مطر صريح في انتقاداته للحكام العرب بصورة لاذعة، ولا يهادن، ولا يتلون وصلبا للغاية وألفاظه مؤلمة جدا ومعبرة في لافتاته الشعرية. 

كيف تعاملت مع الحرب العراقية - الإيرانية ، أو الصراع بين البعثيين في العراق وسوريا؟

هناك قضايا كثيرة مرتبطة من هذا الوضع وهناك أمور مبدئية، فأنا ضد الحرب والاستغلال والفساد وروح الانتقام؛ لاسيما عندما تثار بشكل شخصي وأهاجم من بدأ الحرب ويصر عليها، فأنا تركت العراق نهاية 1978 فارا من النظام بعدما لاحقتني أجهزته، وغادرتها بجواز سفر غير صالح.

وعندما عدت بعد حوالي 30 سنة في 2015 لم أتحمل البقاء بالعراق سوى أسبوع واحد، وهالني حجم الدمار والخراب والانهيار الذي حدث في قيم وأخلاق ومباني المجتمع العراقي.
التعليقات (0)