مقالات مختارة

صور من دورة الجمعية العامة

جهاد الخازن
1300x600
1300x600
الدورة الثانية والسبعون للجمعية العامة للأمم المتحدة افتُتحت بخطاب الرئيس البرازيلي ميشال تامر، اللبناني الأصل، فهذا تقليد قديم لا يزال متّبعا. أترك تامر يعدّ نفسه لمواجهة تهم جديدة بالفساد في بلاده، وأنتقل إلى المتحدثين الآخرين.

تبع الرئيس دونالد ترامب الرئيس تامر، ودخلت قاعة الجمعية العامة وهو يتحدث، فقلت في نفسي إنني سأقرأ الخطاب في اليوم التالي في «نيويورك تايمز». فوجئت الأربعاء بأن الجريدة الراقية لم تكتب عن أي موضوع في الأمم المتحدة سوى ترامب وتهديده كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا.

كان بين المتحدثين في اليوم الأول الرئيس إيمانويل ماكرون، والأمير تميم بن حمد والرئيس رجب طيب أردوغان والرئيس عبدالفتاح السيسي، غير أن الجريدة الحصيفة الرصيفة أهملتهم. الأمير ألبير تحدث أيضا في اليوم الأول وذكّرته وهو يخرج بأنني من مواطنيه، في الصيف فقط.

خطباء اليوم التالي، أي الأربعاء، ضموا الرئيس حسن روحاني والرئيس محمود عباس والأمير حسين بن عبدالله الثاني ورئيسة الوزراء تيريزا ماي ورئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح. «نيويورك تايمز» في عددها يوم الخميس أهملتهم جميعا وبضعة عشر رئيسا آخر، وركزت على ترامب وتهديداته. عدد يوم الجمعة من الجريدة الأولى أمريكيا أهمل الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس اليمن عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وعشرات آخرين. لكن العدد ضم خبرا عن ايران ردا على ترامب وتهديداته، فأزيد للقارئ أن الجزء الأول من الجريدة هو للأخبار العالمية والمحلية، وكان في 12 صفحة للأخبار الدولية و16 صفحة للأخبار الأمريكية.

الإسرائيليون انسحبوا والرئيس روحاني يلقي خطابه، وتمنيت لهم «جهنم وبئس المهاد». الرئيس روحاني بعد كلمات المجاملة في البداية انقضّ على إسرائيل ودانها كما تستحق، منتصرا للفلسطينيين. مع ذلك سمعته يتحدث عن سوريا واليمن والبحرين، ولا أتفق معه أبدا، فإيران تؤيد الحوثيين والتدخل الإيراني في البحرين سبب مشكلات كلها الآن تحت السيطرة، وإذا كانت إيران تريد علاقات أفضل مع الدول العربية، فعليها أن تبدأ بتصويب الخطأ في سياستها.

مقاعد الوفود في قاعة الجمعية العامة تتغير من سنة إلى أخرى، ووجدت في الصف الأول أمام الخطيب جيبوتي، وإلى يسارها الدنمارك، وإلى يمينها جمهورية الدومينيكان (الجلوس بحسب الأبجدية بالإنكليزية)، وكان لبنان -حيث أجلس عادة- بين لاتفيا وليسوتو. والنصف الأعلى من المقاعد في الجمعية ضم بريطانيا، وإلى جانبها الولايات المتحدة، وفي الصف نفسه اليمن.

وسررت كثيرا برؤية الصديق سمير صنبر الذي شغل يوما منصب الأمين العام المساعد للإعلام مع الأمين العام بطرس بطرس غالي. ورأيت صحفيين عربا كثيرين، ولا أنسى شابات من الإمارات العربية المتحدة كنّ في مقاعد بلدهن كل يوم، والأخوات من قنصلية البحرين، في نيويورك، خصوصا الأخت نعيمة البطمة.

أريد أن أسجل شيئا يتكرر كل سنة، فنصف أعضاء الجمعية العامة يخرجون إلى ممر لتحية الرئيس الفلسطيني، وبنيامين نتانياهو نجس إلى درجة ألا يصفق له غير مندوب توفالو، ولا يقف ليسلم على المندوبين؛ لأنه لن يجد منهم غير أربعة أو خمسة فقط. وفد إسرائيل مقاعده أمام مقاعد وفد لبنان، كانت هناك امرأة من الوفد شعرها أسود، إلا أنها صبغت شعرات في وسط الرأس بلون ذهبي لتزداد قبحا.

خرجت من الأمم المتحدة الخميس لأفاجأ ببعض الشوارع إلى الفندق حيث أنزل مغلق. وبعد دقائق مرّ موكب دونالد ترامب في أكثر من 50 سيارة، وبعضها في الوسط زجاج نوافذه أسود حتى لا يعرف أحد في أي سيارة يجلس الرئيس. أراه جالسا على قلوب الأمريكيين والعالم.

الحياة اللندنية
0
التعليقات (0)