سياسة عربية

رايتس ووتش: أوروبا تشهد أولى المحاكمات على الفظائع بسوريا

رايتس ووتش: السويد وألمانيا تأخذان زمام المبادرة بشأن العدالة للسوريين
رايتس ووتش: السويد وألمانيا تأخذان زمام المبادرة بشأن العدالة للسوريين
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير صدر الثلاثاء، إن الجهود المبذولة لمثول المسؤولين عن الفظائع في سوريا أمام المحاكم الأوروبية بدأت تؤتي ثمارها، خاصة في المحاكم السويدية والألمانية، حيث قامت السويد وألمانيا بملاحقة وإدانة أشخاص قاموا بهذه الجرائم، لافتة إلى أن "العديد من السلطات الأوروبية فتحت تحقيقات في الجرائم الدولية الخطيرة التي ارتكبت في سوريا".

ويعرض التقرير الممتد على 66 صفحة، والذي يحمل عنوان "هذه هي الجرائم التي نفرّ منها: العدالة لسوريا في المحاكم السويدية والألمانية"، الجهود المبذولة في السويد وألمانيا للتحقيق مع الأشخاص المتورطين في جرائم حرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية ومقاضاتهم.

ووثقت "هيومن رايتس ووتش"، استنادا إلى مقابلات مع 50 مسؤولا وعاملا في هذه الحالات، و45 لاجئا سوريا في البلدين، الصعوبات التي يواجهها المحققون والمدعون العامون الألمان والسويديون في تناول مثل هذه القضايا، وتجارب اللاجئين وطالبي اللجوء مع السلطات.

وفي 25 أيلول/ سبتمبر الماضي، أصبحت السويد أول دولة تدين أحد أعضاء الجيش السوري بجرائم في سوريا، وهو المتهم الذي تم التعرف عليه من خلال صورة وضع فيها رجله على صدر جثة، وواجه تهمة انتهاك كرامة جثة. 

وتابعت المنظمة: "لدى كل من السويد وألمانيا عناصر تسمح بإجراء تحقيقات وملاحقة ناجحة بحق مرتكبي الجرائم الخطيرة، بما في ذلك القوانين الشاملة، وفعالية الوحدات المتخصصة في جرائم الحرب، والخبرات السابقة في مثل هذه الحالات. بالإضافة إلى ذلك، ونظرا للأعداد الكبيرة من ملتمسي اللجوء واللاجئين السوريين، فإن الضحايا والشهود والأدلة المادية، وحتى بعض المشتبه بهم، أصبحوا في متناول سلطات هذين البلدين".  

ومع ذلك، فقد وجدت "هيومن رايتس ووتش" أن كلا من السويد وألمانيا تواجهان بعض الصعوبات.
من جهتها، قالت الحائزة على زمالة "ساندلر" في برنامج العدالة الدولية في "هيومن رايتس ووتش"، ماريا إيلينا فينيولي: "مع انسداد السبل الأخرى أمام العدالة حاليا، تشكل التحقيقات الجنائية في أوروبا بصيص أمل لضحايا الجرائم في سوريا الذين ليس لديهم مكان آخر".

وأضافت: "السويد وألمانيا، كونهما الدولتين الأوليين اللتين تجرى فيهما محاكمات وإدانات لمرتكبي فظائع في سوريا، توجهان رسالة إلى مجرمي الحرب بأنهم سيدفعون ثمن جرائمهم".

وأكد لاجئون سوريون في شهادات متسقة لـ "هيومن رايتس ووتش" على أهمية "إخضاع المسؤولين عن الفظائع المرتكبة في سوريا للعدالة".

وقال فينيولي إن "التحديات المعتادة المرتبطة بمتابعة مثل هذه القضايا تتفاقم بسبب النزاع المستمر في سوريا، حيث لا يمكن الوصول إلى مسرح الجريمة"، داعية السلطات السويدية والألمانية الحصول على "المعلومات من مصادر أخرى، منها اللاجئون السوريون، والأشخاص الذين يقومون بأعمال مماثلة في بلدان أوروبية أخرى، والهيئات التابعة للأمم المتحدة، ومجموعات غير حكومية توثق الفظائع في سوريا".

ونوهت "رايتس ووتش" إلى أن "العديد من طالبي اللجوء واللاجئين السوريين لا يدركون الأنظمة المعمول بها للتحقيق والملاحقة القضائية للجرائم الخطيرة في سوريا".

وأكملت بأن "من الصعب جمع المعلومات ذات الصلة من اللاجئين السوريين وطالبي اللجوء بسبب خوفهم من احتمال الانتقام من أحبتهم في الوطن، وعدم ثقتهم في الشرطة والمسؤولين الحكوميين بسبب التجارب السلبية في سوريا، وشعورهم بأن الدول المضيفة والمجتمع الدولي تخلوا عنهم".

واستطردت قائلة: "لدى كل من السويد وألمانيا أنظمة لحماية الضحايا والشهود في القضايا الجنائية"، مطالبة السويد وألمانيا باستكشاف خيارات جديدة لزيادة حماية عائلات الشهود في هذه القضايا في سوريا، بما يتماشى مع معايير المحاكمات العادلة.

ولم تجد "هيومن رايتس ووتش"، بسبب الصعوبات التي قالت إنها تواجهها، سوى عدد قليل من القضايا التي لا تمثل حجم أو طبيعة الانتهاكات التي يتعرض لها الضحايا في سوريا، مؤكدة أن معظم الحالات كانت ضد أفراد من ذوي رتب متدنية من الجماعات المسلحة غير الحكومية المعارضة للحكومة السورية.

وأردفت بأن "على السويد وألمانيا ضمان تزويد وحدات متخصصة بجرائم الحرب بالموارد الكافية، وتوفير موظفين لها والتدريب المستمر لهم، والنظر في طرق جديدة للتعامل مع اللاجئين السوريين على أراضيها من خلال جهود التواصل والتوعية والإعلام".

وطالبت "فينيولي" الدول الأوروبية باتباع مبادرة السويد وألمانيا، والعمل على توسيع جهود العدالة للسوريين في أوروبا، مشيرة إلى أن هذه القضايا ليست كافية وحدها وتسلط الضوء على الحاجة إلى عملية قضائية أكثر شمولا لمعالجة الإفلات المستمر من العقاب في سوريا".


التعليقات (0)