كتاب عربي 21

درس "هنية" الذي لن يتعلمه "منيـــر" وإخوانه!!

محمد طلبة رضوان
1300x600
1300x600
في مصر المنكوبة بنخبها قبل عساكرها، يتصور أحدهم أنه ماض في إسقاط الانقلاب مهما كلفه ذلك من دماء غيره، وفي غزة إسماعيل هنية ورجاله، قرروا ممارسة السياسة، ولو كلفهم ذلك تجرع السم، كي لا يتجرع الغزاوية مرارة شظف الحياة!

ما حدث هو أن غزة تعاني، لا ماء، لا كهرباء، لا خدمات، الإخوان هزموا، وانقلب عليهم الجيش، خسروا حلفاءهم الإقليميين، وحدهم، لا مجال للتقدم، لا مجال للاستمرار، التسوية أو الانتحار، حماس اختارت السياسة والحياة فيما اختار دراويشنا الخروج من الزمن!

تراجعوا ولم يهربوا، انسحبوا ولم يفروا، تفاهموا ولم يتواطؤوا، اعترفوا بعجزهم ولم يعاندوا، كان لديهم من المسوغات الأخلاقية والسياسية ما يحملهم على الاستمرار، ولا لوم عليهم "نظريا"، لكن الاستمرار كان يعني الدمار للقطاع وأهله، حماس اختاروا ناسهم ولو على حساب سمعتهم، ومصالح حلفائهم الذين لم يسعفوهم حين احتاجوا إليهم!

عندنا لا يملك أحدهم سيف عنترة ولا بيانه، لكنهم مصرون، ماضون، مكملون في عنترياتهم إلى آخر نقطة دم تجري في عروق الشباب، ليس هذا فحسب إنما هم أيضا يزايدون على حماس وموقفها الواقعي ويعتبرونه نكوصا وتراجعا وفرارا وانبطاحا إلى آخر معجم الحالات الخاصة!!

ما يحدث الآن في غزة ليس في مصلحة قادة حماس، ولا القضية، وليس في مصلحة الغزاوية على المدى الطويل، إلا أن الاستمرار في مقاومته بلا إمكانات ولا حلفاء كان كفيلا بالقضاء على القطاع وأهله ومن يحكمونه قتلا واعتقالا وتشريدا وموتا من الجوع والعطش، حماس اختارت أخف الضررين بمنطق سياسي محض، لا دروشة فيه ولا ادعاء، ولا خواطر لأحد!

أخطأت حماس حين تركت موقع المناضل إلى موقع السياسي، لكنهم أثبتوا – حين غادروا ولم يغدروا – أنهم أهل لكليهما، ولا عزاء لمن لا نضال له ولا سياسة ولا عقل ولا شيء سوى العدم!!

أولى بمروجي المخدرات أن يتعلموا من درس حماس أن الانسحاب وقت الانسحاب قوة، أولى بهم أن يتعلموا أن اتخاذ القرار المناسب في وقته هو السياسة بألف ولام العهد، وليس الاستمرار في ترديد شعارات لا محل لها من الواقع، يضيع ضحيتها مساكين يصدقون ويبذلون حياتهم فداء للا شيء.

احملوا مخدراتكم وانصرفوا، أو توقفوا عن بيعها وابحثوا عن تسوية لائقة، من أجل آلاف المشردين في بلاد الله الذين لا تؤويهم عواصم أوروبا، ولا يجدون سقفا وحوائط أربعة في شتاء الغربة القاسي، أكرم لكم ألف مرة أن تبحثوا عن أجنحة تشارككم بعض السخط داخل النظام بدلا من أن تتفاخروا بإهمال الوساطات التي تأتيكم كأنها مدعاة للفخر وهي – والله – مدعاة للرثاء والإشفاق على أحوالكم!

أقول ذلك، وأنا أعلم أنه لن يصادف سوى آذان لا تسمع، وأعين لا تبصر، وقلوب وعقول ملتها أقفالها، لكنه الأمل في "فلتة" ، تنفيسة، انفراجة، عسى الله أن يخرج من "أظلافهم" من يفهم أو يعقل!

أما حماس، فهذا ليس نهاية المطاف، ولا هي نهاية التاريخ، لم يضع الحمساوية أسلحتهم، لم يعترفوا بإسرائيل، لم يختاروا السلام الدافئ، لم يكونوا يوما ظهيرا للظالمين، بل أجبروا، فلم يكابروا، وهذا يحدث في السياسة مع الكبير والصغير، سبقتهم إليه أمم وشعوب ودول أكثر قوة ومنعة وتسليحا، ومع ذلك حين علا الموج مروا من تحته، حماس ليست السيسي، وليسوا حزب النور، وصور السيسي في القطاع التي داستها الأحذية بعد أن أخذ الإعلام المصري "اللقطة"، وحوارات عمرو أديب وزوجته مع قيادات حماس، ليست سوى مرحلة من عمر الصراع، وغدا لناظره قريب!
التعليقات (4)
محمد سعيد
السبت، 07-10-2017 05:32 م
ياطلبه يعمل الاخوان مع الله وليس معك أوغيرك فأذا كنت في اتجاه مختلف فلتعمل أنت ومن معك من جميع التيارات الاخرى وليس لكم حجه فالاخوان لن يتعاملوا مع العسكر ابدا فقد عملوا ضد الانجليز وصمدوا ضد طغيان جمال والسادات وحسني ولم يرضوا بالكافر الخائن وكفى فلتذهب ومن معك واتفقوا مع العسكر ليتولي كائن ميت مثل بوتفليقه أو سبسي تونس الذى تنازلت النهضه له حتى لاتسقط الثوره اتونسيه(هل هناك سقوط أكثر مما فيه تونس الان) لن يتعامل الاخوان المحترومون مع نخب هواء ولا عسكر بأذن الله وأمامكم المجالات فأعملوا ولاتقولوا الاخوان ركبوا الموجه وكفى علىك البرنامج مع الاخت السوريه فأنت مستريح مع هذا البرنامج فهنيأ لك
مصري جدا
السبت، 07-10-2017 03:00 م
هناك مشكلة في الفكر الاستراتيجي لجماعة الاخوان ، وهي عملية الاسقاط من شمولية الاسلام الى شمولية الجماعة ، بمعنى ان الاسلام بالفعل يملك منظور شامل لمناحي الحياة جميعا ، اقول منظور شامل وليس نظام شامل ، والفارق بينهما كبير ، نظرة الجماعة لنفسها كجماعة شاملة حملها ما لا تطيق لانها بذلك تقوم مقام الدولة والمجتمع في ان واخد وهذا شبه مستحيل ، وهذا ما جعل نهضة تونس تعود لما يسمى بالتخصص الوظيفي اي انها تعمل بالمجال السياسي تاركة المجال الدعوي لاصحابه ليكون هناك تمايز لا فصل بين الدعوى والسياسي والاجتماعي وهكذا ومن هنا يكون النجاح
هاني
الخميس، 05-10-2017 09:45 م
شكرا علي المقال الجميل و لكن أريد ان انوه الي امرين: 1- للاسف ادركت حماس النتيجة الحتمية للحائط المسدود بعد 11 عام من الفقر و القهر و الظلم الذي عاني منه سكان غزة. للاسف غزة تعرضت لعمليه ممنهجة شاركت بها حماس بتحملها مسؤلية السكان في القطاع في الوقت التي هي غير قادرة علي الجمع بين السياسة و المقاومة. لقد وقعت في الفخ في 2006 و نتمني ان تنجح المصالحة هذه المرة. 2- الاخوان دائما متأخرين بخطوات في اسقراء الوضع السياسي الحالي و اتخاذ قرارات مستقلبية تلبي الطموحات. هم يتعاطوا بردة فعل و ليس صناعة للحدث.
مداخلة
الخميس، 05-10-2017 06:53 م
فاوضوا حماس لأنها تملك السلاح ولهذا لا تقارن حالة حماس بالمعارضة المصرية،السيسي إنقلب على مؤيديه،وفعلا إنتظار النظام الإنقلابي أن يسقط لوحده نتيجة سياسته الإقتصادية والإجتماعية والسياسية،هو إنتظار الوهم والأحلام،الإنسان يتنازل ويأكل الفئران.