ملفات وتقارير

تدريبات مع إسرائيل: كيف غيّر السيسي عقيدة جيش مصر؟

ابتسامات عريضة فتدريبات عسكرية مشتركة
ابتسامات عريضة فتدريبات عسكرية مشتركة
أثار الإعلان عن إقامة تدريبات عسكرية مشتركة بين مصر وإسرائيل لأول مرة، غضبا وانتقادات في مصر، خاصة وأن الإعلان عن هذه المناورات تزامن مع الذكرى الرابعة والأربعين لحرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973؛ التي تؤكد مصر أنها انتصرت فيها على الإسرائيليين.

وكان الجيش اليوناني قد أعلن الأسبوع الماضي إجراء تدريبات عسكرية مشتركة مع عدة دول، من بينها مصر وإسرائيل وقبرص ودول أوروبية أخرى، في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز الاستقرار في منطقة شرق البحر المتوسط.

ويقول مراقبون إن التدريبات العسكرية مع الجيش الإسرائيلي هي تتويج لجهود قائد الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، حيث تمكن من تغيير العقيدة العسكرية للجيش المصري بشكل جذري، في ظل العلاقات الحميمة والتعاون غير المسبوق بين الجانبين منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، حيث لم تعد إسرائيل العدو الرئيسي للبلاد، ولم تعد مهمة الجيش الأساسية حماية الحدود ومنع أي تهديد خارجي لأمن البلاد، وإنما أصبحت مهمته الأساسية هي محاربة "الإرهاب الإسلامي"، وبذلك تحولت إسرائيل من عدو إلى حليف أساسي في محاربة الإرهاب، بحسب مراقبين.

صمت رسمي

وعلى الرغم من نشر مجلة "إسرائيل ديفنس" الإسرائيلية المتخصصة في الشؤون العسكرية خبر المناورات منذ أسبوع تقريبا، وتأكيد اليونان للأمر، إلا أن النظام المصري وقيادات الجيش تجاهلوا الموضوع تماما، كما لم يرد أي ذكر لهذه الأخبار في وسائل الإعلام المصرية المؤيدة للنظام.

واكتفت وزارة الدفاع المصرية ببيان مقتضب عن إجراء تدريبات بحرية وجوية مشتركة مع الجيش اليوناني فقط، وفضلت الصمت إزاء إجراء تدريبات عسكرية مع الجيش الإسرائيلي الذي خاض ضده الجيش المصري خمسة حروب في الفترة من عام 1948 وحتى 1973.

وأعلنت إسرائيل أكثر من مرة على لسان قادة الأمنيين أن التعاون الأمني والاستخباراتي بين مصر وإسرائيل أصبح في ذروته ويكاد يكون روتينا يوميا منذ استيلاء السيسي على الحكم في البلاد.

ثلاثة أسباب

وقال المحلل السياسي عمرو هاشم ربيع؛ إن استراتيجيات الدولة المصرية وسياساتها في التعامل مع إسرائيل تغيرت تغيرا جذريا في السنوات القليلة الأخيرة، لافتا إلى أن النظام الحالي تخطى مرحلة السلام البارد التي دشنها الرئيس الراحل أنور السادات بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد، وأصبح السيسي يعتبر إسرائيل صديقا حميما وحليفا عسكريا. 

وحول الدوافع وراء تغيير عقيدة الجيش المصري، قال ربيع لـ"عربي21": "هناك ثلاثة أسباب، الأول هو أن من يديرون المنظومة العسكرية في البلاد وجميع قيادات الجيش الحاليين لم يخوضوا أي حرب ضد إسرائيل، حيث كان جيل المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان هو آخر القادة الذين حاربوا في تشرين الأول/ أكتوبر 1973".

وأضاف أن السبب الآخر في تغيير العقيدة العسكرية للجيش المصري؛ هو "تحول القوات المسلحة من كونها مؤسسة حربية تخوض الحروب دفاعا عن الوطن، إلى مؤسسة مهتمة بإدارة المشروعات المدنية والاقتصادية، وبالتالي أصبح قادة الجيش يستبعدون من أذهانهم تماما فكرة الحرب أو اعتبار إسرائيل عدوا يجب الاستعداد لمواجهته يوما ما"، كما قال.

وتابع: "أما السبب الثالث فهو انخراط الجيش المصري تماما في الشأن السياسي، وما ترتب عليه من تورطه بشكل كامل في الحرب ضد الإرهاب، ولذلك أصبح قادة الجيش يرون أن مصر وإسرائيل يقفان في جهة واحدة في مقابل الجماعات الإرهابية، فأصبح من الطبيعي، حسب رأيهم، التعاون بين الدولتين في مجالات السياسة والأمن للانتصار على الإرهاب"، على حد قوله.

إضعاف الجيش المصري

من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية، عبد الخبير عطية، أن قرار النظام بإجراء تدريبات مشتركة مع الإسرائيليين؛ "بعيد تماما من الحنكة السياسية ومثل تهديدا واضحا للأمن القومي للبلاد"، على حد وصفه.

وأوضح عطية لـ"عربي21"؛  أن "السيسي يريد أن يحقق مجدا شخصيا، وأن يقال عنه أنه الزعيم الذي توصل إلى سلام جديد بالمنطقة برعايته، لذلك يتعامل مع إسرائيل كصديق"، مضيفا: "لو كان السيسي جادا في سعيه للتوصل إلى اتفاق سلام  مع إسرائيل؛ فيمكنه أن يقوم بذلك على المستوى السياسي والدبلوماسي، لكن عليه ألا يدخل الجيش طرفا في هذه المعادلة الخطيرة".

وحذر من خطورة المناورات العسكرية المصرية مع إسرائيل، مؤكدا أنها ستؤدي إلى "إضعاف الروح المعنوية للجيش المصري وللشعب بصفة عامة؛ لأن إسرائيل ما زالت هي العدو الأول للعرب، وبيننا وبينهم دماء آلاف الشهداء الذين ماتوا دفاعا عن الأراضي التي اغتصبتها إسرائيل"، بحسب تعبيره.

لكنه تابع قائلا: "الرغم من هذه الخطوة الرسمية، إلا أن عقيدة الجيش الحقيقية في ضمائر آلاف الضباط والجنود ما زالت كما هي، وما زالوا ينظرون إلى إسرائيل باعتبارها دولة احتلال"، مشيرا إلى وجود الكثير من الأفراد داخل الجيش "يرفضون بعض السياسات الحالية، لكنهم لا يجرؤون على إعلان موقفهم هذا"، كما قال.

وتحدث عطية عن "تخبط شديد واختلاف في التوجهات بين المؤسسات والأجهزة المكونة للنظام الحاكم، وخاصة الأجهزة الأمنية"، لافتا إلى أن "كل جهاز يتصرف دون تنسيق مع الآخرين وربما دون علمهم أيضا"، وفق تقديره.
التعليقات (1)
علي
الأحد، 08-10-2017 11:30 م
متي كان للجيش المصري عقيدة. الكل يعرف ان الجيش هو مبتدع الواسطة و المحسوبية. هو جيش قائم علي السخرة و اذلال الجنود. اًخر من حاولوا تغيير عقيدة الجيش كانوا قادة حرب73. قتلهم السادات و نفي مبارك اًخرهم.