حقوق وحريات

بعد حراك الشمال.. ثورة العطش تشعل جنوب المغرب (شاهد)

شهدت المدينة عدة احتجاجات في الآونة الأخيرة- يوتيوب
شهدت المدينة عدة احتجاجات في الآونة الأخيرة- يوتيوب
أخرج العطش سكان مدينة زاكورة (جنوب شرق المغرب) للاحتجاج، بعد سنوات من معاناتهم من نقص المياه، محملين كلا من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ووزارة الفلاحة المسؤولية المباشرة في الأزمة، وطالبوا السلطات الإقليمية بالتدخل.

وشهدت المدينة عدة احتجاجات في الآونة الأخيرة، لاقت تعاطفا كبيرا من قبل نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي ومنظمات حقوقية، خاصة وأن سكان هذه المنطقة لم يعرف عنهم مشاركتهم في أي احتجاج من قبل.

بداية "ثورة العطش"

وكان العشرات من سكان أحياء الوفاق، وبوعبيد، والنصر، والحي الإداري، بمدينة زاكورة، خرجوا  في مسيرات احتجاجية أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي وبداية تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، صوب مقر عمالة الإقليم للاحتجاج على ما اعتبروه "تماطل السلطات المختصة في التدخل لإيجاد حل لأزمة العطش التي تهدد حياتهم"، الأمر الذي أسفر عن اعتقال ما يقارب 23 مشاركا تتابعهم النيابة العامة بزاكورة بتهمة "التجمهر والانخراط في مسيرة غير مرخص لها"، ما خلق استياء عارما لدى هيئات حقوقية مغربية، باعتبار المعتقلين لم يخرجوا إلا للدفاع عن حقهم في استغلالهم للماء الصالح للشرب الذي عانوا من ندرته ما يقارب 17 سنة، على حد تعبيرهم.

                              

وتتم متابعة عدد من المعتقلين، خاصة القاصرين منهم، في حالة سراح، حيث أجلت المحكمة الابتدائية بزاكورة، أمس الخميس، جلسة محاكمة 8 من المعتقلين إلى يوم الاثنين المقبل، كما أجلت النظر في محاكمة 8 آخرين إلى يوم 31 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، فيما سيتم النظر في قضية 6 معتقلين آخرين أمام وكيل الملك بمحكمة الاستئناف بورزازات (جنوب). 

صديق الملك في الواجهة

ودخل صديق الملك، ووزير الفلاحة، عزيز أخنوش، على خط الأزمة، حيث حملت جمعية "أصدقاء البيئة" بزاكورة مسؤولية أزمة "العطش" بالإقليم إلى الوزير وكذا إلى المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.

وطالبت الجمعية الوزير بوقف زراعة البطيخ الأحمر "الدلاح" بسبب استنزافها للفرشة المائية، واعتماد "مقاربة فلاحية مستدامة ومندمجة بالواحات".  

وأشارت الجمعية في بلاغ لها، توصلت "عربي21" بنسخة منه، إلى أن وزارة الفلاحة اتخذت مقاربة فلاحية في الواحات "غير مستدامة وغير مندمجة بتشجيعها على زراعة البطيخ الأحمر التي استنزفت بشكل كبير الفرشة المائية الباطنية، مصدر التزود بالماء الصالح للشرب، مما أدى إلى تعميق أزمة المياه بالإقليم".

ودعت رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إلى ضرورة التدخل العاجل لحل معضلة الماء عبر إجراءات استعجالية وتدابير استراتيجية، مطالبة كاتبة الدولة المكلفة بالماء، شرفات أفيلال، بتنفيذ وعودها الاستعجالية والإستراتيجية لحل معضلة الماء بالإقليم.

وأوضحت الجمعية أنه "من الطبيعي أمام هذا الوضع أن تنطلق سلسلة من الاحتجاجات في مختلف أنحاء الإقليم للمطالبة بهذه المادة الحيوية التي تشكل أساس الاستقرار السكاني وأساس الحياة البشرية".

كما التمس المجلس الإقليمي لزاكورة وقف زراعة البطيخ الأحمر بالإقليم، استثنائيا، في أفق تقنينه بعد أن شهدت زاكورة في العشر سنوات الأخيرة انتشارا واسعا لزراعة البطيخ الأحمر والذي يستنزف الفرشة المائية.

العثماني يدخل على الخط

 قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، إنه "من واجب الحكومة العمل على معالجة أي مشكل في توفير الماء للمواطنين، وبأن جميع القطاعات المعنية معبأة ولا تتوقف الاجتماعات لتوفير الماء الصالح للشرب للساكنة".

وأضاف العثماني خلال كلمته الافتتاحية بالمجلس الحكومي أنه "إلى جانب التدابير الاستعجالية، تشتغل الحكومة على إيجاد حلول ذات طابع استراتيجي حيث تعمل حاليا على إخراج جميع المراسيم التنظيمية المرتبطة بقانون الماء. كما يقوم القطاع المعني بإعداد المخطط الوطني للماء لضمان الأمن المائي في أفق سنة 2030".

وأوضح العثماني أن الحكومة "ماضية في إنشاء عدد من المحطات لتحلية المياه العادمة في سوس ماسة أو الداخلة والحسيمة بالإضافة على برمجة محطات أخرى"، مؤكدا "الاستمرار في بناء السدود الكبيرة المتوسطة والصغيرة كل سنة".

وكان لحسن واعرى رئيس المجلس الجماعي لزاكورة، كشف في حديثه مع الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية، أنه تلقى اتصالا هاتفيا من قبل رئيس الحكومة، حيث وعده بإيجاد حل عاجل ومناسب لأزمة المياه التي يعيشها إقليم زاكورة على مدى سنوات، مضيفا أن العثماني أكد له أنه سيشرف شخصيا على حل هذا المشكل.

إدانات بالجملة

وأدان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بزاكورة "كافة الاعتقالات التي تعرض لها ضحايا مسيرتي 24 أيلول/شتنبر و8 تشرين الأول/ أكتوبر المطالبين بحقهم المشروع في توفير الماء الصالح للشرب".

وسجلت الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي بزاكورة، في بلاغ لها تتوفر "عربي21" على نسخة منه، "عدم اكتراث المسؤولين وعدم تدخلهم لإيجاد حلول حقيقية لمشكل الماء"، مؤكدة عزمها "الترافع والنضال لتوفير هذه المادة الحيوية تماشيا مع جل المواثيق".


                                          

كما أدانت هيئات حقوقية ونقابية وسياسية بالإقليم، ما وصفته بـ"الاعتقالات التعسفية والعشوائية التي تعرض لها ضحايا العطش" محملة "المسؤولية لعامل الإقليم والسلطات الأمنية في أحداث 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي"، محذرة "من أي انفجار قد يعرفه الإقليم بسبب سياستهم العدائية تجاه الجماهير الشعبية".

وحمل بيان الهيئات المذكورة التي تتوفر "عربي21" على نسخة منه، "المسؤول الأول عن الإقليم مسؤولية أسباب ونتائج ثورة العطش لأنه بدل البحث عن الحلول الواقعية الكفيلة بالحد من الأزمة، يلجأ إلى جيوش من مختلف تلاوين القمع، التي لم تتوان في التحرش بالنساء والإساءة إلى الأطفال والاعتداء على المارين العزل بالسب والكلام النابي والضرب والركل والرفس".

حلحلة الأزمة

قال رئيس المجلس الجماعي لزاكورة، لحسن واعرى، في تصريح صحافي، إنه بعد اتصال رئيس الحكومة به، شرعت مصالح المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، في حفر "ثقوب استغلالية" على مستوى زاكورة، ستمكن من ضخ 10 لترات من الماء في الثانية، لتعويض النقص الحاصل في الفرشة المائية على مستوى عدد من المناطق بالإقليم، إلى جانب حفر ثقب مماثل بمنطقة "تامكروت"، مشيرا إلى أن من شأن ذلك أن يوفر على حقينة الفرشة المائية ما يعادل 15 لترا في الثانية.


            

التعليقات (0)