سياسة عربية

هل تنجح مساعي التهدئة في احتواء أزمة استقالة الحريري؟

نائب عن تيار المستقبل يقول إنه ليس من حق عون رفض الاستقالة- أرشيفية
نائب عن تيار المستقبل يقول إنه ليس من حق عون رفض الاستقالة- أرشيفية

كثفت الأطراف السياسية في لبنان مساعيها لاحتواء أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، والتي أعلنها من الرياض، السبت الفائت، لأسباب تتعلق بما قال إنه "سيطرة حزب الله على القرار اللبناني بناء على الأجندة الإيرانية".

وعلمت "عربي21" من مصادر مقربة من رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الأخير يبلور مبادرة للخروج من الأزمة على المستويين الداخلي والعربي، بالاعتماد على خطاب أمين عام حزب الله حسن نصر الله، الأحد ومساهمته في تهدئة الأجواء المشحونة وتمهيد الطريق للمساعي المبذولة من كل الأطراف.

وقال النائب عن كتلة التنمية والتحرير علي خريس إن الأقطاب السياسية في لبنان دخلت "مرحلة تقييم تمهيدا لمعالجة الأزمة"، مشددا على أن التوجه لدى كتلته يرتكز على عدم "اتخاذ مواقف حيال الأزمة كي لاتتعقد الأمور بصورة أكبر".

وكشف خريس لـ"عربي21" عن "مبادرات عدة تطرح حاليا بانتظار التوصل إلى صيغة توافقية للخروج من عنق الزجاجة"، مشيرا إلى أن عودة الحريري عن استقالته "مرهونة بموقفه الشخصي من ذلك".

وتحدث عن مساعي رئيس المجلس النيابي نبيه بري من خلال "مسارات واتجاهات عدة، بهدف تمتين الوضع الأمني، وترطيب الأجواء السياسية، وحماية الاقتصاد اللبناني من أي هزات"، على حد وصفه.

عون: الاستقرار "خط أحمر"

وفي زحمة الترقب، تكرّر أوساط القصر الرئاسي اللبناني بأن رئيس الجمهورية ميشال عون لن يتخذ موقفا بالذهاب غلى الاستشارات النيابية لاختيار رئيس حكومة جديد، أو رفض الاستقالة، إلا بعد عودة الحريري إلى لبنان وتقديمها مكتوبة له".

وأكد وزير العدل اللبناني سليم جريصاتي، الاثنين، بعد لقاء عون على أن الرئيس اللبناني يعتبر الاستقرار "خطا أحمر" لن يقبل المساس به.

بدورها، آثرت كتلة "الوفاء للمقاومة" التابعة لحزب الله عدم الحديث مؤقتا عن أزمة الاستقالة بعد خطاب نصر الله، وقال النائب علي المقداد في تصريح مقتضب لـ"عربي21": "إن الاستقالة لا تخدم مصلحة لبنان ونحن معنيون بالاستقرار الداخلي".

وأشار المقداد إلى أن ما قاله "السيد نصر الله في خطابه يعبر عنا جميعا ولا داعي للاستفاضة والدخول في نقاشات وسجالات".

ويبدو أن القيادات السنية المتحالفة مع سعد الحريري والمختلفة معه، تشدّد جميعها على ضرورة توحيد الموقف السني حول رؤية مشتركة للخروج من أزمة استقالة الحريري من أرفع منصب للطائفة في الدولة.

وقدم رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، الأحد، مبادرة إلى مفتي الجهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان تقوم على فكرة تشكيل حكومة تكنوقراط ترتكز بمهامها على دعم مؤسسات الدولة والتواصل بسلاسة مع المجتمع الدولي.

المستقبل: الكرة في الملعب الآخر

وحول هذه المبادرة يقول النائب عن تيار المستقبل غازي يوسف: "ننتظر عودة الرئيس الحريري لاتخاذ موقف من كل ما يتمّ تداوله"، مضيفا: "كل ما يقوم به الحريري مبنيّ على مصلحة لبنان، فهو وافق على التسوية، لإنهاء الشغور الرئاسي وبهدف إعادة الروح إلى المؤسسات الرسمية".

ونفى يوسف أي ضغوط مورست على الحريري للتنحي، وقال في تصريحات لـ"عربي21": "بعد مرور نحو سنة من توليه مسؤولية رئاسة الحكومة، لم يخط الفريق الآخر الممثل بحزب الله الى المنتصف، بناء على التسوية التي أبرمت وأنهت الفراغ الرئاسي".

 

وأشار إلى أن "الحريري اتهم بالسعي إلى منصب رئاسة الحكومة على حساب مصالح طائفته وفريقه السياسي، لكن بقراره هذا أثبت بأنه يقدم مصلحة لبنان على المصالح الخاصة"، وفق قوله.

وقلّل يوسف من قدرة فريق حزب الله على قيادة لبنان سياسيا في المرحلة المقبلة، قائلا: "الكرة ألقيت في ملعبهم وإذا استطاعوا تشكيل حكومة وقيادة البلاد فليفعلوا".

ورفض يوسف ما يشاع عن إمكانية رفض رئيس الجمهورية لاستقالة الحريري، وشدد على عدم "أحقية الرئيس برفض الاستقالة فالدستور واضح لجهة انفراط عقد الحكومة في حال استقالة رئيسها، ولذلك فإن مهام الرئيس الحريري وحكومته ستقتصر على تصريف الأعمال فقط".

وحيال هذه التباينات القائمة أكد يوسف أن "لبنان يعيش أزمة كبيرة لن يخرج منها إلا إذا قبل الفريق الآخر بالعودة إلى مربع الدولة، حينها فقط يتبلور الحل الذي يتفق عليه الجميع".

وبشأن ما يتداول عن توقيت عودة الحريري، قال: "نتمنى عودة سريعة للرئيس الحريري ربما خلال يوم أو أكثر من ذلك، فالقرار يعود لتقديراته"، نافيا الحديث عن اعتقاله في السعودية، وقال: "هذه أقاويل لا صحة لها، فهو يمارس نشاطه بشكل تام ويلقتي القيادة السعودية بشكل طبيعي".

يأتي ذلك، في وقت استقبل فيه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الحريري، الاثنين، في الرياض فيما يبدو أنه ردّ من الرياض على أنباء اعتقال الحريري في إطار حملة شملت أمراء ووزراء ومسؤولين كبارا في السعودية.

ورأى يوسف أن خطاب نصر الله بشأن الاستقالة كان "متوازنا وهادئا، ويدعو إلى اللحمة الوطنية وعدم الانجرار إلى لغة الشارع التي تضر بلبنان، لكنه لم يتطرق إلى أسباب المشكلة وهي الأجندة الخاصة بحزب الله التي ترتبط بمصالح إيران وأهدافها الإقليمية"، بحسب ما قال.

التعليقات (0)