صحافة دولية

"ماكينزي" للاستشارات عينت أبناء مسؤولين سعوديين.. لماذا؟

ستريت جورنال: حصلت "ماكينزي" على ملايين الدولارات لتقديم الاستشارات للحكومة السعودية- أرشيفية
ستريت جورنال: حصلت "ماكينزي" على ملايين الدولارات لتقديم الاستشارات للحكومة السعودية- أرشيفية

ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن شركة "ماكينزي أند كو"، حصلت على ملايين الدولارات لتقديم الاستشارات للحكومة السعودية في السنوات الأخيرة.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن شركة الاستشارات الدولية قامت في الفترة ذاتها بتوظيف ثمانية أولاد لمسؤولين كبار، ومن بينهم ابنا الرجل الذي يعمل وزيرا للطاقة، ومديرا شركة النفط الحكومية، وابن وزير المالية، وابن مدير شركة للمعادن. 

وتفيد الصحيفة بأن شركة "ماكينزي" تقيم علاقات قوية تعود إلى عقود مع البلد، حيث تم تعريف التجارة والأعمال من خلال العلاقات العائلية، وتقول الشركة إنها توظف بناء على الكفاءة، ورفضت مكاتبها في الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس الماضية توظيف 100 شخص ممن لهم أقارب مؤثرون.

 

وينقل التقرير عن الشركة قولها في بيان لها إن "(ماكينزي) هي شركة جدارة، وتعين أشخاصا استثنائيين، وهي واثقة من السياسة القوية والممارسات التي تميز سياسة التوظيف عالميا ومحليا". 

ولم تكشف "وول ستريت جورنال" أي اتهامات وجهها مسؤولون سعوديون وأمريكيون للشركة بشأن "ماكينزي" في طريقة توظيف السعوديين، مشيرة إلى أن توظيف الأقارب عادة ما أدى إلى تدقيق من السلطات الأمريكية.

 

ويلفت التقرير إلى أن "جي بي مورغان تشيس أند كو" دفعت العام الماضي 264 مليون دولار في تسويات قضائية، أقيمت ضدها بناء على قانون ممارسات الفساد الخارجية، مشيرا إلى أن مسؤولا في وزارة العدل وصف عملية التعيين بأنها ليست أكثر من رشوة، لكن باسم آخر.  

 

وتنقل الصحيفة عن متحدث باسم "جي بي مورغان"، قوله إن البنك تعاون مع السلطات الفيدرالية، وقام باتخاذ الإجراءات المناسبة ضد الموظفين، لافتة إلى أن وزارة العدل الأمريكية اعتبرت العام الماضي أن توظيف أبناء المسؤولين لتوليد الأرباح، وليس بناء على قدرة أو كفاءة المتقدم بالطلب الذي عين ليملأ الوظيفة، يعد شكلا من أشكال الرشوة.

 

ويورد التقرير نقلا عن "ماكينزي"، قولها إن أبناء وبنات المسؤولين الذين عينتهم "مؤهلون بشكل جيد، وتم توظيفهم بناء على خبراتهم الأكاديمية وقدراتهم في عملية تقييم دقيقة"، وأضافت أن عددا منهم حصلوا على علامات ممتازة، وحصلوا على عروض من شركات عالمية. 

 

وتفيد الصحيفة بأن "ماكينزي" تعرف بأنها توظف أشخاصا من أصحاب التعليم في الجامعات والخبرة الغربية، مشيرة إلى أن أبناء النخبة في السعودية ودول العالم الثالث هم من يحصلون على التعليم في الجامعات الغربية والمتميزة.  

وينقل التقرير عن المدير الإداري لشركة "ماكينزي" دومينك بارتون، قوله في مقابلة مع مجلة عام 2013، إن الشركة تبحث دائما عن أشخاص أبعد من شهاداتهم الجامعية، وتبحث عن أشخاص عندهم دافعية ويريدون تقديم شيء مختلف، وأضاف أن الشركة تبحث عن متخصصين في الفيزياء الفلكية وشعراء وصحفيين.

وتبين الصحيفة أن دور "ماكينزي" الأوضح هو في تشكيل الخطط الواسعة لفطم المملكة عن النفط، حيث إن مديري الشركة يقومون منذ عام 2015 برسم الاستراتيجيات داخل الوزارات، ولدى فريق ولي العهد محمد بن سلمان، بما في ذلك خطط لطرح جزء من شركة النفط السعودية "أرامكو"، الذي تأمل المملكة من خلال عائداته تمويل عمليات تنويع الاقتصاد. 

ويكشف التقرير عن أن الشركة وظفت في هذه الفترة ولدين من أبناء وزير النفط خالد الفالح، فيما لا يزال عبد العزيز يعمل مع الشركة، حيث قال والده لبعض المقربين له عندما وظفته الشركة عام 2015، إنه لم يعمل أي شيء حتى يؤمن وظيفة ابنه، وأضاف الفالح أن على ابنه مواصلة العمل في "أرامكو"، التي تتولى تأمين دراساته العليا في جامعة ستانفورد.

وتشير الصحيفة إلى أن عبد العزيز لم يرد على الأسئلة الموجهة له، وأحالها لـ"ماكينزي"، ولم يرد والده أيضا على الأسئلة. 

ويذكر التقرير أن "ماكينزي" وظفت أيضا ابني مدير البنك المركزي، الذي استقال عام 2016، وأصبح مستشارا في الديوان الملكي ومديرا لشركة كيماوية مملوكة من الدولة، وكذلك ابنة وزير الثقافة السابق، وأميرا كان والده مستشارا ويعمل الآن سفيرا في الأردن، بالإضافة إلى  اثنين استؤجرا للعمل في الصيف، مشيرا إلى أنه لا يزال هناك أربعة من الذين استأجرتهم الشركة موظفين فيها، وهم فيصل ابن وزير المالية محمد الجدعان، ومحمد ابن رئيس شركة المعادن صالح المديفر، وآثاري ابنة مدير البنك المركزي السابق فهد المبارك، وعبدالعزيز ابن خالد الفالح.

 

وتنوه الصحيفة إلى أن "ماكينزي" عندما دخلت السعودية عام 1974 لتقديم الاستشارة إلى مقرات شركة "أرامكو"، كان المنسق لشركة الاستشارات مهندسا شابا اسمه علي النعيمي، الذي أصبح فيما بعد وزيرا للنفط، لافتة إلى قول مدير الشركة السابق ساندي أبغر، إنه لم يتوقع أن يصبح النعيمي وزيرا، لأنه كان من موظفي الوسط في الشركة. 

ويجد التقرير أن توظيف سعوديين مهم لشركات الاستشارات الدولية، لأنها مهمة للعملاء المحليين في القطاع الخاص والعام، مشيرا إلى أنه عندما أصبحت "ماكينزي" من الشركات الاستشارية الرئيسية للحكومة السعودية، فإنها بدأت تبحث عن المواهب السعودية، وبحسب أشخاص على معرفة بعملها، شجعت "ماكينزي" المستشارين السعوديين على ارتداء الزي السعودي بدلا من البدلات، عندما كان يأتي العملاء السعوديون لمكاتبها.

 

وتلفت الصحيفة إلى أن الشركة وظفت في عام2003 مازن الجبير، الذي يحمل شهادتين من جامعة هارفارد، وكان في ذلك الوقت شقيقه عادل مستشارا في الديوان الملكي، حيث أصبح وزيرا للخارجية، مشيرة إلى أن مازن، الذي يعمل الآن في الاستثمارات لم يرد على أسئلة الصحيفة. 

ويوضح التقرير أنه عندما عينت "ماكينزي" عبد العزيز الفالح، فإنه كان قد حصل على شهادة في الأعمال من جامعة ستانفورد وشهادة من معهد "أم آي تي" المعروف، وعمل فترة في "أرامكو"، في وقت كان والده مديرا للشركة ووزيرا للصحة، منوها إلى أن هشام الفالح عمل في عام 2015 محللا للشؤون التجارية في الصيف، وحاصل على شهادة من ستانفورد. 

 

وتقول الصحيفة إن "ماكينزي" وظفت فيصل الجدعان في عام  2015،  عندما كان والده مسؤولا عن  تنظيمات السوق المالية قبل أن يصبح وزيرا للمالية، وحصل قبل ذلك على شهادة من جامعة الفيصل، وعمل فترة أربعة أشهر عندما كان طالبا، لافتة إلى أن محمد المديفر عمل مستشارا عام 2016، وهو يحمل شهادة من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وشهادة في الأعمال من جامعة بينتلي، وعمل محللا في مجال الائتمان، ويدير والده شركة المعادن السعودية منذ عام 2011. 

 

وبحسب التقرير، فإن بدر المبارك انضم في هذا العام إلى الشركة، حيث كان والده مديرا للبنك المركزي، وكذا ابنته آثاري، مشيرا إلى أن بدر يحمل شهادة من جامعة الملك فهد، أما أثاري فتحمل شهادة ماجستير في الإدارة من جامعة "أي إي أس إي" في إسبانيا. 

وتذكر الصحيفة أن سارة الخضيري بدأت العمل مع "ماكينزي" في أيلول/ سبتبمبر 2014، وهي تحمل شهادة من جامعة "نورث إيسترن" في بوسطن، وكان والدها نائبا لأمير مكة، وأصبح  مديرا لبرنامج الملك عبدالله للتعليم العام، ومن ثم وزيرا للثقافة، وعملت سارة مع "ماكينزي" حتى شهر شباط/ فبراير، لافتا إلى أن سلطان السعود عمل عام  2015 مع "ماكينزي" في دبي، وكان يدرس للحصول على شهادة ماجستير في الإدارة عندما كان والده مستشارا لوزير الدفاع، حيث تم تعيينه لاحقا سفيرا في الأردن. 

وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن "ماكينزي" عملت على مدار السنوات مع مسؤولين لديهم علاقة ببرنامج التغيير، فعملت مثلا مع وزير الاقتصاد والتخطيط عادل الفقيه، وبحسب أشخاص مطلعين على عمل الشركة، فإن البعض أطلق على الفقيه لقب "وزير ماكينزي"؛ وذلك لعدد المستشارين العاملين في الشركة الذين تعاون معهم في مشاريع الوزارة، حيث وسعت الشركة من أعمالها مع الفقيه، وذلك عندما اشترت شركة الاستشارات السعودية "إليكسير سوليوشينز"، منوهة إلى أنه تم عزل الفقيه من منصبه، وهو واحد من الذين تم اعتقالهم الأسبوع الماضي.

التعليقات (0)