صحافة دولية

"نيويورك تايمز" تكشف خطة ترامب لاتمام صفقة القرن

فريق ترامب يدرس الوضع الفلسطيني منذ 10 شهور - أرشيفية
فريق ترامب يدرس الوضع الفلسطيني منذ 10 شهور - أرشيفية

نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريرا لها  أعده رئيس مراسلي البيت الأبيض، الصحفي بيتر بيكر تحت عنوان "فريق ترامب يبدأ صياغة خطة السلام في الشرق الأوسط". 


وقالت الصحيفة فى تقريرها الذي ترجمته "عربي21" أن "الرئيس ترامب  بدأ مع مستشاريه في وضع خطة جديدة  لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود بين إسرائيل والفلسطينيين ، وتهدف الخطة إلى تجاوز الأطروحات القديمة من قبل الحكومات  الأمريكية السابقة بغرض تحقيق ما أسماها الرئيس ترامب بـ "صفقة القرن".


وقال مسؤولون في البيت الأبيض للصحيفة "إن فريق ترامب من المهتمين حديثا بعملية السلام في الشرق الأوسط وهو ما دفعهم إلى العكوف على دراسة القضية لمدة 10 أشهر متتابعة لمعرفة تعقيدات النزاع الأكثر تعقيدا في العالم للخروج بخطة جديدة  لإنهاء حالة الجمود التى فشل فيها أغلب السياسيين من ذوي الخبرة الكبيرة في المنطقة".

 

وأوضحت الصحيفة أن "عملية السلام في المنطقة، متشعبة ومرتبطة بمحيطها الإقليمي وتطوراته كما ظهر في الأيام الأخيرة من خلال التوتر الحاصل بين كل من السعودية و حزب الله المدعوم من إيران في لبنان"، إلى جانب شعور إسرائيل بالقلق إزاء حزب الله وكذلك الجهود التي تبذلها إيران لإقامة ممر أرضي في جنوب سوريا، وفي حال اندلعت حرب مع حزب الله، فإنها ستفشل أي جهود فى هذا الإطار. 

 

وتقول الصحيفة إن "فريق ترامب جمع وثائق وبيانات من أجل التعرف على مختلف القضايا المتعلقة بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وقال مسؤولون إنهم يتوقعون أن تعالج الخطة نقاط الخلاف الرئيسية مثل القدس والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة". 

 

وعلى الرغم من أن ترامب لم يلتزم بدولة فلسطينية، فقد نقلت الصحيفة عن محللين توقعاتهم بان "يتم بناء الخطة وفق ما يسمى بحل الدولتين الذي كان محور الجهود من أجل السلام لسنوات".

 

ونقلت الصحيفة عن جيسون دي جرينبلات كبير المفاوضين الرئيسيين قوله "لقد قضينا الكثير من الوقت في الاستماع الى الاسرائيليين والفلسطينيين والقادة الإقليميين الرئيسيين خلال الأشهر القليلة الماضية والاشتراك معهم للمساعدة فى التوصل إلى اتفاق سلام دائم". 

 

وأضاف "لن نضع جدولا زمنيا ملزما لتطوير او عرض اي افكار محددة ولن نفرض اتفاقا. وهدفنا هو تسهيل، وليس إملاء، اتفاق سلام دائم لتحسين حياة الإسرائيليين والفلسطينيين والأمن في جميع أنحاء المنطقة".

 

وتشير الصحيفة إلى أن "ترامب، الذي يعتبر نفسه صاحب الاتفاق، قرر في كانون الثاني/ يناير خوض تجربة السلام في الشرق الأوسط وذلك عندما تولى منصبه، وتراود ترامب  فكرة النجاح فيما فشل فيه رؤساء آخرون، وأوكل المهمة لجاريد كوشنر، صهره ومستشاره، مع افتقاره لأي خلفية عن القضية، وهو ما قوبل بالازدراء وقتها" .

 

ويرى فريق ترامب وفقا للصحيفة "أن الوقت قد حان، فى ظل استعداد الدول العربية لحل المسألة من أجل  تركيز الاهتمام على إيران، التي يعتبرها التهديد الأكبر".

 

ومن هذا المنطلق، ساهمت مصر في انجاز المصالحة بين محمود عباس، وحماس، وهي خطوة من شأنها أن تعزز موقف  السلطة الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني. و استدعت المملكة العربية السعودية عباس إلى الرياض لتعزيز أهمية التوصل إلى اتفاق.

 

ونقلت الصحيفة تعليق نمرود نوفيك وهو زميل في منتدى السياسة الإسرائيلية وعمل مستشارا للسياسة الخارجية لرئيس الوزراء السابق شيمون بيريز وشارك فى جولات التفاوض لاتفاقية أوسلو في التسعينات"من الواضح أن التساؤل سيكون هل سيقرر عباس و نتنياهو التعاطي مع الخطة  " و "هل يستطيع ترامب تقديم الدعم السياسي المطلوب للخطة".

 

وأضاف "ومع ذلك، لا رئيس الوزراء نتنياهو ولا عباس في موقف قوي يؤهلهم  للتفاوض. نتنياهو يواجهة تحقيقات بالفساد والضغط من اليمين في تحالفه الضيق بعدم تقديم تنازلات، في حين أن عباس يواجه معارضة قوية بين شعبه". 

 

وتابع "الشكوك تكثر، وخاصة بين أولئك الذين أمضوا سنوات من أجل التغلب على نفس التحديات مع نفس المجموعات ونفس  الأدوات". 

 

وقال فيليب غوردون، منسق البيت الأبيض في الشرق الأوسط تحت قيادة أوباما: "لا جديد تحت الشمس عندما يتعلق الأمر بالسلام في الشرق الأوسط".

 

وقال تمارا كوفمان ويتس، وهو مسؤول بوزارة الخارجية في عهد   أوباما، إن القادة الإسرائيليين والفلسطينيين "مقيدون بشدة" ليس فقط من قبل الائتلافات الحاكمة  ولكن من قبل الجمهور . وأضافت "يصعب هذا حتى على القادة السياسيين الراغبين تقديم تنازلات كبيرة في ظل هذه الظروف".

 

ويضم الفريق الرئيسى المكون من أربعة أعضاء هم كوشنر، و جرينبلات، ودينا باول، نائب مستشار الأمن القومي، وديفيد م. فريدمان، السفير لدى إسرائيل. وهم يتشاورون مع دونالد بلوم، القنصل العام في القدس، وغيرهم من وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي. وقال المسؤولون إن هذا الجهد قد يستمر  حتى بداية  العام القادم.

 

وتؤكد الصحيفة أن "ترامب وفريقه لا يخجلون من إعلان مواقفهم المؤيدة لإسرائيل صراحة وقد تفاخر الرئيس بأنه "أكبر صديق" لإسرائيل ، والسيد كوشنر، والسيد غرينبلات، والسيد فريدمان هم جميعا من اليهود الأرثوذكس الذين لهم علاقات مع إسرائيل. لكن باول  مسيحية قبطية ولدت فى مصر ولكوشنر علاقات قوية مع السعوديين والعرب الآخرين، وعاد مؤخرا من زيارة إلى الرياض. وقد اجتمع السيد ترامب مع السيد نتنياهو والسيد عباس ثلاث مرات لكل منهما".

 

من ناحية أخرى "أعرب المسؤولون من الجانبين عن قلقهم من أن ترامب وفريقه لا يزالون مفتقرين للخبرة حول الشرق الأوسط وغير فعالين في تحقيق أهدافهم".

 

وقال دنيس روس المفاوض في شؤون السلام في الشرق الأوسط أن قرار فريق ترامب تقديم خطة جديدة أمر منطقي إذا تم إعداد الأرضية مسبقا.

 

وأضاف روس لصحيفة  "إذا استؤنفت المفاوضات بدون إجراءات جدية مصاحبة فإن الناس سيقولون لقد رأينا هذا الفيلم من قبل لا، شيء مختلف هذه المرة". 

 

وتقول الصحيفة "يرى محللون أن خطة ترامب قد تأتي مع تنفيذ تعهدات بناء الثقة التي وافق عليها كلا الجانبين". 

 

بالنسبة لإسرائيل، يمكن أن تشمل الحد من بناء المستوطنات والتوقف دون ضم أراض جديدة، وإعادة الالتزام بحل الدولتين وإعطاء الفلسطينيين مزيدا من السيطرة أجزاء صغيرة من الضفة الغربية.

 

وبالنسبة للفلسطينيين، يمكن أن يشمل استئناف التعاون الأمني الكامل مع إسرائيل، و الاستمرار في السعي إلى مزيد من الاعتراف الدولي ووقف المخصصات لأسر الفلسطينيين الذين سجنوا في إسرائيل. 


والدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية ومصر و الإمارات العربية المتحدة و الأردن ، يمكن أن تضيف التزاماتها الخاصة، مثل حرية الملاحة الجوية لطيران  الإسرائيلي وتأشيرات رجال الأعمال ورفع مستوى الاتصالات.


وعلق المبعوث الفلسطيني على الخطة قائلا "إن أى خطة يجب أن تؤسس لدولة فلسطينية ذات سيادة على طول حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأضاف "هذا هو الحد الأدنى".  

 

من الجانب الآخر يضغط حلفاء إسرائيل في واشنطن وهو ما ستظهر نتائجه فى لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب يوم الأربعاء بخصوص  مشروع قانون لخفض المساعدات للسلطة الفلسطينية ما لم توقف مخصصات الأسرى الفلسطينيين. 

 

وقال نائب دوج لامبورن، وهو جمهوري من ولاية كولورادو: "إذا أراد  الفلسطينيون أن يصبحوا شركاء جديرين بالثقة فى اى نوع من مناقشات السلام فان عليهم ان يظهروا انهم لا يحرضون على الإرهاب". وأضاف: "كلما تدفع السلطة مخصصات الأسرى كلما زاد عدد اليهود الذين يقتلون وهذا هو التحريض الخالص على الإرهاب".

 

ويقول القادة الفلسطينيون أن المخصصات تهدف الى مساعدة الاسر المعدمة وليس دعم الإرهاب ويتهمون إسرائيل بدعم العنف وتشجيع المستوطنين فى الضفة الغربية. 

 

ومع ذلك، فإن بعض المحللين يعتقدون أن  نتنياهو وعباس يعملان وفق استراتيجية تمكن كل منهما أن يلقي اللوم على الآخر عندما تنهار العملية.

 

وقال غرانت روملي الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن "أكبر عائق أمام عملية السلام هو عباس ونتنياهو"، منتهيا الى القول: "في نهاية المطاف كل منهما لديه تاريخ طويل من انعدام الثقة في الآخر ولا أعتقد أنهم سيصلون إلى أي نقطة يثقون فيها ببعضهم". 

 

يشار الى أن عملية السلام متوقفة بين الفلسطينيين والاسرائيليين منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في العام 2000 وما تلاها من عمليات عسكرية اسرائيلية واسعة استهدفت مناطق السلطة الفلسطينية وأدت الى تدمير العديد من المؤسسات التابعة للسلطة، كما دخلت العملية السياسية في مرحلة من الجمود التام منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في العام 2004.

التعليقات (0)