سياسة عربية

لماذا يصر السيسي على "الكيد السياسي" مع الخرطوم؟

الحركة التي تواجه حكومة الخرطوم في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ 2011، تعاني من انقسام حاد بين شقيها- يوتيوب
الحركة التي تواجه حكومة الخرطوم في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ 2011، تعاني من انقسام حاد بين شقيها- يوتيوب

بعد الإعلان عن نجاح قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي الخميس، توحيد فرقاء الحركة الشعبية لتحرير السودان بمقر المخابرات العامة بالقاهرة؛ تثار التساؤلات حول إصرار القاهرة على التعامل بالكيد السياسي مع الخرطوم رغم فشل مفاوضات سد النهضة.


والحركة التي تواجه حكومة الخرطوم في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ 2011، تعاني من انقسام حاد بين شقيها منذ آذار/مارس الماضي، وكانت قد أقرت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي "حق تقرير المصير لجبال النوبة" ما يعني الانفصال وإقامة دولة جديدة.

 


ويعيش المصريون، مخاوف شديدة من ضياع حصة مصر التاريخية في مياه النيل، وتضاعفت هذه المخاوف مع إعلان وزير الري المصري الاثنين، فشل مفاوضات مصر والسودان وإثيوبيا حول ملف سد النهضة بعد الجولة 17، ما أصاب المصريين بصدمة متسائلين عن الحل في مواجهة تلك الأزمة.


وفي المقابل تقف السودان إلى جانب إثيوبيا في هذا الملف، ولم تنجح الشقيقتان في توفيق مواقفهما بمواجهة أديس أبابا، رغم أنهما دولتا مصب، وتنص الاتفاقيات التاريخية على حقوقهما الثابتة في مياه النيل.


بدوره، حمّل الكاتب الصحفي أنور الهواري، قائد الانقلاب مسؤولية ذلك الفشل، مطالبا بانتخابات رئاسية مبكرة.

 

اقرأ أيضا: قطر والسودان تتفقان على إنشاء أكبر ميناء بالبحر الأحمر


وقال الهواري عبر صفحته على "فيسبوك": "انتهت ولاية السيسي الأولى - فعليا وواقعيا - في لحظة إعلان فشل مفاوضات السد"، مضيفا أنه "في الدول الديمقراطية يتقدم باستقالته، ويدعو البرلمان لانتخابات رئاسية مبكرة، ليفسح الطريق لغيره".


وشددت العديد من الدراسات والتقارير العلمية والصحفية لمتخصصين على خطورة وضع مصر في ظل إصرار إثيوبيا على إكمال السد دون توافق مع مصر، ما وضع البلاد التي تعتمد على مياه النيل كمصدر أساسي للزراعة والشرب والصناعة بموقف سيء خاصة مع الإعلان عن دخولها مرحلة الفقر المائي وسحبها من المخزون الاستراتيجي ببحيرة ناصر.


أنظمة دكتاتورية متعالية


وحول إصرار السيسي على الكيد السياسي مع الخرطوم رغم حاجته إلى دعمها بملف حوض النيل، قال أستاذ العلوم السياسية بدر شافعي، إن "الإشكالية الأولية والتي لابد من لفت النظر إليها؛ هي الإعلان عن الدور المصري في المصالحة بين أطراف الحركة الشعبية".


وأوضح شافعي لـ "عربي21" أنه "يكشف الأوراق المصرية أمام السودان وخاصة أن المخابرات المصرية هي من قامت بهذا الدور"، مضيفا أن مثل هذه الأمور كانت تتم في السابق دون الإعلان عنها.


ورأى أنه "ربما يكون من الطبيعي أن تضغط دولة ما على أخرى بدعم المعارضة ضدها، وفي المقابل تستغل الدولة الأخرى ذلك الملف أيضا، ولكن أن يتم الإعلان والكشف عن دوري بدعم معارضة الطرف الآخر فهذا أمر مستغرب".


واعتبر شافعي المتخصص في "تسوية وإدارة الصراعات" أن أضرار هذا الموقف المصري أكبر من منافعه، مستدركا قوله: "إلا إذا كانت مصر متعمدة الإعلان عن ذلك لإجبار الخرطوم على تخفيف التوتر مع القاهرة من ناحية، ولقبولها الضغط على إثيوبيا بملف سد النهضة".


وفي سؤال حول أنه كان من المفروض أن تتواءم مصر مع السودان في ملفات الجنوب السوداني، ووقف اللعب بورقة المعارضة، وتقليل التوتر بملف حلايب وشلاتين من أجل حياة المصريين، أجاب خبير الشئون الأفريقية بقوله: "دائما النظم العسكرية الانقلابية تنظر بنظرة تعالي في التعامل مع غيرها، مع العلم أن نظام الخرطوم هو أيضا نظام عسكري"، موضحا أنه "يحدث نوع من العناد بين الطرفين (العسكريين)".


وأضاف أنهما "لو استخدما لغة التعامل والحوار السياسي لحدث تنسيق بينهما، ولكن في إطار التصعيد لن يحدث شيء من هذا القبيل".


وأشار شافعي إلى "ما يقوله السودانيون من أنه فاض بهم الكيل من مصر وانزعاجهم مما أسموه ممارسات مصر في حلايب من تمصير للمنطقة وإساءة معاملة السودانيين هناك".


وأوضح أن "الخرطوم تقوم هي الأخرى بعمل ما يسمى برد الاعتبار، بوضع مجموعة من الشروط للتفاوض في هذه الأمور"، متابعا قوله إن "الخرطوم استغلت قربها من أديس أبابا للضغط على القاهرة بملف السد رغم أنها كانت مع مصر في البداية".


 توقيت وسياق الاتفاق


ومن جانبه أكد المحلل السياسي المصري خالد الأصور، أنه "في السياق الطبيعي للعلاقات الدولية فإن خطوة السيسي بالتعاون مع الرئيس الأوغندي موسيفيني بتوحيد الحركة الشعبية والحيلولة دون عودة الانقسام والصراع العسكري الفصائلي في جنوب السودان؛ هي خطوة محمودة سياسيا".


وأشار الأصور لـ"عربي 21"، إلى أن تلك الخطوة "ستؤدي إلى الحد من تدفق لاجئي جنوب السودان إلى الخارج، ومصر من بين الدولة المستقبلة لهؤلاء اللاجئين بشكل رسمي أو عن طريق التهريب ما يمثل مصلحة مصرية".


وأضاف: "إذا كان هدف هذه الخطوة توسيع دور مصر وتأثيرها الإقليمي ولا سيما في محيطها الإفريقي، فمن شأن ذلك أيضا أن يعزز من أسهم مصر في نزاع مرتقب سياسيا على الأقل بشأن قضية حقوق مصر المائية في نهر النيل".

 

اقرأ أيضا: بعد توقف مباحثات لسد النهضة هل أضاع السيسي نهر النيل؟


واستدرك الأصور قوله: "لكن ما يضعف من تأثير هذه الحميمية في علاقات القاهرة وأبوجا أنها تأتي في توقيت وفي سياق تصريحات غير ودية بين القاهرة والخرطوم، ولا شك أن مصالحنا مع الخرطوم وهي الدولة الأم للسودان الكبرى أهم وأكثر تشعبا".


وأكد أن "الأمر يدعو إلى ترقب التطورات التالية في قضية التوازن في العلاقات بين القاهرة من ناحية والخرطوم وأبوجا من ناحية أخرى".

1
التعليقات (1)
الشفيع محمد علي
السبت، 18-11-2017 11:09 م
السيسي سيضع المصريين بسياساتة الفاشلة مصر تسيرها تل ابيب والمخابرات هي الحاكم الفعلي وليس السيسي