ملفات وتقارير

هل تسببت الحروب الإسرائيلية على غزة بحدوث تشوهات للأجنة؟

أ ف ب
أ ف ب

أطلقت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة تحذيرا من ارتفاع قياسي في عدد الأجنة المشوهة للنساء الحوامل في غزة، الأمر الذي ينذر بكارثة صحية نتيجة عدم قدرة الطواقم الطبية على التعامل مع هذه الحالات.


مستويات قياسية

 

قال مدير عام المستشفيات في وزارة الصحة في غزة ، يوسف أبو الريش، إن حالات تشوه الأجنة في قطاع غزة تخطت مستويات قياسية، حيث وصلت نسبة التشوه للمواليد 100 مولود لكل 1000 حالة ولادة، وهي أعلى بكثير من النسبة الطبيعية التي حددتها منظمة الصحة العالمية البالغة 40 حالة تشوه لكل 1000 مولود، وهو ما ينذر  بدخول مستشفيات  قطاع غزة في مرحلة الطؤارئ؛ نظرا لعدم قدرة الطواقم الطبية على التعامل مع هذه الحالات؛ نظرا لقلة الإمكانيات المتوفرة وقلة الخبرة لدى الأطباء للتعامل مع حالات تشوه الأجنة التي وصفها بالنادرة.


حالات نادرة

 

وأوضح أبو الريش في حديث لـ"عربي21" أنه وللمرة الأولى يشهد قطاع غزة ولادة خمس مواليد توأم سيامي ملتصقي الرأس والحوض منذ العام 1993، وهي حالة نادرة حيث لم تسجل مستشفيات القطاع وجود أي حالة توأم سيامي منذ نحو ربع قرن.

 

وتابع أن حالات التشوه تنحصر في وجود التشوه الدماغي المعروف  (بالاستسقاء)، وهو تشوه أجنة من النادر حدوثه على مستوى العالم، بالإضافة  لفتاق العصعص، وتشوهات الرأس، وحدوة الحصان (تشوه الأطراف)، ونقص الأطراف، تشوهات القلب والعمود الفقري والدماغ وهي تمثل نحو 20% من التشوهات.

 

ووفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، فإن نسبة تشوه الأجنة قبل العام 2006 كانت ثابتة ومتماشية مع الأرقام العالمية بوصولها لـ40 حالة لكل ألف مولود، لكنها ارتفعت بعد العام 2010 بنحو 50%، فأصبحت حوالي 63 حالة تشوه لكل 1000 مولود، ثم حدثت زيادة أخرى بعد عدوان 2012، وزيادة أكبر بعد العام 2014 بحوالي الضعفين، وتخطت حاجز 100 حالة لكل ألف حالة ولادة، وهي في ارتفاع مستمر، وهو ما يرجح فرضية "تحميل إسرائيل السبب المباشر في الوصول لهذه الكارثة الصحية"، وفق ما أشار إليه رئيس قسم النساء والولادة في مجمع ناصر الطبي جنوب قطاع غزة، عصام زعرب.


مخلفات الحروب الإسرائيلية

 

وأوضح زعرب أن 70% من حالات تشوه الأجنة تأتي من المناطق الشرقية لقطاع غزة، التي تعرضت خلال الحروب الثلاثة الأخيرة على غزة (2008_2012_2014) لغازات سامة ومواد كيماوية منها مادة الدايم، التنغستون، الكوبالت، الكبريت ، الفسفور الأبيض، الرصاص، الرينيوم، الكربون، التي تصنف من أخطر المواد الثقيلة المستخدمة في إنتاج الأسلحة المتفجرة، لكونها تهاجم البصمة الوراثية، التي تعمل على حدوث تفاعلات ضارة داخل الجسم، لتكن سببا في تزايد نسبة التشوهات لدى الأطفال حديثي الولادة.

 

وبين الطبيب الفلسطيني في حديث لـ"عربي21" أن غالبية التشوهات لحديثي الولادة التي وصلت إلى قسم الحضانة، تتركز في الجهاز العصبي والجهاز الهضمي وتشوهات جلدية وأخرى بالمخ، بالإضافة إلى ولادة بعض الأطفال دون أطراف، بالإضافة لحالات الإجهاض في الأشهر الأولى من الحمل، التي وصلت نسبتها لـ40% من إجمالي عدد النساء الحوامل في القطاع.


وصدر تقرير عن لجنة New weapons في 17 أيلول 2009 يشير إلى احتواء تربة غزة على (35) معدنا ساما ومسرطنا، ووجود تركيزات غير عادية للعناصر النادرة في تربة غزة، ومن أهمها التنجستن والكوبالت، وأن وجود هذه العناصر تظهر آثاره السلبية على الإنسان والنبات في شكل خلل جيني وتشوهات خلقية وأمراض سرطانية.

 

إبادة جماعية

 

بدوره قال أستاذ الفيزياء الطبية، أنور عطا الله، أن الحروب الإسرائيلية المتكررة على غزة، تسببت في ارتفاع نسبة المواد المسرطنة في تربة قطاع غزة من 35 مادة في العام 2009 إلى 73 مادة، تم اكتشافها بعد الحرب الأخيرة صيف العام 2014، وهذه المواد تعمل على قتل التربة في الأماكن التي تعرضت للقصف المباشر، مما يؤدي إلى انتقال المواد المسرطنة لجسم الإنسان عن طريق المياه الجوفية والزراعة، وهو ما يعني عمليا أن جميع سكان قطاع غزة تعرضوا لنسب متفاوتة من الإشعاع المسرطن لهذه المفتجرات، بالانتقال غير المباشر عن طريق المياه والخضروات المزروعة في تلك المناطق.

 

وأضاف عطا الله في حديث لـ"عربي21" أن الأخطر في هذه المواد، هو أن آثارها تظهر بعد عدة سنوات من خلال تشوهات الأجنة في أرحام الأمهات، أو قد تتأثر الأجهزة العصبية والتنفسية  في جسم الإنسان بشكل مباشر، ما يؤثر على نشاطها وديناميكيتها خلال نشاطه اليومي، كما أن جزءا كبيرا من هذه المواد، يحتاج إلى فترة قد تصل إلى 30 عاما لتتفكك عناصرها المركبة لها، وشبه عطا الله ما تتعرض له غزة بمديني هورشيما وناجزاكي، حينما ألقت الولايات المتحدة الأمريكية قنبلتين ذرتين على اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية.

التعليقات (0)

خبر عاجل