كتاب عربي 21

الإسلاميون والقوميون يلتقون مجددا في بيروت: المطلوب مراجعة شاملة ونقدية للتجربة

قاسم قصير
1300x600
1300x600

التقى مجددا في بيروت؛ القوميون العرب والإسلاميون، يومي 18 و19 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وذلك في إطار الدورة العاشرة للمؤتمر القومي - الإسلامي، والذي تأسس قبل حوالي العشرين عاما بمبادرة من المؤتمر القومي العربي؛ لإنهاء الصراع التاريخي بين القوميين والإسلاميين، وللبحث عن مساحات عمل مشتركة في إطار المشروع النهضوي العربي، والقائم على خمسة أسس: الديمقراطية، والتنمية، والتجديد الفكري، والاستقلال الوطني، وحقوق الإنسان.

اللقاء الجديد بين القوميين والإسلاميين في بيروت؛ تم في ظل ظروف صعبة يشهدها العالم العربي والإسلامي، وذلك في ظل اشتداد الصراع السعودي - الإيراني والأزمات التي تشهدها دول المنطقة والمحاولات الجارية لتصفية القضية القضية الفلسطينية، والعمل للتطبيع بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني؛ في إطار ما يسمى "صفقة القرن"، والتي تحدث عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ورغم الأجواء المتشنجة في المنطقة، والضغوط التي شهدها لبنان في الأسابيع الماضية بعد أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، فقد حضر إلى بيروت حوالي 120 شخصية قومية وإسلامية؛ تمثل مختلف الاتجاهات القومية والإسلامية، من إخوان مسلمين، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وحزب الله، وحركة النهضة التونسية، وأحزاب إسلامية وقومية وناصرية ويسارية؛ من عدد من الدول العربية من المشرق والمغرب، وإن كان برز غياب واضح للشخصيات الخليجية، باستثناء شخصية بحرانية، وكذلك غياب معظم الرموز الإسلامية الإخوانية وغير الإخوانية من مصر؛ لأسباب عديدة.

وقد ناقش المؤتمر على مدار يومين؛ معظم القضايا والأزمات التي يوجهها العالم العربي والإسلامي، وبرزت بعض أجواء السخونة والحدة في بعض المناقشات، ولا سيما عند التطرق لما يجري في اليمن ومصر وسوريا. وقد قدم ممثلو الجماعة الإسلامية في لبنان وحركة حماس وبعض ممثلي الإخوان المسلمين؛ انتقادات حادة لتغييب ملف الاعتقالات لقيادات الإخوان في مصر، كما طالبوا بالأخذ بالاعتبار بوجهات النظر المتعددة حول مختلف القضايا والأزمات في المنطقة. لكن في المقابل، كان هناك اتفاق شامل على الموقف من القضية الفلسطينية ودعم المقاومة، ورفض وصف القوى المقاومة بالإرهاب. كما أن المواقف الانتقادية التي وجهت للمملكة السعودية بسبب دورها في اليمن ودول أخرى؛ لم تواجه بأي موقف استنكاري من الحاضرين.

وقد تميز البيان الختامي الصادر عن المؤتمر بالحرص على إبراز كل المواقف المتنوعة، والتأكيد على أهمية استمرار الحوار بين القوميين والإسلاميين، والبحث عن مساحات العمل المشتركة، ولا سيما في مواجهة التطبيع مع العدو الصهيوني، ودعم العمل السياسي المشترك في مواجهة مرحلة ما بعد داعش، والتصدي لتصفية القضية الفلسطينية، وحماية الحريات العامة ودعم الديمقراطية، ومواجهة التطرف والفتن المذهبية.

ومع أهمية استمرار هذه التجربة الحوارية والعمل المشترك، بين القوميين والإسلاميين، في هذه الظروف الصعبة، فإن هناك جملة ملاحظات يمكن تسجيلها من خلال متابعة الدورة الأخيرة للمؤتمر القومي - الإسلامي، وطبيعة العلاقة التي تربط بين التيارين. ومن هذه الملاحظات:

عددا كبيرا من الرموز القومية والإسلامية غابت عن المشاركة في الدورة الأخيرة


أولا: أن عددا كبيرا من الرموز القومية والإسلامية غابت عن المشاركة في الدورة الأخيرة، مما يضعف دور المؤتمر ونشاطاته، وهذا يتطلب البحث عن أسباب الغياب، وكيفية إعادة تفعيل المشاركة.

ثانيا: لم تحصل مراجعة شاملة ونقدية لكل المرحلة السابقة، وخصوصا تلك الأزمات التي أدت إلى انتكاس العلاقة بين القوميين والإسلاميين، ولم يتم تقديم حصيلة الحوارات التي تمت في السنتين الماضيتين، وما هي الأسس التي على أساسها تمت العودة للعمل المشترك، مع أنه برزت بعض الآراء النقدية خلال المؤتمر. وتضمن البيان بعض الأسس للعمل المشترك في المرحلة المقبلة، وخصوصا على صعيد القضية الفلسطينية ودعم المقاومة.

ثالثا: غاب الاهتمام الإعلامي بأعمال المؤتمر، وحتى من قبل المؤسسات الإعلامية، من صحف وفضائيات وإذاعات ومواقع إلكترونية، تعتبر مؤيدة للقوى القومية والإسلامية. والمسألة الإعلامية تتطلب إعادة النظر بكيفية العمل للحضور الإعلامي مستقبلا.

رابعا: أن آليات عمل المؤتمر تتطلب مراجعة جدية من أجل تفعيل الحضور على الصعد الشعبية، أو من خلال المبادرات والبرامج العملية. وقد يكون العائق المالي أحد أسباب تراجع الحضور العملاني. وكل ذلك يحتاج لدارسة عملية من الأمانة العامة ولجان المتابعة.

لكن رغم كل الملاحظات التي يمكن إيرادها حول اللقاءات القومية - الإسلامية المشتركة، وضرورة البحث عن رؤية مستقبلية جديدة تواكب المتغيرات الحاصلة في المنطقة والعالم، فإن الاستمرار في التواصل واللقاء والحوار أمر ضروري، وخصوصا في المرحلة المقبلة، وإن كان المطلوب مواكبة أكثر للتطورات، وجرأة إضافية لنقد التجارب الماضية، وللبحث عن آفاق مستقبلية للعمل المشترك.

التعليقات (0)