قضايا وآراء

إيران عدوا وإسرائيل حليفا!!

ماجد أبو دياك
1300x600
1300x600

يريد البعض أن يقنعنا بأن عدونا في المنطقة هو إيران وليس إسرائيل، ويستغل بعض ممارسات إيران في سوريا والعراق واليمن ليؤكد على نظريته القائمة على الخداع والتزوير؛ من أجل شيطنة إيران، باستغلال الصراع الذي قادته طهران ومعها حزب الله في سوريا ضد المسلمين السنة، وغيرها الكثير من الشواهد.

هذا بالضبط ما أرادته بعض الدول العربية من خلال تصنيف حزب الله كإرهابي وإدانة دور إيران في المنطقة، من خلال البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجية الدول العربية الاستثنائي الأخير في القاهرة.

 

الحقيقة في ما يجري تكمن في محاولة تبرئة إسرائيل من احتلالها للأرض الفلسطينية

م
ورغم أن إيران وقعت في أخطاء بتدخلها في المنطقة بمليشياتها الكثيرة، إلا أن الحقيقة في ما يجري تكمن في محاولة تبرئة إسرائيل من احتلالها للأرض الفلسطينية وممارساتها الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني. ويقود هذا التوجه كل من السعودية والإمارات، تحت حجة أنه لا عداء مع إسرائيل منذ العام 1967، كما صرح بذلك وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش.

التوريث وإعادة صياغة المنطقة

ويعود أصل التوجه السعودي لتطبيع العلاقات مع إسرائيل إلى قضية توريث الحكم من الملك سلمان لابنه محمد، واستعداد الأخير لتقديم الثمن المطلوب في سبيل ذلك، بما في ذلك الاستعداد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل؛ كمدخل لتوطيد العلاقات مع الولايات المتحدة التي يطلب منها الموافقة على التوريث.

كما يشكل التطبيع فرصة لإعادة صياغة المنطقة، في ضوء تصفير الصراعات فيها، والتحشيد ضد إيران، بمساعدة الولايات المتحدة، لإنهاء تواجدها (إيران) على الحد الجنوبي للسعودية؛ بمساعدتها الحوثيين الذين عجز نظام الملك سلمان عن إنهاء وجودهم من خلال الحشد العربي ضده.

 وقد قدم الملك سلمان أيضا الثمن المالي الذي طالب به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من خلال ضخ السعودية مئات المليارات من الدولارات في الاقتصاد الأمريكي، والسماح للشركات الأمريكية للاستثمار في السعودية!

وبالنسبة للكيان الصهيوني، فإنه يريد استغلال الفرصة التاريخية لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ بتقديم أقل ثمن ممكن، والحصول على تنازلات لم يكن يحلم بها في قضايا القدس واللاجئين، وعقد تحالف مع العرب لمواجهة إيران التي بات يرى أنها تشكل خطرا وجوديا عليه، فضلا عن التهديد النووي والتسليحي، وتشديد موقف الإدارة الأمريكية من النظام الإيراني، وإعادة النظر في الاتفاقية النووية معه.

 

وتريد إسرائيل تضخيم وتكبير خطر إيران؛ لدفع الدول العربية للجوء إليها وإلى أمريكا


 

وتريد إسرائيل تضخيم وتكبير خطر إيران؛ لدفع الدول العربية للجوء إليها وإلى أمريكا لمواجهة هذا الخطر المتوهم، بما يؤدي لدفعهم لتقديم تنازلات كبيرة في الصراع.

ولكن إسرائيل لا تستطيع أن تسوق نفسها في المنطقة عبر السعودية، وربما مصر، وحدها، فهي تريد اتفاقات مع الدول المحيطة بها، ولا تستطيع أن تنالها في كل من سوريا والعراق بسبب النفوذ الإيراني فيهما.

كما لا يزال ينظر لإسرائيل في المنطقة كقوة محتلة بنظر معظم العرب والمسلمين، ولا تستطيع السعودية، مهما أوتيت من قوة، تسويق إسرائيل تحت حجة مواجهة الخطر الإيراني، حتى لو كان هذا حلما قديما بالنسبة للعدو؛ يتضمن الحصول على تنازلات جديدة من العرب، عبر إيجاد عدو مشترك للطرفين وهو إيران.

مقاربات مختلفة

وتسعى الدول العربية التي تعتبر نفسها معتدلة؛ إلى دعم عملية إنهاء الصراع في المنطقة، لأنها تعلم أن استمراره يشكل خطرا عليها، إذ قد يغذي ذلك ثورات جديدة في المنطقة؛ تؤثر على الأنظمة الحاكمة فيها، وقد يعيد كرة الربيع العربي عام 2011.

 

تسعى الدول العربية التي تعتبر نفسها معتدلة؛ إلى دعم عملية إنهاء الصراع في المنطقة، لأنها تعلم أن استمراره يشكل خطرا عليها


 

غير أن ذلك ارتبط بمقاربات مختلفة بين دول ما يسمى "الرباعية العربية". ففي الوقت الذي تبدو فيه السعودية والإمارات مستعجلتين لذلك، لا يشاركهما الأردن نفس الحماس. إذ يدور الحديث عن عملية تسوية قد يطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحازت على موافقة الرياض، وتتضمن التنازل عن حق العودة الفلسطيني، مقابل وضع القدس تحت السيادة الدولية.

وعبر الأردن عن تخوفه من تضييع حق اللاجئين في العودة لديارهم؛ ما سينعكس سلبا على الاستقرار في الأردن الذي يشكل الفلسطينيون 65 في المئة من سكانه، حسب تصريحات مسؤول أردني رفيع لم يفصح عن هويته؛ لموقع ميدل إيست آي.

وحسب الموقع، فإن التسوية في القدس قد تؤدي إلى خسارة عمان تأثيرها من خلال الإشراف الديني على المقدسات في القدس، وهي التي ضمنتها اتفاقية وادي عربة عام 1994.

كما يُقلق الديوان الملكي في عمان ذلك الضغط الذي يمارس على الأردن للانضمام إلى الحملة المعادية لإيران، وما يمكن أن يترتب من عواقب وخيمة على ما يعتبرونه سياسات سعودية "خرقاء".

وفي القاهرة، رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التصعيد ضد إيران وحزب الله، ورأى أن ذلك لا يخدم استقرار المنطقة، وذلك في الوقت الذي اتخذت  فيه الرياض موقفا تصعيديا ضد إيران والحزب، بعد إطلاق الحوثيين صاروخا بعيد المدى تجاه الرياض.

وتنبع التخوفات المصرية من أن التصعيد في المنطقة سينالها نصيب منه، فضلا عن محاولة ابتزاز الرياض ماليا للاستمرار معها في سياساتها بالمنطقة.

وثارت تكهنات بعد استدعاء ابن سلمان للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الرياض، إثر التوقيع على المصالحة مع حماس برعاية مصرية. إلا أن المؤكد أنه مورست ضغوط على عباس في الرياض؛ للموافقة على خطة أمريكية مرتقبة تتجاوز القدس والمستوطنات واللاجئين، وتسهل عملية التطبيع العربي مع إسرائيل، وهو ما يرى فيه عباس إضعافا للموقف الفلسطيني. وتخسر السلطة بذلك عامل الضغط على إسرائيل التي تعودت على التملص من التزاماتها.

وتملك السعودية والإمارات أدوات للضغط على السلطة، فضلا عن الضغط الأمريكي. فهناك غريم عباس، وهو محمد دحلان الذي يمكن أن تستدعيه الإمارات للتلويح للرئيس الفلسطيني بالبديل القادم؛ إذا لم يرضخ للمطالب السعودية والإماراتية.

معوقات وحلول

ورغم كل ذلك، لم تر خطة ترمب النور حتى الآن، كما أن العديد من الدول العربية لا تشارك الرباعية العربية مواقفها من الصراع، فضلا عن الدور القطري الواقع تحت الحصار، والذي يدفعه نحو إيران دفعا.

ولا زالت المنطقة تزخر بعوامل المعارضة بالرفض الشعبي للتطبيع، وقد يكون لها دور في  إفشاله، مع استمرار الممارسات الإسرائيلية القمعية ضد الفلسطينيين، وتواصل محاولات تهويد القدس، والتي ستواجه بانتفاضات وهبات فلسطينية تؤجج الجماهير العربية.

 

تستطيع طهران تجاوز محاولات شيطنتها، وقطع الطريق على الدول العربية الساعية للتطبيع؛ من خلال سحب مليشياتها من سوريا، وتهدئة الصراع في اليمن، ومحاولة الوصول إلى تسويات مع الدول العربية


 

وقد يؤدي التطبيع الرسمي المتسارع إلى ردود فعل شعبية تشكل رافعة لاستعادة روح الثورات العربية، لتمس هذه المرة الدول التي ناهضت الثورات، وعملت على إسقاطها منذ 2011.

وتستطيع طهران تجاوز محاولات شيطنتها، وقطع الطريق على الدول العربية الساعية للتطبيع؛ من خلال استكمال سحب مليشياتها من سوريا، وتهدئة الصراع في اليمن، ومحاولة الوصول إلى تسويات مع الدول العربية تعيد إسرائيل إلى مربع العداوة مع العرب.. فهل تفعل إيران ذلك؟ وهل ستستجيب الدول العربية المعنية لهذه الخطوة؟ أسئلة كبيرة برسم الإجابة.

التعليقات (0)