ملفات وتقارير

ما دوافع واشنطن لإعلان قطع الدعم عن "الوحدات" بسوريا؟

ترامب قدم ضمانات جديدة لأردوغان حول عدم تسليح الوحدات الكردية في سوريا- جيتي
ترامب قدم ضمانات جديدة لأردوغان حول عدم تسليح الوحدات الكردية في سوريا- جيتي

رغم تشكيك كثير من المراقبين بمدى جدية أمريكا بقطع الدعم عن وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية- قسد"، ذهب محللون إلى أن الولايات المتحدة لا تبدو هذه المرة في وارد تضليل تركيا.

وكان البيت الأبيض أكد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أبلغ نظيره التركي رجب طيب أردوغان، خلال اتصال هاتفي الجمعة الماضي، بأن تعديلات وشيكة سيجريها على الدعم المقدم للشركاء على الأرض، بعد اقتراب انتهاء المعارك ضد التنظيم.

 

اقرأ أيضا: ضمانات أمريكية جديدة لأنقرة بشأن الفصائل الكردية..ما هي؟

تأكيد البيت الأبيض جاء بعد إشارة وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إلى أن الرئيس الأمريكي، وعد نظيره التركي بالتوقف عن تسليح وحدات حماية الشعب في سوريا.

فما هي الأسباب الحقيقة التي وقفت وراء هذه الخطوة الأمريكية، التي أثارت استياء تركيا الحليف الاستراتيجي الأقوى لها في المنطقة؟

"صفقات كبرى"

وضمن رؤيته للوضع الذي أدى بواشنطن إلى موقفها الأخير، قال الخبير بالشأن التركي ناصر تركماني، إن هناك متغيرات عدة، موضحا أن أبرزها "النتائج التي خرجت بها القمة الثلاثية الروسية التركية الإيرانية الأخيرة في مدينة سوتشي".

وقال: "أدركت الولايات المتحدة أن تركيا ماضية في تحالفها الجديد مع روسيا، الذي سيؤثر على مصلحتها في الشرق الأوسط برمته".

وأضاف لـ"عربي21"، لقد راهنت الولايات المتحدة في الفترة السابقة على الوحدات الكردية لتحقيق استراتيجيتها في سوريا والعراق، وهي التي عودتنا على سعيها الدائم نحو عقد صفقات كبرى، وهذه الصفقات بحاجة إلى حلفاء أقوياء، لا إلى مليشيات ضعيفة لا تمتلك رؤية استراتيجية، ويرتبط بوجودها بحجم الدعم المقدم لها.

التقارب التركي البريطاني

وأشار تركماني إلى متغير آخر، يعتبره من المتغيرات التي لم تنل حظها من التغطية الإعلامية، قائلا: "بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واتخاذها لمواقف أكثر استقلالية عن سياسات الولايات المتحدة، بدأت بالبحث عن شريك استراتيجي قادر على تحقيق نوع من التوازن فيما يتعلق بموضوع النفط والغاز في أوروبا وآسيا".

وأضاف، ما نشهده من تقارب تركي بريطاني ليس تقاربا محدود النتائج أو التأثير، لا سيما بعد الخطوة البريطانية الكبيرة تجاه تركيا، المتمثلة بنقل تكنولوجيا صناعة محركات الطائرات للأراضي التركية.

واعتبر تركماني أن الاتفاق الذي وقع في أيار/ مايو الماضي بين شركات تركية وبين شركة "رولز رويس" البريطانية، ساعد تركيا على الخروج من عباءة التحكم الأمريكي في موضوع تصنيع الطائرات محليا في تركيا.

 

متغيرات سورية

وقبل الحديث عن المتغيرات التي حذت بالولايات المتحدة إلى موقفها الأخير، رأى الباحث بالعلاقات الروسية التركية، باسل الحاج جاسم، أنه يتعين التركيز على النقاط الخلافية في طريقة التعاطي مع المسألة السورية بين كل من إدارة ترامب، ووزارة الدفاع، و"سي آي أيه".

وقال الحاج الجاسم، لـ"عربي21": "يبدو للآن أن ترامب جدي في تصريحاته التي فرضتها المتغيرات العسكرية في سوريا، لا سيما بعد مشارفة الحرب على التنظيم على نهايتها".

وتساءل: "لكن هل البنتاغون جاد في ذلك، وهل السي آي إيه جادة أيضا؟".

 

اقرأ أيضا: ما مدى جدية واشنطن بوقف دعم المليشيات الكردية في سوريا؟


وقال الحاج الجاسم: "ليست المرة الأولى التي تصدر فيها تصريحات أمريكية مماثلة، لذلك لا بد من بوادر حسن نية أمريكية تجاه تركيا، على رأسها إرغام الوحدات الكردية على الانسحاب من غرب نهر الفرات في حلب".

من جانب آخر، لم يستبعد الجاسم أن يكون وراء التصريحات الأمريكية محاولة تضليل أخرى من جملة حملات تضليل سابقة بدأتها الولايات المتحدة منذ غزوها العراق في عام 2003، عندما وعد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن تركيا بأن مدينة كركوك سيكون لها وضع خاص.

واستدرك الحاج جاسم: "لقد ذهب ذلك الوعد أدراج الرياح".

وأضاف: "إن كانت التصريحات تضليلية، هذا يعني أن واشنطن تسعى من خلالها لدق إسفين في التقارب الروسي التركي الإيراني، الذي يبدو للآن تقاربا جادا، بدأ يعطي نتائج على الأرض، نتائج من شأنها عرقلة المصالح الأمريكية في سوريا"، وفق قوله.

التعليقات (0)