ملفات وتقارير

التجديد في تيار المستقبل: ثورة أم تطوير أم إطاحة لرؤوس؟

مراقبون يتوقعون لجوء الحريري لخطوات تعزز قيادته للتيار بعد أزمة الاستقالة من الحكومة- جيتي
مراقبون يتوقعون لجوء الحريري لخطوات تعزز قيادته للتيار بعد أزمة الاستقالة من الحكومة- جيتي

يترقب مناصرو تيار المستقبل الخطوات التي سيتخذها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لتدعيم زعامته في التيار، وإجراء إصلاحات يقول مراقبون إنها ستكون بمنزلة عملية استئصال للشخصيات التي عملت ضد خياراته في الآونة الأخيرة.


ويدور حديث في أوساط المستقبل عن مرحلة "تصفية حساب" لشخصيات كان لها دور سلبي مع سعد الحريري في أزمة الاستقالة الأخيرة وتأزيم علاقاته مع السعودية، لكن النائب عن تيار المستقبل وعضو المكتب السياسي في التيار مصطفى علوش قلّل من أهمية تلك المعلومات، لكنّه ألمح في الوقت عينه في تصريحات لـ"عربي21" إلى إمكانية "ضخ دماء جديدة في التيار والتبديل والتطوير".

 

وحول حقيقة ما يدور في تيار المستقبل، قال: "ليس ما يمرّ به تيار المستقبل يسير وفق النسق الطبيعي، وأيضا لا حقيقة لوجود ثورة داخله".


وقلّل علوش من أهمية ما يحكى عن"ثورة وشيكة في تيار المستقبل من خلال تبديل الحرس القديم بالجديد"، قائلا: "هي ليست سوى مجرد تحليلات لا تحمل أي مؤشرات أو بوادر حقيقية".
ما هو التبديل المرتقب؟

 

وتابع: "الأسماء التي يتمّ تداولها هي افتراضية وليست مبنيّة على وقائع"، لكنّه اعتبر أن التغيير في (المستقبل) مطلوب، وقال: "يجب رسم إطار جديد لتيار المستقبل عبر التجديد و التطوير، ولكن ليس من خلال ثورة أو استخدام أسلوب البتر لعناصر وقيادات".

 

وأشار علوش إلى أن "المسار المتخذ على المستويات السياسية في لبنان هو المقدور عليه في الظرف الراهن لجهة تأمين الاستقرار الداخلي"، مؤكدا أن "رئيس الجمهورية قادر على المساهمة بشكل كبير مع محدودية إسهام حزب الله لكون الأمور الكبيرة غير متعلقة به، ومنها إنهاء دوره العسكري، ولكون القرار مرتبط بالحرس الثوري الإيراني بدليل موقف قائده جعفري الأخير".

 

وحول الدور المتوقع للحريري بعد استعادة زخمة الشعبي، قال: "عودة الروح إلى شعبية الرئيس الحريري على مستوى قوى 14 آذار وتيار المستقبل والطائفة السنية تحديدا مبني على أساس عاطفي بفعل ما حصل معه، ويجب استثمار ذلك خلال الأشهر المقبلة ورفض تسليم لبنان إلى حزب الله وأيضا إلى رغبات جبران باسيل"، كما قال.

 

وحول اختلاف موقف علوش من باسيل عن التحالف الظاهر بين عون والحريري، قال: "التحالف حاصل خلال الأشهر الماضية، لكن ننتظر أن يترجم ذلك حاليا من خلال البنود التي طرحها سعد الحريري في قرار التريث عن الاستقالة، كي لا يفقد التحالف قيمته".  

 

وتمنّى علوش "ترجمة الحضور القوي للرئيس الحريري على المستوى الدولي لحماية لبنان وإبعاده عن كلّ المخططات التي تستهدفه".


ثمن الخيارات

 

وقال الكاتب والباحث السياسي إلياس الزعبي في تصريحات لـ"عربي21": "تيار المستقبل هو كسائر الأجسام السياسية يتطور ويتبدّل"، مشيرا إلى أن "المرحلة الأخيرة تركت آثارا داخل مكونات التيار(الداخلية)، وأيضا مع سائر المكوّنات السياسية الأخرى".

 

ولفت إلى أن "السنوات الثلاث الفائتة، جعلت تيار المستقبل قبلة الأنظار لناحية مدى تأثيرات الخيارات التي اتخذها زعيمه سعد الحريري على المستوى الداخلي والتوازنات السياسية، خصوصا حين أقدم على ترشيح شخصية من الطرف الآخر وهو النائب سليمان فرنجية"، موضحا: "منذ تلك اللحظة خضع تيار المستقبل لتجاذبات داخل صفوفه، فهناك من عارض هذا الخيار وهناك من أيد، لكن كلا التوجهين بقي تحت السقف العام السياسي لرئيسه".

 

وفيما يخص ظهور اتساع التباينات في المستقبل مع توجيه بوصلة ترشيح الحريري إلى ميشال عون بدلا من فرنجية، قال: "مع تبدل الخيار عون ازداد الارتجاج والاهتزاز داخل فريق تيار المستقبل بين مؤيد ومتحمس أو متحفظ ومتردد"، ورأى أن التسوية التي نتجت عن هذا التوجه "قامت على مبدأ التوازن الداخلي اللبناني بين المكونات تحت عنوان الميثاقية من خلال تقاسم السلطة، وأيضا من خلال التسوية التي اعتمدت على النأي بالنفس، خصوصا بالنسبة للسياسية اللبنانية الخارجية عن الصراعات العربية الداخلية".

 

وتحدث الزعبي عن صعوبة هذا الخيار بالنسبة للبنان على المستوى العربي، فقال: "لا يستطيع لبنان في ظل أي صراع عربي-إيراني أن ينأى بنفسه بحكم انتسابه إلى الجامعة العربية"، متسائلا: "لايمكن النأي بلبنان عن صراع العرب مع القوى الخارجية والممثلة في الوقت الراهن بإيران بفعل نفوذها داخل الدول العربية".

 

وأضاف: "هناك خلل بالمعنى العضوي والكياني لفكرة النأي بالنفس"، لافتا إلى أن الحكومة برئاسة الحريري انزلقت تدريجيا باتجاه المحور الإيراني على حساب العرب".


نفوذ المملكة

 

من جهتها، توقعت المحلّلة وأستاذة العلوم السياسية هدى رزق: "أن يجري الحريري قريبا تعديلات جوهرية تطال كلّ الشخصيات التي لا تتناغم مع سياساته"، مؤكدة في تصريحات لـ"عربي21" أن "الحريري ليس باستطاعته في الوقت الراهن الخروج من العباءة السعودية، في ظل النفوذ المالي والسياسي للمملكة في لبنان ولدى الطائفة السنية تحديدا".

 

وأضافت: "السعودية تتمتع بنفوذ كبير في لبنان، وستعمل على مراجعة ذاتية لسياستها تجاه اللبنانيين لاتخاذ الخطوات، بناء على التركيبة اللبنانية وخصوصيتها".

 

وشددت على أن "الآراء في تيار المستقبل تتأرجح بين المتشدد والمعتدل والمؤيد تماما لمواقف الحريري"، مشيرة إلى أنّه "قادر على الإمساك بزعامة المستقبل بقوة دون منازع أو معوقات"، لكنها رأت أنه يواجه "تحديات كبيرة على المستوى اللبناني وأيضا فيما يخصّ علاقاته مع السعودية".

التعليقات (0)