كتاب عربي 21

الخطر على حياة الرئيس مرسي

آيات عـرابي
1300x600
1300x600

يبدو أن للانقلابات ذاكرة ما. تتعلم من بعضها البعض, ففي اللحظات الأولى لانقلاب تشيلي عام 1973، قُتل الرئيس سلفادور الليندي ليستتب الأمر للجنرال أوجوستو بينوشيه ليحكم الإرهاب بعدها 17 عاما في تشيلي حتى رحيل بينوشيه. في مصر كان السيناريو مختلفاً نوعا ما رغم تشابه الخطوط العامة للانقلاب في مصر مع انقلاب تشيلي. 


في مصر كانت الثورة ما تزال ساخنة وكان المساس بحياته كفيلا بإشعال الأجواء ومصر تختلف عن تشيلي كثيرا، فلأسباب كثيرة (من بينها موقع مصر الجغرافي وثقلها الجيو سياسي وحجمها السكاني) يجب أن تظل مستقرة وأن يجري احتواء التغييرات فيها واعتماد أساليب أكثر هدوءا. ربما كان قرار الانقلاب (اقصد من خططوا للانقلاب وليس من نفذوه من العسكر في مصر) بالإبقاء على حياة الرئيس مرسي راجعا أيضا في جزء منه إلى عدم القدرة على التنبؤ بردود أفعال الحركات الإسلامية في حال جرى التعدي على حياة الرئيس القادم من أوسط الحركات الإسلامية. 


ربما كانت هذه الاعتبارات مجتمعة وغيرها، هي السبب في أن يتم الانقلاب بغطاء احتجاجي يعطي الانطباع بوجود رفض شعبي ثم السير في مسار المحاكمة على ما يُعقل وما لا يُعقل من تهم مع الاستمرار في حملة الشيطنة الإعلامية التي طالت الرجل حتى بعد أن صار أسيرا فلم يتركوا نقيصة لم يتهموا بها الرجل، وأثبت أول ظهور للرئيس بعد احتجازه بعد الانقلاب أنهم على حق فما كاد الرجل يظهر ويتكلم حتى أثار إعجاب معارضيه وأتذكر أن بعض أشد معارضي الرئيس مرسي وقتها كتبوا يثنون على صموده في وجه العسكر وأن البعض الآخر لم يتمالك نفسه وانتابته نوبة من البكاء لرؤية الرئيس.


مشكلة مرسي مع العسكر هي أنه تحول إلى رمز. صورته عُلقت في ساحة المسجد الأقصى، صار رمزا لدى قواعد الحركات الإسلامية في مصر وغيرها، سُطرت كلماته التي قالها في مناسبات بعينها في قلوب من انتخبوه. 


حتى إذا قست أداء الرجل خلال السنة التي سبقت الانقلاب، بمعايير النجاح والفشل في الدول، فالرجل كان ناجحاً بلا شك بغض النظر عن أن أعداءه يقيسون نجاحاته بما يجب أن يكون عليه الحال في دول الغرب ويتناسون أن يقارنوا بمن مر عليهم من حكام. بل الطامة الكبرى عند العسكر كما أراها هي نجاحه بالمقارنة بعسكري الانقلاب الحالي. 


ولذلك كان من الضروري أن يغيبوا الرجل في المنطقة المعتمة وأن يقللوا مرات ظهوره وأن يكتموا صوته. وهم يتمنون أن يتخلصوا منه بلا شك ولكنهم يتخوفون من العواقب ولهذا لا أستبعد أن يجري التعامل معه بسموم بطيئة المفعول ليظهر الأمر على أنه تدهور صحي طبيعي. 


كتبت منذ سنتين ونصف في مقال لي عن سيناريو محتمل يجري فيه تركيع الشعب نفسيا ليرضى بأي وجه بعد موجات عنيفة من القمع الوحشي، وها هو شفيق يظهر ليعلن ترشحه لانتخابات العسكر 2018 بعد أيام من شكوى الرئيس مرسي من تفاقم حالته الصحية. 


وقتها قلت إنني لا أملك على هذا السيناريو سوى شواهد من هنا وهناك، والآن يبدو ما تصورته وقتها كسيناريو محتمل، كواحد من احتمالين. ومع كل هذه الأحداث المتسارعة من المنطقي أن يسعى الانقلاب العسكري لإنهاء ملف الرئيس مرسي، وأرى أنه يجب على الجميع الاضطلاع بمسؤولياتهم حتى لا نرى سلفادور الليندي ثاني في مصر.

0
التعليقات (0)