هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الجدل لا يزال مستمرا في ألمانيا حول حرق متظاهرين للأعلام الإسرائيلية وترديدهم شعارات وصفت بأنها "معادية للسامية"، خلال تظاهرة احتجاجية أمام السفارة الأمريكية وسط العاصمة برلين على قرار ترامب القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.
يأتي هذا الجدل الكبير بعد أيام على الموقف الألماني خاصة، والأوربي عامة، الذي يرفض قرار ترامب الأخير حول مسألة القدس كعاصمة لإسرائيل، ويؤكد حل الدولتين، وهو الموقف الذي أشاد به فلسطينيون، ولاقى عدم ارتياح إسرائيليا.
وتسمح السلطات الألمانية بتنظيم تظاهرات سلمية بحسب القانون الذي يعطي للمواطنين والمقيمين حرية الرأي والتعبير والتظاهر.
ومع أن التظاهر حق يكفله الدستور للمواطنين كافة في ألمانيا ، هناك قانون ينظم عمله، من أبرز ما فيه: منع ارتداء أي قناع يغطي الوجه، وكذلك حرق أعلام أو رمز أي دولة، ويجيز القانون للشرطة أن تعتقل أي مخالف دون إذن قضائي مسبق، كما يحق لها التصوير، لكن في المقابل من واجبها تأمين المظاهرة وحماية المشاركين بها ، بحسب خبراء.
ولكنها بعد التظاهرات الأخيرة ببرلين وضعت شروطا جديدة على بعض التظاهرات والفعاليات لم تكن موجودة سابقا ، بحسب ما أكد منظمو تظاهرات لمراسل "عربي21" ، كعدم السماح بحرق أي أعلام أو دمى، أو إساءة لشخصيات أو دول، رغم أن هذه الشروط لم تشر بشكل صريح إلى إسرائيل.
زخم التظاهرات تنديدا بقرار ترامب لا يزال مستمرا، رغم مطالبات المجلس الأعلى لليهود بالبلاد بإجراء تعديلات على القانون، تحظر إقامة تظاهرات تحوي على شعارات معادية للسامية، أو تفكيكها بشكل سريع، ورغم تحذير بعض الأحزاب الألمانية للاجئين كحزب الخضر بعدم المشاركة بتظاهرات "معادية للسامية".
وكانت الشرطة الألمانية أوقفت عشرة من المشاركين بسبب تجاوزات بتظاهرة برلين أمام السفارة الأمريكية للاحتجاج ضد قرار ترامب، ووجهت لهم اثني عشر تهمة، رغم أن المدعي العام ببرلين أشار إلى أن التحريات لن تجري بسبب حرق الأعلام، بحسب وسائل إعلام ألمانية.
ويقول مراقبون بأن بعضا من وسائل الإعلام الألمانية استغلت وضخمت بعض الحوادث الفردية التي قام بها شبان غاضبون دون وعي، كحرق الأعلام الإسرائيلية وترديد شعارات غير مسؤولة، رغم تبرؤ منظمي التظاهرات ببرلين من جل هذه التصرفات.
وتعد هذه القضية حساسة نتيجة للتاريخ الألماني بحق اليهود، حيث ارتكب أدولف هتلر المحرقة الشهيرة بحقهم المعروفة"الهولوكوست"، وهو ما حمل الألمان مسؤولية حماية اليهود ودفع تعويضات لهم لا زالت مستمرة إلى اليوم، وهذا ما يفسر معافاة الإسرائيليين من الضرائب، وتزويد دولة الاحتلال بأسلحة متطورة كصفقات الغواصات النووية، بحسب الخبراء.
واعتبر خبراء بأنه من الصعب قانونيا ملاحقة حارقيها، كون المادة 104 من قانون العقوبات التي تفرض غرامة مالية أو عقوبة السجن، مرهونة بمن يتعرض لعلم دولة أجنبية مرفوع على ناصية مبنى السفارة، ، لكن الأعلام التي أحرقت في تظاهرات برلين لم تكن كذلك، على ما نقلت وسائل إعلام ألمانية.
وقال نائب رئيس الفعاليات والمؤتمرات الفلسطينية في أوروبا أحمد محيسن: "لا يمكن أن تكون أهداف التظاهرات هي مجرد حرق أعلام وهتافات بالعربية فقط ، بل نريد إيصال صوتنا بطرق حضارية يفهمها الشارع بلغته، بعض التجاوزات غير مقبولة لأنها تحرف الفعاليات عن هدفها، وتجعلنا في دائرة الاتهام ، بدل التركيز على إقناع العالم بقضيتنا".
وأضاف لـ "عربي21": "انتقاء الهتافات والشعارات والأغاني غاية في الأهمية، مستدلا بأن شعارات التكبير لها وقع سلبي للغاية على الجمهور الأجنبي في ظل الظروف الحالية، وتلتقطها وسائل الإعلام بشكل انتقائي كما في بعض التقارير التي بثت خلال الأيام الماضية".
وطالب محيسن المتظاهرين في ألمانيا، لاسيما الشباب الجدد، بالالتزام بما هو مسموح ضمن القانون، وتحكيم العقل والحكمة، لكي لا تنحرف البوصلة عن إيصال صوت ومعاناة الشعب الفلسطيني.
وحول تعامل بعض وسائل الإعلام الألمانية مع التظاهرات يوضح محيسن بأن "بعض الإعلاميين يريدون تسويق أنفسهم بأي شكل، ويستغلون هذا الموضوع الحساس، للتقرب من النفوذ، لاسيما اللوبي الداعم للاحتلال لأنه له باع طويل في الإعلام ونظم المصارف".
وأكد محيسن بأن "هناك حملة تشويه واسعة ومتعمدة للفعاليات في بلدان أوروبية عدة، ومنها ما هي مفتعلة لاسيما في برلين لأهميتها، وقد كانت هذه الموجة الفترة الحالية مرتفعة".
كما أشار محيسن لوجود مشروع قرار ألماني يجرم حرق الأعلام وإطلاق الشعارات التي تعد معادية للسامية ليس بحق اليهود فقط ، بل بحق إسرائيل، الأمر الذي لم يكن مسبقا واقتصر على اليهود كديانة دون إسرائيل كدولة.