ملفات وتقارير

في يومها العالمي .. ما هو حال لغة الضاد في عالمنا العربي؟

تحتفي الأمم المتحدة في يوم الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر، من كل عام باليوم العالمي للغة العربية- جيتي
تحتفي الأمم المتحدة في يوم الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر، من كل عام باليوم العالمي للغة العربية- جيتي

"الخليل بن أحمد وأبوالأسود الدؤلي يئنون في قبورهم من امتهان العربية في بلادها"، كانت هذه الكلمات للكاتب الصحفي المصري خالد الأصور، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.

كلمات الأصور، تشير إلى الحالة المزرية التي وصلت إليها لغة الضاد، في الشارع العربي وفي أوساط الإعلام والمحاكم والجامعات والمنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي.

وقال الأصور، عبر صفحته بفيسبوك: "الفصحى تهان وتداس بالألسنة والسنان في المحاكم بواسطة القضاة والنيابة والمحامين"، مضيفا: "زد على ذلك، ما يحدث في مؤتمرات وندوات من الحديث بغير العربية في موضوعات غير علمية لا تتطلب الحديث بلغة أجنبية".

وتحتفي الأمم المتحدة في يوم الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر، من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، كونها إحدى اللغات السامية وإحدى أكثر اللغات انتشارا في العالم، حيث يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة.

وقبل 44 عاما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في كانون الأول/ديسمبر عام 1973، بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة بعد اقتراح قدمته المغرب والسعودية.

ودائما ما تنظّم اليونسكو، كل عام أنشطة عديدة بباريس لتشجيع البحث اللغوي وتحديث المعاجم والقواميس العربية، وإبراز الروابط الموجودة بين اللغة العربية والعلوم، وبحث إمكانية نشر اللغة وتعلمها عبر التكنولوجيا الحديثة.

وتعيش اللغة العربية واقعا مزريا ودائما ما تهان إما بنطقها بشكل غير صحيح من القادة والساسة والعلماء أو مزجها بخليط من العامية في كل بلد عربي في الإعلام أو عبر الاستهانة بها ونطق كلمات وتعبيرات أجنبية بدلا منها في المنتديات الفكرية والثقافية والتعليمية، والكتابة بأحرف الفرانكو أراب عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدلا من حروف اللغة العربية صاحبة التاريخ والإبداع الفني.

وانتشرت عبر شبكات التواصل مقاطع فيديو لرئيس البرلمان المصري علي عبدالعال، ولقضاة مصريين وهم يتعاملون مع اللغة العربية بشكل مزر ومهين.





كما سيطرت اللغات العامية في كل بلد عربي على تعاملات الشعوب العربية، لتتوارى اللغة العربية الفصحى بشكل كبير، وتداول نشطاء مقطع فيديو يظهر من خلاله عجز الشارع المصري كمثال للشعوب العربية عن الحديث بلغته الفصحى.

 



وأشار الأستاذ في اللغة العربية الدكتور محمد عزب، إلى أن الأغرب من كل تلك المواقف التي تهان فيها "أنها تدرس في أقسام اللغة العربية بغيرها، ويعقدون لطالب الماجستير والدكتوراه في أقسامها سيمنار (seminar) لا يجدون له مقابلا عربيا في أقسام العربية".

وكان الناقد السينمائي علي أبو شادي، قد عبر عن حزنة من الوضع الذي وصلت إليه اللغة العربية في الوقت الحالي، مشيرا في مقطع فيديو متداول عبر يوتيوب إلى "أن البعض يظن أن معرفة اللغة العربية إهانة".

 



وقال المستشار الاقتصادي، أحمد خزيم، "بهذه المناسبة أرجو من الجميع أن يتذكر اللغة العربية اليوم؛ فمن يتحدث أو يكتب بالفرانكو أراب يجعل اليوم يوما خالصا للغة العربية ومن على إستعداد لعمل مجهود أكبر فليكتب اليوم باللغة العربية الفصحى".

وساهمت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة خلال بداياتها في تقديم اللغة العربية والكشف عن مواطن الجمال بها من خلال برامج عديدة مثل "لغتنا الجميلة"، و"قطر الندى"، بالتليفزيون المصري،  و"قال الفيلسوف" "قل ولا تقل"، بالإذاعة المصرية غير ما تقدمه إذاعة القرآن الكريم من برامج.

إلا أنه مؤخرا تراجع الاهتمام باللغة العربية وببرامجها عبر الفضائيات التي أصبح لها التأثير الأكبر على ملايين المتابعين، بل وانتشرت أخطاء الإعلاميين والمذيعين بشكل جعلها مثار تندر عبر مواقع التواصل.

وحول إمكانية تحسين صورة اللغة العربية في وسائل الإعلام بوضع ميثاق شرف إعلامي خاص يلزم من يظهر عبر الشاشات بالنطق الصحيح للغة العربية، رفض الإعلامي المصري، حازم غراب، الفكرة، وأكد لـ"عربي 21"، "أن الحل يكمن في قرار إداري بكل فضائية بعمل امتحان تحريري مسبق للمتقدمين للعمل عبر الشاشات، وبعدم التسامح بأي نسبة أخطاء من المذيعين والمذيعات فيما بعد".

واتفق معه الإعلامي السوري محمد شقير، الذي أكد أن اللغة العربية كبيرة جدا لا يستطيع شخص واحد أن يحتويها بكلام أو بلفظ أو بطريقة؛ حتى أن القرآن الكريم نزل على سبعة ألسن أو لهجات وقراءات".

وقال شقير لـ"عربي 21"، إن المذيعين الذين يظهرون على الشاشات لا يوجد شيئ نهائيا يمكن لهم من خلاله أن يجمع به اللغة العربية بأصول ثابتة أو ميثاق شرف إعلامي للغة العربية، ولكن يمكن أن نسميها الحفاظ على أساسيات اللغة العربية للناطقين بها على شاشات التلفاز".

وقال الكاتب الصحفي محمد أبوكريشة، أنه تم عمل مواثيق شرف إعلامية عديدة خاصة بنطق اللغة العربية للمذيعين والإعلاميين على الشاشات وخلف الميكروفون؛ إلا أنها جميعا لم تكن ذات جدوى ولم تمنع من تكرار وتعدد الأخطاء.

وفي رده على سؤال حول كيفية استعادة اللغة العربية لرونقها عبر الفضائيات، أكد أبوكريشة لـ"عربي 21"، أن السؤال صعب جدا كي تجيب عليه موضحا حقيقة صعوبة الأمر وتنفيذه، قائلا إن المشكله في التطبيق وليست في وضع نص ميثاق شرف للغة العربية عبر الفضائيات.

وتعتقد الإعلامية السورية مايسة عبداللطيف، أنه لتوصيل الرسالة الإعلامية لكل فئات الشعب سيكون من الصعب التحدث باللغة الفصحى فقط، خصوصا وأن هناك كثيرون من الأميين يتابعون الفضائيات ويحتاجون تلك النوعية من البرامج.

عبداللطيف، أكدت لـ"عربي 21"، أنه مع ذلك يجب أن يكون هناك حد للعامية وللأخطاء التي تهين اللغة عبر الشاشة، موضحة أن ذلك يتوقف أيضا على رغبة إدارة القناة وإمكانياتها وقدرتها علي تقديم التدريب الكافي لمقدمي البرامج.

وأشارت إلى أن قناة مثل الجزيرة القطرية تسير على نفس النهج لأن لديها إمكانيات ووسائل ومراكز تدريب علي مستوي عال.

من جانبه أكد أستاذ اللغة العربية الدكتور، وجيه يعقوب السيد، أن الأزمة هي أن الإعلام الآن لا يحترم أي شيء حتى يحترم اللغة العربية أو يطبق قواعد ومواثيق شرف التعامل معها.

الأكاديمي المصري، تحدث لـ"عربي 21"، عن فضل اللغة العربية، وقال إنها "لغة القرآن الكريم ويتكلم بها كل المسلمون، وغير العرب لا تصح صلاتهم إلا بقراءة الفاتحة والصلاة باللغة العربية"، مشيرا إلى أنها "اللغة التي كتبت بها العلوم مثل الفزياء والكمياء والرياضيات والطب".

وحول حال اللغة العربية الآن أوضح السيد، أنها "تقوى وتضعف بأهلها فعندما يكونوا في موقف ضعف يصيبها ما أصابهم"، مؤكدا أن اللغة العربية قوية ولا يخشى عليها وستعيش بوجود القرآن الكريم، وأن بها مقومات القوة في صرفها وتراثها ومعجمها وأدبها، ولن تنهزم أمام أي لغة لو دخلت في صراع  ومؤامرات كما هذه الجواء التي لا نستبعدها".

وأشار السيد، إلى جمال اللغة العربية بقوله "لو رأيت ما كتبه الثعالبي في فقه اللغة وهو غير عربي؛ ترى شخصا يتغزل ويعشق هذه اللغة"، مضيفا أن "كل من كتب بها وتعلمها يعلم أنها لغة جميلة وتستحق أن نبذل جهدا كبيرا لإتقانها"، داعيا لتعلمها لا ليس للحديث بها فقط ولكن لفهم المنجز الذي كتب بها عندما نقرأ على سبيل المثال (لابن قتية) أو (الجاحظ)".

0
التعليقات (0)

خبر عاجل