طب وصحة

كيف يصبح تناول الطعام "خطيئة"؟

الشراهة
الشراهة

نشرت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" السويسرية تقريرا تحدثت فيه عن مسألة تناول الطعام بإفراط، التي تقتصر على مناسبات معينة من السنة. ففي القرن السادس ميلادي، وضع القديس غريغوري الأول قائمة بالخطايا السبع الكبرى التي يقترفها الإنسان، ومن بينها الشراهة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه مع دخول شهر كانون الأول/ ديسمبر يزيد استهلاك السكريات بشكل ملحوظ، وبالأخص في صناعة الحلوى. وتعتبر كعكة "كريستستولن" مثالا صارخا على هذه المأساة الموسمية، أي "الشراهة". وتتكون هذه المأساة من ثلاث مراحل رئيسية، أولها الآلام التي قد يسببها هذا الطعام أثناء هضمه، وثانيها لوم الذات، وثالثها الحل لتجنب هذه المأساة.

وأفادت الصحيفة بأن العديد من الناس لا يستطيعون التحكم في أنفسهم عند تناول الطعام خلال هذه الفترة من السنة، لتتحول الغريزة الطبيعية لدى الإنسان إلى غريزة حيوانية. وفي البداية لم تكن الشراهة في تناول الطعام في روما القديمة خطيئة.

 

فقديما، قام القائد الروماني "لوكولوس" بتجسيد حالة الشره في الطعام بتنظيم مأدبات شبيهة جدا بمسابقات تناول الطعام. لذلك، تعتبر الولائم الضخمة والتجشؤ الجماعي وآداب الطعام الأخرى من الإرث الروماني الذي بقي حتى اليوم.

في الواقع، لا يعد تذوق الطعام في حد ذاته خطيئة، إلا أن رجال الدين المسيحيين الأوائل عارضوا الشراهة في تناول الطعام، وقالوا إنها تصرف عن عبادة الله، لأنهم يعتقدون أن الشخص الذي يملأ معدته بالطعام سيفكر في ارتكاب أفعال لا ترضي الله. وبناء على ذلك، اعتبر القديس غريغوري أن الشراهة قاتلة.

ومنذ القرن السادس ميلادي، أصبحت الشراهة تندرج ضمن قائمة الخطايا السبع لتكون السادسة في الترتيب. ووفقا لما ذكر في الكتاب المقدس، يعدّ كل شخص يتناول كعكة "كريستستولن" بتلك الشراهة مذنبا، لأن طريقته في تناولها تثير الذعر في نفس كل من يراه.

وأكدت الصحيفة أن الشراهة أو الاستمتاع المبالغ فيه بالطعام لا يمكن إدراجه ضمن عدم الانضباط في آداب تناول الطعام. وعلى النقيض، إن عدم القدرة على التحكم في تناول الطعام حالة وقتية ومن الممكن أن تكون متعمدة أو غريزة يمكن التحكم فيها.

ولعل هذا ما تؤكده مقولة "إن الإنسان يصل لقمّة الاستمتاع بالطعام في حضرة أصدقائه"، أو القاعدة الأخرى التي تفيد بأن "الاستمتاع بتناول الطعام يتحقق فعليا عندما يصل إليه كل من اجتمعوا لتناوله". أما القاعدة الأكثر شيوعا في الاستمتاع بالطعام، فتتمثل في أن التهام الطعام يزداد خلال الساعات المتأخرة من الليل أمام ضوء الثلاجة الخافت.

وأوردت الصحيفة أن المرحلة الثانية في الشراهة تتجلى في استمتاع كافة حواس الجسم بالطعام. وتشمل عملية استمتاع الحواس بالطعام في رؤيته ثم استنشاق رائحته والتلذذ بمذاقه وملمسه، فعين الإنسان تتذوق الطعام أحيانا قبل الفم. كما يرغب كل من يتناول الطعام في تذكر مذاقه جيدا.

وبينت الصحيفة أن إتباع نظام غذائي يعتمد على المأكولات البحرية يعتبر من الأشياء المفضلة لجسم الإنسان وحواسه. ومن بين تلك المأكولات نذكر جراد البحر الشوكي إلى جانب فطر الكمأة المقطع، لينتجا سويا رائحة زكية رائعة. كما يتمتع بيض بعض أنواع الأسماك، على غرار سمك الحفش الأوروبي الذي يقارن بالذهب، بمذاق تعجز الكلمات عن وصفه، والأمر سيان بالنسبة للكافيار.

إلى جانب ذلك، توجد بعض أنواع الفاكهة التي تسيل لعاب الفم بمجرد النظر إليها، على غرار الحرنكش والتين. ومن هنا يبدو جليا أن الاستمتاع بالطعام يبدأ قبل تذوقه، لذلك من الممكن القول إن العين لا تشبع أبدا من الاستمتاع بشتى أنواع الطعام.

وفي الختام، قالت الصحيفة إن الخبراء يطالبون بفسح المجال لذكاء الجسم، لأن الإنسان الشره بفطرته لا يفكر إلا في معدته.

التعليقات (0)