اقتصاد دولي

هل تتحول الاحتجاجات الاقتصادية إلى حراك سياسي في إيران؟

نسبة البطالة في إيران بلغت 12.4 بالمئة في السنة المالية الجارية وهو ما يمثل ارتفاعا عن العام الماضي- جيتي
نسبة البطالة في إيران بلغت 12.4 بالمئة في السنة المالية الجارية وهو ما يمثل ارتفاعا عن العام الماضي- جيتي

ذكرت وكالات أنباء إيرانية ووسائل تواصل اجتماعي أن متظاهرين هتفوا بشعارات مناهضة للحكومة بعدد من المدن في أنحاء إيران الجمعة الماضية، مع تحول احتجاجات على ارتفاع الأسعار إلى أكبر موجة من المظاهرات منذ احتجاجات مؤيدة للإصلاحيين في 2009.


وقالت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية إن "قوات الشرطة تدخلت يوم الجمعة لتفريق احتجاجات مناهضة للحكومة في مدينة كرمانشاه بغرب إيران"، مضيفة أن الاحتجاجات انتقلت إلى طهران ومدن أخرى بعد يوم من احتجاجات مماثلة في شمال شرق البلاد.


ويعكس اندلاع الاضطرابات تنامي السخط بشأن ارتفاع الأسعار ومزاعم فساد ومخاوف بشأن مشاركة إيران الباهظة التكلفة في صراعات إقليمية مثل سوريا والعراق.


وقال مسؤول إن "السلطات احتجزت بضعة محتجين في طهران وانتشرت تسجيلات فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر وجودا أمنيا مكثفا في طهران وبعض المدن الأخرى".


توقيفات وانتقادات


وانتقدت واشنطن الاعتقالات، وقالت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض في بيان: "على الحكومة الإيرانية احترام حقوق شعبها بما في ذلك حقه في التعبير عن نفسه".


وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان منفصل: "الولايات المتحدة تدين بشدة اعتقال محتجين سلميين" في إيران، وحثت "كل الدول على التأييد العلني للشعب الإيراني ومطالبته بالحقوق الأساسية وإنهاء الفساد".


وتجمع نحو 300 متظاهر في كرمانشاه عقب ما وصفتها وكالة فارس بأنها "دعوة من مناهضين للثورة"، وهتفوا "أطلقوا سراح السجناء السياسيين" و"الحرية أو الموت"، مشيرة إلى أنهم أتلفوا ممتلكات عامة، ولم تذكر الوكالة أي جماعات معارضة.


ووقعت الاحتجاجات في كرمانشاه، وهي المدينة الرئيسية بمنطقة شهدت زلزالا أودى بحياة أكثر من 600 شخص في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بعد يوم من احتشاد مئات في مشهد ثاني كبرى مدن إيران للاحتجاج على ارتفاع الأسعار ورددوا خلالها شعارات مناوئة للحكومة.

 

اقرأ أيضا: مسيرات ضخمة تؤيد النظام بإيران.. واستمرار أخرى معارضة (صور)


وانتشرت تسجيلات فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر متظاهرين يصرخون قائلين: "الناس تتسول ورجال الدين يتصرفون كآلهة".


وقالت وكالة فارس للأنباء إن "هناك احتجاجات في مدن ساري ورشت في الشمال وفي قزوين غربي طهران وفي قم جنوبي العاصمة وأيضا في همدان في غرب البلاد"، مضيفة أن "الكثير من المحتجين الذين أرادوا التعبير عن مطالب اقتصادية فحسب غادروا التجمعات بعد أن هتف متظاهرون بشعارات سياسية".


مسيرات مؤيدة


وقال التلفزيون الرسمي إن "تجمعات وفعاليات سنوية في أنحاء البلاد ستقام اليوم السبت لإحياء ذكرى مظاهرات مؤيدة للحكومة في 2009 ردا على احتجاجات نظمها إصلاحيون حينها".


وقال الحرس الثوري، الذي قاد مع ميليشيا الباسيج التابعة له حملة قمع المتظاهرين في 2009، في بيان نقلته وسائل الإعلام الحكومية إن ثمة محاولات لتكرار الاضطرابات التي شهدها ذلك العام لكنه أضاف: "الأمة الإيرانية... لن تسمح بأن تتضرر البلاد".


ونقلت وكالة العمال الإيرانية عن محسن حمداني نائب رئيس شرطة منطقة طهران قوله إن نحو 50 شخصا تجمعوا في ميدان بطهران وإن معظمهم تركوا المكان بناء على طلب الشرطة، مضيفا أن السلطات احتجزت "مؤقتا" عددا قليلا رفضوا الطلب.


وفي مدينة أصفهان بوسط البلاد قال أحد السكان إن "محتجين انضموا لتجمع نظمه عمال مصنع يطالبون بصرف أجور متأخرة".

 

اقرأ أيضا: شاهد فعاليات اليوم الذي صدم الحكومة الإيرانية (فيديو)


وقال الساكن عبر الهاتف: "سرعان ما تحولت الشعارات من الاقتصاد إلى تلك المناهضة (للرئيس حسن) روحاني والزعيم الأعلى (آية الله علي خامنئي)".


وفي قم، وهي معقل لرجال الدين، أظهرت لقطات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي محتجين وهم ينتقدون خامنئي بالاسم وهتفوا "السيد علي عليه أن يشعر بالعار ويترك البلاد وشأنها".


وذكرت وسائل للتواصل الاجتماعي ومواقع إيرانية على الإنترنت أن متظاهرين نظموا أيضا احتجاجات في بلدة كوتشان بالقرب من الحدود التركمانية وفي الأهواز عاصمة إقليم خوزستان الغني بالنفط.


ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء عن مسؤول قضائي قوله في مشهد، أحد أقدس الأماكن لدى الشيعة، إن الشرطة اعتقلت 52 شخصا في المظاهرات التي خرجت يوم الخميس.


وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي استخدام شرطة مكافحة الشغب مدافع المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود.

 

اقرأ أيضا: أول موقف أمريكي رسمي من الاحتجاجات الشعبية في إيران


ووقعت آخر اضطرابات على مستوى البلاد في عام 2009 عندما أثارت إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد احتجاجات شوارع استمرت ثمانية أشهر، وقال منافسون إصلاحيون إن الانتخابات جرى تزويرها.


ودعا رجل الدين المحافظ البارز آية الله أحمد علم الهدى إلى اتخاذ إجراء صارم ضد المحتجين.


ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن علم الهدى قوله: "إذا تركت وكالات الأمن وإنفاذ القانون مثيري الشغب وشأنهم فإن الأعداء سينشرون تسجيلات وصورا في إعلامهم ويقولون إن نظام الجمهورية الإسلامية فقد قاعدته الثورية في مشهد".


الموت للدكتاتور


وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي متظاهرين يهتفون قائلين: "الموت (للرئيس حسن) روحاني" و"الموت للدكتاتور"، وخرجت احتجاجات أيضا في مدينتين أخريين على الأقل بشمال شرق البلاد.


وقال علم الهدى، ممثل الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي في مشهد، إن "عددا قليلا من الأشخاص استغل احتجاجات يوم الخميس على ارتفاع الأسعار لرفع شعارات مناهضة لتدخل طهران في صراعات إقليمية".


وقال علم الهدى: "بعض الناس خرجوا للتعبير عن مطالبهم لكن فجأة رددت مجموعة لا يتعدى عددها الخمسين وسط حشد بالمئات هتافات مغايرة ومريعة مثل، اتركوا فلسطين وأضحي بحياتي في سبيل إيران وليس غزة أو لبنان".


وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي متظاهرين يهتفون "اتركوا سوريا، فكروا فينا" في انتقاد لدعم إيران العسكري والمالي للأسد.

 

اقرأ أيضا: أول تعليق لترامب على احتجاجات إيران.. ماذا قال؟


وأشار اسحق جهانكيري نائب الرئيس وحليفه المقرب إلى أن معارضي الرئيس المحافظين قد يكونون من أثاروا الاحتجاجات لكنهم فقدوا السيطرة عليها. ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن جهانكيري قوله "من يقفون وراء مثل تلك الأحداث سيحترقون بنارها".


ولم يحقق بعد الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع القوى العالمية في 2015 للحد من برنامجها النووي مقابل رفع أغلب العقوبات الدولية المفروضة عليها نتائج اقتصادية للقاعدة العريضة من الناس.


ويقول مركز الإحصاءات الإيراني إن نسبة البطالة بلغت 12.4 بالمئة في السنة المالية الجارية وهو ما يمثل ارتفاعا نسبته 1.4 بالمئة عن العام الماضي، وهناك نحو 3.2 ملايين عاطل عن العمل في إيران التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة.

التعليقات (0)

خبر عاجل