كتاب عربي 21

الفجوة تتسع بين أردوغان وغول

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600

أعلن رجب طيب أردوغان في 24 نيسان/ أبريل 2007، في اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، أن مرشح الحزب هو عبد الله غول. وكان غول يتولى آنذاك حقيبة الخارجية في الحكومة التركية التي يرأسها أردوغان. وحاولت المعارضة والقوى العلمانية عرقلة انتخاب غول رئيسا للجمهورية، إلا أن حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان وقف وراءه بقوة، وأعلن ترشيح غول لرئاسة الجمهورية مرة أخرى بعد الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في 22 يوليو / تموز 2007. وهكذا تولى غول أعلى المناصب في تركيا.

كان بإمكان أردوغان آنذاك أن يترشح هو نفسه لرئاسة الجمهورية، أو يرشح نائبا آخر من نواب حزب العدالة والتنمية، بدلا من ترشيح غول، ولكنه آثر رفيق دربه على نفسه، ووقف وراء "أخيه عبد الله غول" بكل ثقله حتى يوصله إلى قصر الرئاسة. ولم يكن مثل هذا الإيثار أمرا مألوفا في عالم السياسة. ولذلك تحدث عنه الجميع بإعجاب.

أردوغان وغول انشقا مع بعض أصدقائهما؛ عن حزب الرفاه وتيار "مللي غوروش" الذي أسسه رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان، وقاما بتأسيس حزب العدالة والتنمية، وناضلا جنبا إلى جنب من أجل تعزيز الديمقراطية في البلاد. إلا أن هذه الصداقة المتينة بدأت تتآكل منذ زمن وتظهر الخلافات للعلن.

 

 

لب المشكلة هو أن غول لم يكن يريد "التقاعد" و"الابتعاد عن الساحة السياسية" بعد انتهاء فترته في رئاسة الجمهورية، ولكنه لم يجد منصبا مناسبا يتولاه بعد منصب رئيس الجمهورية، إلا ذاك المنصب نفسه أو منصب رئيس الوزراء


لب المشكلة هو أن غول لم يكن يريد "التقاعد" و"الابتعاد عن الساحة السياسية" بعد انتهاء فترته في رئاسة الجمهورية، ولكنه لم يجد منصبا مناسبا يتولاه بعد منصب رئيس الجمهورية، لأنه لا يناسبه بعد أن تولى رئاسة الجمهورية إلا ذاك المنصب نفسه أو منصب رئيس الوزراء.

هناك خلافات في وجهات النظر بين أردوغان وغول، وهذا أمر طبيعي، ولكن الذي أدَّى إلى تآكل صداقتهما عدم وقوف غول إلى جانب أردوغان حين تعرض لهجمات شرسة، وبقائه متفرجا على تلك الهجمات التي استهدفت أردوغان وعائلته، والتزام الصمت ليراقب ما ستؤول إليه تلك الهجمات، وكأن الذي يتعرض لها ليس رفيق دربه الذي أوصله إلى قصر الرئاسة. بل في بعض المحطات والملفات، مثل أحداث غزي باركي ومكافحة تنظيم الكيان الموازي الإرهابي، أطلق تصريحات تعارض موقف أردوغان وحزب العدالة والتنمية وتحرجهما. وعارض الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، على الرغم من أنه كان يؤيد مثل هذه الخطوة في الأيام التي رشحه فيها أردوغان لرئاسة الجمهورية، وقال آنذاك إن النظام الرئاسي "حُلمه منذ الطفولة".

 

 

الذي أدَّى إلى تآكل صداقتهما عدم وقوف غول إلى جانب أردوغان حين تعرض لهجمات شرسة، وبقائه متفرجا على تلك الهجمات التي استهدفت أردوغان وعائلته


عبد الله غول يقول - ردا على منتقدي تصريحاته المعارضة لمواقف أردوغان وحزب العدالة والتنمية - إنه يتحدث في المسائل التي يعتقد أنه من الضروري أن يبدي رأيه فيها، ولكنه لا يجيب على هذا السؤال: "لماذا التزمَ الصمت وظل متفرجا حين تعرضت تركيا ورئيسها لهجمات شرسة؟"

الحكومة التركية أصدرت قبل أيام مرسوما جديدا يوفر الحصانة لمواطنين مدنيين شاركوا في إفشال محاولة الانقلاب. ويهدف المرسوم إلى حماية المواطنين الذين تصدوا في تلك الليلة لدبابات الانقلابيين بصدورهم العارية؛ من الملاحقة في القضايا التي قد يرفعها ضدهم أنصار الانقلابيين، بتهمة التمرد على أوامر قوات الأمن، بهدف معاقبتهم وإرهاقهم في المحاكم، ودفع المواطنين لعدم التفكير في التصدي للانقلابيين في المحاولات القادمة خوفا من الملاحقة القانونية.

 

غول انتقد مرسوما يوفر الحصانة لمواطنين مدنيين شاركوا بإفشال محاولة الانقلاب، ووصفه بــ"الملتبس"، وتحولت تغريدته خلال ساعات إلى حملة ضد رئيس الجمهورية التركي الذي كان يقوم بزيارة هامة للخرطوم، الأمر الذي دفع أردوغان إلى انتقاد غول، دون أن يذكر اسمه



غول انتقد في حسابه بموقع تويتر هذا المرسوم، ووصفه بــ"الملتبس"، وتحولت تغريدته خلال ساعات إلى حملة ضد رئيس الجمهورية التركي الذي كان يقوم بزيارة هامة للخرطوم، الأمر الذي دفع أردوغان إلى انتقاد غول، دون أن يذكر اسمه، واتهامه بمنح المعارضة مادة دسمة لتستغلها ضد الحكومة.

يدور الحديث حاليا في تركيا حول احتمال ترشح غول في الانتخابات الرئاسية. ويرى بعض المحللين أن قوى داخلية وخارجية تدفع رئيس الجمهورية السابق باتجاه منافسة أردوغان في 2019، كمرشح جبهة عريضة تجمع تحت سقفها كافة القوى السياسية التي ترغب في التخلص من رئيس الجمهورية التركي الحالي.

 

يدور الحديث حاليا في تركيا حول احتمال ترشح غول في الانتخابات الرئاسية. ويرى بعض المحللين أن قوى داخلية وخارجية تدفع رئيس الجمهورية السابق باتجاه منافسة أردوغان في 2019


غول ليس بسياسي يفتقر للخبرة، ومن المؤكد أنه يدرك ماذا يعني ترشحه لرئاسة الجمهورية، ومنافسة أردوغان بدعم من مثل تلك الجبهة التي يجتمع فيها كل من هب ودب. وإن فعل ذلك، فسيعتبره الشارع التركي "مرشح حزب الشعب الجمهوري" و"مرشح تنظيم الكيان الموازي الإرهابي"، بل و"مرشح دول الثورة المضادة" و"مرشح السعودية والإمارات". كما أن أمامه "تجربة إحسان أوغلو" الذي خرج لمنافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية السابقة كمرشح مشترك لحزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، ودعمته أحزاب وقوى أخرى، ومع ذلك فشل. ولا ننسى أن حزب الحركة القومية لن يدعم هذه المرة مرشح تلك الجبهة، بالإضافة إلى أن بعض العلمانيين قد يعارضون ترشيح عبد الله غول، ولا يصوتون له حتى لو رشحه حزب الشعب الجمهوري.

التعليقات (2)
بابكر عثمان خليفة
السبت، 28-04-2018 07:00 م
إذا رشح عبدالله غول للانتحابات الرئاسية فسيحرق تاريخه الناصع وسيخرج من المسرح السياسي كما خرج كمال الدين احسان من قبله
عربي من بلاد العرب
الجمعة، 05-01-2018 06:45 م
انا احترم غول ولكن اقول له اياك ان تشوه ماضيك باقدامك على خطوة الترشح سواءً فزت وهذا مستبعد أو خسرت وهو الراجح فعلى كلا الحالين انت خاسر