ملفات وتقارير

هل خدم خلاف مصر والسودان إثيوبيا؟ .. ما علاقة إسرائيل؟

القاهرة والخرطوم اتخذا مسارا واحدا منذ البداية بملف مياه النيل بمقابل أديس أبابا- أ ف ب
القاهرة والخرطوم اتخذا مسارا واحدا منذ البداية بملف مياه النيل بمقابل أديس أبابا- أ ف ب
أزمة دبلوماسية بين مصر والسودان هي حصيلة التوتر المتصاعد بين سياسيي البلدين ونتيجة للتراشق الإعلامي بين الأذرع الإعلامية لنظام الانقلاب في مصر ونظام عمر البشير في السودان، وهو ما يصب بحسب مراقبين بشكل مباشر لصالح إثيوبيا التي تسابق الزمن لإنهاء بناء سد النهضة.

وبرغم أن القاهرة والخرطوم اتخذا مسارا واحدا منذ البداية بملف مياه النيل بمقابل أديس أبابا؛ إلا أن كلا منهما ترك الملف الأخطر على الشعبين الشقيقين واتبعا سياسة الكيد مع الأخر، والتي وصلت الخميس لاستدعاء الخرطوم سفيرها بالقاهرة.

إثيوبيا تلعب بالجميع


المحلل السوداني حسن إبراهيم، أشار إلى الدور الإثيوبي في إثارة الأزمات، وقال: "تبدو إثيوبيا أنها تلعب بالجميع؛ المصريون يظنون أن السودان متحالف مع إثيوبيا ضد مصر، وإثيوبيا تضرب هذا بذاك، وتأمل في إثارة القلاقل في إريتريا عبر خلط الأوراق في الصومال وكينيا وجنوب السودان".
أرجع الكاتب الصحفي، سمير العركي، تدهور العلاقات بين البلدين لعدم وجود رؤية واضحة للسياسة الخارجية لمصر معتبرا أن ذلك هو نتاج طبيعي لحالة التخبط تلك


ووصف إبراهيم عبر صفحته بفيسبوك استدعاء السفير السوداني في القاهرة للتشاور بـ"المؤشر الخطير على مستوى تدهور العلاقات".

فيما أرجع الكاتب الصحفي، سمير العركي، تدهور العلاقات بين البلدين لعدم وجود رؤية واضحة للسياسة الخارجية لمصر معتبرا أن ذلك هو نتاج طبيعي لحالة التخبط تلك.

خسائر مصر

وتحدث أستاذ الأعمال الدولية في جامعة جورج واشنطن الدكتور محمد رزق، عن خسائر مصر من الأزمة مع السودان، وقال "الهواة الفاشلون في مصر من عصابة العسكر؛ بعدما أشعلوا نيران المقاطعة مع السودان ظهير مصر الإستيراتيچي؛ سوف يكون لذلك تداعيات وخيمة علي مياه النيل إن ما قررت السودان الوقوف جانب أثيوبيا أو عدم تصدير لحومها لمصر".

 

اتهم مساعد وزير الخارجية المصري السفير عبدالله الأشعل، إسرائيل بأنها خلف كل ما يتعرض له المصريون من أزمات، وقال إن "خطط إسرائيل ضد مصر والسياسات التي تنتهجها في تدميرها؛ تثمر الآن".


مخرج للسيسي

وتساءل الإعلامي المصري، عماد البحيري، قائلا: "هل تكون الحرب على السودان هي المخرج للسيسي؟"،  وأجاب عبر صفحته بفيسبوك قائلا: "السيسي بمأزق اقتصادي وسياسي وحتى بمسرحية الانتخابات"، مضيفا أن الحل لديه هو الحرب على السودان؛ وبالتالي لن تقام انتخابات وهنا يكسب جزءا من شعبيته باعتباره مدافعا عن حقوق مصر بماء النيل".

ما علاقة إثيوبيا وإسرائيل؟

وفي تعليقه على الأزمة المصرية السودانية ومسبباتها اتهم مساعد زير الخارجية المصري السفير عبدالله الأشعل، إسرائيل بأنها خلف كل ما يتعرض له المصريون من أزمات، وقال إن "خطط إسرائيل ضد مصر والسياسات التي تنتهجها في تدميرها؛ تثمر الآن".

أستاذ القانون الدولي، توقع في حديثه لـ"عربي21"، أن "يشهد هذا العام المزيد من الضغوط على مصر في ملف مياه النيل وغيره من الملفات من قبل السودان وإثيوبيا؛ وذلك بدعم إسرائيلي للأخيرة، مستغلين في ذلك أزمة النظام المصري وعجزه عن حل أزمة المياه بشكل خاص".

ويعتقد الأشعل، أنه في ظل تصاعد الأزمة بين القاهرة والخرطوم وجموح الجانين، "قد يصل الأمر بالسودان إلى قطع علاقاتها السياسية مع مصر والتصعيد مع القاهرة في أروقة الأمم المتحدة".

 

اقرا أيضا :  مسؤول سوداني ينفي دخول قوات مصرية إلى "كسلا"


وذهب الأشعل إلى أبعد من ذلك بقوله "وقد يتحرش السودان بالجيش المصري في مثلث حلايب وشلاتين لاستنزافه في جنوب مصر، موضحا أن ذلك قد يتم "بدعم إسرائيلي"، حسب قوله.

"عندما نقول إثيوبيا نذكر إسرائيل"

ويرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور بدر شافعي، أن استدعاء السفير السوداني من القاهرة؛ يأتي في إطار التصعيد بين الطرفين مؤخرا"، مؤكدا أنه "إجراء دبلوماسي معتاد ومعناه احتجاج وليس قطع علاقات أو أزمة دبلوماسية".

شافعي، أكد لـ"عربي21"، أنه "إجراء  تحاول السودان منه إيصال رسالة لمصر خصوصا بعد ما تردد أن القاهرة طلبت من أديس أبابا استبعاد الخرطوم من المحادثات، وهو ما نفته مصر"، موضحا أنه "لا يقبل من أي طرف استبعاد أخر لأنها مفاوضات بين 3 أطراف بناء على اتفاقية وقعت بنهم".

خبير الشئون الأفريقية، أكد أن "مصدر تلك الرواية هي لاشك إثيوبيا؛ التي تهدف لإبعاد مصر عن السودان وتدق الأسافين بينهما حتى يرتمي السودان في صف إثيوبيا، وبالتالي تكون قد كسبته ضد مصر"، معلنا عن أسفه أنه "وبعدما كانت تقف الشقيقتان في نفس الصف، الآن الخرطوم تقف مع أديس أبابا، وأصبحت مصر خصما للسودان وليس إثيوبيا التي تحسن العلاقات بينهما رغم وجود خلافات كبيرة سابقة".


اقرأ أيضا :  السودان ينفي تلقيه طلب استبعاد من مفاوضات سد النهضة


وأكد الأكاديمي المصري، على وجود دور إسرائيل في الأزمة بين الأشقاء، وقال إن "إسرائيل لها استراتيجية ثابتة بإشغال مصر بمشكلات الجنوب مع السودان حتى لا تركز على الشمال الشرقي حيث إسرائيل"، مضيفا أن "هذه الاستراتيجية مستمرة منذ أزمة انفصال جنوب السودان، وبملف منابع النيل، وخلافات مصر والسودان؛ ومفادها إشغال مصر وسحب جهودها للجنوب".

ولكن شافعي أشار إلى أنه في "المشكلة الأخيرة بين مصر والسودان فإن النظام المصري هو السبب بالتصعيد المستمر وأسلوب المعالة مع النظام السوداني والإملاءات على الخرطوم؛ جميعها أعطت الفرصة للسودان للقيام بهذا التصعيد الأخير"، موضحا أنه "وبرغم ذلك لا ننكر الدور الإسرائيلي التاريخي في هذا الإطار".

يعتقد المحلل السياسي السوداني وائل علي، أن "اتهام إسرائيل بأن لها دورا في أزمة السودان مع مصر؛ هو مبالغة كبيرة"

ويرى أستاذ "تسوية وإدارة الصراعات"، أن "إسرائيل صنعت الخلاف بين دول حوض النيل وبعضها البعض رغم أنها كانت دولة واحدة من قبل"، مشيرا إلى أن "إثيوبيا صارت هي الطرف المقبول لدى السودان، وأن القاهرة في هذا الوضع لا تستطيع عمل شيء مع أديس أبابا المستفيد من تصعيد الخلافات بين الشقيقتين".

وقال شافعي "عندما نقول إثيوبيا فيجب أن نذكر اسم إسرائيل خلفها"، مضيفا "وفي تقديري فإن أزمة ملف سد النهضة لن تحل إلا بوساطة طرف ما؛ وهو إسرائيل، وسيكون الحل في أن تصل مياه النيل لصحراء النقب وحصول إسرائيل على جزء من مياه النيل وتحقيق حلمها التاريخي".

وجهة نظر سودانية

وعلى الجانب الآخر، يعتقد المحلل السياسي السوداني وائل علي، أن "اتهام إسرائيل بأن لها دورا في أزمة السودان مع مصر؛ هو مبالغة كبيرة"، وقال إن "الأزمة المصرية السودانية الحالية بدأت من زيارة زوجة أمير دولة قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة الشيخة موزة بنت ناصر، للسودان في آذار/مارس2017، وهجوم الإعلام المصري عليها، وإهانته للآثار السودانية وهو ما اعتبره أمرا غير مقبول".

وفي حديثه لـ"عربي21"، تابع علي، تحليله لأسباب الأزمة، قائلا: "ثم تطورت المسألة إلى قضية (المدرعات المصرية) التي ضبطتها الأجهزة السودانية مع متمردي دارفور في أيار/مايو 2017، وأخيرا زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نهاية العام الماضي، وقضية جزيرة (سواكن) التي منحت السودان تركيا حق إدارتها واعتبرها الإعلام المصري تهديدا لأمن مصر".

وفي رده على سؤال لماذ العداء بين الشقيقتين في قضايا فرعية بينما الأزمة الحقيقية هي مياه النيل؟، قال علي، "في مسألة مياه النيل كان هناك اتفاق مصري سوداني إثيوبي حولها في آذار/مارس 2015"، مضيفا أن "باتفاق المبادئ الذي وقعت عليه مصر موافقة على قيام السد مقابل ضمانات منحها الإتفاق للقاهرة"، مضيفا و"لكن السيسي عندما تعرض لهجوم كبير بعد الاتفاق حاول التراجع عن التوقيع وكان الإنسحاب المصري الشهر الماضي".
مصر تحجز 130 مليار متر مكعب من المياه في السد العالي رغم أن حصتها المفترضة 59 مليار متر مكعب"، موضحا أن إثيوبيا تستغل هذه المسألة لتبرير بنائها للسد ولأنها تريد أن تنهض أيضا وتريد إنتاج كهرباء رخيصة

وأضاف الباحث السوداني، أن "السيسي وقع على اتفاق المبادئ وكان عليه الإلتزام به، ورغم أنني شخصيا لست مؤيدا للإتفاق؛ لكنه كان نقطة تحول إيجابية ممكن منها أن يتم الحوار عبر الدول الثلاث لاتفاق على توزيع مياه النيل الأزرق".

وأوضح أنه بالنسبة لإسرائيل فهي ممكن أن تكون محرضة على بناء سد النهضة وربما يكون هناك خبراء إسرائيلو ن في عمليات بنائه (لست متأكدا)؛ لكن السد في حد ذاته هو رغبة إثيوبية".

وأضاف أن "إسرائيل علاقتها مع إرتريا (حليفة مصر) أقوى منها مع إثيوبيا؛ وهي تملك في إرتريا قاعدة عسكرية، والسيسي طلب من إسرائيل التوسط له في سد النهضة حتى يقال إن زيارة وزير خارجية مصر سامح شكري، لتل أبيب قبل عام كانت لشكر تل أبيب على دورها بالوساطة مع إثيوبيا".

وقال إن "مصر تحجز 130 مليار متر مكعب من المياه في السد العالي رغم أن حصتها المفترضة 59 مليار متر مكعب"، موضحا أن إثيوبيا تستغل هذه المسألة لتبرير بنائها للسد ولأنها تريد أن تنهض أيضا وتريد انتاج كهرباء رخيصة".

وحول الحل لوقف المهاترات بين الشعبين والالتفات للملف الأهم للشقيقتين قال علي، إنه يجب "تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي وحل قضية حلايب بالتحكيم الدولي".

وانتقد الناشط السوداني بالقاهرة، حسن إبراهيم، تصعيد الأزمة بين مصر والسودان على الرغم من أن أزمتهما مع إثيوبيا آنية وأهم وأخطر.

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد إبراهيم، أن ما يثار حول وجود دور إسرائيلي في دعم إثيوبيا وتصعيد الموقف بين السودان ومصر، وصرف القاهرة عن أديس أبابا وتركيزها في الأزمة نحو الخرطوم بأن "جميعها نقاط وجيهة".

 

تتويج لأحداث 2017

وعلى صعيد العلاقات المصرية السودانية، شهد العام الماضي مواقف متباينة وتصريحات متوترة وقرارات تصعيدية بين الجانبين، ففي آذار/مارس، قال وزير الإعلام السوداني إن فرعون المذكور بالقرآن كان سودانيا، وإن أهرام السودان أقدم من أهرامات مصر، وهو ما أثار ضجة بالإعلام المصري، فيما رد وزير الآثار المصري الأسبق زاهي حواس بلفظ مهين قائلا "إنها تخاريف".

وفي آذار/مارس أيضا، حظر السودان استيراد السلع الزراعية ومستحضراتها المصنعة والأسماك المعلبة من مصر، وأعاد تجديد القرار في آيار/مايو.

وفي نيسان/أبريل 2017، فرضت الحكومة السودانية تأشيرات دخول على المصريين، وهو ما ردت عليه القاهرة بذات الشهر، بمنع الصحافيين السودانيين طاهر ساتي، وإيمان كمال الدين، من دخول مصر.

في 22 كانون الأول/ديسمبر أعلن السودان عن تقديمه شكوى ضد مصر بالأمم المتحدة تفيد عدم اعترافه باتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية واعتبارها اعترافا سعوديا بمصرية حلايب وشلاتين.

وفي آيار/مايو، اتهمت السودان مصر بدعم حركات التمرد في دارفور، وهو ما نفته القاهرة، التي استضافت فرقاء لحركة الشعبية لتحرير السودان للصلح بينهم في تشرين الثاني/نوفمبر.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، قال وزير خارجية السودان إبراهيم الغندور إن مصر استخدمت لسنوات طويلة جزءا من حصة السودان بمياه النيل، مطالبا القاهرة بتعويض عن تلك المياه.

وفي نهاية 2017، أعلنت مصر عن عدة إجراءات تصعيدية، وهي التوجه بشكوى لمجلس الأمن ضد السودان، وبناء 100 منزل بحلايب، وبث برنامج تلفزيوني وخطبة الجمعة من هناك، وإنشاء سد لتخزين مياه السيول، وميناء للصيد في "شلاتين".

في 22 كانون الأول/ديسمبر أعلن السودان عن تقديمه شكوى ضد مصر بالأمم المتحدة تفيد عدم اعترافه باتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية واعتبارها اعترافا سعوديا بمصرية حلايب وشلاتين.

ومع بداية العام 2018، ترددت أخبار عن طلب القاهرة رسميا استبعاد السودان من مفاوضات سد النهضة ولكن مصر نفت ذلك الثلاثاء، مؤكدة أن مقترحها لأديس أبابا كان هو ضم البنك الدولي كطرف محايد في المفاوضات.


التعليقات (2)
mohammed babejur
الجمعة، 12-01-2018 02:45 م
مصر تتخبط وستخسر
مصري
السبت، 06-01-2018 07:56 ص
بالطبع كل خلاف يقودة عميل المخابرات الإسرائيلية لمصر مع أي دولة ، لابد وأن يسير في مصلحة البيت الكبير اسرائيل و بالتالي يؤدي إلي استمرارة في السطو المسلح علي مصر و شعبها التافه ، كيف لأي أخرق أن يؤجج الصراع مع السودان الشقيق و العمق الإستراتيجي الحقيقي لمصر ، هل هذة التصرفات الحمقاء تصب في مصلحة مصر ؟ بالطبع لا ، ولكنه السيسي المكيافللي القذر الذي لا ينظر إلا لمصلحته الشخصية فقط في ظل وجود شعب جاهل لا ينظر إلا تحت قدميه فإلي ماذا تتطور الأمور مع السودان ؟ بالطبع السيسي الجبان لا يجرؤ علي المساس بأثيوبيا او حتي اللعب معها من بعيد ، والتي هي جوهر و لب الصراع في قضية المياه .