ملفات وتقارير

هل يمهد اعتذار إسرائيل عودة دافئة للعلاقات مع عمّان؟

محللون قالوا إن إنهاء الأزمة بين الطرفين جاء بسبب وجود عمل مشترك كمشاريع استراتيجية لها علاقة بالمياه والطاقة والبيئة- أرشيفية
محللون قالوا إن إنهاء الأزمة بين الطرفين جاء بسبب وجود عمل مشترك كمشاريع استراتيجية لها علاقة بالمياه والطاقة والبيئة- أرشيفية

باعتذار إسرائيل (حسب الرواية الأردنية) عن قتلها لثلاثة مواطنين أردنيين، يطوي الجانبان أزمة عصفت بالعلاقات لأشهر طويلة، عقب حوادث أمنية كان أبرزها قتل مواطنين أردنيين في سكن وظيفي تابع للسفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية عمان، على يد رجل أمن إسرائيلي، في تموز/ يوليو الماضي.

بعيدا عن لغة البيان الصحفي (الأردني، الإسرائيلي) غير المنسجمة بخصوص الاعتذار وتقديم التعويضات، يرى محللون سياسيون أردنيون أن قضايا عديدة ستبقى عالقة بين الطرفين، خصوصا فيما يتعلق بعملية السلام وملف القدس، بينما سيدفع طي ملف حادثة السفارة الجانبين للعودة بالعمل معا في مشاريع حيوية، وفي التنسيق الأمني المتعلق بالجنوب السوري وتواجد ايران على الحدود الشمالية.

يقول مدير مركز الدراسات الإسرائيلية فى عمان، عبد الله صوالحة، إن "أزمة السفارة منفصلة عن قضايا القدس وعملية السلام أو ما يسمى صفقة القرن، كون ما حدث هو حادث أمني أدى إلى توتر العلاقات، وتمسكت الأردن بمطالب خلال 6 شهور وتم تنفيذها من الجانب الإسرائيلي".


اقرا أيضا :  "إسرائيل" تعتذر رسميا عن قتل 3 أردنيين وتتعهد بتعويضات


مبينا في حديث لـ"عربي21" أن "إنها أزمة السفارة كان ضرورة للطرفين؛ بسبب وجود عمل مشترك كمشاريع استراتيجية لها علاقة بالمياه والطاقة والبيئة، إذ من الصعب في ظل انقطاع العلاقات تسريع العمل في هذه المشاريع، إلى جانب التنسيق والتعاون الأردني - الإسرائيلي بجنوب سوريا والحد من التواجد الإيراني على الحدود، ومواجهة هيمنة إيران في المنطقة وتوسيع نفوذها".

النقطة المهمة التي ستنعكس عليها عودة العلاقات، -حسب الصوالحة- هي الوصاية الهاشمية على المقدسات، لوجود أمور تتعلق بالمسجد الأقصى والقدس بحاجة إلى تواصل الطرفين.

وتجمع المملكة والجانب الإسرائيلي مصالح واتفاقيات عدة، أبرزها اتفاقية السلام "وادي عربة"، إلى جانب اتفاقية مع شركة نوبل إنيرجي الأمريكيّة في أيلول/ سبتمبر من عام 2016، الحاصلة على امتياز التنقيب في البحر الأبيض المتوسط في فلسطين المحتلة، وأخرى مماثلة لتوريد الغاز الطبيعي وقعتها شركة البوتاس الأردنية مع جلوبال إنيرجي في 2014، إلى جانب مشروع ناقل البحرين المشترك الممول من البنك الدولي، واتفاقية المصانع المؤهلة (QIZ)، وغيرها من المجالات.

وبدأت بعض المصالح تتأثر بتوتر العلاقات وغياب للتواصل الدبلوماسي، ومن بينها تهديد إسرائيل بوقف العمل بمشروع ناقل البحرين وربط استئناف العمل بعودة طاقم السفارة، الأمر الذي دفع الأردن للتأكيد على لسان مصدر حكومي لوسائل إعلام محلية أن المملكة ماضية بالمشروع مع أو بدون إسرائيل.

 

اقرأ أيضا :  هل تعصف الحوادث الأمنية بالعلاقات بين إسرائيل والأردن؟


إسرائيليا، احتفت شخصيات إسرائيلية سياسية وإعلامية بحل "أزمة السفارة"، وحسب الخبير في الشؤون الإسرائيلية، د.أيمن الحنيطي، "احتل إعلان حل الأزمة صدى واسعا في إسرائيل، إذ أعلن رئيس لجنة الخارجية والأمن بالكنيست الإسرائيلي افي ديختر بمقابلة صباحية مع الإذاعة العبرية أنه يرحب بحل الأزمة بين إسرائيل والأردن بعد حادثة السفارة الإسرائيلية، ويقول إن العلاقات لا يجب أن تقطع فترة طويلة".

مشددا في حديث لـ"عربي21"، على أن "السفيرة الإسرائيلية عينات شلاين لن تعود إلى عمان بعد حل الأزمة الدبلوماسية، إذ رضخت إسرائيل للمطلب الأردني، حيث سيجري استبدالها بشخص آخر، وكان قد طرح اسم عاموس جلعاد لكن بعد استمزاجه من مكتب نتنياهو، جاء الرد سلبيا".

وحسب الحنيطي أن "حل الأزمة يأتي، -كما نقل الإعلام العبري- بعد اتصالات قادها رئيس الموساد يوسي كوهين مع الأردن، وستقوم السلطات المعنية في إسرائيل ستواصل فحص المواد التي جرى جمعها من حادثة السفارة الإسرائيلية في تموز 2017 ومن المتوقع التوصل لقرار خلال الأسابيع القريبة".

أما أردنيا، تساءل سياسيون وناشطون، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حول اختلاف صيغة البيان الأردني عن الإسرائيلي، إذ لم يشر الأخير لتقديم اعتذار أو تعويضات لأهالي الشهداء، في وقت حمل البيان الأردني لغة "الانتصار"، مما دفع ناشطين للطلب من الحكومة الأردنية نشر نص مذكرة التفاهمات مع إسرائيل لتبديد الشكوك.


اقرا أيضا :  ورقة أسرى الأردن في إسرائيل تعود للواجهة في "حادثة السفارة"


رئيس لجنة فلسطين النيابية، يحيى السعود، يصف تقديم إسرائيل للاعتذار، بالإنجاز الذي حققته الدبلوماسية التي قادها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، مؤكدا أن "إسرائيل قدمت اعتذارا شديدا، بينما يقوم الجانب الإسرائيلي بتزوير الحقائق".

رافضا في الوقت ذاته، عودة السفارة الإسرائيلية في عمان إلى العمل، تحت أي ظرف من الظروف، خصوصا مع استمرار إسرائيل الاعتداء على المقدسات الإسلامية وخرقها للقانون الدولي واتفاقية وادي عربة، قائلا لـ"عربي21": "سنواجه عودة السفارة بالطرق الدستورية تحت قبة البرلمان".

"سلام استراتيجي" بهذه الكلمات وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، السلام مع الأردن، فهل ستصوم إسرائيل عن اختراق القوانين الدولية ومعاهدة وادي عربة، وتضمن عدم تكرار قتلها لمواطنين اردنيين بدم بارد؟ وأن تتوقف عن خرقها للسيادة الأردنية على المقدسات في القدس؟ أمور يشكك بها مواطنون أردنيون، رافضون لكل أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

التعليقات (0)