حقوق وحريات

كيف يضاعف استهداف المرافق الطبية السورية أعداد الضحايا؟

سبع سنوات والمأساة مستمرة - الأناضول
سبع سنوات والمأساة مستمرة - الأناضول
بينما توثق المنظمات الحقوقية في العادة ضحايا القصف المستمر أو الهجمات العسكرية على المناطق السورية، لفت تقرير حقوقي إلى أن أعداد من يفقدون حياتهم نتيجة غياب الرعاية الصحية أو بسبب صعوبة الوصول إليها؛ قد يفوق أعداد من يقتلون نتيجة استهدافهم بشكل مباشر، وهو ما يعيد للأذهان الاستهداف المستمر للمرافق الطبية من قبل النظام السوري وحلفائه.

ويتناول تقرير اللجنة السورية لحقوق الإنسان؛ "الانتهاكات الواسعة" التي ارتكبها الفاعلون المختلفون في سوريا، إضافة إلى الانتهاكات الواقعة على السوريين اللاجئين في دول الجوار.

نزيف مستمر

فقد وثّقت اللجنة في تقريرها عن حالة حقوق الإنسان في سوريا لعام 2017، مقتل 12375 شخصا خلال عام 2017، بمعدل 1031 شخصا في الشهر الواحد. كما وثّقت ارتكاب 457 مجزرة خلال عام 2017، بواقع 38 مجزرة في الشهر. وتركّزت المجازر في محافظتي دير الزور والرقة، حيث شهدت المحافظتان 55 في المئة من مجازر هذا العام. وتصدّر النظام السوري قائمة مرتكبي الانتهاكات هذا العام، بنسبة 56  في المئة من ضحايا هذا العام، وتلته قوات التحالف الدولي بواقع 1908 أشخاص، ثم تنظيم الدولة بواقع 1756 شخصاً، ثم الطيران الروسي بواقع 1459 شخصاً.

وشهدت سوريا، وفقا للتقرير، استمرار أعمال تفجير السيارات والدراجات المفخخة والعمليات الانتحارية، بما أدّى إلى مقتل المئات خلال هذا العام.

وشهد عام 2017 ارتفاعا في أعداد ضحايا الألغام الأرضية، التي يتم زرعها في الغالب من قبل تنظيم الدولة، حيث إن جميع حوادث انفجار الألغام الأرضية التي تم تسجيلها كانت إما على حدود المناطق التي يُسيطر عليها التنظيم، أو في المناطق التي أُجبر على الخروج منها. وقد وثّقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان مقتل 754 شخصا خلال عام 2017 بسبب الألغام.

معتقلون ومختفون

واستمرت سلطات النظام في احتجاز عشرات الآلاف من السوريين في سجونها على خلفية ما يُسمّى بتهم الإرهاب، وهو المسمّى المعتمد لديها للاعتقالات السياسية. ووفق التقرير، يقضي آلاف منهم مددَ محكومياتٍ تتروح بين 3 أعوام و 20 عاما، بعد أن يتمّ عرضهم أمام ما يُسمّى بـ"محكمة قضايا الإرهاب"، فيما لم توجّه أي تهم إلى آلاف آخرين.

وبحسب التقرير، تتصف معظم هذه الاعتقالات بأنها "اعتقالات جغرافية" أكثر منها "اعتقالات سياسية"، حيث ينتمي كل المعتقلين تقريبا خلال الأعوام القليلة الماضية إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أو التي كانت خارجة عن سيطرته، ولم يقوموا فعليا بأي أمر مناهض للنظام. أما الذين يتم اعتقالهم على خلفية مشاركتهم في أنشطة سياسية أو عسكرية مناهضة للنظام، فإنّهم في الغالب لا يُحوَّلون إلى السجون الاعتيادية، بل يستمر احتجازهم داخل مراكز خاصة بالأجهزة الأمنية، وينتهي الأمر بهم إلى الموت تحت التعذيب.

وأوضح التقرير أن صفقات تبادل المعتقلين والأسرى بين الأطراف المختلفة الفاعلة على الأرض السورية شكلت واحدا من أهم أشكال الإفراجات خلال هذا العام، كما في الأعوام السابقة. وتجري صفقات التبادل إما قبيل خروج المقاتلين من منطقة ما بناء على صفقة، وبالتالي فإنّ عليهم التخلص ممن لديهم من الأسرى أو مما لديهم من جثث، لأنهم لن يتمكنوا من إخراجها معهم، أو عبر وساطات محلية أو إقليمية.

الحصار كسلاح

واستمرّت قوات النظام بشكل أساسي باستخدام سلاح الحصار لمعاقبة المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة، كما يقول التقرير.

لكن عام 2017، مقارنة مع الأعوام الخمسة الماضية، سجل أقلّ استخدام لهذا السلاح من حيث مساحة المناطق المحاصرة أو من حيث عدد السكان المحاصرين. ويعود الانخفاض، وفقاً للتقرير، لعاملين رئيسيين، الأول: سيطرة قوات النظام على عدد من المناطق التي كانت تُحاصرها في السنوات السابقة، حيث تمكّنت تحت وطأة الحصار من التوصل إلى اتفاقيات مع المقاتلين في هذه المناطق تضمن خروجهم ومن يرغب معهم من المدنيين مقابل تسليم المنطقة إلى قوات النظام. أما الثاني: فهو تمكّن قوات النظام من كسر الحصار الذي كان يفرضه تنظيم الدولة على وسط مدينة دير الزور لعدة سنوات.

وبحسب التقرير، فقد بلغ عدد السوريين الذين عانوا من الحصار المباشر في عام 2017 حوالي 700 ألف نسمة، وتوزّعوا على أربعة مناطق رئيسية هي: الغوطة الشرقية لدمشق، التي يعيش فيها حوالي 400 ألف شخص، وريف حمص الشمالي، الذي يعيش فيه حوالي 150 ألف نسمة، إضافة إلى حي الوعر في مدينة حمص، الذي كان يعيش فيه حوالي 40 ألف نسمة، وخرج من قائمة المناطق المحاصرة في شهر أيار/ مايو من هذا العام، ووسط مدينة دير الزور، الذي يعيش فيه حوالي 100 ألف نسمة، وخرج من قائمة المناطق المحاصرة بداية شهر أيلول/ سبتمبر من هذا العام.

القطاع الطبي تحت النار

ووثق التقرير استمرار استهداف القطاع الطبي والإسعافي كأحد أبرز سمات الحرب في سوريا خلال السنوات السابقة. ويُعتقد أنه لم يبق أي مشفى أو مركز طبي في محافظة درعا وريف حماة لم يتعرّض للقصف مرة واحدة على الأقل خلال هذه الفترة.

ويظهر تتبع الهجمات التي يقوم بها طيران النظام والطيران الروسي أن هذه الهجمات تأتي بشكل ممنهج ومتعمد، حيث يتم استهداف مشافٍ بعيدة عن المناطق السكنية، بما يظهر النية الواضحة لهذه القوات في استهداف المشافي والمراكز الصحية على وجه اليقين، كما جاء في التقرير.

وأشار التقرير إلى أن عام 2017 شهد استهداف 61 مشفى ونقطة طبية، 22 منها في محافظة إدلب وحدها. كما وثّقت اللجنة مقتل 24 من الكوادر الطبية. كما وثّقت اللجنة مقتل 41 عنصرا من عناصر الدفاع المدني، وإصابة 62 عنصرا آخرين، إضافة إلى استهداف 18 مركزا للدفاع المدني، و42 سيارة إسعاف. ويعتقد أن الأشخاص الذين قتلوا في سوريا خلال السنوات السابقة نتيجة لنقص الخدمات الطبية أو لعدم قدرتهم على الوصول إليها أو الذين تعرّضوا لمضاعفات نتيجة للحرب، كتوقف القلب يزيد عن عدد الذين قتلوا جراء الاستهداف المباشر.

استهداف الإعلام

واستمرّت خلال العام الانتهاكات التي تستهدف قطاع الإعلام، حيث حلّت سوريا في المرتبة الثانية في قائمة أخطر دول العالم بالنسبة للصحفيين. وقد وثّقت اللجنة مقتل 24 صحفيا وناشطا إعلاميا خلال عام 2017.

وإلى جانب أعمال القتل، وثّقت اللجنة إصابة 17 صحفيا وناشطا إعلاميا خلال عام 2017، معظمهم جراء القصف العشوائي، أو نتيجة للقصف وإطلاق النار في أثناء تغطية الاشتباكات.

النزوج واللجوء

وأدّت الانتهاكات المختلفة إلى استمرار مأساة اللجوء والنزوج السورية، حيث واصلت سوريا تبوؤ المرتبة الأولى عالميا في عدد اللاجئين.

وقال التقرير إنه في بداية شهر آذار/ مارس 2017، تجاوز عدد اللاجئين السوريين عتبة الخمسة ملايين لأول مرة منذ عام 2011. ووصل عددهم في نهاية العام إلى 5.4 مليون لاجئ، فيما بلغ عدد النازحين داخل سوريا إلى 5.7 مليون شخص، لتكون سوريا في المرتبة الأولى عالميا في عدد النازحين؛ كما هي في عدد اللاجئين.

وبحسب تقرير اللجنة السورية لحقوق الإنسان، يعدّ وضع اللاجئين السوريين في لبنان الأسوأ على الإطلاق مقارنة مع بقية دول اللجوء السوري. وتشمل الانتهاكات التي يتعرّض لها اللاجئون في لبنان: قيام الجيش اللبناني وأجهزة الأمن المختلفة والمليشيات شبه الرسمية بأعمال الاعتقالات التعسفية والمعاملة الحاطة بالكرامة والتعذيب بحق اللاجئين، إضافة إلى حرمان اللاجئين من الحصول على المساعدات الأممية المخصصة لهم، بسبب رفض المجموعات السياسية المؤيدة للنظام إقامة مخيمات رسمية للاجئين أسوة ببقية دول اللجوء.

وشهد عام 2017 عددا واسعا من حالات الاعتقال بحقّ عائدين إلى سوريا من اللاجئين، كما تمّ توثيق عدد من حالات القتل تحت التعذيب لبعض هؤلاء المعتقلين.

وبحسب التقرير، تقوم السلطات الأمنية للنظام بتوقيف كل الذكور البالغين من العائدين، وفي عدد محدد من الحالات تم إيقاف الإناث أيضا، وخاصة إذا كانت المرأة بمفردها أو كانت ربة الأسرة العائدة. ويمكن أن يستمر التوقيف لبضع ساعات، أو لفترات أطول. وتعتمد فترة التوقيف على ما يبدو على طبيعة الأنشطة التي قام بها الشخص وأفراد عائلته في أثناء لجوئهم، وعلى وضعهم ووضع أقربائهم المالي، وما إذا كان بإمكانهم دفع رشاوى باهظة للإفراج عنهم أم لا.

استهداف دور العبادة

وأظهر التقرير السنوي للجنة السورية لحقوق الإنسان؛ أن أعمال استهداف دور العبادة، وخاصة المساجد، استمرّت بوتيرة مرتفعة، وإن كانت بنسبة أقل من السنوات الماضية. وقد وثّقت اللجنة في عام 2017 استهداف 90 مسجدا، إضافة لكنيسة واحدة.

للاطلاع على النص الكامل لتقرير اللجنة، اضغط هنا
التعليقات (0)