بورتريه

البلتاجي.. أسرته تشتت وأحكام إعدام وسجن 170 عاما (بورتريه)

بورتريه البلتاجي
بورتريه البلتاجي

يعد أحد أبرز السياسيين ورمزا من رموز جماعة الإخوان المسلمين في مصر.


سرب قبل أيام رسالة (مقالا) تناول فيها ظروف محاكمته ورفاقه أمام القضاء المصري، والتهم الموجهة لهم.


وتناول في الرسالة تفاصيل ما يروج له الآن في الإعلام المصري بأن ثورة 25 يناير تمثل احتلالا خارجيا سهل لـ"الإخوان المسلمين" السيطرة على السلطة في مصر، كما أنه تناول ما يحاكم من أجله هو والمتهمون معه أمام القضاء، أنهم سهلوا الاحتلال الخارجي وقاموا بقيادته.


تشتت أسرة محمد محمد إبراهيم البلتاجي، المولود عام 1963 في مدينة كفر الدوار في محافظة البحيرة، بين قتيل ومعتقل ولاجئ سياسي في تركيا.


مسيرته مع جماعة الإخوان المسلمين مرت بفترات صعبة وحرجة، وهي المسيرة التي بدأت في المرحلة الثانوية بالإسكندرية عام 1977.


ومن البدايات مثل البلتاجي اتحاد طلاب "معهد الإسكندرية الديني الثانوي"، وشارك في إقامة مؤتمر من أكبر مؤتمرات الإسكندرية لمعارضة معاهدة "كامب ديفيد" بين مصر و"إسرائيل".


عقب التحاقه بالجامعة، استمر في ممارسة أنشطته السياسية حيث ترأس "اتحاد كلية طب الأزهر"، ثم "اتحاد طلاب جامعة الأزهر" على مستوى الجمهورية، وصدرت ضده قرارات تعسفية من إدارة الجامعة بفصله من رئاسة اتحاد الطلاب إلا أن الإدارة اضطرت للعدول عن قراراتها أمام الضغوط الطلابية الحاشدة.


شارك مع رموز العمل الطلابي في الجامعات المصرية في توحيد موقف طلابي حاشد تأييدا لقضية الجندي المصري سليمان خاطر، ومخاطبة الحكومة المصرية بالإفراج عنه وعدالة قضيته.


البلتاجي حاصل على البكالوريوس من كلية الطب بـ"جامعة الأزهر" عام 1988، ثم نال الماجستير عام 1993 وحصل على درجة الدكتوراه عام 2001.


التحق بالجيش، وأدى الخدمة العسكرية برتبة ملازم لمدة سنة واحدة لصدور قرار تعيينه معيدا بـ"مستشفى الحسين الجامعي"، وعمل طبيبا مقيما بقسم الأنف والأذن والحنجرة ما بين عامي 1990 و1993.


صدر قرار تعيينه بوظيفة مدرس مساعد بقسم الأنف والأذن والحنجرة في "كلية طب الأزهر"، لكن الجهات الأمنية أصدرت توصية بوقف قرار التعيين فتعطل تسلمه للوظيفة لمدة أربع سنوات حتى صدور قرار "محكمة القضاء الإداري" بأحقيته في تسلم الوظيفة.


أقام في مدينة شبرا الخيمة وافتتح بها عياداته الخاصة، ومن خلال تميز مهني واضح، صار له جمهور كبير وقاعدة عريضة تعرفت على تميزه العلمي والخلقي والدعوي والخدمي، وفق ما روي عنه.


وفيما بعد، دخل إلى عالم السياسة عبر الترشح لعضوية مجلس الشعب عام  2005 عن دائرة شبرا الخيمة، على مقعد الفئات عن كتلة "الإخوان المسلمين"، وفاز باكتساح من الجولة الأولى، وأصبح عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب المصري 2012.


شارك في تأسيس "المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين" في عام 2007 بجاكرتا ومثل مصر في عضوية مجلس إدارته.


وانتخب فيما بعد عضوا في اللجنة التنفيذية بـ"المؤتمر القومي الإسلامي" وهو المؤتمر الذي حافظ على مساحة عمل مشترك بين التيارين القومي والإسلامي على الساحة العربية في السنوات الأخيرة.


ارتبط اسم البلتاجي بالدفاع عن القضية الفلسطينية، فشارك في تأسيس "الحملة الشعبية المصرية لفك الحصار عن غزة"، ومثل مصر في عضوية "اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة" وكان له دور بارز في مواجهة المواقف الرسمية المصرية والعربية أثناء الحرب على القطاع. 


وكانت له مشاركات قوية برلمانية وسياسية ضد بناء الجدار الفولاذي بين مصر وغزة، وضد تصدير الغاز لـ"إسرائيل" وغيرها من المواقف القومية.


لم يكتف بدوره في اللجنة الدولية لكسر حصار غزة، لكنه شارك ضمن نشطاء دوليين في سفينة "مرمرة" التركية، وكان رئيس الوفود العربية المشاركة في "أسطول الحرية" الذي سعى عمليا إلى كسر الحصار عن القطاع. 


لكن "إسرائيل" هاجمت السفينة في عام 2010، ما أدى لاستشهاد 9 من الناشطين، وجرح العشرات منهم، فضلا عن اعتقال كافة المشاركين على ظهر الأسطول.


ترشح ثانية لانتخابات مجلس الشعب عام 2010 التي شهدت وقائع تزوير فاضح، فانسحب من الجولة الثانية تنفيذا لقرار "جماعة الإخوان المسلمين" بمقاطعة جولة الإعادة.


وأصبح فيما بعد من الأقطاب المشاركة في "ثورة 25 يناير" عام 2011 وتم اختياره بـ"مجلس أمناء الثورة"، ليشارك بعدها في تأسيس "حزب الحرية والعدالة" الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين".


ترشح للمرة الثالثة في انتخابات مجلس الشعب عام 2011 عقب الثورة بقائمة "حزب الحرية والعدالة" في محافظة القليوبية، ودخل مجلس الشعب للمرة الثانية، ولكن هذه المرة ممثلا عن الحزب في أول مشاركة رسمية وأول برلمان بعد الثورة.


بعد انقلاب الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع على الرئيس المنتخب محمد مرسي في تموز/ يوليو عام 2013، كان للبلتاجي مواقف قوية في مقاومة الانقلاب من على منصة اعتصام "رابعة العدوية"، وبعد "مجزرة رابعة" قال إن "الإخوان" لن يلجؤوا للعنف في مواجهة الانقلاب الذي قتل من المصريين أضعاف من قتلوا أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008، بحسب قوله.


وهو "الفض" الذي أسفر عن سقوط 632 قتيلا منهم 8 شرطيين، بحسب "المجلس القومي لحقوق الإنسان" (حكومي)، في الوقت الذي قالت فيه منظمات حقوقية محلية ودولية إن أعداد القتلى تجاوزت الألف.


أمرت النيابة العامة المصرية في عام 2013 بضبطه وإحضاره على خلفية اتهامات وبلاغات مقدمة "بتعذيب عدد من المواطنين المعارضين للإخوان المسلمين في اعتصام رابعة العدوية".


قتلت ابنته أسماء في فض اعتصام "رابعة العدوية" في عام 2013 بعد أن قام قناص بإطلاق رصاص حي أصابها في صدرها فتوفيت في مكانها، وأم المصلين في مسجد "السلام" في مدينة نصر في القاهرة أخوها الأكبر عمار البلتاجي، ولم يتمكن أبوها من حضور الجنازة، لكن كتب في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" رسالة مؤثرة رثى فيها ابنته.


واعتقل ابنه أنس الطالب في كلية التربية في جامعة عين شمس.


واعتقل ابنه خالد الطالب بالصف الثالث الثانوي، لكن أفرج عنه في كانون الثاني/ يناير عام 2015، فيما تعرض ابنه حسام الطالب بالصف الثالث الإعدادي لمضايقات وملاحقات أمنية باستمرار، واضطر ابنه عمار، الذي اعتقل بعد فض اعتصام رابعة، لمغادرة البلاد إلى تركيا بعد الإفراج عنه.


وحكم على زوجته بستة أشهر سجنا غيابيا بتهمة الاعتداء على حراس سجن طرة أثناء زيارتها للبلتاجي في السجن.


وألقي القبض على محمد البلتاجي في عام 2013 من قوات الأمن المصرية في محافظة الجيزة ووجهت إليه تهمة التحريض على قتل المتظاهرين.


مثل أمام محاكم عدة بتهمة "التحريض علي القتل" وصدر ضده حكم بالإعدام بتهمة اقتحام سجن وادي النطرون، بينما كان البلتاجي وقتها معتصما في ميدان التحرير مع شركاء الثورة على مرأى ومسمع من كل فضائيات العالم التي كانت تنقل الأحداث وقتها مباشرة للعالم كله، وما زال يمثل أمام المحاكم في قضايا عدة لم تنته بعد.


وحكم على البلتاجي في عام 2014 بالسجن عشرين عاما بمزاعم "اختطاف وتعذيب رجلي شرطة في ميدان رابعة"، وبالسجن عشر سنوات أخرى بتهمة "قيادة جماعة إرهابية"، وهي جماعة الإخوان وفق تصنيف سلطات الانقلاب.


وحكم عليه بالسجن 15 سنة بتهمة "تعذيب مواطن مصري" خلال ثورة 25 يناير.


وفي أواخر عام 2014، حكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات، بعد إدانته بتهمة "إهانة المحكمة"، وفي عام 2015 قضت محكمة الجنايات في القاهرة بإعدامه شنقا في "قضية التخابر" مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).


وكشفت رسالة نشرتها أسرة محمد البلتاجي عن التعذيب والانتهاكات التي تعرض ويتعرض لها في محبسه بـ"سجن العقرب" شديد الحراسة في جنوب القاهرة.


وأفادت الأسرة في رسالة لها بأن "البلتاجي حبس في زنزانة انفرادية عبارة عن دورة مياه لمدة شهرين، إلى جانب حبسه في عنبر التأديب في سجن ليمان طره".


وأضافت أنه "تم نقله إلى سجن العقرب ليحبس في عنبر انفرادي في زنزانة مصمتة (دون نوافذ) لا يدخلها هواء وليس بها كهرباء؛ ما جعله يدخل في إضراب كلي عن الطعام حتى يتم نقله ويعامل كباقي المحتجزين".


الاعتداءات على البلتاجي لم تتوقف، فوفقا لرسالة العائلة، فقد "قام مسؤولان أمنيان بإجباره على خلع ملابسه وتعذيبه وتصويره عاريا".


وذكرت أسرة البلتاجي أنه "في اليوم التالي لتعذيبه، وفي أثناء حضوره جلسة من جلسات المحكمة، تكلم فيها البلتاجي أمام هيئة المحكمة عن التعذيب الذي تعرض له، وبمجرد رجوعه إلى حبسه ثانية دبرت له محاولة اغتيال عرض تفاصيلها أيضا أمام هيئة محكمة أخرى، ولكن لم تحرك ساكنا، ولم يفتح تحقيق بهذه الوقائع".


وأرجعت الأسرة ما أسمته "الانتهاكات التي تمارس بحقه" إلى "تقديمه بلاغا يتهم فيه عبد الفتاح السيسي ومن معه بقتل ابنته الوحيدة أسماء".


ورصدت الأسرة "اقتحام زنزانته ليلا بصحبة كلاب بوليسية، من قيادات أمنية بارزة، وتعطيل الكهرباء عن الزنزانة، وإصابته جسديا بسبب نشوب حريق مقصود في زنزانته الانفرادية ليلا، في وقت سابق".


وتزيد تخوفات أسرة البلتاجي عليه في فصل الشتاء القارص، قائلة إن "السجن لا يسمح بدخول أدوية أو ملابس شتوية في الشتاء أو أغطية، بل تسحب منهم البطانية الوحيدة، حيث هم يفترشون الأرض، بجانب منع التريض لأوقات طويلة، وإن خرج فيكون مقيد اليدين".


واختتمت الأسرة رسالتها قائلة: "لشهور عدة لا نعلم هل هم أحياء أم أموات، حيث الزيارة ممنوعة، بجانب حرمانه من رؤية نجله أنس المعتقل معه من ثلاث سنوات".


وحتى اليوم، وصل مجموع الأحكام بحق محمد البلتاجي إلى ثلاثة أحكام بالإعدام والسجن لأكثر من 170 عاما.


ولا يزال مئات المصريين مختفين قسريا أو يقبعون في المعتقلات دون محاكمة، أو مطاردين منذ "مجزرة رابعة العدوية" وحتى الآن.


والبلتاجي في قضيته التي رفعها للقضاء، يريد إدانة المسؤولين بتهمة قتل ابنته، وقتل نحو 1700 شاب وشابة مصرية في "رابعة"، ويقول إنه يسعى لتحقيق العدالة حتى وهو يقبع في السجن.

التعليقات (4)
عابر سبيل
الخميس، 08-10-2020 07:53 م
اللهم إن هذا منكر
ابوبكر ضياءالدين العباسي
الخميس، 16-01-2020 03:52 م
الدكتور البلتاجي يذكرني بمقولة سيدنا بلال احد أحد اللهم فك أسره وطهر مصر من الظالمين
عبدالله المصري
الخميس، 21-03-2019 07:03 م
انت في سجنك اعز و اشرف من السيسي فك الله اسرك انت و كل اسرى المسلمين ان شاء الله نصر الله قريب
قاسم - اربد
السبت، 20-01-2018 07:05 م
اي ذنب فعلتة هذه القامة سوى انها قالت لااله الا الله محمدا رسول الله الله ينتقم منك ايها السيسي كما انتقمت من هذه الجماعة وينتقم من حكام الامارات وحكام السعودية وقبلكم اسرائيل .