مقالات مختارة

واشنطن جادّة ومستمرة في مسار ملاحقة «حزب الله»

ثريا شاهين
1300x600
1300x600

جاءت زيارة مساعد وزير الخزانة الأمريكية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال مبلتغسلي لبيروت بعد جملة إجراءات وعقوبات اتخذتها الإدارة ضد «حزب الله»، آخرها تشكيل وحدة في وزارة العدل للتحقيق في ما تسميه نشاطات الحزب في الحصول على تمويل من الاتجار بالمخدرات لغايات الإرهاب.

وتقول مصادر دبلوماسية، إن المسؤول الأمريكي هدف من زيارته مراقبة تنفيذ لبنان والقطاع المصرفي للعقوبات، وامتثال القطاع للقوانين الأمريكية والدولية.

ولدى الأمريكيين متابعة دقيقة للموضوع، إذ لا تعتبر واشنطن الأمر امنيا أو سياسيا فحسب، إنما أيضا، يكمن في أن وجود تنظيم مسلح في لبنان شريك في الحكومة والبرلمان متهم بهذه الأعمال من جانب الولايات المتحدة. وزيارة المسؤول الأمريكي، تثبت المسار الذي تتمسك به واشنطن بالنسبة إلى سياستها تجاه الحزب وتجاه ايران من ورائه.

كما يأتي التحرك الأمريكي للإدارة الحالية ردا على الانتقادات التي وجهت داخليا للإدارة السابقة هناك، التي تغاضت عن ملاحقة شبكات «حزب الله» في العالم، من اجل التوصل إلى التوقيع على الاتفاق النووي مع ايران. ويدخل التحرك في اطار تصعيد الضغوط لتوقف تنامي نفوذ ايران في الشرق الأوسط. والقدرات العسكرية للحزب مع الإشارة إلى أن ملاحقة هذه الشبكات كانت موضوع تحقيق بموجب «مشروع كاساندرا» السابق.

وما لا تستسيغه واشنطن هو أن الحزب الذي لديه "الدور السياسي المليشياوي" بحسب المصادر، شريك في إدارة البلد في ظل الاتهامات الأمريكية الموجهة إليه. ولديها تساؤلات حول أن الحزب الذي يدعي بأنه يحارب التكفيريين "هو نفسه متورط في المخدرات والإرهاب". وبالتالي، فإن الزيارة جاءت في اطار "الضغوط القانونية والمعنوية والسياسية على الدولة لتذكيرها أن شريكها في السلطة خارج القانون الدولي وهو متهم".

وتفيد المصادر بأن الولايات المتحدة استطاعت إدراج أسماء من «حزب الله» أو غيره على لوائح الإرهاب، نتيجة المراقبة الدقيقة للتعاملات التي تحصل بين الدول، لا سيما بين أمريكا اللاتينية وأفريقيا. وبالنسبة إلى واشنطن، فإن ما قامت به وزارة العدل، هو مراقبة المعاملات المالية المرتبطة غالبا بالمخدرات، حيث هناك العديد من الشبكات المتخصصة في هذا المجال. ما يعني أنه قبل تشكيل اللجنة المولجة بالتحقيق في أنشطة «حزب الله»، في هذه الوزارة، فإن التحقيقات الفعلية الأمريكية، والاستقصاءات ومتابعة حركة التحويلات المصرفية، كانت نشيطة ومركزة.

ولا تستبعد المصادر أن تضع الولايات المتحدة لوائح جديدة تطال هذا الموضوع، وهي تأتي في اطار سياسة التشدد حيال الحزب وحيال الراعي الإقليمي له، أي ايران. وتأتي أيضا بالتزامن مع موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير حول ضرورة تعديل الاتفاق النووي بما يضمن عدم قدرة ايران على امتلاك القنبلة النووية نهائيا، وليس فقط لمدة عشر سنوات كما ينص عليه هذا الاتفاق. وهو سيقود محادثات مع الأوروبيين حول هذا الهدف.

وتشير المصادر إلى أن الولايات المتحدة لديها لوائح متنوعة حول الإرهاب والمخدرات، وحقوق الإنسان، والاتجار بالبشر، والإرهاب المتصل بالوضع السوري وغيرها وهي تفرض عقوبات في كل هذه المجالات وتضع أسماء أفراد وشركات تعتبرها متورطة. وعلى الرغم من أن اللوائح أمريكية، إلا أن كل العالم يتأثر بها، لان من يتعامل مع المتورطين، يخضع للعقوبات نفسها من جانب الولايات المتحدة.

مصادر دبلوماسية أخرى تقول إن أي تحقيق أمريكي مباشر في لبنان من وزارة العدل الأمريكية لم يحصل، لكنه اذا حصل يبدو غريبا، لأنه يجب أن تكون هناك ممارسة سيادية والا كل شيء بات مستباحا ويجب أن تكون هناك اطر ما لأي تعاون، فهناك التعاون القضائي مثلا، ويتخلله إرسال مذكرات حول أسماء محددة، وهناك التعاون الأمني، وهذا بالتحديد سيجعل الحزب قلقا من مثل هذا التعاون، إلا اذا حمل الأمريكيون أسماء معينة.

كما يمكن أن يتم التحقيق ضمن اطار الأمم المتحدة والاتفاقيات المالية الدولية التي ترعى العمل ضد كل الجرائم المعروفة، والتحويلات المالية التي تخصص لها. فهناك لجنة مكافحة الجريمة المنظمة والمخدرات في الأمم المتحدة. ثم هناك التعاون عبر الإنتربول الدولي.

وتؤكد المصادر أن كل ما تقوم به واشنطن هو وسيلة ضغط إضافية على «حزب الله» وعلى ايران في الوقت نفسه. لأنها تعتبر أنه من ضمن الموقف الاستراتيجي من ايران يجب ملاحقة اتباعها في المنطقة، إنما ليس سهلا إرسال وفد إلى الدول ومن بينها لبنان للتحقيق في أنشطة الحزب.

وأفادت مصادر دبلوماسية بأن مجيء أي لجنة إلى بيروت في حال حصوله ستسمع أن الحزب أعلن بذاته أنه لا يستعمل المصارف في حركة أمواله، وليس لديه تحويلات عبرها، والحزب لا يتعاطى مع المصارف. وفي الوقت نفسه، فإن القطاع المصرفي يلتزم بالقوانين الدولية.

المستقبل اللبنانية

0
التعليقات (0)