سياسة عربية

محللون يكشفون أسباب تراجع تصعيد السيسي ضد السودان وإثيوبيا

السيسي والبشير وإثيوبيا- جيتي
السيسي والبشير وإثيوبيا- جيتي

"خطوات للوراء وليست واحدة"، هكذا علق مختصون ومتابعون للتصعيد الأخير بين مصر والسودان وإثيوبيا، ردا على ما خرجت عنه القمة الثلاثية التي عقدت أمس الاثنين في العاصمة الإثيوبية بين قادة مصر والسودان وإثيوبيا، وهي القمة التي أعلن بعدها رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي أنه لا داعي للقلق بين شعوب الدول الثلاث فيما يتعلق بمياه النيل.

ورغم أن تعليقات المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي، لم تقدم معلومات محددة عما توصل إليه المسؤولون الثلاثة، إلا أن فكرة الاجتماع في حد ذاتها وتصريحات السيسي الهادئة بعدها دفعت لتوجيه العديد من التساؤلات عن هذا التراجع بعد الحملة الإعلامية المصرية ضد السودان، التي وصلت للحشد العسكري المصري الإرتيري على الحدود الشرقية للسودان، وهل هذا التراجع نتيجة الانتخابات الرئاسية التي تشهدها مصر حاليا؟ وهل يمكن أن تكون مثلت الحالة التي أحدثها ترشيح الفريق سامي عنان داخل الجيش قبل اعتقاله قلقا للسيسي بأن موقف عموم الجيش ليس في صالحه وربما كانت هذه الحرب هي مقبرته، أم أن الأمر لا يعدوا كونه تراجعا تكتيكيا حتى تمر انتخابات الرئاسة بما يمكن السيسي من التصعيد؟ وهو في موقف أكثر قوة، خاصة أن مقترحاته بوساطة البنك الدولي قابلتها إثيوبيا برفض قاطع.

وطبقا للدكتور محمد جمال حشمت، وكيل لجنة العلاقات الخارجية السابق بالبرلمان المصري، فإن فكرة الانتقام والتهور عند السيسي هي الغالبة، كما أنه في سبيل تحقيق غايته يمكن أن يسلك كل الطرق، مضيفا لـ"عربي21" أن تراجع السيسي متعلق في الأساس بالانتخابات التي تشهدها مصر، حتى ولو كان قد حسمها مبكرا؛ ولذلك فإن احتمالات التصعيد مرة أخرى وارد جدا، خاصة أن إثيوبيا لن تقدم له أي مكاسب، وفي حال انتهت مسرحية الانتخابات كما يريد، فلا شك أنه سوف يعاود الهجوم مرة أخرى، ليس لحماية المصالح المصرية، وإنما من أجل المصالح الصهيونية التي تريد منه مواجهة الوجود التركي القطري في البحر الأحمر، ولأنه لن يستطيع التصعيد ضد إثيوبيا التي تدعمها إسرائيل بقوة، فإن السودان هي الأقرب للمواجهة، وبالتالي سيتم إخراج المشهد على أنها حرب عربية خالصة، وأن السودان هو المتعنت في موضوع السد، وهو الذى يقف ضد المصالح المصرية، وتبريرات أخري كثيرة سوف تظهر وقت الحاجة إليها".

قلق من الجيش

ويضيف الكاتب الصحفي أحمد الجيزاوي لـ"عربي21" أن السيسي، كما يقول المصريون، "معجون بالخيانة" ولا يهتم بالمصالح المصرية، وإنما اهتمامه فقط بوجوده في الحكم وخدمة المشروع الصهيوني في المنطقة، وبالتالي فليس عجيبا أن تخرج منه مثل هذه التصريحات الناعمة، رغم خطورة القضية المتعلقة بها، وهي مياه النيل، موضحا أنه سوف يلجأ إلى عمل عسكري، كمحاولة منه لإيجاد مبرر لفشله في موضوع سد النهضة، وهو العمل الذي دخل بالفعل حيز التنفيذ خلال الأسبوعين الماضيين، لكنه توقف لعدة أسباب، من بينها قلق السيسي من موقف الجيش، خاصة بعد ما تردد عن وجود غضب بين القيادات والرتب الوسطى لما جرى مع الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب الجيش الأسبق، وبالتالي فإن إقدامه على مثل هذه الخطوة حاليا يمثل خطورة عليه، ما جعله يتراجع للخلف خطوتين أو أكثر".

وأوضح الجيزاوي أن هناك معلومات بدأت تنتشر عن حملة تأديب سوف يقوم بها السيسي داخل الجيش لكل من أبدى تأييدا لعنان، ولذلك فإن الإقدام على مواجهة عسكرية ربما تكلفه حاليا منصبه، الذي أصبح محل شكوك ومعارضة. 

وتوقع الجيزاوي أن تكون زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي للقاهرة، الأسبوع الماضي، هي التي مهدت للقمة الثلاثية التي شهدتها أديس أبابا، والتي كان الهدف منها نزع فتيل التوتر بين مصر والسودان، "بدليل أن إثيوبيا رفضت وساطة البنك الدولي التي طالبت بها مصر، كما أن الإعلام الإثيوبي لم يهتم باللقاء الثلاثي على عكس الإعلام المصري، بما يشير إلى أن موضوع السد مغلق لدى إثيوبيا، التي تتلاعب بالسيسي كما تريد، دون أن تقدم له شيئا ملموسا، وفي النهاية فإن بناء السد مستمر، بينما السيسي يرى أنه ليس هناك خلاف مع إثيوبيا".

على الجانب الآخر، يلفت السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، النظر إلى نقطة هامة، وهي أنه طبقا للقانون الدولي فإن تصريحات رئيس دولة بعدم وجود مشكلة مع دولة أخرى حول موضوع خلافي، فإنه لن يملك بعد ذلك اتهام تلك الدولة بأنها خالفت أي التزام قانوني بينهما، موضحا في تعليق على صفحته بـ"فيسبوك"، أن الترجمة القانونية لتصريح السيسي في أديس أبابا بأنه لا توجد أزمة بين مصر وإثيوبيا، هي أن مصر تسلم بالإجراء غير القانوني الذي قامت به إثيوبيا، ما يعني قانونا أيضا نسخ اتفاقية 1902 بين مصر وإثيوبيا المتعلقة بحصص مياه النيل.

التعليقات (0)