كتاب عربي 21

اصطفاف داود أوغلو مع أردوغان

إسماعيل ياشا
1300x600
1300x600

دخل رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، القاعة المخصصة لعقد اجتماعات الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، برفقة رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم وسلفه أحمد داود أوغلو، وجلس بينهما في القاعة قبل أن يلقي كلمته أمام النواب. ودفع هذا المشهد المراقبين إلى التساؤل: "هل تنتهي البرودة في العلاقات بين أردوغان وداود أوغلو؟".

الصورة التي أدّت إلى ارتياح في صفوف أنصار حزب العدالة والتنمية؛ لها ما قبلها، حيث استقبل أردوغان؛ داود أوغلو في القصر الرئاسي قبل أسبوع من التقاط هذه الصورة، وتناول الاثنان عملية غصن الزيتون، بالإضافة إلى التطورات الأخيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي. واستغرق اللقاء حوالي ثلاث ساعات.

 

الصورة التي أدّت إلى ارتياح في صفوف أنصار حزب العدالة والتنمية؛ لها ما قبلها

داود أوغلو، في تعليقه على اللقاء، ذكر أنه من الطبيعي أن يجتمع مع أردوغان كصديقين ناضلا لسنين طويلة من أجل ذات القضية، وكرجلي دولة سبق أن عملا معا حين كان وزير الخارجية ورئيس الوزراء. وأشار إلى أن البلاد تمر حاليا من مرحلة حساسة للغاية، داعيا الجميع إلى الالتفاف حول رئيس الجمهورية ودعم عملية غصن الزيتون التي أطلقها الجيش التركي لتطهير منطقة عفرين من الإرهابيين.

العلاقات بين أردوغان وداود أوغلو لم تكن على ما يرام، منذ استقالة الأخير من رئاسة الوزراء ورئاسة حزب العدالة والتنمية. وكانت تلك الاستقالة جاءت بعد خلافات بينهما، وأدَّت إلى شرخ في صفوف المؤيدين للحزب. وإن كانت الأغلبية الساحقة من أنصار حزب العدالة والتنمية تقف إلى جانب أردوغان، إلا أن هناك نسبة لا بأس بها تتعاطف مع داود أوغلو. وشهدت الفترة الماضية في بعض الأحيان تلاسنات واتهامات بين أنصار الطرفين.

 

كان الحديث يدور في الأوساط السياسية والإعلامية حول احتمال ترشح عبد الله غول في الانتخابات لمنافسة أردوغان، بدعم من القوى المعارضة وتيار داود أوغلو

القوى المعارضة تراهن على توسيع الشرخ بين أردوغان وغول وداود أوغلو، لإضعاف حزب العدالة والتنمية، وإسقاط أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها عام 2019. وكان الحديث يدور في الأوساط السياسية والإعلامية حول احتمال ترشح عبد الله غول في الانتخابات لمنافسة أردوغان، بدعم من القوى المعارضة وتيار داود أوغلو، إلا أن اصطفاف هذا الأخير مع أردوغان؛ أفسد هذا الرهان، وخيَّب آمال المناوئين لرئيس الجمهورية التركي.

اللقاء الذي جمع أردوغان وداود أوغلو في القصر الرئاسي قبل حوالي عشرة أيام، جاء بناء على طلب رئيس الوزراء السابق. ويبدو أن الزعيمين توصلا إلى ضرورة رص الصفوف في حزب العدالة والتنمية، وتفويت الفرصة على المتربصين. ويشير حضور أردوغان اجتماع الكتلة البرلمانية برفقة داود أوغلو ويلدريم؛ إلى ارتياحه من نتائج اللقاء.

المصالحة بين أردوغان وداود أوغلو، إن صح التعبير، خبر سيّئ لرئيس الجمهورية السابق عبد الله غول؛ الذي توحي تحركاته وتصريحاته بأنه يتحين الفرصة لإعلان التمرد على أردوغان؛ لأنها تقضي على سيناريو تشكيل جبهة معارضة لأردوغان داخل حزب العدالة والتنمية. ويمكن القول بأن احتمال ترشح غول في الانتخابات الرئاسية أصبح ضئيلا للغاية، بعد اللقاء الذي جمع أردوغان وداود أوغلو.

 

المصالحة بين أردوغان وداود أوغلو، إن صح التعبير، خبر سيّئ لرئيس الجمهورية السابق عبد الله غول؛ الذي توحي تحركاته وتصريحاته بأنه يتحين الفرصة لإعلان التمرد على أردوغان

اصطفاف داود أوغلو مع أردوغان، بدلا من عبد الله غول، خطوة ذكية؛ لأن التمرد على رئيس الجمهورية التركي في الظروف الراهنة يحرق مستقبله السياسي، ويؤدي إلى خسارة تعاطف الأغلبية الساحقة من مؤيدي حزب العدالة والتنمية. ومن المؤكد أن داود أوغلو يدرك جيدا أن النظام الرئاسي الذي سيتم تطبيقه بالكامل بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ قد يفتح له آفاقا جديدة في السياسة التركية، كما يعي أنه إن كان ينوي أن يواصل حياته السياسية في حزب العدالة والتنمية، فيجب أن لا يصنفه محبو أردوغان ضمن أعدائه.

تركيا بحاجة ماسة في هذه الأيام إلى الوحدة والتلاحم وروح الوطنية لمواجهة التحديات الجسيمة التي تواجهها، وتخيم عليها أجواء تشبه إلى حد كبير أجواء حزب الاستقلال، في ظل عملية غصن الزيتون. ومما لا شك فيه أن وقوف داود أوغلو إلى جانب أردوغان في هذه المرحلة؛ سيسهم في تعزيز الجبهة الداخلية وموقف القيادة التركية.

التعليقات (2)
Isam.ntachan
الخميس، 26-04-2018 07:25 ص
امل ان لا ينقسم حزب العدالة.وظهور داوداوغلو مع اردوغان امر جيد
اينشتاين
الأحد، 18-03-2018 11:54 م
السيد ياشا ، المسار التركي الجديد لم يبدأ منذ عشر سنوات ، الحديث عن العلاقة بين داود أوغلو ورجب طيب أردوغان وغول بهذه الكيفية لا يمكنني شخصيا استساغته بسهولة وتمريره من دون عناء ، إذا صح تناول العلاقة من المنحى الذي أشرت له ، فإن تركيا كانت قد سقتت بكل سهولة بين انياب الانقلاب الغاشم صيف 2016 ، ولم نشهد تركيا تعبر مسألة عفرين بهذه السرعة ، لذلك لا نقبل تسويق مثل هذا الطرح أو التحليل بخصوص العلاقة النابعة من تواضع ورضاء وقبول هذا النوع من أبناء تركيا في قمة القيادة ، أخي ياشا ، حتى وإن كنت عربيا ، بمعنى لست تركيا ، فإني أسمح لنفسي بالتأكيد أن هذه الطينة التركية متميزة كثيرا وليس من سمتها النزول إلى هذا المستوى ، فكل واحد من الثلاثة يرى في الآخرين جزءا لا يتجزأ منه شخصيا في تناغم تام وشبه كلي مع الأم تركيا . شكرا والسلام .