صحافة إسرائيلية

هل فشلت استراتيجية الترهيب الأمريكية بإخضاع الفلسطينيين؟

دونالد ترامب اعترف بأن "قرار السفارة" قد يتسبب بعدم إنجاز صفقة السلام التي يسعى لتحقيقها- جيتي
دونالد ترامب اعترف بأن "قرار السفارة" قد يتسبب بعدم إنجاز صفقة السلام التي يسعى لتحقيقها- جيتي
تحدث موقع إسرائيلي، عن استراتيجية الترهيب والترغيب التي تعتمدها الإدارة الأمريكية الحالية، في تعاملها مع الفلسطينيين، والتي تمثل وفق خبير إسرائيلي وجهين لعملة واحدة.

مسار ترامب

وفي حديث مثير، اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، أن غضب الفلسطينيين بسبب إعلانه أن القدس "عاصمة لإسرائيل"، قد يتسبب بعدم إنجاز صفقة السلام التي يسعى لتحقيقها، وقال: "لست متأكدا أن ذلك سيحدث"، وفق ما أورده موقع "تايمز أوف إسرائيل".

في حين، ما زال مبعوثه للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، "يناضل ويسافر لتعزيز ما أعلنه ترامب - ويصفه البعض بالمستحيل – في الصفقة النهائية، ويدافع بحماس عن تحرك الإدارة الأمريكية بشأن القدس، ولكن عمله مع الأطراف على الأرض يبدو كأنه يأخذ مسارا مختلفا عن مسار ترامب".

ورغم تأكيد ترامب أن القدس أصبحت "خارج المفاوضات"، إلا أن مبعوثه أكد هذا الأسبوع مرة أخرى، أن واشنطن "لا تتخذ موقفا جراء الحدود، وأن الوضع الراهن في الأماكن المقدسة يجب أن يبقى دون تغيير"، وفق الموقع الإسرائيلي الذي نقل عن غرينبلات توضيحه أن "قرار ترامب بشأن القدس، لم يحكم على أي وضع نهائي، بما في ذلك الحدود المحددة لـ"السيادة الإسرائيلية" في القدس".

وهدد ترامب، الأسبوع الماضي بخفض المساعدات المالية المقدمة للسلطة الفلسطينية بشكل كبير، حتى تعود إلى طاولة المفاوضات، وقال: "الذين ينتقدون السياسة الأمريكية لا يجب أن يتوقعوا تمويلا منها..، إننا نعطيهم مبالغ هائلة، وهذه الأموال هي للتفاوض".
 
ورأى الموقع، أن نهج ترامب "يتعارض تماما مع استراتيجية غرينبلات لصنع السلام، التي يبدو أنها تقوم أساسا على تحسين نوعية حياة الفلسطينيين، من خلال تقديم المزيد من المساعدات لهم"، منوها أن "وظيفة غرينبلات تقوم على عنصرين رئيسين؛ الأول: شرح تصريحات رئيسه والتحرك بأمانة، والثاني: القيام بالعمل الميداني لتقريبه إلى تلك الصفقة في نهاية المطاف".

تفكير جديد

وزعم غرينبلات في مؤتمر أمني عقد مؤخرا في "تل أبيب"، أنه "رغم الانتقادات التي أعقبت اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، فقد شهدت المنطقة قبولا متناميا للسلام"، مضيفا أنه "خلال رحلاتي وجدت استعدادا متزايدا لإمكانية السلام".

وتابع: "أعمال ترامب غيرت التوقعات بشأن ما هو ممكن، لقد أعاد تنشيط النقاش ولغة السلام في المنطقة"، موضحا أن "الضغط الحالي لتحقيق السلام يعكس التوجه غير التقليدي للرئيس".

لكن غرينبلات في ذات الوقت، أكد أن "محاولات ذات نية حسنة لإنهاء الصراع قد فشلت، ولهذا يعتقد ترامب أن هناك حاجة لتفكير جديد وقرارات جريئة، ونحن نتصرف وفقا لهذا التوجيه".

فبدلا من فرض حل من الخارج، يجب أن يكون للإسرائيليين والفلسطينيين "مساحة لاتخاذ قراراتهم بشأن مستقبلهم"، وفق المبعوث الأمريكي الذي نوه أن واشنطن "ستؤيد ما يمكن أن يتفق عليه الطرفان، ولن نفرض اتفاقا عليهما".

وبرغم الغضب الفلسطيني على قرار ترامب بشأن القدس، قال غرينبلات: "نحن نعمل ونجتهد ولم نبتعد للحظة عن جهودنا في ما يتعلق بخطة السلام"، لافتا أنه "من السهل التخلي عن المفاوضات، لكن هذا لا يساعد أحدا، بل يقلل أو يلغي فرص التوصل إلى اتفاق سلام شامل".

ونوه الموقع، أن غرينبلات يسعى إلى "دفع عملية السلام عبر تحسين جودة حياة الفلسطينيين"، مؤكدا أنه اعترف بتحقيق نجاحات "هامشية" في هذا الجانب، ويسعى إلى "الاستفادة من الفرص الناشئة، وتسهيل الاستثمارات في البنية التحتية التي ستزود غزة بمزيد من الطاقة والمياه" خلال الفترة القادمة.

أهداف واشنطن

وتحدث مبعوث ترامب، عن "الفيل في الغرفة"؛ وهي تهديدات الرئيس الأمريكي المتكررة بخفض المساعدات للفلسطينيين، التي دخلت حيز التنفيذ العملي بتقليص الدفعات المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

ورغم ذلك، ذكر غرينبلات أنه "لا أحد يستطيع القول إننا لم نف بالتزاماتنا المالية للفلسطينيين".

لكن ترامب، "على دراية بتقديراته غير المرضية للفلسطينيين، حيث يعتبر وبشكل واضح، أن المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية هي نفوذه الرئيسي في إعادتهم إلى طاولة المفاوضات"، وفق الموقع الذي لفت أن بعض المراقبين قد يميلون إلى "تجاهل تصريحات ترامب غير المحجوبة، مدعين أنه قد تم التصريح بها في لحظة الحدث ولا تصف بدقة أهداف السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية".

ويشدد الرئيس الأمريكي، على وجوب أن تخدم المساعدات الأمريكية المصالح الأمريكية دائما، وتذهب فقط إلى أصدقاء واشنطن"، مؤكدا عزمه على "خفض المساعدات لمن يقفون في طريق جدول أعماله".

وقال الموقع: "سواء كانت قرارات ترامب عن وعي أو مجرد حدث بهذه الطريقة، فقد اعتمدت الإدارة الأمريكية نهج الشرطي الجيد والشرطي السيئ لرفض الفلسطينيين الاشتراط في اللعبة"، منوها أنه في الوقت الذي "يلوح فيه ترامب بعصاه، فإن غرينبلات يوزع الجزر".
 
وتعليقا على هذه الطريقة التي تنتهجها إدارة ترامب، قال إيتان غلبوع الخبير في العلاقات الأمريكية الاسرائيلية بجامعة "بار إيلان" العبرية: "هذه الطرق المختلفة للتحدث للفلسطينيين لا تتعارض بالضرورة مع بعضها البعض".

وأضاف: "يقول غرينبلات إن الفلسطينيين يعانون، وإذا حضروا إلى طاولة المفاوضات سنساعدهم، ويقول ترامب، إن لم يأتوا إلى الطاولة فسيعانون أكثر من ذلك، إنهما حقا وجهان لعملة واحدة".
التعليقات (0)