مقالات مختارة

نسمح أو لا نسمح لطيران الهند؟

عبد الرحمن الراشد
1300x600
1300x600

رغبة «إير إنديا»، شركة الطيران الهندية، في تسيير رحلاتها عبر أجواء السعودية المتوجهة إلى الغرب والتوقف في إسرائيل، وجدت مساحة واسعة في إعلام «العدو» الحالي، حيث اتهم السعودية بأنها سمحت للهنود بالمرور إلى «العدو» القديم إسرائيل. الجهة المعنية، هيئة الطيران المدني السعودية، نفت وأكدت أنها لم تعط موافقتها.

لكن لنتأمل المسألة بواقعية، ومن منطق المصلحة والعلاقات الدولية. الحقيقة لا يوجد دافع قوي، ولا منطق سياسي يحول دون منح الإذن لكل طيران العالم بعبور الأجواء السعودية، باستثناء طيران ثلاث دول هي إسرائيل وقطر وإيران. هذه الدول يفترض أن يستمر منع طيرانها حتى يحين الوقت ويتم التصالح معها. فمن العداء ممارسة حقوق السيادة، بما فيها منع عبور الأجواء، أو منع غيرها لإشكالات أمنية مُحتملة من وراء السماح لطيرانها فوق أراضي الدولة.

علاقاتنا ببقية دول العالم جيدة، ويفترض أن يسمح لطيرانها المدني بالمرور في أجواء السعودية بغض النظر عن وجهة سفرها. فإذا كانت الرحلات الهندية ذاهبة إلى أثينا أو نيويورك أو غيرها من وجهات السفر، ورغبت في التوقف في مطار إسرائيلي، فلماذا نعاقبها بالمنع؟ وللعلم إسرائيل هي من تستمتع بنقل الركاب في ظل المنع وغياب شركات الطيران الدولية الأخرى، التي لا تريد عبور المسافة الإضافية وتقدر بساعتين تقريباً في حالة السفر في طريق ملتوية بين الهند وإسرائيل.

وفي كل الحالات الخلاف مع إسرائيل واضح جداً، ولا يفترض من دولة مثل قطر تملك علاقات شبه كاملة مع إسرائيل أن تملي علينا، من خلال أجهزتها الدعائية، كيف ندير أجواءنا أو مياهنا.

لقد مرت الدول العربية بنقاش حول مفهوم المقاطعة ووافقت المؤسسات العربية المعنية على التفريق بين المقاطعة المضرة بإسرائيل والمقاطعة المضرة بالعرب، وقبلت بإجراء تعديلات كثيرة عليها.

منطق المقاطعة القديم، ليس كله محاصرة إسرائيل، فالذين كتبوه كانوا من دول اليسار العربي، وجزء من توجهاتهم منع المتاجرة مع الغرب. كانوا يحظرون علينا استيراد معظم الإلكترونيات، مثل منتجات شركة آبل، وكانت في الماضي تمنع شركات كبرى مثل زيروكس. وكانت قوائم الممنوعات يعدها مكتب المقاطعة في دمشق الذي يتحكم في تجارة دول الخليج التي كانت تأتمر بأمر دول لا تستوردها بحكم عدائها للغرب أو حظر الغرب التعامل معها أصلاً، مثل سوريا. وكان الفساد متفشياً في تلك الإجراءات بحيث تركت المفاوضات في السابق لحكومات ومؤسسات أساءت استخدام سلطاتها غالباً لأهواء حكوماتها أو حتى لمصالح مالية. وقد جرت حملة كبيرة نجحت مؤخرا في تصويب مفاهيم المقاطعة وتنقية القوائم السوداء.

وعندما نتأمل رغبة طيران «إير إنديا» فعلينا أن نفكر فيها، وفي القضية بمجملها. فشركة الطيران الإسرائيلية مستفيدة من الوضع والحظر، وإن كانت طائراتها تطير ألفي كيلومتر إضافية في ظل امتناع معظم الشركات عن القيام بذلك. والأمر الآخر، شركات الطيران العالمية تنقل معظم نشاطاتها إلى أجواء مثل تركيا وغيرها.

كما أن العمل السياسي الذي يخدم الفلسطينيين، والقضية الفلسطينية بشكل عام، يفقد أدواته، عندما لا يملك ما يساوم عليه في كل أزمة. حتى في الخلافات والحروب والعداوات دائماً هناك منطق يسير العلاقات والعقوبات فلماذا لا نقرر كل حالة وفق ظروفها بدلاً من أن نجعل الدوغمائيين والمغرضين يتلاعبون بِنا؟

الشرق الأوسط اللندنية

2
التعليقات (2)
مُواكب
الجمعة، 09-02-2018 03:52 م
السُؤال، عُنوان المقال، يهدف بكل بوُضوح إلى تبرئة سعودية ابن سلمان من إثم التطبيع مع إسرائيل، وذلك عبر نقاش مثل صغير : نسمح أو لا نسمح للطيران الهندي؟ ما قيمة هذا المثل مُقارنة بحرب اليمن؟ وما قيمته مُقارنة باغتيال الديمقراطية الوليدة في مصر؟ بل وما قيمته مُقارنة باغتيال حلم الوحدة العربية قبل نصف قرن؟ ونحن نتحدث عن عينات فقط من جرائم آل سعود. يستطيع الأُستاذ الراشد أن يُوفر حبر القلم الذي يكتب به،
علي النويلاتي
الجمعة، 09-02-2018 02:13 م
يحاول عبد الرحمن الراشد ألتذاكي علينا في لعبة الثلاث كشاتبين (الغلاغلا) هذه. فهو يدعي أن " إسرائيل هي من تستمتع بنقل الركاب في ظل المنع وغياب شركات الطيران الدولية الأخرى" متناسياً أن الموضوع هو ليس في كسب شركة الطيران الإسرائيلي ولكن في كسب إسرائيل مئات اللآلاف من السياح الذين سوف تصبح بطاقات سفرهم إلى إسرائيل أرخص والذين سوف تنقلهم شركات الطيران إلى إسرائيل وإستعمال شركات طيران إسرائيل كنقطة توقف في طريقها إلى الهند. كما يدعي بان من كتبوا قرارات المقاطعة " كانوا من دول اليسار العربي، وجزء من توجهاتهم منع المتاجرة مع الغرب" وهذا كذب لأن قرارات المقاطعة العربية كانت تصدر عن جامعة الدول العربية وبموافقة جميع دولها ولا يوجد أي إعتراض على تلك القرارات لا من المملكة العربية السعودية ولا من غيرها. ووجود مكتب المقاطعة الرئيسي في دمشق لا يعني بأن النظام السوري هو من يقرر مع من تكون المقاطعة وبنودها. كما يحاول المتذاكي عبد الرحمن في إشارته إلى "دول اليسار العربي" تقسيم الدول العربية إلى يمين ويسار وبذلك فهو يوافق إذاً على أن النظام السعودي هو نظام يميني، أي رجعي متخلف بالمعنى المتعارف عليه عالمياً، وصراعنا مع إسرائيل لا يمس بأي صلة بيمين ويسار فهو صراع ضد إستعمار عنصري عدواني مجرم سرق فلسطين ومقدسات العرب والمسلمين ويعادي الأمة العربية والإسلامية. أما دجله الآخر فهو في إدعائه بأن هدف المقاطعة كان منع المتاجرة مع الغرب وهذا كذب وإفتراء، حيث أن ما كان يدرج على قرارات المقاطعة هو الشركات التي كانت تصنع جزء من إنتاجها في إسرائيل. فقرارات المقاطعة الوحيدة ضد الدول الغربية تقدمت بها المملكة العربية ووافقت عليها بقية الدول العربية بوقف النفط عن الدول التي تدعم العدوان الإسرائيلي عام 1967. أما بالنسبة لتكرار إسطوانة أن "أن العمل السياسي الذي يخدم الفلسطينيين، والقضية الفلسطينية بشكل عام، يفقد أدواته، عندما لا يملك ما يساوم عليه في كل أزمة." فقد رأينا كيف تستعمل علاقات المملكة وغيرها مع أمريكا وبريطانيا وأستراليا وفرنسا وغيرها كعامل ضغط على هذه الدول لوقف إنحيازها إلى جانب العدو الإسرائيلي ودعمه مالياً وسياسياً. على العكس تماماً من هذا الإدعاء فإن تلك الدول تنظر إلى زيادة العلاقات العربية معها هو مكافأة لها على إنحيازها إلى جانب إسرائيل لذلك فإننا نرى أنه كلما زادت الدول العربية من تحالفها وعلاقاتها مع أمريكا وبريطانيا كلما زادت تلك الدول من إنحيازها الأعمى إلى جانب العدو الإسرائيلي. كفى محاولات التذاكي هذه وإستغباء الرأي العام العربي