كتاب عربي 21

طارق رمضان.. من يتحرش بمن؟

محمد طلبة رضوان
1300x600
1300x600
طارق رمضان، مفكر مسلم، غربي، سويسري من أصل مصري، ولد وتربى بجنيف، وتلقى تعليمه الفرنسي هناك، بروفيسور في جامعة أكسفورد، له كتابات جادة في الدراسات الإسلامية، منها "الإصلاح الجذري"، و"هذه آرائي"، و"على خطى النبي"، وغيرهم.

طارق متهم بأنه حفيد البنّا، وبأنه متحرش.. تبدو الصياغة ملتبسة، إلا أن متابعة سياق القضية المثارة الآن أمام القضاء الفرنسي، المتهم فيها رمضان بالتحرش في واقعتين مر على أحدثهما أكثر من خمس سنوات، وتغطياتها الإعلامية، يكشف عن تربص حقيقي بالرجل وتعمد واضح لتصدير بطاقته الجينية بدلا من صفته الفكرية والمعرفية، والتي هي في التحليل الأخير، وربما الأول، تهمته الحقيقية.

تجربة الفرنسيين القلقة مع الدين جعلت من علمانيتهم نموذجا شديد التطرّف، يردد قيم الحرية والمساواة، لكنه يحتفظ لنفسه بحق معاداة كل آخر على الهوية والدين وربما العرق واللون.. رمضان يجمع بين هذا كله، وزد عليه أنه يبدد أوهام الصورة الذهنية، والفرنسية على الخصوص، فيما يتعلق بالمسلم، الأصولي بالضرورة، العنيف بالضرورة، المنحاز ضد الحضارة الغربية ومجتمعاتها بالضرورة.

طارق رمضان مفكر وأكاديمي، ونجم (خطان تحت نجم هذه). ربما يكون رمضان هو الوحيد الذي يجمع بين رصانة الأكاديمي والتزامه، وقدرة المفكر العضوي على التواصل مع الجماهير في لقاءات مفتوحة، ومناظرة أفكار دينية وسياسية ومخاوف هوياتية ونفسانية لدى كافة الأطراف. طارق ناظر الكثيرين حول قضايا الأقليات المسلمة في الغرب، والقضية الفلسطينية، انحياز الباحثين والمفكرين اليهود في كثير من الدوائر الغربية للكيان الصهيوني. لم يتخل عن صفة الباحث الأكاديمي، ورغم ذلك خرج منتصرا من هذه المناقشات، وقد جمع بين الاحترام في دوائره العلمية، والتقدير لدى الجاليات الإسلامية في العالم الأوروبي.

يدعو طارق المسلمين في أوروبا إلى أن يكونوا أوروبيين بالمعنى القومي، والهوياتي، ولا يرى في الاسلام دينا عربيا، وإن كانت العربية لغته، بل يرى أنه صار دينا غربيا، وفقا للأرقام وخرائط الانتشار، وينصح متابعيه من الشباب والفتيات في أوروبا أن يفتحوا فضاءاتهم لمحيطهم الثقافي والحضاري، وأن يساهموا في صناعة أوروبا الغد، وأن يكونوا شهداء على الناس، بالفعل والمشاركة والبناء، وليس بالتنظير وممارسة الاستعلاء الإيماني الفارغ!

ربما لهذه الأسباب يعتبره اليمين الأوروبي خصم الصورة الذهنية التي يروجونها عن المسلمين. فهو لا يمنحهم ما يريدون، ويشاركهم في ذلك المتعصبون، وهم الأغلبية بطبيعة الحال داخل العالم العربي والإسلامي، والذين يَرَوْن في طارق حداثيا مفرطا، ينحرف عن المنهج "الصحيح" لصالح القيم الغربية المستوردة!

يهاجم الإعلام الغربي طارق رمضان الآن بعنف، ويستبق حكم القضاء الفرنسي لتشويه سمعة الأفكار قبل صاحبها، وتكرار اتهاماته المجانية السابقة لرمضان بأنه مزيف وبأنه يدعي ما لا يُؤْمِن به حقا، فيما يسكت عن مساندته ظهيره العربي والإسلامي؛ الذي يرى في طارق حالة ينبغي الانتهاء منها استئناف مسيرة البداوة في "ديار الكفر" التي يوما ما ستؤول إلينا (في المشمش)..

إن المقارنة بين تعامل الإعلام ومواقع التواصل العربية مع رمضان في قضيته، التي تبدو في كل تفاصيلها ملفقة وكاذبة، إلى درجة عدم وجوده في مسرح الجريمة أصلا وامتلاكه تذكرة طيران تفيد بأنه كان - في الوقت الذي اتهمته فيه المدعية باغتصابها - في بلد آخر.. أقول إن المقارنة بين ردود الفعل الشعبية والرسمية في قضية طارق رمضان وبين نظيرتها في قضية واعظ شعبوي، مثل ذاكر نايك، يكشف مدى البؤس الذي آلت إليه الحالة العربية والإسلامية على المستويين الشعبي والرسمي.

إن مكانة طارق رمضان وقيمته ورمزيته لدى مسلمي أوروبا.. كل ذلك لم يكن ليمنعني من اتهامه إذا كان سياق التقاضي يسمح بإدانته، إلا أن ظروف وملابسات القضية، وتوقيتها، وبطلتها التي أخطأت في توثيق الأرقام والتواريخ غير مرة، مع ما يتمتع به رمضان من تقدير في أوساط الشباب الأوروبي المسلم يوازيه كراهية وتوجس في أوساط اليمين العنصري في أوروبا.. كل ذلك يجعل من التعاطف، والتشكك في مدى صحة الاتهام، حق لعقولنا علينا، قبل رمضان الذي تشهد له مشاركاته العلمية وجهوده في مجالات الإغاثة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومسيرته الطويلة، بأنه لم يكن يوما هذا الرجل، وبالتأكيد لن يكونه بعد أن تجاوز الخمسين. كنت أتمنى أن يشاركني آخرون في هذه البقعة البائسة من الأرض "المسطحة"!!
التعليقات (5)
الجمعة، 08-06-2018 07:39 ص
l'intellectuel admet avoir eu des relations hors mariage ما لا يذكره المقال هو ان طارق رمضان اعترف بانه كانت له علاقات خارج الزواج , وهذا لا يعاقب عليه القانون الفرنسي ان كان بالتراض , لكن في الإسلام يعتبر زنى الحصن وعند الرفاء خيانة. تهافت طارق يذكرني بسقوط المبشرين الانغليكان أمثال جيمي سويغارت (له مناظرة شهيرة مع احمد ديدات)الذي كان يدعو للعفة في خطبته و يلجؤ للعاهرة في خلو ته.و يستمر مسلسل سقوط دعاة الفضائيات
عهد جديد
الإثنين، 16-04-2018 04:53 م
شكرا على هذا المقال
عبد الحق
الأحد، 11-02-2018 01:47 م
ذاكر نايك واعظ شعبوي؟؟اضحكتني طارق رمضان مفكر وقامة كبيرة في مقارعة اذناب الصهيونية ولكن لا تضعه فوق مستواه فهناك من هم أعلى منه ومنهم ذاكر نايك الذي تصفى بالقواعد الشعبوي غفر الله لك
مبارك كاسم
السبت، 10-02-2018 05:06 م
لا فض فوك الاستاد الفاضل لكنك أخطأت في حق الدكتور نايك الداعية الفاضل هو و طارق رمضان مستهدفان معا و لكل فضله في نشر الاسلام و الدعوة اليه...تمنيت لو حدفت تلك الجملة المسيئة في الدكتور نايك...رمضان و نايك و غيرهما دعات و مناظرين ينشرون الاسلام بالحجة و الفكر..
عبدالله احمد سوقجمي
السبت، 10-02-2018 04:19 ص
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاك الله خيرا اخي الفاضل على هذه الكلمات الرائعة والتي قل في زمانينا هذا هناك اقلامون ولا اسف الشديد هم من بني جلدتنا ويعشونا معنا يعاديونا المسلمين ما إن تسمع عن خبر إلا وهم يطعنون في أعرض الرجال المخلصين أمثال الداعية الإسلامي طارق رمضان هذا الرجل له كل التقدير والاحترام منا على جودة عالية في خدمة المسلمين في العالم جزء الله خيراً وانا اقول انت المسلم الحقيقي إستمر في الدعوة إلى الله هذا طريق ملئ بالفتن كيف لا ورسول الله طعوينا في عرضه مهما تكالب عليك العداء للإسلام هناك نور قريب يضئ سماء الكون بإذن الله وفي الختام اقول لكل كاتب اتقوا الله في أعرض المسلمين