قضايا وآراء

أبو الفتوح ولو كان كافرا!!

عصام تليمة
1300x600
1300x600
بعد اعتقال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يوم الأربعاء الرابع عشر من شباط/ فبراير، تختلف وجهات النظر من حيث التضامن معه، أو الشماتة والرفض والتخوين، بين من يراه خائنا من بعض من ينصب نفسا محاميا ومتحدثا رسميا عن الشرعية، وبين من يحكم عليه بخيانة الوطن وذلك أيضا باسم الدولة المصرية والوطن، وبين هؤلاء وهؤلاء يقف العقلاء الذين يحكمون مبادئهم ودينهم في الموقف من أبي الفتوح، ومن كل مسجون ظلما من هذا الحكم العسكري.

الفئة الأولى، ترى أن أبا الفتوح وقف مع الانقلاب، وأن من أعان ظالما سلطه الله عليه، ولو وقف الأمر عند هذا الحد عندهم لهان الأمر، ولناقشهم الجميع في قضية الوقوف في وجه سلطة غاشمة في مصر، وهل يجرؤ أحدهم أن يقول ربع ما قاله أبو الفتوح وغيره في مصر؟!! قولا واحدا: لا، والدليل أن معظم من يزايد على كل معارض للانقلاب يقول ما يشاء وهو خارجها، وعندما كان في مصر لم يكن ينبس ببنت شفة، ولو نزل فلن يسمع له الناس صوتا، حتى لو نطق كل أخرس، لظل على صيامه عن الكلام، أحد هؤلاء كتب كلاما، لا يزايد فقط على أبي الفتوح في موقفه، بل المصيبة أنه زايد عليه في الدين، وإذ به يدعي امتلاكه مفاتيح جهنم، وكأنه قد عينه الله خازنا لجهنم، فكتب قائلا: (اللهم احشر كل من يدافع عن الخائن أبو الفتوح، في نار جهنم معه)، يعني جزم بأن أبا الفتوح مات، ومات على الكفر أو المعصية التي لا يغفرها الله، وجزم بأن الله لن يغفر له، وأنه يقينا في جهنم، بقي فقط أن على الراغبين في حجز مقعد مع أبي الفتوح في جهنم، فقط أن يتضامنوا معه، يعني هذا الشخص أصبح يحكم على أبي الفتوح، ويعرض خدمة التوصيل لجهنم مجانا على حسابه!!

والصنف الآخر من المتطرفين في الحكم، بالتخوين، هم من يؤيدون السيسي، فكل من يعارض السيسي بأي درجة ما، فهو خائن للوطن، فالفئة الأولى، امتلكت حق النار والجنة، والفئة الأخرى امتلكت حق الوطن، وكل منهما قد امتلك مفاتيحها، فإذ بإعلام السيسي ينزل في أبي الفتوح سبا وقدحا، وتخوينا، وقد وقع أحدهم في النيل منه، وبدل أن يكتب عنه ما يدينه، كتب عنه ما يدافع به عند الفئة الأولى، فكتب حسن شاهين أحد شباب تمرد، التي مولتها مخابرات الإمارات باعترافات عباس كامل في التسريبات التي كان يبثها الزميل الإعلامي أسامة جاويش على قناة مكملين، فقال حسن شاهين: كان أبو الفتوح في لقاء عدلي منصور بعد ثلاثين يونيو بأيام، وفي اجتماع معنا، رفض إلقاء القبض على حازم صلاح أبو إسماعيل، ويقول، إن الشرطة لا يصح أن تقبض على رجل كبير في السن بتلك الطريقة، وكان يطالب بخروج خيرت الشاطر والإفراج عن محمد مرسي، ويقول: لا يصح أن يتم القبض عليهم).

أما الفئة الثالثة فهي الفئة التي تنظر لأبي الفتوح ولغيره من باب أنه مورس عليه ظلم من حكم غاشم، بغض النظر عن موقفها من آرائه ومواقفه، سواء تؤيدها أم ترفضها، وأنا واحد من الناس قمت بانتخاب أبي الفتوح في انتخابات الرئاسة الأولى، واختلفت معه في مواقفه السياسية في فترة حكم الدكتور مرسي وما بعدها، ولكن هذا لا يعني أن نمحو تاريخ الرجل، هذه ناحية. أما الناحية الأخرى، فلا يجوز أن نلوذ بالصمت عندما يظلم يقينا، من حاكم سفاح ظالم، لأن المسلم في قضايا الحقوق لا يرهنها بمدى وقوف هذا المظلوم معي في مظالمه، فالقرآن الكريم دافع عن يهودي مظلوم من قوم أرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت بينه وبينهم حروب، ومع ذلك عندما ظلم يهودي وكان الظالم مسلما، نزل قول الله تعالى: (ولا تكن للخائنين خصيما)، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من دعوة المظلوم ولو كان كافرا، فقال: واتق دعوة المظلوم وإن كان كافرا، وتوعد الله بنصرته ولو كان كافرا، فحتى لو سلمنا بما يتطرف به أصحاب النظرة الأولى والثانية، أن أبا الفتوح خائن وفي النار، أو أنه خائن للوطن، فحتى هذا الكلام المتهافت وإن صح، فلا يصح أن يظلم أبو الفتوح، ونسلمه لظالمه، ولن ننجح في ملف الحقوق والحريات أبدا ما دمنا ننظر للمظلوم من حيث ديانته، أو توجهه، أو مواقفه من قضايانا، الأصل في قضايا الحقوق والحريات: أن نغمض أعيننا عن الشخص، فقط يكون التركيز على مظلوميته، بغض النظر عن موقفه منا دينيا أو سياسيا.
0
التعليقات (0)